جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / الراعي: لإستبدال تسمية سجن بمركز الإصلاح والتأهيل
الراعي

الراعي: لإستبدال تسمية سجن بمركز الإصلاح والتأهيل

ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الراعي رتبة خميس الأسرار في سجن روميه، وألقى عظة عنوانها “أحبهم للغاية” (يو13: 1)، قال فيها: “أحب المسيح جميع البشر، أحبكم أنتم أيها السجناء، لكي يحررنا جميعا من خطايانا، فمات فداء عنا، وقام لتقديسنا (روم 25:4). فمن أجل استمرارية ذكرى موته وقيامته، أسس سر القربان والكهنوت. وأثناء هذا التأسيس غسل أرجل تلاميذه وأعطانا قدوة في التواضع والخدمة. إنه في كل ذلك “أحبنا للغاية” (يو1:13). إنه يتضامن مع آلامكم أيها السجناء، وأنتم وراء قضبان الحديد. بل يتماهى معكم إذ قال: “كنت سجينا فزرتموني” (متى36:25). هذا التماهي هو دعوة لكم، أيها الأحباء، لكي تجدوا في المسيح عزاءكم، وتعيدوا النظر في حياتكم، وطريقة عيشكم السابقة التي بلغت بكم إلى السجن الذي يحقر كرامتكم ويقيد حريتكم. وهذا ما لا يريده لكم ولاحد ربنا يسوع المسيح.

يسعدني وسيادة أخينا المطران شكرالله نبيل الحاج المشرف على مرشدية السجون، والمرشد العام الخوري جان مورا وسائر أعضاء المرشدية من كهنة ورهبان وراهبات والأب إيلي نصر منسق مرشدية السجون في الشرق الأوسط، بحضور سعادة قائد الدرك والقادة المسؤولين، أن نحيي معكم عيد خميس الأسرار هنا في سجن روميه. فإنا بمحبة المسيح نحييكم ونحيي من خلالكم كل السجناء والقيمين على السجون. ونذكركم جميعا في هذا القداس الإلهي الذي نحتفل به معكم وبرتبة غسل الأرجل. وأوجه تهنئة خاصة إلى الذين اختيروا لهذه الرتبة، راجيا أن تكون لكم مناسبة فريدة للوقوف أمام محبة المسيح الذي يريد أن يغسل خطاياكم بالغفران وأنتم في حالة ندامة وتوبة عبر سر الاعتراف والمصالحة. فلتبق هذه الذكرى محفورة في ذاكرتكم وقلوبكم،لاسيما إذا شكلت مرحلة جديدة في حياتكم.

سر القربان الذي نحتفل اليوم بعيد تأسيسه هو ذو وجوه ثلاثة: تذكار وحضور وانتظار.
هو تذكار موت المسيح وقيامته، لفدائنا وتقديسنا: “إصنعوا هذا لذكري”.
وهو حضور بمعنى أن هذا التذكار يتحقق “الآن وهنا” تحت شكلي الخبز والخمر، بحيث أن ذبيحة يسوع الدموية على الصليب تتواصل في ذبيحة القداس غير الدموية، التي فيها ذبيحة فدائنا ووليمة جسد الرب ودمه لحياتنا وحياة العالم: “خذوا كلوا، هذا هو جسدي! خذوا اشربوا، هذا هو دمي!”.
وهو انتظار بمعنى أن الكنيسة التي تحتفل بهذا السر تنتظر تحقيق فصحها وفصح أبنائها، بالعبور إلى حياة جديدة بنعمة هذا السر، وعبر مسيرة دائمة تبدأ على الأرض لتكتمل في السماء: “إصنعوا هذا لذكري حتى مجيئي”.
في ضوء هذه الثلاثة تجيب الجماعة المؤمنة: “نذكر موتك يا رب، ونعترف بقيامتك، وننتظر مجيئك الثاني، فلتشمل مراحمك كلنا”.

نسمي هذا اليوم: “خميس الأسرار”، لأن الرب يسوع أسس فيه سري القربان والكهنوت، ولأن من سر القربان تولد كل الأسرار، وبسلطان سر الكهنوت تصنع، لكن الذي يحققها هو المسيح نفسه، الكاهن الأزلي، بقوة الروح القدس. لذلك اعتاد المؤمنون، في هذه الليلة، زيارة سبع كنائس، تذكارا لأسرار الخلاص السبعة: المعمودية والميرون والقربان والتوبة ومسحة المرضى والزواج والكهنوت. واعتادوا السهر مع الرب يسوعالحاضر في سر القربان المقدس، تذكارا لسهره وصلاته في بستان الزيتون ليلة تسليمه للآلام والصلب، فسلم نفسه باختياره متكلا على محبة أبيه وقوة الروح وتعزياته.
أما نحن فاعتدنا أيضا أن نحتفل بعيد خميس الأسرار، معكم في سجن روميه، وفي خاطرنا وصلاتنا كل السجناء في مختلف أبنيته وكل السجون على أرض لبنان، في مختلف المناطق، بل جميع السجناء من رجال ونساء وأحداث.
نحن هنا لنعرب عن قربنا منكم بالصلاة، عن تضامننا معكم في آلامكم الحسية والمعنوية، وعن تهانينا بعيد الفصح المجيد، عيد موت المسيح لفدائنا، وقيامته لتقديسنا. لكن هذا القرب والتضامن ليسا مرة في السنة، بل هما متواصلان بشكل دائم من خلال المرشدية العامة للسجون التي تمثل مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، والتي تعمل على تخفيف وجعكم وبلسمته، وتقف على حاجاتكم، وتطالب بها لدى المسؤولين.

وإننا نحن اليوم هنا لنطالب بها من جديد وإلحاح، وفقا لتقرير المرشد العام الخوري جان مورا مشكورا، بتاريخ 2 نيسان الجاري. وهي تتوزع على ثلاثة أصعدة: الإنساني، والقانوني، والإداري والمالي. نذكر بعضا منها، على أن تسلم بكاملها إلى المراجع المختصة.
1- على الصعيد الإنساني
– تحديث قانون 1949 بحيث ينتقل مفهوم السجن من مكان للعقاب إلى مركز للإصلاح والتأهيل. ونأمل أن تستبدل تسمية “سجن” “بمركز الإصلاح والتأهيل”.
– تأمين مكان في كل سجن كي يمارس السجناء شعائرهم الدينية بحرية وكرامة.
– الحد من التعذيب في بعض أماكن التوقيف والسجون.
– تحسين الأوضاع الطبية والصحية والغذائية، وتفعيل دور الوزارات المعنية.
– إيجاد حل لمشكلة الاكتظاظ الخانقة في السجون وقصور العدل ومراكز التوقيف.

2- على الصعيد القانوني
– إصدار عفو خاص للمصابين بأمراض عضالية أو إعاقات جسدية جسيمة والعاجزين عن الاعتناء بأنفسهم.
– تحويل المصابين بالأمراض العقلية والنفسية إلى أماكن علاجية متخصصة، مع ما يلزم من حماية.
– إيجاد حل جذري للسجناء الأجانب المخالفين للقوانين.
– بالنسبة إلى السجين غير المكرر الذي يطلق سراحه، كم نرجو عدم ذكر “حكم عليه” على سجله العدلي، لكي يتمكن من إيجاد عمل وينعم بالثقة.
– تعديل قانون المخدرات للتمييز بين عقوبة المروج والتاجر والمتعاطي. ونأمل ان تطال الملاحقة في هذا المجال النافذين الذين يحمون هذه التجارة.
– الإسراع في المحاكمات.
– تفعيل المعونة القضائية.
– إعداد كوادر بشرية متخصصة لإدارة السجون.

3- على الصعيدين الإداري والمالي
– وضع السجناء الأحداث في إصلاحية، لا في السجن، من أجل إعادة تأهيلهم وتربيتهم.
– تأمين العناصر والآليات لمواكبة السجناء في الانتقال إلى جلسات المحاكمة في مواعيدها، والا فالتأجيل والتأجيل.
– دورات تدريبية وتأهيلية للضباط والرتباء والعناصر والأطباء والممرضين والعاملين في السجون.
– تنظيم عمل الهيئات والجمعيات في السجون.
– إيجاد مصادر تمويل للسجون.

فيما نقدم هذه الذبيحة الإلهية على نية السجناء في جميع السجون اللبنانية وعائلاتهم، والقيمين على السجون، والمرشدية العامة، نعرب لكم جميعا عن أخلص التهاني والتمنيات بالأعياد الفصحية المجيدة، راجين أن تعمل نعمة المسيح القائم من الموت في أعماق قلوبنا، وتملأها من حياته الإلهية وعزائه وحبه. ومعا نرفع نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.