جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / اللواء ابراهيم: الأنفاق عند إسرائيل جاهزة غب الطلب
اللواء ابراهيم

اللواء ابراهيم: الأنفاق عند إسرائيل جاهزة غب الطلب

تحدث المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في جردة شاملة عن انجازات المديرية على صعدها الادارية والامنية والتنظيمية، ناهيك بالمهمات الاستثنائية، وعما ينتظر الامن العام في السنة الجديدة وبرنامجها للتحديث والتطوير، في حوار شامل مع مجلة “الامن العام”، فرأى ان العام 2018 يستحق ان يكون عام “النهوض والتنظيف الاداري” في الطريق الى مشروع “امن عام بلا ورق” في العام 2021، موضحا انه “شكل محطة لاطلاق برامج الخدمات الالكترونية منها الحصول على التأشيرة ـ اونلاين”. وقال: “التركيز كان دائما على المهمات الادارية للمديرية من دون الدور الامني. نحن لم نستعد او نقتنص اي صلاحية، بل مارسنا صلاحياتنا كما يجب وعلى اكمل وجه تنفيذا للقانون. لم نكن ولن نصبح جيشا بل سنصبح امن عام كما يجب”. واوضح ان “طموحنا ان تصل مراكز الامن العام الى كل قرية ودسكرة في لبنان، وخصوصا الاماكن النائية”.
وبينما اكد ان المديرية انجزت هيكليتها الادارية الجديدة، لفت الى اتمام هيكليتها العسكرية كي تتلازم معها، وتجعل المديرية في موقع لا تحتاج الى اي دعم في بعض العمليات الامنية، ما عدا تلك الكبرى التي تستلزم دعما من الجيش او قوى الامن الداخلي. وقال: “لدينا خطة ليصبح عديد المديرية 12000 عنصر، وهذه الخطة رفعت الى مجلس الوزراء ونحن في انتظار بتها في الحكومة المقبلة”.
وجزم اللواء ابراهيم بأن الانفاق التي زعمت اسرائيل انها لحزب الله “قديمة، موجودة منذ سنوات اثارها الجانب الاسرائيلي في هذا التوقيت سعيا الى انتصار وهمي”، قائلا: “الانفاق جاهزة غب الطلب، واسرائيل لا تبحث عنها”. واضاف: “نستبعد وقوع الحرب. نحن لا نريدها لكننا مستعدون لها، بينما اسرائيل ان ارادتها فهي غير مستعدة لها”.
ولفت الى “تراجع خطر الخلايا الارهابية الى حدود كبيرة، لكنه احتمال موجود”، وقال: “نحن لا نفرق بين الارهاب التكفيري والارهاب الاسرائيلي الذي هو في اي حال الى انحسار كما باقي الخلايا”. واكد مضي روسيا في خطتها اعادة النازحين السوريين الى بلادهم، بعد ازالة بعض العقبات بالتعاون مع المجتمع الدولي. ولفت الى ان الامن والاستقرار في لبنان “لا يصنعه الا اللبنانيون”، مشددا على ان الرعاية الدولية ما زالت قائمة.

* اذا صح ان العام 2017 كان عام “الانجازات الصامتة والوحدة الوطنية” بعد عام انهاء الشغور الرئاسي 2016، ما هو العنوان الذي ترغب في اطلاقه على العام 2018؟
– على مستوى المديرية، عام 2108 هو عام “النهوض والتنظيف الاداري”. هذان العنوانان الاساسيان اللذان يمكنني ان اطلقهما. لا ارغب في القول انه كان عام “مكافحة الفساد” فهذا العنوان بات مبتذلا. اعتقد اننا، والى درجة متقدمة، نجحنا في عملية التنظيف. كي اكون واضحا، لا يعني ذلك ان ما قمنا به محصور بالتوقيفات والعقوبات او ما يشبههما من القرارات الادارية التي اتخذناها. هناك الكثير من الضباط والعسكريين الذين احيلوا الى المحاكم او اتخذت في حقهم عقوبات مسلكية. كما احيل البعض الى المجلس التأديبي. تصنيفهم يعود الى شكل ومضمون المخالفة التي ارتكبها كل منهم. اما على المستوى الاداري، فقد اطلقنا برنامجا يهدف في سياقه الاداري الى الوصول الى مرحلة امن عام بلا ورق. وهو موضوع شكل عنوانا لندوة نظمناها الشهر الماضي بالتعاون مع شركة “Everteam” التي التزمت تنفيذ هذا المشروع بكامل مراحله ومقتضياته في مهلة اقصاها العام 2021، اي خلال 3 سنوات. بذلك يمكننا القول ان العام 2018 شكل محطة لاطلاق برامج الخدمات الالكترونية، منها الحصول على “التأشيرة ـ اونلاين”. كل ذلك بهدف توفير الجهد على اي مواطن او مقيم من طالبي خدماتنا.
* تحدثت العام الماضي عن هيكلية امنية وعسكرية جديدة للامن العام. ما الذي تحقق منها وما هو المتبقي؟
– انجزنا الهيكلية الامنية عام 2018 لجهة ترشيقها وتفعيلها، بالاضافة الى الهيكلية العسكرية التي تشكل ذراعها الاساسية. اصبحت لدينا قوة ضاربة قادرة على ان تقوم بكل المهمات المطلوبة منها، وتحديدا المهمات الامنية الاستثنائية التي تنفذ بالاستناد الى المعلومات الاستباقية المستقاة من مكتب شؤون المعلومات. بذلك اصبح هناك تكامل بين مختلف الوحدات في المديرية، ولم نعد في حاجة الى اي جهاز امني اخر لمساعدتنا في تنفيذ اي مهمة، باستثناء تلك الكبرى التي تحتاج الى مؤازرة الجيش او قوى الامن الداخلي.
* بات لدى المديرية عقل امني وذراع عسكري. هل يشكل ذلك بداية تحول الى جيش؟
– هذا السؤال يطرح علينا من وقت الى اخر. اذا عدت وراجعت الكتاب – اي القانون – وماهية صلاحيات الامن العام، ستجد بوضوح هذا الجزء من الصلاحيات التي كانت مهملة ولم تؤخذ في الاعتبار. التركيز كان دائما على المهمات الادارية للمديرية من دون الدور الامني. نحن لم نستعد او نقتنص اي صلاحية، بل مارسنا صلاحياتنا كما يجب وعلى اكمل وجه تنفيذا للقانون. لم نكن ولن نصبح جيشا بل سنصبح امن عام كما يجب.
* افتتحت المديرية هذا العام عددا من المراكز في مناطق عدة، واعادت فتح اخرى حدودية. هل اكتملت خطة الانتشار على خلفية الانماء المتوازن واللامركزية؟
– منذ تسلمنا مقاليد المديرية وضعنا خطة عنوانها تعزيز اللامركزية الادارية وتخفيف الاعباء على المواطن لقاء اي خدمة يريدها. بمعنى ان نذهب اليه بالخدمة التي يطلبها باقل كلفة. هذه خطة قررنا اعتمادها رغم العوائق التي تؤخرها، وخصوصا تلك المادية واللوجستية والادارية، والتي نسعى الى تقليصها الى الحد الادنى بالتواصل والتعاون والتكامل مع بعض البلديات وجمعيات المجتمع المدني التي وفرت الكثير منها لتحقيق هذه الغاية. لذلك استطيع القول ان عددا من المراكز افتتحت من دون ان نكبد الدولة اعباء مالية. انشئت بالحد الادنى من قدراتنا وقدرات هذا المجتمع. قرارنا المضي في توسيع وتطوير ونشر هذه المراكز من ضمن مشروع اللامركزية الادارية الذي لم يكتمل بعد. طموحنا ان تصل مراكز الامن العام الى كل قرية ودسكرة في لبنان، وخصوصا الاماكن النائية، وتلك التي تعاني من العوامل الطبيعية التي تلقي اعباء اضافية على المواطن. حتى اليوم افتتحنا 46 مركزا جديدا. في العام الاخير افتتحنا اربعة مراكز في البقاع والجنوب والضاحية وبيروت، ونحن في صدد انشاء مبنى جديد بالقرب من المبنى المركزي في المتحف ليكون في غضون عام ونصف عام مقرا بديلا من مركز بيروت الموقت في منطقة السوديكو. هناك مركز جديد قيد الانشاء في محلة الطيونة، ومراكز اخرى في قانا الجنوبية وجديتا والنبي شيت في البقاع.
* هل يعني ذلك انك تريد فتح مراكز في اي مكان من لبنان حيث يتوافر العقار والدعم البلدي؟
– لا نستطيع ان نتمدد بشكل يفيض عن حجم وقدرة الجهاز. ما هو مقرر ان نبقى من ضمن قدراتنا، ومن ضمن التوازن المطلوب بين حجم المديرية وقدراتها وحاجتها الى المراكز لتسهيل الخدمة العامة.
* شهد العام 2018 توقيعا على سلسلة بروتوكولات تعاون مع الجامعات اللبنانية الخاصة الكبرى. ما الذي يضيفه هذا الانفتاح على قدرات وكفايات العسكريين وانجازات المديرية؟
– عنصر الامن العام ايا تكن رتبته يجب ان يتحلى بمستوى تعليمي عال. هذا ما اعتمدناه في دورات التطوع الاخيرة. فرضنا في الدورات الاخيرة شرط حصول المتطوعين على مستوى علمي معين، ادناه الحصول على البكالوريا ـ القسم الثاني. المفاجأة كانت ان تقدم الى بعض الوظائف حملة شهادات دكتوراه او حاملي ماجستير. لذلك قررنا فتح المزيد من الابواب على العلم والمعرفة لاقتناعي انه كلما زاد العسكري علما، زاد حضارة وانضباطا. نحن في حاجة الى هاتين، الحضارة والانضباط، في التعاطي مع المواطنين. هذا على المستوى الاداري اما على المستوى الامني فليس هناك امن من دون علم. النجاح في الحرب الامنية ومكافحة الارهاب والتجسس يستلزم وجود ادمغة وليس عضلات فحسب. لذلك عقدنا الاتفاقات مع الجامعات الكبرى، وكان آخرها الجامعة الاميركية في بيروت بهدف تحسين مستوى التعليم لدى عناصر الامن العام من كل الرتب، رفعا لمستواهم الاداري والامني .
* وعدت سابقا بقرب الحصول على الجواز البيومتري في سفارات لبنان في الخارج. هل نفذ هذا الوعد؟ ما الجديد الذي اضافته هذه الخدمة؟
– نعم انا وعدت بهذه الخطوة، والعمل جار على تحقيقها. هناك لجنة مشتركة من وزارة الخارجية والامن العام تعمل على قدم وساق لتحقيق هذا الوعد. وزارة الخارجية شريك اساسي لنا، ونأمل في ان يتحقق ذلك في اقرب وقت ممكن. ولئن كان الجانب الاداري جاهزا، فان الشق الآخر يحتاج الى اعباء مالية لانجازه ونحن في صدد البحث عن مصادرها.
* الا ترى ان هذا الانفتاح على المجتمع الجامعي يعني ان الامن العام قد خرج من اطار خدمته العادية، ليتحول الى شريك فاعل في بناء المجتمع بكل مشاغله واهتماماته. ما هو تصورك لهذه الخطوة؟
– بعد الاطلاع على صلاحيات المديرية واختصاصاتها، تبدو انها الاقرب الى الحياة اليومية للمواطن. فهو على صلة بها منذ ولادته الى ساعة وفاته، وفي مختلف مناحي الحياة بما فيها تلك المتصلة بالمستندات والوثائق او معاملات العمالة الاجنبية وما شابه. لذلك، منذ ان تسلمنا مقاليدها، قلنا عن قناعة بان المواطن ليس طالب خدمة بل هو صاحب حق، ويستحق ان تتعامل معه بنظرة مختلفة. المواطن شريكنا الاخر. من دونه ليس لدينا عمل، ومن دوننا لن تتوافر له مطالبه وحاجاته وحقوقه. لذلك نحن شركاء نكمل بعضنا بعضا، فيتحول التكامل في ما بيننا الى شراكة تؤكدها الاصداء الايجابية التي تصلني تباعا عن كيفية تعامل الموظف او العنصر مع المواطن.
* الى جانب مباشرة تعيين ملحقين اقتصاديين في السفارات اللبنانية، هل هناك نية او التزام لتعيين مندوبين للامن العام؟
– الموضوع لا يقف عند حدود النيات. ما تسأل عنه ادرِج في خطة اعلن عنها في العام 2012، وقد شرحنا للمرجعيات المعنية خططنا في هذا الصدد واهميتها ومردوها على امن الانتشار اللبناني. لا اخفي انه كان لها مردود ايجابي بعدما حظيت بترحيب المسؤولين السياسيين. لكن ما يعيق نشر هؤلاء الملحقين يعود الى الاعباء المالية المترتبة على مثل هذه الخطوة على خزينة الدولة، والتي تحول حتى اليوم دون توسيع انتشار الملحقين العسكريين في الخارج، وخصوصا في الدول الصديقة. لذلك نستعيض عن هذه المواقع بعلاقاتنا التي بنيناها في نطاق الانتشار في الخارج. هم رسل حقيقيون بيننا وبين هذه الدول التي نتعاون معها على كل المستويات.
* وفق اي آلية تبنى هذه العلاقات؟
– هناك اكثر من مثال، آخرها المؤتمر الذي نظمناه في المديرية الشهر الماضي تحت عنوان “اندحار الارهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الافريقية”، بالتعاون مع المجلس القاري الافريقي الذي لعب وما زال يلعب دور جسر التواصل بيننا وهذه الدول على اكثر من مستوى سياسي واقتصادي. وهو ما يسهل علينا امكان التواصل والتعاطي معها.
* كنت تشكو دائما من النقص في عديد المديرية. ما الذي تغير في العام 2018، وهل انتهت الشكوى وهل ثمة خطة ما للعام 2019؟
– ويا للاسف لم نحقق ما اردناه في العام 2018، فبقيت الخطوات المحققة خجولة، ودون المطلوب لنحقق الهدف الذي رسمناه لجهة انتشار مراكزنا على الاراضي اللبنانية. نحن نشارك في الخطة الامنية في الضاحية التي فرضت علينا استخدام قوة من 200 عسكري من الامن العام، وعلينا ان نوفر العدد البديل. لذلك نسعى الى تطويع عناصر بديلة في اقرب فرصة لنستمر في تأمين الخدمات للمواطنين. لدينا خطة ليصبح عديد المديرية 12000 عنصر، وهذه الخطة رفعت الى مجلس الوزراء ونحن في انتظار بتها في الحكومة المقبلة.
* هل يؤثر هذا النقص على اداء الامن العام ودوره؟
– حتى اليوم لم نلمس ذلك. الامن العام يقوم بدوره كما يجب وعلى اكمل وجه. لن نألو جهدا رغم ضعف الامكانات الى ان ننفذ الخطط الموضوعة تعزيزا للخدمات والامن التي يحتاج اليهما المواطنون والمقيمون على الاراضي اللبنانية.
* اثارت اسرائيل في الفترة الاخيرة مسألة الانفاق على الحدود الجنوبية. سبق لك ان اكدتَ انها قديمة ولا تستأهل هذا الضجيج. ما قصة هذه الانفاق ولماذا اثيرت اليوم؟
– بات معروفا ان العدو الاسرائيلي اثار ملف الانفاق في وقت يحتاج فيه الى انتصار وهمي او لفظي. بعد حرب غزة وما انتهت اليه، يعيش هذا العدو ضائقة عسكرية واخرى سياسية وحكومية نتيجة استقالة وزير الدفاع افيغدور ليبرمان التي اثارت خضة داخل مجلس الوزراء. اضف ان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو يحاول صرف الانظار عن الاتهامات التي وجهتها اليه السلطة القضائية ومعه زوجته بالتسبب في الفساد. لذلك يسعى الى ايهام الشعب الاسرائيلي ان دولته حريصة عليه وعلى امنه. لكننا نعرف جيدا ان موضوع الانفاق ليس جديدا، وقد مر عليه اكثر من 10 سنوات. اسرائيل على علم بهذه الانفاق منذ ما قبل هذه الفترة، وان لاستعمالها في هذه اللحظة ابعادا سياسية.
* كل يوم تتحدث اسرائيل عن نفق جديد الى ان وصلت الى الرابع. الى اين يمكن ان تستمر هذه المسرحية؟
– اسرائيل تحاول الاستثمار في طرح الموضوع على جلسة مجلس الامن للتصعيد. لا تتفاجأوا اذا وجدوا انفاقا اخرى. الانفاق جاهزة غب الطلب، وهي لا تبحث عنها.
* هل يمكن ان يؤثر ذلك على دور القوات الدولية والامم المتحدة ومهماتها؟
– لا ابدا. هذا موضوع قديم. اسرائيل بإثارته في هذه اللحظة، لديها الكثير من الاهداف احدها ربما العمل على تعديل مهمات القوات اليونيفيل. في رأيي هذا مستحيل.
* هل تفهمت اليونيفيل الموقف اللبناني من موضوع الانفاق ام تبنت وجهة النظر الاسرائيلية؟
– اخبرنا اليونيفيل ان هذه الانفاق قديمة وليست حديثة العهد. ابلغناهم ايضا اننا مستعدون للتعامل بطريقتنا معها اذا زودتنا اسرائيل احداثياتها، وهو ما عبّر عنه دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري علنا. لكن لم نتسلم شيئا الى الآن.
* هل ستقود هذه المواقف الى شن اسرائيل عدوانا على لبنان لتعديل قواعد الاشتباك المحددة في القرار 1701؟
– نستبعد وقوع الحرب. نحن لا نريدها لكننا مستعدون لها، واسرائيل تريدها لكنها غير مستعدة لها ولا قدرة لها على شنها. لذلك، استنادا الى هذا التحليل، نستبعد وقوع حرب.
* مضى العام السابع على الازمة السورية ونحن على وشك ان ندخل العام الثامن. ما الذي تغير في تداعيات هذه الحرب على لبنان؟
– كانت التداعيات الامنية منذ اندلاع الحرب السورية هي الاكبر والاخطر التي كنا نتحسب لها بشكل كبير، وقد اصاب لبنان من هذه التداعيات الكثير مما اصابه من عمليات ارهابية وسيارات مفخخة. ما تبقى منها هو التداعيات الناجمة عن ازمة النزوح لما لها من اعباء اقتصادية واجتماعية وامنية وهي التي نواجهها الان. تعلمون ان هناك حوالى مليون ونصف مليون سوري نازح، او اقل بقليل، يشكلون عبئا اقتصاديا واجتماعيا ضاغطا وكبيرا على لبنان، وخصوصا في ظل هذا الوضع الاقتصادي المتردي. لذلك فإن التداعيات الاساسية المتبقية هي التي تتصل بأزمة النزوح.
* بعد التحديات الإقتصادية والاجتماعية لهذه الازمة، هل تعتقد ان العبء الامني ما زال الاخطر بالنسبة الى المؤسسات الامنية والعسكرية؟
– اكيد. السبب ان اخطر ما في هذا الوجود او النزوح الضخم انه وجود فقير. وهو يمكن ان يؤسس لبيئة صالحة لنمو التطرف والاجرام في هذه التجمعات، تتدرج من التداعيات الارهابية والامنية والاغتيالات، التي تراجعت، الى الاجتماعية منها. ما نعيشه اليوم في معظمه يتصل بالسرقة والسلب والمشاكل الاجتماعية، وهو ما رفع من عدد الموقوفين في السجون اللبنانية.
* هذا يعني انه لم تعد هناك خلايا ارهابية تخرج من رحم النزوح؟
– لا استطيع ان اؤكد او انفي هذا الخطر. تراجع الى حدود كبيرة، ولكنه احتمال وموجود. نعمل كأنه ما زال ماثلا امامنا كخطر جدي، علما ان الامن الاستباقي الذي نجحنا في توفيره بالتعاون مع الجيش وباقي القوى الامنية وضع حدودا له وللكثير من هذه المخاطر.
* انطلقت في مطلع عام 2018 حملات ما يسمى العودة الطوعية للنازحين السوريين. اين اصبحت وهل حققت ما كان يؤمل منها؟
– استطيع ان اؤكد ان العدد تجاوز حتى اللحظة، منذ بداية العام 2018، مئة الف عائد ما بين عائد بشكل منظم او بشكل افرادي سواء من المسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين او من سواهم. تسهيلا لعمليات العودة انجزنا الكثير من التسهيلات في الداخل وعلى الحدود السورية ـ اللبنانية، واعفينا العائدين من الضرائب المترتبة عليهم، كما بالنسبة الى الملاحقة القانونية نتيجة فرض هذه الغرامات، وهو ما شجع حوالي 85000 على الاقل على العودة بمبادرات افرادية. الباقون، اي حوالى 15000، عادوا بشكل منظم بالتنسيق بيننا وبين السلطات السورية.
* هل توجد مخاوف من عودة هؤلاء المغادرين مجددا الى لبنان في ظل الاعفاءات التي تحدثت عنها؟
– كان هناك شرط تلازم والاعفاءات التي نالها العائد، كل منهم يعلم هذا الشرط جيدا. الذي يذهب من دون ان يدفع الغرامات او يعفى من الملاحقات القانونية سيخضع لتدبير صارم يمنع دخوله الى لبنان لفترة 5 سنوات.
* هل عبّر المجتمع الدولي عن تفهمه لمغزى العودة الطوعية، وانها ليست قسرية ولا تعتبر طردا، وما الذي تبلغته وانت على صلة دائمة مع جهات اقليمية ومنظمات دولية وسفراء؟
– جميع المسؤولين الغربيين والاجانب الذين التقيهم يطرحون علي هذا السؤال. سؤال مركزي اتولى الرد عليه بشرح الآلية التي اعتمدناها في المديرية، التزاما منا بجميع المواثيق والمعاهدات الدولية التي تراعي شؤون النازحين. فيخرجون متفهمين وراضين عن هذه الخطوة، خصوصا وانها تجري تحت عنوان العودة الطوعية وليس القسرية.
* تحدثت بثقة عن انحسار موجة الارهاب وتفكك العديد من الشبكات المنظمة. هل انتفى وجودها مع نهاية العام 2018؟
– اعود واكرر ان ليس هناك امن كامل في اي مكان في العالم في هذا الوقت من التاريخ. لكن نحن راضون 100 % عن مستوى الامن في لبنان. لا ندعي ان هذه الخلايا قد اختفت كليا، لكنني اجزم انها لم تعد بالفاعلية التي كانت عليها وهي تحت المراقبة الدائمة.
* هل ينطبق هذا الامر على الخلايا الاسرائيلية؟
– عندما نتكلم عن الارهاب، لا نفرق بين الارهاب التكفيري والارهاب الاسرائيلي الذي هو في اي حال الى انحسار كما باقي الخلايا.
* للمرة الاولى في تاريخ لبنان نظم الامن العام مؤتمرا عن الارهاب ما بين لبنان وافريقيا. ما هو الدافع الى هذه الخطوة وهل اثبتت جدواها لكي تتكرر مرة اخرى؟
– الدافع هو رد الجميل لهذه الدول التي احتضنت اللبنانيين منذ اكثر من 100 سنة الى ما يقارب 150 سنة. هذه الدول احتضنت اللبنانيين وفتحت لهم ابواب العمل والرزق. وهي دول نعتبرها معرضة لاهتزازات امنية بعد انحسار الارهاب في منطقتنا. فهي ستستعيد حتما العديد من المقاتلين الذين انكفأوا عن المنطقة. لذلك رأينا ان من واجباتنا ان نؤمن او نوفر لهم ما نختزل من خبرات وقدرات لحمايتها. وهذه لا نحتسبها منّة وليست خدمة، بل هي مجرد رد للجميل. الى ذلك نعلم انها تحتضن حوالي 400000 لبناني علينا توفير الحماية لهم ومصالحهم. هذا هو الهدف من المؤتمر. في المناسبة يمكن القول اننا راضون جدا عن النتائج التي تم التوصل اليها لمجرد اننا بتنا على تواصل دائم معهم كل دولة على حدة. ابلغناهم صراحة اننا مستعدون لتأمين التدريب واستضافة ضباطهم وعناصرهم لندربهم في لبنان ولنعطيهم عصارة خبرتنا، وما تراكم لدينا من تجارب لتكون في خدمة امن هذه الدول. وهو ما ادى الى ابداء استعداد الكثيرين منهم لتدريب عناصرهم في الامن العام اللبناني.
* كانت لك زيارة لافتة الى الجارة الجديدة موسكو هذا العام. فالى مَ رمت، وهل تناولت ملفي الارهاب والازمة السورية ام انها اقتصرت على ملف النازحين؟
– اكيد كانت لها علاقة بالتنسيق الامني اللبناني ـ الروسي وتحديدا حول مكافحة الارهاب، وتناولت المبادرة التي اطلقها الروس لاعادة النازحين السوريين الى بلادهم. كانت مناسبة اطلعت من مسؤوليها على التنسيق الامني ورؤيتهم الى كيفية العودة. ويا للأسف ثبت لي انه لا تزال هناك عوائق تقف في وجه هذه المبادرة. لكن ما يدعو الى التفاؤل ان الروس مصممون على ان تنجح بالتكامل مع المجتمع الدولي.
* هل لا تزال هناك مظلة دولية تحفظ امن واستقرار لبنان؟
– اكيد هناك مظلة تحفظ امن واستقرار لبنان. لكن يهمني ان الفت الى ان لا احد يحفظ استقرار لبنان الا اللبنانيون وتوافقهم على المستوى السياسي من جهة، ومن جهة اخرى مسؤولية الاجهزة الامنية التي قامت بعمل رائع وكبير في موضوع الامن الاستباقي. الذي يحفظ الامن اللبناني هم اللبنانيون وارادة اللبنانيين، يضاف اليهم حرص المجتمع الدولي على لبنان.
* بعدما وضع ملف الموقوف في فرنسا جورج عبدالله بين يديك، هل تتوقع النجاح بالافراج عنه؟
– جورج عبدالله مواطن لبناني محكوم في الدولة الفرنسية. وهو بلغ من العمر مرحلة متقدمة وبات لزاما ان يعود الى لبنان مهما كانت ظروف توقيفه. فخامة الرئيس مشكورا بادر الى اطلاق هذه الفكرة، ونحن نعمل اذا استطعنا على ان نترجمها ونحولها الى امر واقع.
* ما هي الخطة الاجرائية؟
– لدينا برنامج محدد وخطة تحرك واضحة وقد بدأنا تنفيذها. من واجبي ان اتحفظ في هذه المرحلة. لنا شركاء في العملية، وقد لا تكون لديهم رغبة في الكشف عنهما.