جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / “إيلان لبنان” … بداية حلم ونهاية مأساوية …
IMG-20200919-WA0010

“إيلان لبنان” … بداية حلم ونهاية مأساوية …

(شريهان سعديه) 

يرتدون سترات النجاة وكلهم أمل بجنة موعودة ، وضبوا أغراضهم لعل أحلامهم تتحقق ، وتُنسى ذكرياتهم الأليمة في وطنٍ حوله الساسة الى “زريبة” يحكمها الفاسد والمرتشي.

آباء وأمهات يخوضون الحرب مع الواقع مغلوبون على أمرهم لا غالبين، يحملون أطفالهم ويواجهون الموت في البحر على متن زوارق الأمل المزيفة ضاربين عرض الحائط المخاطر، ربما ينتصرون ويُؤَمنون حياة كريمة لفلذة أكبادهم بعيدا عن الذل و “الشحادة”. ومشهد سياسي متحرك أصبح شبيها بحلبة مصارعة للمصالح الشخصية والطائفية والمذهبية، ناهيك عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يرزح تحتها المواطن الذي لا حول له ولا قوة.

عادت زوارق الموت الى الواجهة رغم كل المآسي التي أحاطت بها ، عادت لتعبر المحيطات وعلى متنها شباب ورجال ونساء وأحلام كثيرة، حملوا أطفالهم الرضع وخاطروا بحياتهم للهروب من الواقع المرير والفقر المدقع الذي يعاني منه معظم المناطق اللبنانية عموماً وطرابلس ومحيطها خاصةً. عادت لأن مواجهة الموت المحتم أسهل من البقاء في بلدٍ مات فيه كل شيء ماعدا جشع ساسته وفساد مؤسساته.

وكأن اللبناني لا يكفيه الألم والجوع والانهيار الاقتصادي والاجتماعي وتفلت السلاحغير الشرعي فبدي الشوارع والأزقة والدويلة داخل الدولة ، ها هو أمل الحرية والعيش الكريم يرسم صورة “ايلان لبنان” على شواطئ طرابلس ، المدينة التي يعيش أبناؤها كل أشكال المعاناة ناهيك عن شبح “كورونا” الذي زاد المآسي على المآسي والوجع على الأوجاع المزمنة والحرمان على الحرمان المزمن.

الجوع والفقر والبطالة أكلوا عظام أهل المدينة وجوارها وشرد معظمهم لتسجل على أنها المدينة الأفقر في محيط البحر الأبيض المتوسط وسط غياب تام للدولة ومؤسساتها .

الفيحاء مدينة العلم والعلماء فيما مضى، خرجتْ روؤساء حكومات ووزراء ونواب وبقيت بين أنياب التبرعات الخيرية حيث يعيش معظم ابنائها. طرابلس المنكوبة والمنهوبة والمغتصبة والمستعمرة حولتها هذه الطبقة الحاكمة الى مدينة مهجورة خالية من الحياة ، تضج بالمافيات وبالنفوذ السياسية، ها هي اليوم تلفظ أنفاس أحلام أطفالها وشبابها الأخيرة بين أمواج البحر هربا الى قبرص .

والسؤال الذي نطرحه اليوم، أين هم الساسة عامة و ساسة طرابلس خاصة؟ أين هم  من أخذوا أصوات المدينة ووعدوا أبنائها بالمن والسلوى؟ نسأل ونعلم أنهم منغرسون في محصصاتهم واخفاء اخفقاتهم وراء تبرعات خيرية هي حق مسلوب من حقوق كل مواطن، زاعمين أنهم بذلك هم السعادة والأمل لأحلام وطموح شباب وشابات مدينة الفيحاء، الذين اغتيلوا ويُغتالون كل يوم بين أنياب الاحباط واليأس السياسي والاجتماعي والاقتصادي .

ولكن رغم أن الجميع تآمر على المدينة إلا أن قلة قليلة هي من يهمها أمر الفيحاء وهموم أبنائها وطموح شبابها وشاباتها.

ستنهض الفيحاء كطائر الفنيق وستعود الى أمجادها وأصالتها رغم أنف كل متواطئ ومتورط وفاسد ، ستعود بهمة أبنائها وأصالتهم وطموحهم وستسطع شمسها وان طال ظلم وظلمة الفاسدين في هذا الوطن.