جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / تفاؤل بحري يسبق عودة ساترفيلد.. والموازنة أسيرة طروحات جديدة
الحكومة

تفاؤل بحري يسبق عودة ساترفيلد.. والموازنة أسيرة طروحات جديدة

غداً الاحد، هو الموعد الجديد الذي حددته الحكومة لإنهاء مشوار درس الموازنة في مجلس الوزراء قبل إحالته الى مجلس النواب. لكنّ هذا الموعد يبقى نظرياً، إن استمر النقاش بالطريقة المتّبعة منذ بداية المشوار حول أرقام الموازنة والابواب التي يمكن الولوج منها لتخفيض العجز، والذي أبرز بعد اكثر من 13 جلسة، شهيّة مفاجئة من بعض الاطراف لتمديد فترة النقاش اكثر وتقديم طروحات جديدة لزيادة الواردات، قد يطيح بهذا الموعد ويرحّله الى الاسبوع المقبل. في وقت بَدا لبنان معلّقاً على حبل طويل من الاعتراضات والتحركات التصعيدية وصولاً الى الاضراب المفتوح، في حال طالت التخفيضات رواتب ومستحقات فئات الموظفين على اختلافها.
أمام الانهماك في الموازنة ومحاولة استيلادها المستعصية، يترقّب لبنان ما سيحمله مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد ساترفيلد من اسرائيل التي انتقل اليها أمس من بيروت، حاملاً معه الموقف اللبناني الراغب في إنهاء ملف الحدود البحرية بما يؤكّد حدوده الكاملة، وسيادته الكاملة وغير المنقوصة في البر والبحر على السواء.

وعلمت «الجمهورية» انّ ساترفيلد سيعود الى بيروت نهاية الاسبوع الجاري، على ان يجري لقاءات مع الرؤساء الثلاثة الاثنين المقبل، وقد تحدّد له موعد في هذا الاطار مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وقالت مصادر معنية بملف الحدود البحرية لـ«الجمهورية»: انّ الاجواء المحيطة بحركة ساترفيلد إيجابية أكثر من اي وقت مضى، فاللهجة الاميركية مغايرة للسابق، وثمة رغبة أكيدة وواضحة عَكسها ساترفيلد للمسؤولين اللبنانيين بإنهاء هذا الملف في أقرب وقت ممكن، عبر اتفاق يرضي الطرفين اللبناني والاسرائيلي. وكان لافتاً للانتباه الليونة التي أبداها ساترفيلد حيال الموقف اللبناني، وإعلانه موقف واشنطن التي ترغب في ان يشكّل هذا الاتفاق، إذا حصل في وقت سريع، فرصة ثمينة للبنان في بدء الاستفادة من ثروته النفطية والغازية في البحر على الحدود الجنوبية.

وبحسب المصادر، فإنّ ساترفيلد عكسَ للمسؤولين اللبنانيين، بأنه يتوقع أن يأتي بمواقف إيجابية من الجانب الاسرائيلي، الّا انّ هذا الامر يبقى بلا اي معنى في انتظار ما سيعود به المسؤول الاميركي من اسرائيل.

وأقرّ مسؤول كبير بأنّ الاجواء تبعث على التفاؤل، إنما لا يجوز الافراط فيه، وقال لـ«الجمهورية»: لقد سمعنا كلاماً ايجابياً مباشراً من المسؤول الاميركي، وأبلغنا انه سيقوم بدور الوسيط النزيه، وهذا الموقف يناقض ما جاء به ساترفيلد في الفترات السابقة حيث كان موقفه ينطق باللسان الاسرائيلي، امّا اليوم فبَدا لنا انّ الأمر مختلف، وعلى اي حال، وعدنا بإيجابيات من اسرائيل ونحن ننتظر، ونتمنى ان يصدق، مع انني شخصياً أشكّ في ان تبادر اسرائيل الى تقديم ايجابيات، وعندما يعود سنستمع الى ما لديه، وفي ضوء ما يعرضه علينا نبني على الشيء مقتضاه.

وعن سبب انتقال الموقف الاميركي من متناغم مع الموقف الاسرائيلي، الى موقع «الوسيط النزيه»، قال المسؤول الكبير: هناك انتقال صحيح، ولكنه حتى الآن مجرّد كلام، والحكم عليه يكون في خواتيم الامور، والكلام عن السعي «النزيه» سبق ان أطلقه وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو خلال زيارته الاخيرة الى لبنان.

أضاف، لكنني من جهة ثانية اعتقد انه قد يكون هناك سبب جوهري يدفع الاميركيين الى هذه الليونة في الملف البحري، وهو انّ العديد من الشركات ستبدأ العمل في التنقيب قريباً، ومعلوم هنا انّ لبنان وقّع العام الماضي عقوداً مع 3 شركات هي: «توتال» الفرنسية و«ايني» الايطالية و«نوفاتيك» الروسية للتنقيب عن النفط والغاز، وقد اقترب موعد البدء بعمليات التنقيب. ومن هنا لا أستبعد ابداً ان يكون وراء هذه الليونة هدف آخر، وهو فتح الباب امام شركات اميركية للدخول على خط الاستثمار البحري في النفط والغاز.

وعمّا اذا كان تبدّل ما قد طرأ على الموقف اللبناني، قال المسؤول الكبير: لا يوجد اي تغيير بالموقف اللبناني، وهو ما عبّر عنه الرؤساء الثلاثة قبل ايام للسفيرة الاميركية قبل وصول ساترفيلد، ومفاده انّ لبنان يؤكد على تمسّكه الثابت بسيادته على برّه وبحره وجوّه، وانه مع الترسيم بما يؤكد هذا الحق، وبالتلازم والتزامن بين البر والبحر.

من جهة ثانية، خضع مشروع الموازنة لنقاش مطوّل في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في السراي الحكومي أمس، من دون أن ينتهي الى التوافق حول نقاط البحث. ولخّصت مصادر وزارية اجواء الجلسة بقولها: «كأننا امام سوق عكاظ، افكار جديدة تصادم افكاراً قديمة، وطروحات جرى بتّها ثم يعاد طرحها، وطروحات فضفاضة يتطلب نقاشها جلسات مفتوحة وطويلة لمجلس الوزراء. ليس مفهوماً ما معنى هذه المماطلة؟ هل هي مقصودة ام انها طبيعية؟ لا نعرف. ما نعرفه انّ مشروع الموازنة موجود امام الجميع، والمفارقة انّ هناك من يعمل على «تمغيط» النقاش. واذا بقينا على هذا الوضع، لا اعتقد انّ الموازنة ستبصر النور في وقت قريب.

حتى انّ بعض الطروحات التي عرضت امس، اقترحت فرض رسوم بعض الامور والقطاعات غير المُدرجة في مشروع الموازنة. وهو أمر عبّر مسؤول كبير عن امتعاضه من طرحه، وقال لـ«الجمهورية» انّ مثل هذه الطروحات غير بريئة، ونحن أكثر المستعجلين على إقرار الموازنة، ولكنهم ان اختاروا هذا المنحى، واستهداف بعض القطاعات العاملة والمُنتجة، فهذا أمر يبعث على الريبة، ويدفعنا نحن الى تحذيرهم بأنكم ان استمررتم بهذا المنحى، فهذا يعني انكم لا تريدون موازنة، ونحن في هذه الحالة «لن تفرق معنا، ونقول لكم: «ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا».

وكشفت مصادر وزارية انّ وزير المال علي حسن خليل أعرب عن استيائه داخل الجلسة من المماطلة في إقرار الموازنة، وانه عرض أرقامها النهائية، وسلّم مجلس الوزراء الصيغة النهائية لتوزيعها على الوزراء مجدّداً. كما بحث مجلس الوزراء في مقترحات الوزير باسيل والتي تبيّن انها كانت مدار بحث بشكل متفرّق في جلسات سابقة، وقال احد الوزراء لـ«الجمهورية»: نتلهّى بمناقشات وتفرض علينا طروحات لا نعرف الغاية منها ولا الى أين ستصل.
وقال باسيل لـ«الجمهورية»: هي المرة الاولى التي يحصل فيها مثل هذا النقاش في الموازنة والاقتصاد والإصلاح، ويظهر معنا كم هو عمق المشكلة في البلاد. هناك أمور أنا لا أدّعي البطولة فيها، ولكن يجب ان تؤخَذ بعين الاعتبار. أقول بكل موضوعية انّ النقاش إيجابي، والكل يتلقّف الافكار المطروحة بإيجابية.

وأضاف: لا أحد في مجلس الوزراء يتعاطى مع الأمور وكأّن ما كتب قد كتب. هناك قرارات كبيرة تأخذها الحكومة. وزير المال أتى اليوم بموازنة جديدة نتيجة النقاش، وهذا برهان على انّ ذلك حصل نتيجة النقاشات.

الجمهورية