جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / اقتصاد / الحكومة ومجلس النواب امام تحدي اقرار الموازنة
05-01-18-hassan_437763_large

الحكومة ومجلس النواب امام تحدي اقرار الموازنة

ينتظر ان تعكف الحكومة اعتباراً من الاسبوع المقبل على دراسة واقرار موازنة العام الجديد، بعد ان كانت وزارة المال انجزت الموازنة منذ اكثر من شهرين، بحيث كان من المفترض بتها في مجلس الوزراء قبل نهاية العام الحالي، الا ان الازمة التي حصلت مع رئيس الحكومة في السعودية ادت الى تأجيل اقرارها، ما ادى الى تأخير رفعها الى مجلس النواب لكي تبدأ لجنة المال والموازنة في دراسة البنود والارقام وادخال ما هو ضروري من تعديلات عليها.
بداية، يقول خبير مالي مطلع على حيثيات الموازنة السابقة والجديدة، ان انجاز مجلس النواب لموازنة العام 2017 والاتجاه لاقرار موازنة العام الحالي، مسألة مهمة بالنسبة للاقتصاد اللبناني، بعد 12 عاماً من تغيّب الموازنات وعجز الحكومة المتعاقبة على اعدادها ورفعها الى مجلس النواب.
لذلك، كيف ينظر الخبير المذكور الى موازنة العام 2018 وما هي الفروقات بينها وبين موازنة العام المنصرم، وما هي الحاجة لادخال اصلاحات فيها، بما في ذلك الحدّ من الانفاق غير الضروري والذي يذهب في معظمه تنفيعات شبه سياسية؟
يقول الخبير المالي ان الموازنة الجديدة لا تختلف كثيراً عن موازنة العام السابق، حيث من الضروري لانعاش الاقتصاد والحد من الانكماش المالي والاقتصادي ان تعمد الحكومة او مجلس النواب الى ادخال العديد من التعديلات على بعض البنود، وكذلك اللجوء الى اجراءات اكثر شفافية في مجالات مختلفة، ولذا يتوقف الخبير المذكور عند العناوين الآتية:

1- من المهم والضروري ان يصار الى انجاز قطع الحساب عن الاعوام السابقة، وفق التعهدات التي قطعت لتمرير موازنة العام الماضي، وبخاصة ما يتعلق بتحديد آليات انفاق الـ11 مليار دولار خلال عهد حكومتي فؤاد السنيورة، على اعتبار ان قطع الحساب يؤمن الحد الادنى من المحاسبة، والشفافية، فالحكم على سياسات الدول على الصعيدين المالي والاقتصادي ومدى تلاؤمها مع مقتضيات السياسات المالية العامة يكون من خلال قدرة هذه الدول على انجاز موازناتها وقطع الحساب.
2- ان يكون احد اهم التوجهات لحيثيات الموازنة، هو الحد من ارتفاع العجز الذي يستمر بالارتفاع سنة بعد اخرى، حيث بلغ العام الماضي 289 مليار ليرة، ما يعني ان تغيب الاصلاحات المالية والاقتصادية الى جانب سياسة التقشف سيؤدي الى مزيد من الارتفاع في العجز العام للدولة.
3- ضرورة التوجه نحو احداث تغييرات على المستوى الاصلاحي، من حيث اعتماد سياسات اقتصادية تختلف عن السياسات السابقة، سواء ما خص اعتماد الشفافية في جباية الضرائب ووقف التهرب الضريبي، وان على مستوى اعادة النظر بكثير من الموازنات غير الضرورية بدءاً من الموازنات التي تخصص على سبيل المحسوبيات او التنفيعات، ومنها على سبيل المثال ما يعطى من مبالغ طائلة لمئات الجمعيات الوهمية او ما يسمى المدارس المجانية وشبه المجانية، وصولاً الى ما يدفع من ايجارات لأبنية حكومية ومؤسسات دولية تصل الى حدود الـ200 مليار ليرة.
وعلى هذا الاساس يشير الخبير المالي، ان الحكومة ومعها مجلس النواب امام تحد كبير خلال مناقشة واقرار الموازنة من حيث اتخاذ تدابير اصلاحية وتقشفية في البنود الواردة الذكر، او على مستوى معالجة ازمة الكهرباء، خصوصاً ان الانفاق في هذا المجال يزيد عن المليار دولار، على الرغم من تراجع اسعار النفط عالميا، وهذا ما يفترض اعتماد سياسة واضحة لمعالجة ما تتحمله الخزينة من اعباء لسد عجز الكهرباء، او على مستوى بناء معامل جديدة لتوليد الطاقة تؤدي الى انهاء «مغارة علي بابا» المستمرة منذ اكثر من 30 سنة.
4- ان يصار الى اعادة الاعتبار للتخفيضات التي كانت تضمنتها موازنة العام الماضي، وجرى اسقاطها في مجلس النواب، وهي تتعلق بانفاقات غير ضرورية والتي تزيد من الف مليار ليرة. ويرى الخبير المالي انه اذا تمكنت الحكومة او مجلس النواب من ادخال تخفيضات ملموسة على ارقام الموازنة، وفي الوقت نفسه ان يتم العمل لتخفيض نسبة الفائدة على المديونية العامة، خصوصاً ان هذا الامر ممكن مع الجهات الدائنة على اعتبار ان نسبة كبيرة من الدين العام، هي ديون داخلية حصلت عبر المصارف اللبنانية. ويضيف انه اذا جرى الاخذ بهذه الاجراءات يمكن عندها رفع نسبة الانفاق الاستثماري، وبالتالي سينعكس هذا الارتفاع في الانفاق ايجابيات كبيرة على الاقتصاد، ان من حيث الحد من الانكماش او من حيث تخفيض العجز في الموازنة الى اقل حدود ممكنة ما سيقود حكماً الى الحد من البطالة وتنمية المناطق المحرومة في الاطراف.
5- تفعيل عمل الادارات المعنية بهدف زيادة نسبة الضرائب والرسوم بما يؤدي الى وقف التهرب الضريبي من جانب الاف المؤسسات واعداد كبيرة من كبار المتمولين، وفي الدرجة الاولى في قطاعات تعود للدولة مثل الهاتف الخليوي حيث لا احد في الدولة يعرف حقيقة ما تدخله شركتي الخليوي من ارباح سنوية، اضافة الى ضبط التهرب الضريبي في المرافئ وباقي المعابر المختلفة، وصولاً الى مواجهة مكامن الهدر والفساد في عشرات المؤسسات التابعة للدولة، بما في ذلك، ما له علاقة بالتلزيمات التي تحصل بمعظمها بطريقة التراضي وبعضها يصل الى مئات ملايين الدولارات، كتلك التلزيمات التي قام بها وزير الاتصالات جمال الجراح مؤخراً في قطاع «الفايبر اوبتك» وادت الى حرمان الدولة من مبالغ طائلة.

(الديار)