جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / “بيروت تُستباح: حزب الله يضيء الروشة ويطفئ هيبة الدولة”
caption

“بيروت تُستباح: حزب الله يضيء الروشة ويطفئ هيبة الدولة”

خاص Lebanon On Time _ خالد أبو شام

لم تكن حادثة صخرة الروشة مجرّد مخالفة إداريّة لشروط ترخيص تجمع، بل كانت صفعة علنيّة لهيبة الدولة واختبارًا صارخًا لسلطتها. ففي قلب العاصمة بيروت، وفي واحدٍ من أبرز رموزها الوطنيّة، أضاء أنصار “حزب الله” الصخرة بشعاراتهم متحدّين قرار السلطات التي منعت مسبقًا أي نشاط يحمل طابعًا فئوياً في الموقع.

ما جرى لم يكن مجرد فعل رمزي، بل إعلان صريح بأنّ سلطة القانون يمكن تجاوزها متى شاءت قوى الأمر الواقع. هذه الرسالة لم تُوجَّه للحكومة فقط، بل إلى اللبنانيين جميعًا: من يحكم الشارع ليس القوانين ولا المؤسسات، بل من يملك القوّة والسلاح.

إنّ ما حدث في الروشة يكشف مرة أخرى الفجوة العميقة بين الدولة التي تُصدر القرارات، والقوى التي تملك القدرة على تعطيلها. لم يكن الأمر حادثة عابرة بل مشهدًا يلخّص مأساة السيادة في لبنان؛ دولة مكبّلة، وحزب يختبر إرادة السلطة في عقر دارها.

بيروت التي لطالما مثّلت روح العيش المشترك ووجه لبنان الحضاري، وجدت نفسها مرّة أخرى رهينة صراعٍ سياسيّ يعبث برموزها. إنّ تحويل صخرة الروشة، هذه التحفة الطبيعية التي يتشارك حبّها جميع اللبنانيين، إلى منصّة لإيصال رسائل سياسيّة حزبيّة هو تعدٍّ سافر على المشترك الوطني، واستفزاز لضمير العاصمة وسكانها.

اللحظة اليوم فارقة: إمّا أن تثبت الحكومة أنّها قادرة على فرض القانون واستعادة هيبة الدولة، وإمّا أن تتكرّس قاعدة الأمر الواقع ويتحوّل الفضاء العام إلى رهينة الشعارات والسلاح. فالصمت أو التهاون يعني القبول الضمني بأنّ بيروت ليست عاصمة لكل اللبنانيين بل ساحة نفوذ يُرسم مشهدها بأيدي جماعات تتخطّى الدولة.

لقد كان موقف رئيس الحكومة ووزير الداخلية واضحًا حين وصفا ما جرى بالمخالفة، وطالبا بمحاسبة المتورّطين، لكنّ الكلام وحده لا يكفي. اللبنانيون ينتظرون أفعالاً تعيد لهم الثقة بأنّ القانون هو الحَكَم، وأنّ بيروت ليست متروكة لمن يجرّها إلى صراعات المحاور.

إنّ حادثة الروشة ليست تفصيلاً، بل إنذار أخير: إمّا أن تبسط الدولة سلطتها، أو أنّها ستخسر ما تبقّى من رمزيّتها أمام من يتحدّى قرارها ويضع نفسه فوق القانون.