جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / السنيورة: الامتناع عن إجراء الاستشارات يتعدى الدستور ويمس بالاستقرار المعيشي
5dca99c821fd3_

السنيورة: الامتناع عن إجراء الاستشارات يتعدى الدستور ويمس بالاستقرار المعيشي

قال الرئيس فؤاد السنيورة، في حديث الى قناة “النيل” عن الاوضاع الراهنة في لبنان وتصوره للخروج من المأزق، ان “رئيس الجمهورية ما زال يتحدث لغة لا يفهمها أولئك الشباب، لا بل وأكثر من ذلك، فإنّ فخامة الرئيس يتصرف وكأنه ينتمي إلى عهد مضى، أي إلى ما قبل اتفاق الطائف لأن الدستور تعدلت نصوصه بعد اتفاق الطائف وأصبحت مختلفة عما كانت عليه قبل الطائف”.

واعلن ان “لبنان يعاني أزمة خانقة، وهي ليست وليدة السنوات الثلاث الماضية وان كانت قد تفاقمت كثيرا خلال هذه السنوات الثلاث. في الواقع هي وليدة استعصاء طويل مارسته القوى الحزبية المسيطرة في لبنان والتي هي، في معظمها، أحزاب طائفية ومذهبية وميليشيوية مارست الامتناع عن الموافقة على القيام بالإصلاحات الضرورية واللازمة من أجل استنهاض الاقتصاد اللبناني”.

ولفت الى انه “بسبب امتناع الرئيس عن إجراء الاستشارات، هذا الامر أصبح يتعدى الأمور الدستورية ويصل إلى المس بالاستقرار المعيشي للبنانيين بسبب دقة الأوضاع الاقتصادية والمالية وحراجتها”.

سئل: الإنتفاضة الشعبية في لبنان تستمر لليوم ال24 (يوم الأحد) واليوم، كما أطلقوا عليه “أحد الغضب والصمود”، لماذا حتى الآن لم يتم حل الازمة اللبنانية على رغم الإقتراحات العديدة السياسية وغموض موقف النخبة الحاكمة في لبنان في حل هذه المشكلة، كيف ترى الوضع اللبناني والى اين يذهب؟

أجاب: “الحقيقة أن هذه الانتفاضة في لبنان قد حققت إنجازا أساسيا بقيامها بازالة التزوير الذي حصل على اللبنانيين بأن صوَّرهم وجعلهم قبائل كل فريق منهم في مربعه الطائفي أو المذهبي. إلا أنهم جميعا، وبعد هذه الانتفاضة، ظهروا على حقيقتهم يجمعهم العيش المشترك وأنهم متشاركون في الوجع وفي الآمال وهم يطالبون الآن أن تكون لديهم دولة مدنية تستطيع ان تدير شؤونهم العامة بكفاية وجدارة وبحوكمة صحيحة. لذلك فهم ثاروا على تلك الممارسات التي تقوم بها المجموعات الحزبية والتي فرقت وباعدت بين اللبنانيين ووضعتهم في ساحات منفصلة ومتخاصمة وأدت إلى هدر الطاقات والأموال وبالتالي أساءت إليهم من خلال إساءة إدارة الشأن العام.

ولقد قدم الرئيس سعد الحريري استقالة حكومته تجاوبا مع مطالب المتظاهرين الذين طالبوا باستقالتها وتأليف حكومة جديدة. ولقد تشاور الحريري قبل ذلك وحاول مع فخامة الرئيس ان يتفاهم وإياه، وكذلك مع رئيس مجلس النواب لكي يتوصلوا إلى تفاهم في شأن طبيعة الحكومة الجديدة التي تلبي ما يطلبه المتظاهرون وهي ان تتألَّف حكومة غير حزبية مستقلة وغير منصاعة لضغوط الأحزاب وان يتمتع أعضاؤها بالكفاية والجدارة والمسؤولية والخبرة والنزاهة. هذا الأمر لم يتحقق قبل استقالة الرئيس الحريري، وهو للأسف أيضا لم يتحقق بعد بالرغم انه قد مضى الآن أسبوعان على استقالة الحكومة. وهذا أمر مقلق لأن لبنان تتولى أمره الآن حكومة تصريف الأعمال غير مسؤولة واستمرار الحال على ما هي عليه الآن يؤدي إلى مضاعفة المشكلات والقلق لدى اللبنانيين.

لا شك في أن لبنان يعاني أزمة خانقة، وهي ليست وليدة السنوات الثلاث الماضية وان كانت قد تفاقمت كثيرا خلال هذه السنوات الثلاث. في الواقع هي وليدة استعصاء طويل مارسته القوى الحزبية المسيطرة في لبنان، والتي هي في معظمها أحزاب طائفية ومذهبية وميليشيوية مارست الامتناع عن الموافقة على القيام بالإصلاحات الضرورية واللازمة من أجل استنهاض الاقتصاد اللبناني وإعادة تمكينه من تحقيق معدلات وازنة ومستدامة من النمو بما يؤهله أن يصبح جاذبا للاستثمار وللتحويلات المالية وبما يعزز ميزان المدفوعات ويقلل من الضغوط على الموازنة والخزينة اللذين يسجلان عجزا متفاقما. المؤسف أن هذه المشكلات استفحلت في المدة الأخيرة، بحيث يسجل النمو الاقتصادي نموا سلبيا ويتفاقم العجز في الموازنة والخزينة وفي ميزان المدفوعات. وذلك يحصل في وقت الذي أصبح لبنان في حاجة ملحة الى استعادة الثقة بين المواطنين اللبنانيين والدولة وبينهم وبين السياسيين والتي انحسرت إلى الصفر.

ما جرى في الفترة الماضية أدى إلى ان أصبح لبنان يعاني مشكلات ومآزق كبيرة على أكثر من صعيد وطني وسياسي وبالتالي اقتصادي ومالي ونقدي والناتجة من الممارسات التي يمارسها العديد من السياسيين والأحزاب الطائفية ومنهم أولئك اللذين ينتمون إلى فريق فخامة رئيس الجمهورية اي “التيار الوطني الحر” اللذين يؤججون الأحقاد ويبثون الكراهية والضغينة بين اللبنانيين ويزيدون من حدة الانقسامات الطائفية والمذهبية. وهذا كله ادى إلى تزوير هوية اللبنانيين وباعد بينهم ةادى إلى انتفاضتهم المباركة لإزالة الطلاء الكاذب الذي حاول أن يزور حقيقتهم ويكون العيش
المشترك والمصالح المشتركة هي التي تجمع بينهم.

المشكلة الداهمة الآن تكمن في عدم مبادرة فخامة رئيس الجمهورية الى اجراء الاستشارات النيابية الملزمة من أجل اختيار رئيس الحكومة المكلف تأليف الحكومة الجديدة.
صحيح أن الدستور لم يفرض على فخامة الرئيس وقتا محددا للقيام بالاستشارات النيابية الملزمة، إلا أنه يفترض به أن يستمع إلى ما يريده ممثلو الشعب أي النواب. وهو ما زال يمتنع عن القيام بذلك، مع أن الظروف الصعبة والحرجة التي يمر بها لبنان وبسبب دقة الأوضاع الاقتصادية والانحسار الكامل للثقة بين المواطنين اللبنانيين والدولة والحكومة والمجتمع السياسي يفرض على رئيس الجمهورية أن يسارع إلى إجراء الاستشارات النيابية الملزمة للملمة الوضع الذي يهدد بالانفلات، وهذا ما ينص عليه الدستور.

تجدر الإشارة إلى أن فخامة الرئيس هو الشخص الذي يضعه الدستور فوق كل السلطات، وهو الذي يحلف على احترام الدستور وان يكون همه الأساسي احتضان الأمة اللبنانية، وكذلك المسارعة إلى معالجة المشكلات الوطنية، إذ انه بعدم القيام بتلك الاستشارات واستعجال تأليف الحكومة والعمل على تلبية مطالب المتظاهرين يسهم بطريقة او بأخرى في زيادة حدة المشكلات بدلا من ان يكون همه العمل على تقليص تلك المشكلات، وبالتالي المسارعة إلى القيام بتلك الاستشارات النيابية. المشكلة أن الرئيس يمضي وقته في القيام بإجراء مشاورات. وهذا مناقض لنص الدستور اللبناني الواضح بأن الرئيس المكلف هو الذي يجري الاستشارات لدى تكليفه بعد استشارات ملزمة يجريها الرئيس مع النواب. وليس البديل أن يقوم فخامة الرئيس بإجراء مشاورات لأنه بذلك يفتئت على صلاحيات وواجبات الرئيس المكلف وعلى مجلس النواب الذي يجب ان يعطي رأيه في شخصية الرئيس المكلف. وفخامة الرئيس بهذا كمن يضع أعرافا وبدعا جديدة مخالفة للدستور وهو من حلف على الدستور ويفترض به ان يحترمه”.

قيل له: بعد استقالة الحكومة منذ عشرة أيام الان هل هناك تحركات جادة من جانب السلطة في لبنان؟ ولماذا التباطؤ في حل الأزمة وحضرتك قلت ان هناك تراكمات وأسباب اقتصادية لكنها في النهاية لها شق سياسي هام يطلبه المواطن اللبناني وهو يشعر بوجود انقسامات يشعر انها تؤثر على الاستقرار في بلاده؟

أجاب: “يمكنني القول إنه بعد الانتفاضة التي قام بها الشبان والشابات، فإن لبنان أصبح بعد 17 تشرين الاول غير ما قبله، ومع من ذلك، فإن فخامة الرئيس ما زال يتحدث لغة لا يفهمها أولئك الشباب. لا بل وأكثر من ذلك، فإن فخامته يتصرف وكأنه ينتمي إلى عهد مضى، أي إلى ما قبل اتفاق الطائف لأن الدستور والتي تعدلت نصوصه بعد اتفاق الطائف وأصبحت مختلفة عما كانت عليه قبل الطائف. فاتفاق الطائف أنهى الحرب اللبنانية ووضع المعايير الجديدة بموجب الدستور الجديد. فمثلا الذي يجري الاستشارات لتأليف الحكومة هو الرئيس المكلف، ورئيس الجمهورية يجري قبل ذلك استشارات ملزمة ليصار بموجبها إلى اختيار الرئيس المكلف. ففخامة الرئيس بتأخره عن إجراء الاستشارات وانهماكه في إجراء مشاورات جانبية، وكما قلت لك يفتئت على صلاحيات المجلس النيابي وعلى صلاحيات الرئيس المكلف.

ما أقوله هنا إن الأمر أصبح، وبسبب امتناع الرئيس عن بدء إجراء الاستشارات، يتعدى هذه الأمور الدستورية ويصل إلى موضوع المسّ بالاستقرار المعيشي للبنانيين بسبب دقة الأوضاع الاقتصادية والمالية وحراجتها. لذلك أرى أنه تجب المسارعة لإيجاد الحلول وإلا فهذا الأمر يزيد من حدة المشكلات التي تفرضها حقيقة انحسار الثقة بين اللبنانيين والمجتمع السياسي، وكذلك الحاجة التي تفرضها التظاهرات التي يقوم بها الشباب والشابات المطالبين بحكومة جديدة من المستقلين غير الحزبيين”.

سئل: هل تتوقع سرعة في نأليف الحكومة رغبة لمطالب المتظاهرين ومحاكمة الفاسدين وخصوصا مع تحرك عدد من المتظاهرين نحو منازل السياسيين الذين يطلق عليهم المتظاهرون النخبة الفاسدة؟

أجاب: “في هذه الآونة يختلط الحابل بالنابل في ما خص المطالبات بمحاكمة الفاسدين، وهو أمر مهم وأساسي ويجب ان يتم، ولكن الأمر الفصل في هذا الشأن يعود إلى القضاء المستقل والمترفع والنزيه الذي من واجبه أن يحقق العدالة للجميع. فإحقاق العدالة أمر يجب ان يبته القضاء النزيه وليس المتظاهرون، والا نعود إلى ما يسمى بالمحاكمات الميدانية مثل تلك التي شهدتها الثورة الفرنسية وايام محاكمات المهداوي في بغداد.
يجب التنبه هنا إلى أنه وفي هذه الأحوال هناك الكثير من المندسين الذين يحاولون الاقتصاص من هذا او من ذاك من الأبرياء من دون وجه حق. ولذلك يعملون على إثارة بعض الجماهير ويحاولون توجيهها في اتجاهات غير صحيحة. ولذلك يجب العمل جديا لتأكيد سلطة القضاء العادل والتقيد باحترام سلطة القانون والنظام، وبالتالي إخضاع كل الأشخاص الذين اعتدوا على المال العام لسلطة القانون لينالوا جزاءهم العادل. والأمر يجب ان يكون بيد القضاء. والقضاء يجب ان يكون نزيها ومترفعا لكي نتمكن من المحافظة على بلدنا ويستمر لبنان بلدا يحترم القانون والنظام – law and order – وليس السماح بممارسات مخالفة لسلطة القانون والنظام وتؤدي، بالتالي، إلى مزيد من الفوضى بسبب اندساس العناصر المخربة والمندسة في صفوف المتظاهرين”.