جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
AANHJOGWEN-780x470

أنا ربحت!

 

خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه

نحن قوم لا نعرف طعم الخسارة.حتّى في أشدّ الأحوال والأهوال، أقصى ما يمكن أن نصل إليه هو النكسة.العدوّ الإسرائيلي “الغاشم” (لماذا هو غاشم، لا أعرف)، في اليوم التالي لنجاح عملية “طوفان الأقصى” بدأت المحاسبة الشديدة للقيادات السياسية والأمنية المسؤولة عن الفشل الإستخباراتي والأمني والعسكري، وبدأ العدّ العكسي لمحاكمتهم ورميهم في السجون، إذا أمر القضاء بذلك.نحن لا نخسر، منذ 1948 الى 1967 الى الحروب هنا وهناك.نلتفّ حول القائد، نقدّسه، نطوّبه، نجدّد له البيعة.القائد في خير، نحن في خير!
رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، حامي حمى المسيحيين، ولو بلا كهرباء وماء ودواء، لا يخسر.ما أن استشعر أنّ التمديد لقائد الجيش جوزيف عون بات أمراً مقضياً (وهو ما حصل في الجلسة النيابية حيث أقر مشروع التمديد سنة واحدة للضباط من رتبة عماد ولواء، والمقصود هما قائد الجيش العماد جوزيف عون ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان) حتى استبق خسارته المدوية بتغريدة على صفحته الإلكترونية قائلاً في فزلكة تحتاج أقلّه الى عالم لغوي أو الى ليلى عبد اللطيف:”أنا ربحت.حدا بيعرف أنّه معي حقّ، بس ما لازم إربح.وحدا بيعرف أنّه ما لازم إخسر، بس ما بيسوى هلقد إربح.أنا بكلّ الأحوال ربحت، وأقلّه ربحت حالي..”.وقد رافق هذه الخسارة التي تشارك في صنعها لاعبان أساسيان برعاية البطريرك الراعي، وهما الرئيس نبيه بري والدكتور سمير جعجع، بعض الألاعيب السياسية المعهودة في الساحة اللبنانية:الرئيس نجيب ميقاتي دعا الى جلسة للحكومة ضامناً أنّ نصابها القانوني لن يتمّ.نواب حزب الله (من أجل حلف مار مخايل) خرجوا من الجلسة عند الوصول الى بند التمديد، فنزل نواب المعارضة عن “البلكون” تأميناً للنصاب..وهكذا كان:باسيل خسر المعركة، ولو لم يعترف بذلك.سمير جعجع مدّد لقائد الجيش، متنازلاً عن مبدأ عدم التشريع في ظلّ الفراغ الرئاسي.ونبيه برّي تلقّف كرة التمديد في نهاية المطاف بعد أن تهرّب رئيس الحكومة من ثقل هذه المسؤولية، وفي ذلك أرضى الطرفان (أي بري وميقاتي) مرجعيّة بكركي، كما سجّلا “نقطة سلبية” مهمة في مرمى باسيل و”نقطة إيجابية” واعدة في مرمى وصول قائد الجيش الى قصر بعبدا!
و”النصر الإلهي” لا يقتصر على باسيل والقيادات اللبنانية، فهذة سِمة عربية عامة، ربّما هي مرتبطة إرتباطاً عميقاً بهذا الشرق.الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي هلّل للدخول الى كييف في اليوم التالي لإعلانه الحرب على أوكرانيا، دخل في عامه الثاني دون أن ينهي الحرب التي بدأها لوحده، وقد بات عاجزاً عن إنهائها بمفرده..فما الذي فعله الشعب الروسي؟ تقول آخر الإستطلاعات في الرأي العام أنّ نسبة المؤيدين له قد ارتفعت، بمعنى أنّ “القائد” لا يخسر!
غزّة دخلت شهرها الثالث تحت الحديد والنار:الدمار في كلّ مكان.لا سقف يعود إليه الغزّاويون لو أرادوا ذلك.الشهداء والجرحى والمفقودون بالآلاف، والنازحون من الشمال الى الجنوب إلى “لا يعرفون أين” بالملايين.ورغم ذلك يسارع الإعلام الممانع الى إعلان النصر لمجرّد أنّ هدنة إنسانية لاحت في الأفق، أو أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن دعا نتانياهو الى إعادة النظر بحكومته، أو أنّ عدد القتلى الإسرائيليين قد فاق المئة قتيل.وهذا النصر، لو حصل، فلمن يهديه مَن هم تحت الأرض، وفوقها لم يبقَ حجر على حجر، ولم يبقَ شيء من أثر البشر؟
“أنا ربحت” يردّدها باسيل غير عابئ بأنّ المعركة الشرسة التي خاضها ضدّ التمديد لقائد الجيش ولو لمدّة 6 أشهر، قد اختتمت بالتمديد الشرعي له لمدّة سنة كاملة، وكأنّ النصر الإلهي بات يسري في عروق كلّ ممانع، من بشار الأسد (بالكاد يحكم قصر المهاجرين والساحة المحيطة به) إلى الأمين العام حسن نصرالله (103 شهداء من خيرة شباب الجنوب والبقاع في حرب إلهاء العدو..)..إلى وريث الجنرال ميشال عون!