جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / اقتصاد / اعتصام للمطالبة بإقفال مصانع الاسمنت على أوتوستراد شكا الهري
27-07-18-27-7-18-43

اعتصام للمطالبة بإقفال مصانع الاسمنت على أوتوستراد شكا الهري

نُفذ اعتصام شعبي قرب مصانع الاسمنت على أوتوستراد شكا الهري عصر أمس تلبية لدعوة من لجنة كفرحزير البيئية وذلك استنكارا للموت اليومي الذي يتعرض له شباب الكورة بالسرطان وأمراض القلب والأمراض الصدرية واستنكارا لحرب الارهاب البيئي التي شنتها مصانع اسمنت شكا والهري على منطقة الكورة فدمرتها واقتلعت جبالها وينابيعها وبساتينها وتسببت بتغيرات مناخية خطيرة كما قضت على زراعاتها التاريخية التراثية.

وافتتح منسق لجنة كفرحزير البيئية جورج قسطنطين العيناتي الاعتصام بدقيقة صمت وفاء لذكرى شهداء مجزرة السرطان وأمراض القلب التي سببتها مصانع الاسمنت لأهل الكورة، “معاهدين شهداءنا الأحياء بالعمل على وقف مسلسل الموت والدمار البيئي الذي تتعرض له الكورة والجوار”.

وقال: “نحن اليوم أمام حرب إبادة جماعية تشنها مصانع إسمنت شكا والهري على أهل القرى المجاورة لها. بعد سقوط عدد كبير من الضحايا الشباب في الأيام الماضية بمرض القلب والسرطان كان آخرهم أحد عمال مصانع الاسمنت، الفقيد غسان سلوم. نعلن ان مصانع الاسمنت غير مرحب بوجودها بين بيوتنا وقرانا. بعد تدمير مصانع اسمنت شكا والهري لمنطقة الكورة ووصول جرافاتها الى عين إيقاش في كفرحزير وضهر الإجاص في بدبهون، وبعد اقتلاع الجبال وتدمير الينابيع والبساتين، لم يعد هناك مفر من إيقاف هذا الهجوم الهمجي بالطرق المناسبة، وإننا نعلن أن التحرك الشعبي النوعي اليومي سيبدأ وسيستمر حتى تطهير ترابنا وحماية أهلنا من إجرام مصانع الموت وخططها المدمرة”.

وأكد أن “المعركة الشعبية النوعية قد فتحت لاقفال وهدم هذه المصانع القاتلة ونقلها الى السلسلة الشرقية واستبدالها بمنشآت سياحية وثقافية وسكنية يعمل ويسكن فيها عمال هذه الشركات الذين بذلوا زهرة شبابهم بالعمل في هذه الصناعة الخطيرة دون أن يعرفوا ما هي أضرارها القاتلة”، لافتا إلى أنه “آن الأوان أن يعترف أصحاب هذه الشركات أمام عمالها وأمام سكان القرى المجاورة أن الطريقة التي تعمل بها مصانعهم هي قنبلة دمار سرطانية لكل ما هو حي وللأجيال المقبلة، بقدر ما هي مجزرة”.

وقال: “لقد اخترنا أن يكون الاعتصام في هذا المكان بين مصانع الاترنيت الفتاكة وبين مصانع الاسمنت القاتلة لنقول للشعب اللبناني ان التاريخ يعيد نفسه مع ناشري الارهاب الصحي والبيئي. فطوال سنوات من عمل مصانع الاترنيت، كان أصحاب هذه المصانع يطلقون الدعايات الكاذبة بأنها صناعة آمنة وليس لها أضرار صحية، الى أن اتضحت الحقائق وتبين أن صناعة الاترنيت هي من الصناعات المسببة لسرطان الرئة ومنعتها جميع دول العالم. ومن المؤسف أن مصانعها والكميات المتبقية من انتاجها لا زالت بين بيوتنا مكشوفة في العراء. واليوم تتكرر الأكذوبة، ويشيِّع أصحاب مصانع الاسمنت ومن معهم ان مصانعهم ليس لها ضرر صحي وان السرطان هو فقط من صناعة الاترنيت رغم أن مؤسسي هاتين الصناعتين هو واحد، هو يهودي سويسري”.

وأضاف: “اننا هنا لنقول لكم ان جميع من في العالم أصبح يعلم ان الطريقة التي تعمل بها مصانع اسمنت شكا هي مسبب أساسي لسرطان الدم والقولون والجلد والكبد والدماغ وأمراض القلب والأمراض الصدرية والوراثية الخطيرة. وإن إحراق الوقود النفطي الثقيل بين البيوت السكنية، وإحراق ملايين أطنان الفحم البترولي هو مسبب أساسي للسرطان. إن جرف واقتلاع ونقل وطحن وحرق الصخور الكلسية قرب البيوت هو مسبب لأمراض خطيرة. إن وجود مصانع الاسمنت فوق المياه الجوفية لنبع “الجرادي” التي يشرب منها عدد من قرى الكورة، وتسرب مياه الصرف الصناعي من هذه المصانع الى هذه المياه الجوفية، هو اغتيال سرطاني لكل من في قرى الكورة ويشرب من مياهها”.

وتابع: “أما من يتنفس من هواء الكورة فليس بمأمن أيضا لأن غبار البتروكوك ودخان مصانع الاسمنت المشبع بالمعادن الثقيلة بالاضافة الى الكميات الهائلة من أسيد الكبريت وأسيد النيتروجين وأول وثاني أوكسيد الكاربون التي أتحفتنا بها مصانع الاسمنت هو عملية اغتيال للانسان ودمار للأرض والحياة. وإننا نتحدى هذه المصانع أن تعلن عن معدل الزئبق وسائر المعادن الثقيلة الخطيرة التي تنشرها في هواء الكورة وتربتها ومياهها”.

وقال: “إن دفن ملايين الأطنان من نفايات غبار الاسمنت السام فوق المياه الجوفية وبين وديان الكورة هو قنبلة سرطانية موقوتة.وتوجه الى أصحاب مصانع الاسمنت قائلا : أنتم تتحملون كامل المسؤولية عن قتل الناس بالسرطان وأمراض القلب والأمراض التنفسية والوراثية. لن تجديكم نفعاً المبالغ المالية التي تدفعونها لبعض البلديات والجهات السياسية للسكوت عن مخالفاتكم. إن ما يفيدكم هو سحب جرافاتكم من كفرحزير وبدبهون من جميع مقالعكم المخالفة وغير المرخصة الموجودة ضد القانون بين الينابيع والبيوت والبساتين والمناطق السياحية والأثرية والدينية. ما يفيدكم هو إيقاف إحراق البتروكوك وسائر الوقود النفطي الثقيل في مولدات كهرباء وأفران مصانعكم، ونقل مصانعكم الى مناطق بعيدة لا تشكل ضررا. ما يفيدكم هو إعلان الحقيقة لعمالكم وللشعب اللبناني وهي ان صناعتكم من أخطر الصناعات وان جميع الدول إما أقفلت مصانعها أو نقلتها الى الصحاري أو الى بلدان الرشوة والفساد. ما يفيدكم هو إنزال سعر طن الإسمنت الى السعر الدولي 40 دولار بدل بيعه بمئة دولار لرشوة أقزام السياسة والفاسدين في بعض البلديات وإرجاع فرق سعر طن الإسمنت للشعب اللبناني وهو يتعدى ستة مليارات دولار، والتوقف عن تصدير الكلينكر والاسمنت وتراب لبنان الى الخارج. ما يفيدكم هو التوقف عن قتل أهل الكورة والقضاء على اخضرارها وتدمير لبنان الأخضر من أجل أطماعكم”.

وختم: “لم نفوض أحدا أن يتحدث أو يفاوض بإسمنا، وإن مواقفنا ومطالبنا واضحة ولن تتغير حتى تنفيذها، وإننا نرحب بكل دعم صادق من أي جهة كانت آملين أن يبادر أحرار الوطن في أي موقع كانوا الى تبني هذه القضية الوطنية الانسانية حتى الوصول الى خاتمة مشرِّفة تعيد الحياة والاخضرار الى الكورة وجوارها”.

ثم تحدث الأب جورج داوود قائلا: “هذه المنطقة الممتدة من البحصاص الى رأس الشقعة هي من أجمل المعالم في لبنان لأنها خضراء ويجب أن تصنف على لائحة التراث الثقافي والحضاري والانساني حيث تنتشر فيها الأشجار المعمرة وتحتوي آلاف أشجار الزيتون التاريخية ولهذا سميت الكورة الخضراء لكن للأسف تحولت من الكورة الخضراء الى الكورة “البيداء” حيث قضي على الشجر المعمر والحجر الجميل والبشر أيضا. أسباب ذلك هو مصانع الاسمنت التي تصدر تراب لبنان الى الدول التي عرفت كيف تحافظ على ترابها وتحمي أهلها، والعار كل العار أننا نبيع تراب الأرز الغالي، تراب أرضنا المقدسة، الى البلدان الأخرى التي يتوافد سياحها بالآلاف الى هذه الأرض طلبا لفيء هذه الأشجار ولمنتجاتها الخيرة التي دمرتها مصانع الاسمنت المزروعة في أرض شكا من أولها الى آخرها وهي تلتهم جبال الكورة الواحد تلو الآخر، كالنار التي تحرق الأخضر واليابس حتى وصلت هذه النار الى منازل فيع وكفرحزير وبرغون وبدبهون وزكرون وعفصديق وغيرها من قرى الجوار. عدا عما تبثه هذه المصانع من سموم تملأ جو الكورة وتنتقل تدريجيا الى مناطق زغرتا وغيرها من الأقضية في محافظة لبنان الشمالي. وإنني أطلب من المسؤولين أن يتجرأوا ويقوموا بجولة على القرى المحيطة بشركات إسمنت شكا ليعيشوا في حزام الوباء القاتل، ولا أعتقد أنهم سيتمكنون من البقاء أكثر من دقائق. ومثال على ذلك بلدة فيع التي يمكنهم أن يسألوا كاهنها الأب سمعان حيدر عن نسبة الوفيات بالسرطان فيها والتي وصلت الى حدود 70% والتي هي أكبر نسبة في لبنان والشرق وربما العالم. هذا يستدعي إغلاق هذه المصانع قبل أن تستفحل الأمور وتقع الكارثة الكبرى”.

حيدر
وكانت كلمة للأب سمعان حيدر كاهن رعية فيع، مؤيدا ما قاله الأب جورج داوود ومضيفا أن “أذى الشركات وصل الى غابة الأرز، فإذا كان المسؤولون يعلمون بذلك فهذه جريمة وإذا كانوا لا يعلمون بذلك فهي جريمة أكبر”.

كما تحدث عن الإصابات السرطانية ضمن عائلته وفي بلدته فيع والتي بلغت نسبة 70% من الوفيات. وأكد أن “الإنسان قد يتجدد لكن الأرض والطبيعة الجميلة تم تدميرها ولا يمكن تجديدها”، ملقيا اللوم على “البلديات التي لا تقوم بواجباتها”، سائلا إياها “ما اذا كان المال الذي يقبضونه من الشركات كافيا لشفاء المصابين بالسرطان الذي تسببه هذه الشركات؟”.

وختم: “أحد الفرنسيين الذين زاروا لبنان قال إنه جال في العالم كله لكن أجمل مشهد رآه في حياته هو هذه المنطقة الممتدة من البحصاص الى رأس الشقعة حيث دير سيدة النورية. أما الواقع المأساوي اليوم فهو أن هذه المنطقة الجميلة قد دمرت بالكامل فأصبحت أشبه بصحراء، حتى ان السماء غضبت ولم تعد تهطل الأمطار كما كانت في السابق، وموجة الأمطار الأخيرة خير شاهد لأنها هطلت في أغلب المناطق ما عدا في هذه المنطقة المحيطة بمصانع اسمنت شكا ومقالعها”.

وقال الناشط البيئي يعقوب متري: “بعد أن عدت من بلاد الانتشار الى بلدي لبنان وشاهدت هذا الدمار والتشنيع البيئي حزنت جدا وقررت أن أثور وأن أنتفض على هذا الوضع باذلا جهدي مع إخوتي الناشطين البيئيين على إيقاف المقالع المعتدية على بيئتنا كمرحلة أولى ولا سيما أنها قد دمرت جبالنا وبساتيننا وغيرت معالم بيئتنا وسببت تغيرات مناخية خطيرة، وهي تعتدي على الينابيع ومجاري المياه وعدد من الشلالات الأثرية. الدولة اللبنانية لا تقوم بأي جهد فعلي لإيقاف هذه الكارثة، لهذا لم نعد نثق بالدولة وقد قررنا أن نرفع قضيتنا الى أعلى المراجع والهيئات الدولية المختصة. وإذا كانت مصانع الاسمنت تظن أنها اشترت السياسيين فإنها لن تتمكن من شراء أصحاب الضمائر الحية الذين يقودون مسيرة القضاء على الارهاب البيئي والصحي”.

أضاف: “إن سكان القرى المحيطة بمصانع الاسمنت ومقالعها متأكدون أنهم سيموتون بالسرطان لكنهم ينتظرون ليعرفوا أي نوع من السرطان سيصيبهم”.

بدوره، قال الناشط البيئي والاجتماعي سايد النكت: “أنا مغترب منذ 33 سنة، تركت الكورة خضراء ورجعت لأجدها مجروفة ولونها كلون قميصي الأبيض، جرفوا الجبال والتراب والانسان، وجدت القرى خالية من شبابها إلا من التوابيت التي تمر كل يوم والتي ضاقت الطرقات والمقابر بها ومسببها هو شركات الاسمنت التي قضت على معظم شباب القرى المحيطة بها كما قضت على زراعة التين واللوز والعنب والنباتات الطبية والعطرية كما اقتلعت أكثر من مليون شجرة زيتون. نحن في بلاد الاغتراب لمسنا الرقي وكيف يحترم الإنسان والطبيعة. وعلى سبيل المثال، في الغرب كان عدد كبير من التجار يحقق أرباحا كبيرة من بيع السجائر، لكن لما منعتها الدولة أطاع الناس القانون وتوقفوا عن بيع السجائر متخلين عن الأرباح التي يحققونها لمصلحة فائدة المجتمع. شركات الاسمنت في شكا تقوم بتصفية إنساننا وقتل بذور الحياة، ونحن بدورنا يجب أن نصفي أعمالها ولن نتراجع ولن نسمح ببقائها في كورة العلم والمعرفة وعلى ساحل الكورة الطبيعية شكا التي هي منارة الشواطىء وأجملها في الشرق. وهذا الخليج الممتد من دير النورية على رأس الشقعة الى دير الناطور في أنفه هو من أجمل المعالم التراثية والجمالية في العالم، ومؤسف أن يتعرض لهذا الدمار بسبب أطماع البعض. وإننا سنكون سدا منيعا بوجه هذه الأطماع وهذه المجزرة وهذه الهجمة الارهابية البيئية ضدنا”.

وتحدث الناشط البيئي حافظ جريج معربا عن أسفه “للتلوث المنتشر بشكل خطير في مياه الكورة البحرية المحيطة بمصانع الاسمنت”، محذرا من “بناء مجمعات أبنية سكنية بالقرب من دير الناطور مع ما يمثل ذلك من القضاء على كل المعالم التراثية والحضارية والانسانية في هذا المحيط”.

ودعا الى “التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة التي تخدم بعض الطامعين لمصالحهم الشخصية على حساب كرامة الانسان والوطن”.

كما تحدث العديد من المشاركين أبرزهم رئيس بلدية بترومين السابق السيد لويس قبرصي والسيدة سلام غانم قبرصي من بلدة بترومين وكل من فريد سابا، نعيم ضاهر من بلدة كفرحزير ورامز زخريا وبسام غنطوس متحدثين عن معاناتهم وانتشار الاصابات السرطانية وأمراض القلب والجلد والعيون والأمراض التنفسية في القرى المحيطة بمصانع الاسمنت ومقالعها والقضاء على المواسم الزراعية ومطالبين ب “إنهاء هذه المعاناة واستبدال المصانع بمؤسسات سياحية وتأمين حاجة البلد من الاسمنت عن طريق استيراده مما يؤمن وفرا للمواطن اللبناني وحماية لما تبقى من بيئتنا”.