حذر خبراء دوليون من تصاعد حدة الهجمات الإرهابية على أوروبا هذا العام 2018؛ بسبب تزايد أعداد المقاتلين الأجانب العائدين من العراق وسوريا، والذين باتت لديهم معرفة بالأسلحة “المتطورة تقنياً” التي اكتسبوها على أرض المعركة.
وقالت صحيفة التلغراف البريطانية: “من المتوقع لعشرات المتطرفين أن يتدفقوا عائدين إلى المملكة المتحدة والقارة الأوروبية، بمهارات مكتسبة في العراق وسوريا؛ كتسليح الطائرات بلا طيار، وتصنيع قنابل تفخيخ السيارات، والعبوات الناسفة، وفق تقرير جديد وضعه خبراء ومحللون دفاعيون في مركز جين للإرهاب والتمرد Jane’s Terrorism and Insurgency Centre )JTIC).
وقال أوتسو إيهو، الذي كتب التقرير: “عودة المقاتلين الأجانب إلى أوروبا ستزوِّدهم بالمهارات الهامة التي ستساعد شبكات العمليات الجهادية، المتزايدة عدداً، في تنفيذ المزيد من الهجمات المعقدة”.
وتابع إيهو: “من هذه المهارات، صنع عبوات ناسفة جيدة، فقد تعلَّم هؤلاء في سوريا والعراق من تنظيم داعش إنتاجَ العبوات الناسفة على مستوى إنتاج صناعي، كذلك اكتسبوا خبرة في الأسلحة الهجومية واستخدام أنواع جديدة من الأسلحة أو التقنيات كالطائرات بلا طيار”.
البحث عن أسلحة متطورة
وكانت عدة هجمات نُفذت مؤخراً في القارة الأوروبية، قد استخدمت أسلحة بدائية “ضعيفة الإمكانات”، لكن نجاح استخدام المسلحين المتطرفين الطائرات من دون طيار أو قنابل السيارات المفخخة، سوف يشكِّل زيادة ملحوظة في مستوى الخطر، حسب رأي الخبراء، بحسب الصحيفة البريطانية.
وبحسب “التلغراف”، فقد تمكن مقاتلو داعش من إيجاد طرق لتحويل الكميات التجارية، المتوافرة على “أمازون” أو المحلات والمتاجر الرئيسية، إلى أسلحة فاعلة فتاكة.
ويحذر مراقبو الاستخدام المتزايد للطائرات من دون طيار أنها مسألة وقت فقط -على الأرجح- قبل أن يحاول الإرهابيون استخدام طائرة بلا طيار مسلّحة لتنفيذ هجمات ضد الغرب.
وفي حديث لصحيفة التلغراف، قال كريس وودز، مدير مجموعة Air Wars المستقلة التي تراقب الحرب بالعراق وسوريا: “من الواضح أن هذه تقنية تستطيع اجتياز الحدود، وتمثل تهديدات خارج مناطق الحرب؛ لذا هي شيء علينا جميعاً أخذه على محمل الجدية”. وبالإضافة إلى الخطر الأمني المباشر الذي يشكِّله المقاتلون الأجانب العائدون، فقد استنتج التقرير أن خطراً بالغاً قد يظهر -على الأرجح- بسبب قدرتهم على التأثير في الشبكات الإسلامية الموجودة بأوروبا وتحويلها إلى الفكر المتطرف، بحسب الصحيفة.
فمعقول جداً أن إسهامهم وقيادتهم من شأنهما دفع المجموعات التي كانت ذات دور داعم في الماضي (كالتمويل وتسهيل السفر ونشر الدعاية)، لتتبنى دوراً عملياً تنفيذياً هذه المرة؛ كإنشاء الخلايا والحصول على الأسلحة، وتوفير المرافق والبيوت الآمنة لصنع المتفجرات، وتجنيد المسلحين لتنفيذ الهجمات، بحسب الصحيفة البريطانية. ومن المعتقد أن آلاف المقاتلين الأجانب قد فرُّوا من الخلافة المزعومة بسوريا، وعبروا الحدود إلى تركيا في الخفاء.
نصيب الأسد لبريطانيا
واعتبرت “التلغراف” أن لبريطانيا نصيب الأسد من جملة الجهاديين العائدين الذين كانوا سافروا للانضمام إلى داعش، فقد كان 850 بريطانياً قد سافروا إلى أرض الخلافة المزعومة التي أعلنتها المجموعة المتطرفة، ويُعتقد أن 400 من هؤلاء قد عادوا من يومها. وقد تم اعتقال 5 بريطانيين مشتبه في انضمامهم إلى داعش، وذلك على أرض المعركة بكل من العراق وسوريا، منهم الجهاديان اللذان اشتُهرا مؤخراً باسم The Beatles.
وليس واضحاً مصير المواطنَين اللندنيَّين؛ الشافعي الشيخ وألكسندا كوتي، فيما قيل إن المملكة المتحدة حرمتهما من الجنسية، وأشارت إلى عدم رغبتها في محاكمتهما.
لكن الاستخبارات البريطانية تأمل الحصول على معلومات هامة منهما خلال التحقيقات، مثل نوع المهارات التي اكتسبها المقاتلون الأجانب في أثناء المحاربة لصفوف “الخلافة”، بحسب الصحيفة البريطانية.
كذلك، يهم الاستخبارات التوصل لمعلومات عمن مِن الجهاديين البريطانيين تمكَّن من الهرب من الخلافة وقد يكون راجعاً على طريق العودة. وقال إيهو: “المملكة المتحدة مثال على هذه الظاهرة، فرغم كثرة الحالات السابقة وأحكام السجن على العائدين، فإنها صاحبة العدد الأكبر من المسلحين العائدين إلى أوروبا، حيث إن نصف أعدادهم بصدد العودة”. وتابع: “بالنسبة للعائدين الذين يخططون للتورط في أعمال عنف، فإن قيمة الهدف الرمزية التي تمثلها بلدان الغرب الأوروبي، قد تفوق الاحتمال الأكبر المتمثل في اعتقالهم وسجنهم”.
أما ريتشارد باريت، المدير السابق لقسم مكافحة الإرهاب العالمي في جهاز الاستخبارات البريطاني (MI6)، فقد قال لصحيفة التلغراف إنه رغم عدم كون المقاتلين الأجانب العائدين قد زادوا بعدُ من حدة التهديد الإرهابي حول العالم، فإن “عدد الهجمات المستلهمة من داعش أو التي تتم بإدارته يستمر في التزايد”.
وختم قائلاً: “جميع العائدين، بغض النظر عن أسباب عودتهم، سوف يستمرون في تشكيل درجة من الخطورة”.
(التلغراف – هافغتون بوست)