جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / الحريري في ذكرى اغتيال شطح:الحوار هو السبيل الوحيد مهما كانت خلافاتنا السياسية
الحريري

الحريري في ذكرى اغتيال شطح:الحوار هو السبيل الوحيد مهما كانت خلافاتنا السياسية

أحيت عائلة الشهيد الوزير محمد شطح ذكرى استشهاده الرابعة، عصر اليوم، في فندق “موفنبيك” – بيروت برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وحضوره.

وحضر الرؤساء: أمين الجميل، فؤاد السنيورة، وتمام سلام، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني، وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان، والنواب: نبيل دو فريج، أحمد فتفت، ونديم الجميل، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار، أصدقاء وعائلة الشهيد.

بعد النشيد الوطني، وقف الحضور دقيقة صمت عن روح الشهيد شطح ومرافقه وسائر شهداء ثورة الأرز. بعدها، جرى عرض فيلم وثائقي عن أبرز محطات حياته.

الهندي
بعدها، ألقى الدكتور توفيق الهندي كلمة باسم أصدقاء العائلة، قال فيها: “لقد شرفتني عائلة صديقي العزيز محمد شطح، زوجته المحبة نينا وولداه العزيزان راني وعمر، بأن اتحدث في هذه المناسبة الاليمة عن مسيرته الوطنية اللامعة ماضيا حاضرا ومستقبلا”.

أضاف: “استشهد محمد منذ اربع سنوات بالذات، ولكن مسيرته مستمرة، نكون قد اغتلناه ثانية على ايدينا هذه المرة ان لم نكملها، واتحدث اليوم عن محمد شطح بأسى شديد، كم كانت الخسارة بليغة للبنان اولا وللتيار السيادي ثانيا ولتيار المستقبل ثالثا، وكم كانت الخسارة لا تعوض لعائلته الصغيرة والكبيرة، ولكن ايضا لي شخصيا”.

وتابع: “إن الشهيد لم يمارس السياسة بالمعنى المبتذل للكلمة أي الصراع من اجل السلطة، بل كان متطرفا متعصبا للبنانيته، وكان يحب لبنان الازدهار والعلم والجمال والثقافة والمبادرة والاشعاع والانفتاح، لبنان اللبنانيين، كما عرفوه عند تأسيسه”.

وعن سلوكه السياسي، قال: “إن الشهيد كان متطرفا بتمسكه بالمبادىء ومعتدلا بأسلوب ترجمتها في الواقع الملموس، فكان واقعيا ولكن من دون الاستسلام للواقع. كما كان براغماتيا من دون التخلي عن المسلمات اللبنانية، وثاقب النظر يرى الامور بحركيتها ينظر الى الصورة الكبيرة بكليتها ولا يغرق في بحر التفاصيل التافهة فيستشرف المستقبل ويدرك ما يجب فعله”.

وختم الهندي: “نعاهدك يا صديقي محمد اننا مع اصدقائك ومحبيك الكثر سنكمل المسيرة التي بذلت دماءك الذكية من اجل نصرتها انت وكل شهداء ثورة الارز، وعلى رأسهم الشهيد الرئيس رفيق الحريري، فارقد بسلام ونم قرير العين”.

بعاصيري
وتحدث نائب حاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري عن تجربته الشخصية مع الشهيد شطح، بعيدا عن السياسة من خلال معرفته به أثناء عمله بمصرف لبنان، وقال: “التقينا للمرة الأولى في واشنطن عام 1989. وفي عام 1993، حدث تغيير في مصرف لبنان عند مجيء دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وفي عام 1992 كانت لديه رؤية اقتصادية مصرفية نهضوية عمرانية بعد أن كنا في وضع مأزوم”.

أضاف: “إن الشهيد كان من البارزين جدا في عملية الاصلاح، وكان صاحب ايادي بيضاء سواء على الصعيد المصرفي أو النقدي، وحتى على صعيد الاصلاح الاداري داخل مصرف لبنان”.

وتابع: “إن التعامل مع الازمة المصرفية في ذلك الوقت لم يكن سهلا، ولكن كان يتطلب ارادة قوية. ولا شك في أن دولة الرئيس الحريري كانت له اليد الطولى والأكبر في تشجيع لبنان وحمايته، وكان محمد من الاشخاص البارزين جدا والمناضلين والمكافحين لاجل اصلاح الوضع المصرفي سواء عن طريق التشريعات، حيث ساهم في وضع تشريعات قدمت الى مجلس النواب، أو عن طريق التعاميم التي هي مدعاة فخر لمصرف لبنان والمصارف اللبنانية على صعيد الاصلاح المصرفي”.

وأردف: “تجربتي مع محمد تدل على أنه كان نير العقل، منفتحا الى ابعد الحدود، متواصلا مع جميع الافرقاء. وما ميز محمد هو العقل الاستراتيجي لابعد الحدود، محمد ليس فقط لننيا او عمر او راني، فبالنسبة الينا جميعا، وخصوصا أصدقاء محمد ومحبيه، محمد يعيش في قلوبنا وعقلنا، فهو لا يموت كباقي الكبار، وعلى رأسهم دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري”.

الشعار
بعدها، ألقى مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار كلمة وصف فيها الشهيد بأنه “شهيد الكلمة والموقف، شهيد الفكر والنظرة والرؤية للمستقبل”، وقال: “محمد استشهد في معركة القيم ومقارعة مصادرة قرار البلد والوطن، وجعله في يد من لا أخلاق لهم. وأمام هذا المقام مقام الشهادة حق للقلم أن يتعثر، وللفكر ان يضطرب، أم أن هذا التعثر يا ترى كان بسبب ان شهيدنا الذي نجتمع على احياء ذكراه، وان كانت لم تغب اصلا، كان متعدد المواهب. كل ذلك ممكن ان يكون واكثر، الا ان الحقيقة التي تتملكني هي ان نظرتي ورؤيتي لهذا الشهيد الرمز واعجابي وانبهاري بشخصيته الرصينة الهادئة الوديعة، كانت لامر آخر يتعلق بما اجتمع في شخصيته من قيم وسجايا لا تتوقف عند حدود الاستقامة والصدق والعدل والتفاني في حسن العمل، وأنعم بها من سجايا، بل تتعداها الى المضامين الراقية التي ازدادت بها شخصيته من الرفق ومكتنزاته، ومن الفضل وعلو منازله”.

أضاف: “رحلت عنا أيها الكبير لتنعم بجوار ربك قرير العين مطمئن الخاطر والبال، قضيت شهيدا أميرا، وهم يظنون أنهم قتلوا فينا نقطة الارتكاز والوعي والرؤية، ولم يدركوا ان مسيرة الخير لا تتوقف، وان الخير بي وبأمتي الى يوم القيامة، القتل هو سفك الدماء بالتفجير بالاغتيال وهي عين الارهاب او هو الارهاب عينه. اما الموت فهو النسيان وانعدام الاثر والاستئصال. ولذلك، اقول إنهم قتلوك ولم تمت فينا، فذكراك لا تنسى وطيفك لا يمحى، نراك في كل يوم، ومع كل حدث، وتارة مع كل صباح، الوطن ورجاله وبناته يتحدثون عنك وعن سيرة عطرة تفوح عبقا مسكا وعنبرا”.

الحريري
وفي الختام، ألقى الحريري كلمة استذكر فيها الشهيد وقال: “أربع سنوات مرت على استشهاد الأخ والصديق، رفيق الأيام الصعبة محمد شطح. في كل سنة من السنوات الأربع كنت أشعر بحجم الفراغ الكبير الذي تركه محمد، لكني هذه السنة شعرت بغيابه أكثر من أي سنة أخرى، شعرت كم أنا بحاجة لأن يكون إلى جانبي، كم أحتاج إلى حكمته وعقله وصلابته لكي يكون إلى جانبي خلال أزمة من أمر الأزمات في حياتي السياسية. محمد شطح سقط على الطريق نفسها، التي سقط عليها الرئيس الشهيد رفيق الحريري. معا سارا على طريق الاعتدال وبناء الدولة، ومعا استشهدا على طريق الاعتدال والدفاع عن دور الدولة. الشهيد محمد بالنسبة إلي ليس مجرد صفحة من تاريخ رفيق الحريري، بل هو كان معي رفيقا حقيقيا في أصعب الأيام، رفيقا في مواجهة أخطر الأزمات ورفيقا في ترتيب أهم التسويات”.

أضاف: “حين نقول إن محمد كان أمير الاعتدال، فهذا يعني أنه كان قاعدة فكرية وسياسية لحماية البلد من التهور السياسي ومن جنون استخدام السلاح في الخلافات الداخلية. أريد أن أتحدث عن محمد الذي كان ركنا أساسيا مع الرئيس فؤاد السنيورة، والذي رافقه لمرحلة طويلة. كل شخص فيكم رافق محمد، وكل شخص بينكم عاش مع محمد وسمع من كان محمد وتحدث بأفكاره. محمد كان لبنانيا بامتياز، غيرته على لبنان تختلف عن غيرة الكثيرين، كان لبنانيا بكل معنى الكلمة، يحب هذا البلد ويريد أن يخدمه، ولكن كيف له أن يخدمه وسط كل هذه الانقسامات والنزاعات والخلافات؟ كانت لديه مبادىء، كما ذكر الأخ توفيق الهندي، ولكن فكره الأول كان، ما الذي يجب أن تفعله هذه الدولة للمواطن اللبناني؟ ما هو واجب هذه الدولة؟ وكيف ستقوم الدولة؟ كان يعرف أن لبنان يتأثر بكل هذه الخلافات الإقليمية، ولا أظن أن أحدا كان يمتلك كل الإجابات، ولكن الجواب الأساسي لدى محمد كان لبنان أولا، كان يضع لبنان واللبنانيين أولا”.

وتابع: “نستطيع أن نتحدث عن محمد الكثير في السياسة، لكني أيضا أتحدث عن محمد الأب والزوج والصديق والمستشار، كان رجلا لديه خبرة طويلة، وكان محبا، والابتسامة لم تكن تفارق وجهه، وهو يقول دائما في الأوقات الصعاب: “بتهون، نستطيع أن نجد حلولا”. اليوم عنوان محمد أنه رمز الحوار، وصدقوني، هذا البلد لا يمكن أن يعيش من دون حوار. نستطيع جميعا أن نتكبر على بعضنا البعض ونتحدى بعضنا البعض ونصرخ على بعضنا البعض ونحارب بعضنا البعض، ولكن في النهاية، الوطن هو من سيدفع الثمن. يبقى الحوار، الذي رمزه محمد شطح، هو السبيل الوحيد. ومهما كانت خلافاتنا السياسية، فإننا لن نتفق في الكثير من الأمور مع بعض الأطراف السياسية في هذا البلد، خصوصا في الأمور الإقليمية، وحتى في الأمور الداخلية، ولكن من دون حوار، أسألكم: أين سيكون البلد؟ ألم نعش أيام انعدام الحوار قبل اتفاق الطائف؟ فإلى أين وصلنا؟ تحاربنا، ثم جلسنا على طاولة الحوار، في الطائف وليس في لبنان، لكي نوجد الحل السياسي. والطائف بألف خير لأننا سنكون دائما المدافعين الأوائل عن هذا الدستور”.

وختم الحريري: “محمد شطح، نفتقدك، نشتاق إليك ونحبك وسنبقى نحبك، وستبقى في قلوبنا. عزائي لعائلته، لنينا وعمر وراني الذين هم أكبر الخاسرين. في هذا اليوم نتذكره ونشتاق إليه. رحمه الله”.