جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / تنظيف ملفّات العملاء.. الفاخوري أوّل الواصلين… ماذا عن المُهمة؟
14-09-19-1-04

تنظيف ملفّات العملاء.. الفاخوري أوّل الواصلين… ماذا عن المُهمة؟

شغلت عودة أحد كبار العملاء مع العدو الإسرائيلي عامر إلياس الفاخوري (56 عاماً)، مُختلف الأوساط اللبنانية الرسمية والسياسية والقضائية والأمنية والعسكرية والحقوقية والجمعيات والهيئات الناشطة في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عمَّنْ كانوا ضحاياه خلال تولّيه مسؤولية «كتيبة عملاء ميليشيا العميل أنطوان لحد»، وأحد مسؤولي «مُعتقل الخيام»، إلى جانب رئيس جهاز الأمن والتحقيق العميل جان الحمصي «أبو نبيل»، اللذين كانا يتبعان مُباشرة للاستخبارات الإسرائيلية.

الاهتمام بهذه القضية فتح الباب على مصراعيه ليطرح جُملة من الملفّات المُتعلّقة به، والجرائم التي اقترفها قتلاً وتنكيلاً وتعذيباً وخطفاً واعتقالاَ واغتصاباً، خلال تولّيه مسؤولياته في الميليشيا العميلة.

وقد طُرِحَتْ تساؤلات حول:

– كيف جرى سحب مُذكّرات التوقيف بخلاصات قضائية لأحكام غيابية صادرة بحقه؟

– كيف سُحِبت البرقية رقم 303، التي تصدر عن الجيش بوضع مَنْ يرتبط اسمه بملفات التعامل أو الإرهاب ضمنها، ويبقى قيد المُتابعة؟

– ماذا عن هذه العودة في ظل الحديث عن إعادة طرح تسوية ملف العملاء اللبنانيين، الذين كانوا يتعاملون مع الاحتلال الإسرائيلي، قبل أنْ يفرّوا معه إلى داخل الأراضي الفلسطينية المُحتلّة بعد اندحاره عن جنوب لبنان في 25 أيار 2000، وهو ما يفتح المجال أيضاً للحديث عن «قانون العفو العام»، الذي يتم الترويج لمَنْ ستتم استفادته من مفاعيله؟

– مَنْ أقدم على مساعدة العميل عامر الفاخوري بتنظيف الملفّات، التي يُمكن أنْ تُتيح له الدخول إلى لبنان من دون من أي توقيف؟

– ما هي علاقة الضابط برتبة عميد ركن، الذي كان في انتظاره في المطار بزيّه العسكري، دون تكليف أو إبلاغ مرؤوسيه، ورافقه إلى مكتب الأمن العام في المطار؟

– وماذا عن الدور والمهام المُوكلة إليه، وهو يمتلك باعاً طويلاً وخبرة أمنية منذ التحاقه بالميليشيا العميلة والعدو الإسرائيلي، ويحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية، وظهر في صور شخصية تنمُّ عن مدى علاقته الودية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟!

فقد جرى توقيف العميل الفاخوري من قِبل الأمن العام اللبناني، بعد أيام من سحب جواز سفره لدى وصوله إلى «مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري الدولي»، الذي ما كان ليتم إلا بناء لتعليمات المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

على أنّ الأخطر هو الحديث عن تسوية أوضاع العملاء مع العدو الإسرائيلي، الذي لم يقتصر على المواقف السياسية، بانتظار «قانون العفو العام»، وتحديد مَنْ يتم شموله من عدمه، بل تمَّ «تبييض» صفحات دفعة أولى من عملاء العدو، وجرى ذلك وفق توجيهات رسمية عُليا، بمنح هذه «المكرمة» لمَنْ ارتكب جريمة خيانة وطنه والتنكيل والقتل واعتقال أهله.

لائحة «تبييض» أسماء عملاء

وحصلت «اللـواء» على لائحة «التبييض»، التي شملت شطب 50 إسماً، وصدرت بتاريخ 10 نيسان/إبريل 2017، يوم كان يتولّى مديرية المخابرات العميد الركن كميل ضاهر، لسحب بلاغ الاستقصاء رقم 303، والمعروف بشموله أسماءً بالتعامل والإرهاب.

وأبرز العملاء الذين جرى شطب أسمائهم يبدأ بـ:

– يوسف المرجي، من ديرميماس، مواليد 1965، والدته مليحة الغندور.

– شقيقه جورج المرجي، من ديرميماس، مواليد 1973 والدته مليحة الغندور.

– فادي حبيب الغفري، من علما الشعب، مواليد 1966.

– محمد عمر نبعة، من شبعا، مواليد 1969، والدته مرة.

– وسام هاني بدر، من فرديس، مواليد 1978، والدته نبيهة.

– عدنان فارس سليمان، من فرديس، مواليد 1964، والدته كاملة.

وتنتهي اللائحة بإسم، نجلاء الشحرور من التابعية السورية، مواليد 1969.

العديد ممَّنْ شملتهم نعمة تسوية أوضاعهم، هم من مناطق وطوائف مُتعدّدة، جمعتهم خيانة الوطن ومُساعدة العدو على فوز قوّاته ضد لبنان.

وتبرز التساؤلات: مَنْ هي الجهة السياسية العليا، التي أوعزت بتنظيف ملفات الدفعة الأولى من العملاء، وصولاً إلى مَنْ تولّى هذه المهمة، وكيف يتم تجاوز ما هو مُتّبع من خلال تكليف الجهات الأمنية التقصّي عن حقيقة ملفّاتهم، وإذا ما كانوا قد ارتكبوا جرائم ونوعيتها، وصولاً إلى تنظيم استمارات أمنية لهم، وليس شطب كل ما يتعلّق بملفاتهم!

الوصول والتوقيف!

بعد وصول العميل فاخوري إلى المطار وتقديم جواز سفره، ولدى إدخال المُفتّش في الأمن العام المعلومات، تبيّن لديه أنّ حامل جواز السفر الأميركي، محكوم بتهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي، لكن لا يُمكن توقيفه، لأنّ خُلاصات الأحكام الصادرة عن «المحكمة العسكرية»، وأيضاً الصادرة عن النيابة العامة الاستئنافية في النبطية بتهمة الاغتصاب، وكذلك ما يتعلّق بالتدبير رقم 303، كلّها جرى سحبها!

أمام ذلك، وبعد مُخاطبة الضابط في الأمن العام اللواء إبراهيم، أمر بسحب جواز السفر الأميركي الذي يحمله الفاخوري، على أنْ يُراجع دائرة التحقيق في الأمن العام.

كان بانتظار الفاخوري العميد الركن في الجيش اللبناني (إلياس.ي)، مُرتدياً زيّه العسكري، وهو يتولّى مسؤولية أمنية، لكن تواجده لم يكن بأي تكليف رسمي، بل لصلة القُربى بين والدتيهما، حيث رافقه إلى مركز الأمن العام في المطار.

من المطار غادر الفاخوري مُتوجّهاً إلى «فندق فينيسيا» على واجهة بيروت البحرية، حيث مكث هناك، على أنْ يتوجّه إلى الأمن العام في أوّل يوم عمل بعد عطلة عاشوراء، صباح يوم الأربعاء، لكن أُبلِغ بضرورة العودة صباح أمس الأوّل (الخميس)، حيث بُوشِر التحقيق معه، ووضع المُحقّقون مفوّض الحكومة لدى «المحكمة العسكرية» القاضي بيتر جرمانوس بمضمون التحقيق، فأصدر إشارة بتوقيفه، فواصل المُحقّقون في الأمن العام التحقيق معه.

واجه المُحقّقون في الأمن العام العميل الفاخوري بوثائق تُثبِت تعامله مع العدو الإسرائيلي، وإقدامه على اعتقال عدد من الجنوبيين، والعمل على تجنيد عملاء في المناطق، التي كانت خارج المنطقة الحدودية المُحتلّة، فضلاً عن الجرائم التي ارتكبها بحق المُعتقلين في «الخيام»، قبل انتقاله إلى جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان»، والذي سبق فراره إلى داخل الأراضي الفلسطينية المُحتلّة بعد تحرير الجنوب، حيث استمرَّ بالعمل لصالح العدو وتجنيد العملاء.

حاول الفاخوري إنكار العديد من التُهم، مُدّعياً بأنّه غادر إلى الولايات المُتحدة الأميركية، وحصل على الجنسية الأميركية، لكن أمام الأدلة والوثائق، التي تمّت مُواجهته بها من قِبل الأمن العام، اعترف بتعامله مع العدو الإسرائيلي والعمل لصالحه، وحصوله على هوية وجواز سفر إسرائيليين، غادر بموجبه الأراضي الفلسطينية المُحتلة.

كما تمَّ التحقيق مع العميد الركن «إلياس.ي»، الذي رافقه في المطار، وجرى توقيفه.

وبناء لإشارة القاضي جرمانوس، أُحيل الموقوف الفاخوري إلى النيابة العسكرية، حيث ادّعى عليه القاضي جرمانوس، بموجب ورقة طلب تضمّنت مُلاحقته بجرم الانضواء في صفوف العدو، والحصول على جنسيته والتسبُّب بقتل لبنانيين، وأحاله إلى قاضي التحقيق العسكري المناوب نجاة أبو شقرا.

الأمن العام

وصدر عن المديرية العامة للأمن العام، البيان الآتي: «في إطار متابعتها لعملاء العدو الإسرائيلي وتعقبهم، أوقفت المديرية العامة للأمن العام آمر معتقل الخيام سابقاً اللبناني عامر الفاخوري. نتيجة التحقيق معه اعترف بتعامله مع العدو الإسرائيلي والعمل لصالحه، وأنه استحصل بعد فراره عام 2000 إلى داخل فلسطين المُحتلة على هوية إسرائيلية وجواز سفر إسرائيلي غادر بموجبه الأراضي الفلسطينية المحتلة.

بعد انتهاء التحقيق معه أُحيل إلى النيابة العامة العسكرية، استناداً إلى إشارة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس».

انطلاقاً من حيازة الفاخوري على الجنسية الأميركية، دخلت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان على الخط، مُطالِبةً بالإفراج عنه، ومن ثم مُقابلة الموقوف لتقديم المُساعدة له، مع تسريب معلومات بالمُطالبة بتسلّمه لأنّه يحمل الجنسية الأميركية، ولا توجد أي أحكام قضائية بحقه.

ملف دقيق وحسّاس وشائك، خاصّة في ظل تنصّل العديد ممَّنْ ساعد الفاخوري، وعمل على تنظيف سجلات العديد من العملاء، بالتزامن مع ضغط شعبي واسع، وتكوين عدد من المُتضرّرين الشخصيين لأفعاله الجرمية ملفّات سيتولّى عدد من المُحامين التقدّم بها إلى القضاء المُختص.

وتقدّم 34 محامياً و10 أسرى مُحرّرين من النيابة العامة التمييزية بإخبار ضد العميل عامر الفاخوري، وكل مَنْ يُظهِره التحقيق مُشارِكاً ومُتورّطاً بجرم التعامل مع العدو الإسرائيلي وتسهيل دخوله إلى لبنان، وهو عميل محكوم.

طرح تسوية ملف العملاء!

هذا، وكان ملف عملاء «ميليشيا لحد» قد طُرِحَ مرّات عدّة، منذ أنْ تقدّم به رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» النائب العماد ميشال عون (قبل انتخابه رئيساً للجمهورية) لمُعالجة أوضاع العائلات اللبنانية داخل الأراضي الفلسطينية المُحتلّة، وغالبيتهم من عناصر «ميليشيا العميل أنطوان لحد»، تحت عنوان: «اللاجئون اللبنانيون إلى إسرائيل».

يبلغ عدد الذين فرّوا إلى داخل الأراضي الفلسطينية المُحتلّة إثر اندحار الاحتلال في العام 2000، حوالى 7500 شخص، يتوزّعون وفق الآتي: 45% مسيحيين، 40% شيعة، 10% دروز وأقل من 5% سُنّة.

وقد غادر كُثُر إلى دول أجنبية مثل: الولايات المُتحدة الأميركية، كندا، استراليا، ألمانيا، بلجيكا والسويد.

وبقي حتى اليوم حوالى 2000 شخص داخل الأراضي الفلسطينية المُحتلّة، الغالبية الكبرى منهم مسيحيون تصل إلى 85%، بينهم 90% من الطائفة المارونية، يتوزّعون على بلدات: جزين، مرجعيون، رميش، عين إبل، دبل والقليعة.

وعدد من العملاء نال مبالغ مالية من الاحتلال بين 30-40 ألف دولار أميركي تعويضاً عن سنوات تعاملهم مع الاحتلال وخيانة الوطن.

والعائدون الذين فاق عددهم 5 آلاف شخص كانوا في غالبيتهم من النساء والأطفال، الذين يتسلّمهم «الصليب الأحمر الدولي»، يصلون عبر معبر الناقورة، ويتوجّهون مُباشرة إلى منازلهم، بينما توقف الأجهزة الأمنية اللبنانية الرجال، وتحوّلهم إلى القضاء العسكري، الذي أصدر أحكاماً بحقهم، اعتبرت مُخفّضة.

كثير من العملاء استفاد من الأحكام التخفيفية لمَنْ سلّم نفسه إلى القضاء بعد التحرير، أو مَنْ اقتنع بالعودة من داخل الأراضي الفلسطينية المُحتلّة، وعدد كبير من هؤلاء عاد إلى مزاولة نشاطه التعاملي غير متعظ ممّا اقترفت يداه سابقاً، وآخرون لم يلتزموا بفترة إبعادهم عن بلدتهم الأصلية، وفق ما تضمّن الحكم بحقهم، فحصلت إشكالات مع مُواطنين كانوا ضحايا لهم، اعتقالاً أو دس الدسائس ضدّهم لدى الاستخبارات الإسرائيلية، بهدف الابتزاز أو الترهيب.

تُطرَح قضية عودة الفارّين بشكل جدي مع مُحاولات لإنهاء ملفاتهم، لكن هناك جملة من المُعطيات التي يجب أخذها بالحسبان، وفي مُقدّمها:

– مُطالبة الفارّين بإلغاء الأحكام لتعاملهم!

– كيف سيتم تأمين سُبُل عيشهم؟

– ماذا عن الدراسة، وكيف يُمكن لأي طالب العودة بعد غياب 19 عاماً، وماذا سيكون موقف وزارة التربية والتعليم العالي بشأن دخول الطلاب إلى المدارس في لبنان، أو لجهة مُعادلة الشهادات، فضلاً عن أنّ غالبية الأطفال لا يُتقنون اللغة العربية، لأنّ المدارس في الكيان الإسرائيلي تعتمد اللغة العبرية؟

– إبداء نساء لبنانيات الخشية من العودة حتى لا تتم محاكمة أزواجهن، وهناك مَنْ سترفض إذا ما طُلِبَ إجراء فحوصات الحمض النووي لأطفالها!

وإذا كانت فترة الحكم الغيابي للعميل الفاخوري قد بلغت 15 عاماً على الجرائم التي ارتكبها بخيانة وطنه وقتل واعتقال المُواطنين، وسقطت بمرور الزمن، فهناك مَنْ هم موقوفون منذ أكثر من 10 سنوات، ولم تنتهِ مُحاكمات الملفات الموقوفين على ذمّتها، على الرغم من أنّ الأحكام التي يُمكن أنْ تصدر أقل من فترة التوقيف، وفي طليعة هؤلاء عدد كبير من «الموقوفين الإسلاميين».

ضروري ألا يتم التساهل مع مَنْ يرتكب الجرائم، وألا يشمل «قانون العفو» مَنْ اقترف أعمالاً جُرمية، بالتعامل مع العدو الإسرائيلي أو الإرهاب!!