بقلم زينة النابلسي – Lebanon On Time :
في ذاكرة كل طرابلسي، يبقى معرض رشيد كرامي الدولي أكثر من مجرد تحفة معمارية أو مشروع اقتصادي لم يكتمل. هو حلم مدينة بأكملها، حلم ارتبط بطرابلس كعاصمة للشمال وبوابة للعلم والتجارة والثقافة. كلما مررنا بالقرب من أجنحته الصامتة وأقواسه البيضاء، نتساءل كيف لمبنى صممه المعماري العالمي أوسكار نيماير أن يبقى لعقود أسير الإهمال بدل أن يكون منارة للتنمية.
اليوم تعود الآمال لتتجدد مع خطوة الحكومة في تعيين مجلس إدارة جديد للمعرض، بالتوازي مع مشروع تشغيل مطار القليعات. خطوات تبدو صغيرة لكنها تحمل في طياتها بارقة أمل لأبناء الشمال، الذين تعبوا من انتظار فرص عمل وحياة أفضل.
فالمعرض ليس مبنى عادياً؛ إنه مساحة قادرة على خلق ما بين 2500 و3000 وظيفة إذا جرى تفعيله بجدية. وهو أيضاً مساحة لقاء، يمكن أن تعيد ربط طرابلس بالعالم من خلال النشاطات الاقتصادية والثقافية والفنية، وتحوّلها إلى مدينة نابضة بالحياة كما تستحق أن تكون.
وفي هذا السياق، شددت الكثير من الشخصيات الاقتصادية، مثل الوزير السابق عادل أفيوني، على أن نجاح هذه الخطوة يتوقف على دمج المعرض بالحياة اليومية للمدينة، ليصبح مقصداً لأهلها ومركزاً لابتكار وفرص جديدة. في المقابل، يرى الوزير السابق سامي حداد أن الاستقرار السياسي والأمني هو الشرط الأساس لجذب الاستثمارات وتحويل هذا المعلم إلى رافعة اقتصادية حقيقية، خصوصاً إذا تكامل دوره مع مرفأ طرابلس ومطار القليعات.
ختاماً، معرض رشيد كرامي الدولي ليس مجرد صرح معماري جميل، بل هو فرصة تختصر حلم مدينة بأكملها. واليوم، مع تعيين مجلس إدارة جديد، تقف الحكومة أمام امتحان حقيقي: إما أن تتحول هذه الخطوة إلى بداية فعلية لمسار نهضوي ينعش طرابلس والشمال، أو تبقى وعداً إضافياً يضاف إلى سجل طويل من الخيبات. هذا المعرض إذا أُعيد إليه دوره الطبيعي يمكن أن يفتح أبواباً واسعة للعمل والأمل، لكن ذلك يتطلب إرادة سياسية صادقة ورؤية واضحة، وإلا سيظل صرحاً يذكّر اللبنانيين بما كان يمكن أن يكون، أكثر مما يفتح لهم أبواب المستقبل.