خاص Lebanon On Time _ خالد أبو شام
تتصاعد في طرابلس والشمال مشاهد القتل العبثي بوتيرة خطيرة، حتى باتت المدينة أسيرة مشهد دموي شبه يومي، بلا محاسبة، بلا رادع، وبلا حضور فعلي للدولة وأجهزتها. شباب يُغتالون بدمٍ بارد، وجرائم تُرتكب في وضح النهار، فيما يُقابل كل ذلك بصمتٍ رسميّ مريب، لا يُفسّر إلا كنوعٍ من التواطؤ أو الاستهتار المتكرر بحياة الناس وأمنهم.
بعض الأجهزة الأمنية، التي يُفترض أن تكون خط الدفاع الأول عن المواطنين، لا تتحرك إلا تحت ضغط الشارع، وبعد موجات الغضب الشعبي التي تفرض عليها القيام بواجبها. حتى عندما يتم توقيف بعض المرتكبين، يأتي ذلك كردّ فعل على النقمة العامة، لا كجزء من عملٍ مؤسسيّ متواصل لحماية الأمن والاستقرار، وهنا تكمن الخطورة: حين يصبح تطبيق القانون خاضعًا لمزاج اللحظة أو ضغط الإعلام، لا لمنطق الدولة والمسؤولية.
ما يجري ليس وليد الصدفة، بل نتيجة مباشرة لإهمالٍ مزمن تتعرض له المدينة من قِبل السلطة، التي تتعامل مع طرابلس كأنها خارج نطاق الوطن. فكلما فُجع أهلها بجريمةٍ جديدة، سمعنا الوعود ذاتها، ورأينا البيانات الباهتة ذاتها، من دون أي إجراءات رادعة أو حلول جذرية. الجناة طلقاء، والناس يشيّعون أبناءهم بصمت، كأن هذا الواقع قُدِّر لهم إلى الأبد.
لكن، رغم هذا السواد، يبقى الأمل قائمًا، فنحن ننتظر من الحكومة الحالية، ومن العهد القائم، أن يضعا حدًّا لهذا النزيف، وأن يتعاملا مع أمن طرابلس والشمال كأولوية وطنية، لا كعبءٍ ثانوي، فالناس لا يطلبون المستحيل، بل فقط الحدّ الأدنى من العدالة والكرامة والأمان. فهل من يستجيب، قبل أن تتحوّل المدينة إلى مقبرةٍ مفتوحة للأبرياء؟