جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / ثقة جامعة بالجيش… ودعوات للمحاسبة الحقيقية قبل زعزعة الثقة
مجلس النواب

ثقة جامعة بالجيش… ودعوات للمحاسبة الحقيقية قبل زعزعة الثقة

طغَت أجواء معركة «فجر الجرود» على جلسة مناقشة الحكومة أمس، فأجمعَ النواب على الإشادة بـ»تضحيات الجيش والعملية التي يخوضها في جرود رأس بعلبك والقاع ضد الإرهاب». ولعلّ أبرز الكلمات كانت للنائب نوّار الساحلي الذي امتنعَ عن إلقاء كلمتِه إجلالاً وإكراماً للجيش اللبناني الرابض في الجرود، معتبراً أنّ الكلمة الوحيدة تبقى له اليوم.
أجواء جلسة مناقشة الحكومة التي ترَأسها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، كانت هادئة نسبةً الى الجلسات السابقة، فيما بدا رئيس الحكومة سعد الحريري، وبعكس الجلسات الماضية، ملتزماً الهدوءَ والصمت، لكنّه كان متجّهمَ الوجه غالبية الأوقات، وحين توجّه الى المنصّة لافتتاح جلسة المساءلة اعتبَر أنّ «الإنجاز الذي يكتبه الجيش اللبناني بدماء ابطالِه هو أغلى الإنجازات علينا جميعاً، وهو العنوان الاكبر لقرار الدولة اللبنانية والحكومة الحاليّة بالتصدّي للتنظيمات الارهابية»، متوجّهاً بالتحية الى الجيش قيادةً وضبّاطاً وجنوداً، ومنحنياً أمام استشهاد ابطاله وأمام تضحيات اهالي العسكريين المخطوفين. ونوَّه بتعاون الاجهزةِ الامنية وفرعِ المعلومات التي احبَطت مخططاً ارهابياً استهدفَ طائرةً مدنية عربية، معتبراً أنّها نقطة بيضاء تُضاف الى سجلّ الاجهزة المسؤولة عن حماية لبنان.

وأشار الى «تحقيق 16 إنجازاً، أبرزُها قانون الانتخاب وقانون الموازنة للعام 2017، وتفعيل العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، والعمل على إجراء الانتخابات النيابية وتوفير الأجواء الآمنة والديموقراطية لها».

ورغم دعمِ جميعِ النواب لبطولات الجيش في الجرود، لكنّهم ارتأوا مساءلة الحكومة على قاعدة أنّ الشعوب رغم حروبِها فهي تقرّ القوانين، بحسب النائب وائل ابو فاعور الذي قال لـ«الجمهورية»: «لا شيء يَمنع مساءلة الحكومة رغم الحروب التي يخوضها الجيش»، مستنداً إلى روايات التاريخ، «فحين كان الطيران يقصف لندن كان مجلس العموم البريطاني يقرّ قانون الضمان الاجتماعي. هكذا تتصرّف الشعوب الحيّة، وهذا الأمرلا يعرقل عملَ الجيش أو يخفّف من الدعم الشعبي له والالتفاف حوله في المعركة».

وأكّد «أنّنا، وكما جميع اللبنانيين، داعمون الجيشَ ونقف خَلفه لأننا نثق فيه، ولم نتصوّر يوماً أنّ حماية الاستقرار والأمن الداخلي ضد المجموعات الإرهابية إلّا وكان للجيش اللبناني موقعُ ثقةٍ لدرئها»، لافتاً إلى أنّ «اللقاء الديموقراطي» جزء من الحكومة، ومساءلتُنا ستكون تساؤلَ العارف للحضّ على مزيد من الإنتاجية ولمقاربة بعض الملفات»، معتبراً أن «محاسبة الحكام والرؤساء في بلادنا صعبة».

مداخَلات النواب لم تُقصّر في انتقاد أداء الحكومة، وخصوصاً النائب حسن فضل الله والنائب سامي الجميّل الذي لوحِظ انسحابُ الرئيس سعد الحريري من القاعة أثناء توجّهِه لإلقاء كلمته.

فضل الله انتقَد الحكومة مصوِّباً سهامَه نحو الاتّصالات وسوليدير خصوصاً، ليبدو الامتعاض على وجه الحريري. لكن حين استوضَحت «الجمهورية» فضل الله، أوضَح أنّ مداخلته بعيدة عن السياسة، والهدفُ منها التصويب على أداء الحكومة للتصحيح من خلال المناقشات، والمهمّ أن تسمع الحكومة وتقرّر أن تصلح لأنّنا جزء منها ونريدها ان تستمر وتنجح».

ولفتَ إلى «أنّنا في ملف الاتصالات وفّرنا 150 مليار في لجنة المال والموازنة بناءً على المناقشات التي دارت، حتى الطاقة المتجدّدة أوقِفت في انتظار أن نناقش مبلغ الستة مليارات.

وكذلك الخدمات الاستهلاكية في الموازنة خُفّضت بحدود 20 إلى 25 في المئة»، مضيفاً «أنّنا استطعنا في موضوع الضرائب خفضَ عدةِ أمور، وملفّ الاتصالات هو جزء منها، وقد أحلناه الى القضاء.

ونحن اليوم نمارس دورَنا كنواب بواقعية حتى ولو كنّا ضمن الحكومة، وإذا استمرّ هذا الأداء سنستمر في المساءلة والمحاسبة ضمن الأطر القانونية والدستورية».

وعن محاسبةِ الرؤساء والحكّام التي تحدّثَ عنها في كلمته، أكّد أنّه «لا يجب أن نيأسَ من قدرتنا على المحاسبة الكاملة حتى للحكّام، من أجل تكريسِ منطق المحاسبة لكلّ مرتكب أو مخالف للقانون، لكنّنا في الوقت نفسه نعلم انّ البلد قائم على توازنات وتركيبات معيّنة تمنع المحاسبة، وهذا يؤدي الى خللٍ كبير على مستوى الدولة، وهذا هو الأمر الذي يعيق نهوضَها».

ولدى سؤالنا عن تجنّبِهم إثارةَ ملفاتِ فسادٍ تُطاول فرقاءَ آخرين داخل الحكومة، شدَّد على «أننا جاهزون لفتحِ أيّ ملفاتِ مساءلة أخرى. كنّا قد فتحنا سابقاً ملفّ المشاعات – الإيجارات والأملاك العامة والمسح العقاري – وزارة التربية – الواجهات البحرية، وأيّ ملفّ فساد تكون لدينا مستندات منه ليس لدينا أيّ حرَجٍ في عرضه وفقَ الآليات القانونية».

وكان فضل الله قد كشفَ في كلمته عن ديون للدولة بلغَت مليارات، خصَّ منها وزارة الاتّصالات بـ 700 مليار ليرة، وديون الوزراء والمؤسسات الذين يَستخدمون الاتصالات لمصالح شخصية، و450 مليار ديون على خطوط متوقّفة»، متمنّياً إنجازَ المحاسبة الحقيقية في ملفّ الفساد.

وتابع: «في موضوع شبكات الخلوي، أوصَينا الحكومة أنّ كلّ الإنفاق من مال الدولة، فالأبراج العشوائية تدفع الدولة إيجاراتها نحو 30 مليون دولار، ونحو 5 مليارات دولار إيجار مكاتب».

ولفتَ إلى أنّ «الحكومة تقدّم هبةً لجمعية في السنة 6 مليارات ليرة، أي ما يقدَّر بـ 60 مليار ليرة خلال 10 سنوات، ونحن كنوّاب لا نعرف ما هي هذه الجمعية»، مؤكّداً أنّ «كلّ تلزيم لا يتمّ بمناقصة شفّافة هو تلزيم مشبوه».

النائب سامي الجميّل ذكّرَ «كلَّ من شكّكَ في قدرة الجيش بالدفاع عن لبنان، أنّ الجيش يدافع عن كلّ الوطن ويُرينا إمكاناته وقدراته وتدريبَه ومهنية ضبّاطِه، وبعد هذه المرحلة وكلّ المراحل التي سبقت يجب أن نتأكّد من أنّ الجيش قادر على حماية كلّ اللبنانيين، ويجب ان نثق به ليكون وحده حاميَ الشعب والمدافعَ عن الحدود».

وأضاف: «ذهب وزراء لبنانيون إلى سوريا وقالوا إنّهم يمثّلون وزاراتهم بهذه الزيارة، أي إنهم يمثلون الدولة، لكن صَدر موقف عن الحكومة مفاده انّهم يمثّلون أنفسهم. لذلك اطلب ان تتواصل الحكومة 1 مع الحكومة 2 لكي نعرف الجواب ولأخذِ العِلم».

أمّا أبرز تعليقات الرئيس بري فكانت رفضَه القاطع طلبَ النائب علي فيّاض بإعادة درس قانون سلسلة الرتب والرواتب من اللجنة المعنية، معلقاً أنّ السلسلة أصبحت أمراً واقعاً وقانوناً ناجزاً.

كما كان حازماً في تعليقه على اعتراض المدارس الخاصة بالقول: «دلّوني أيّ مدرسة خاصة في لبنان لم تَزد أقساطَها منذ خمس سنوات حتى اليوم، حتى أوقفَ الضرائب عنها!».

الرئيس نجيب ميقاتي تطرق في كلمته الى قانون الانتخابات النيابية الذي قرأ فيه بعض الشوائب في عملية إحتساب الاصوات عموماً ولا سيما أصوات الفائزين، راجياً توضيح هذا الأمر من الحكومة أو إعداد مشروع قانون أو اقتراح قانون للبحث في هذا الموضوع بطريقة هادئة وتوضيح كيفية احتساب الاصوات من دون المسّ بجوهر قانون الانتخاب.

وفي موضوع قانون سلسلة الرتب والرواتب، لفت إلى وجود غبن كبير لحق بالسلك العسكري وبالأجهزة الأمنية، بالتزامن مع العمليات البطولية الباسلة التي يقوم بها الجيش والتضحيات التي يقدمها من دمائه وأرواحه من اجل الوطن، لذلك ينبغي النظر ايضاً الى هذا الموضوع بطريقة هادئة جداً.

النائب عماد الحوت اعترَض على المشهد المتكرّر لاستدراج البواخر، معتبراً أنّ التاريخ يعيد نفسَه من دون العودة إلى الهيئة العامة لإدارة المناقصات.

ولاحظ أنّ عدة شركات قدّمت عقودا أقلّ كلفةً من العرض المقبول، داعياً المدير العام للمناقصات إلى تحكيم ضميره وعدمِ الإنجرار خوفاً من التعامل معه كما حصَل مع رئيس مجلس شورى الدولة.

النائب علي عمّار اعتَمد لغة النعيِ، فنعى الكهرباءَ والمياه وفُرَص العمل، لكنّه في المقابل ومِن باب الإنصاف والوفاء، وجَّه تحيّة إلى الجيش اللبناني وتحيّة خاصة الى من اتّخَذ القرار السياسي في هذه المهمّة العسكرية على المستوى الحكومي وعلى مستوى مجلس الدفاع، لأنه كان قراراً شجاعاً واستراتيجياً وكسَر مقولة إنّ غياب القرار السياسي هو الحائل دون قيامِ الجيش بواجباته.

أمّا الملفت فكانت كلمة النائب أنطوان زهرا الذي رأى أنّ «الثقة معدومة بالحكومة»، ودعا إلى «عملية تصحيح فعلية سريعة وشفّافة، لأنّ الناس تحتاج إلى تصديق أنّنا عندما نذهب إلى مناقصات نذهب في اتّجاه مناقصات شفّافة»، معتبراً «أنّ كلّ ما يجري مشبوه، ورفعُ الشبهةِ في السياسة مسؤولية المشبوه وليس من ادَّعى».

وبعدما تحدّث 16 نائباً في الجلسة الصباحية، استُكملت عند السادسة مساءً وتحدّثَ كلّ من النوّاب بطرس حرب وعلي بزّي وعباس هاشم ومحمد الحجار وألان عون ونقولا فتوش ونوّاف الموسوي وغسان مخيبر، ثم ردّ الحريري على المداخلات فشدَّد على أنّ «ما يحصل في الجرود هو أكبر ثقة بدور الحكومة والدولة والجيش».

ولفتَ إلى «أنّنا لم نستطع حتى اليوم الذهابَ إلى عقدٍ جديد مع الشركات الخلوية»، ملاحظاً «أنّنا نُجدّد مرّةً تلوَ الأخرى حتى الوصول إلى دفتر شروط لتدخلَ كلّ الشركات في مناقصة حقيقية لنزيدَ مدخول الدولة من قطاع الاتّصالات».

وأعلنَ أنّ «الحكومة في صَدد تجميعِ عددٍ من المباني الحكومية في بيروت، ما يؤدّي إلى خفضِ الإيجارات الرسمية»، مشيراً إلى أنّ «الوجه الخطير للهدر المقونَن يقوم على دعمِ الكهرباء منذ سنوات، فالدولة دفعَت حتى الآن 30 مليار دولار لدعم الكهرباء».

ورأى أنّ «هذا المسلسل يجب أن يقف»، معتبراً أنّه «لا يقف إلّا إذا وضِعت خطة واضحة لحلّ مشكلة الطاقة، وتكلّمتُ قبل أيام في البحصاص واليوم أؤكّد أمام مجلسكم أنّ البلد عنده حاليّاً طاقة إنتاج بمعدّل 1500 ميغاواط، وهو يحتاج إلى 3000 ميغاواط، والحكومة لديها خطة على 3 مراحل للكهرباء، المرحلة الطارئة تتطلّب تأمين كهرباء للحدّ من العجز القائم، وتخفيض كلفة الفاتورة على المواطن تتطلّب استئجار الطاقة بأيّ وسيلة، ومَن لديه اقتراح بديل للاستئجار نحن مستعدّون لدرسِه.

اليوم نأتي بكهرباء بـ 14 و16 سنتاً، وبعض الأماكن نصل إلى 19 سنتاً، وإذا أخَذنا التكلفة التي ينتقدها الجميع، هي 13 سنتاً عبر البواخر».

وأضاف: «نرفع التعرفة لتغطية تكلفة الإنتاج خلال 3 سنوات، لكن لكي نستطيع رفعَ التعرفةِ علينا أن نمنح المواطن كهرباء 24/24 وعندها المواطن الذي يدفع فاتورةَ المولّدات يوفّر 40 في المئة من الفاتورة ونذهب إلى فاتورة واحدة بدلاً من اثنتين».

وعن قضية التبادلِ مع «جبهة النصرة»، أكّد أنّه «لم يَخرج لبنانيّ واحد أو أجنبيّ محكوماً بمعرض هذا التبادل، وهناك لائحة قدِّمت إلى الجانب اللبناني وفيها فقط 3 أشخاص لا أحكام بحقّهم».

ولاحَظ أنّه «حكِيَ كثيرٌ عن الفساد، ومشكلتُنا أنّنا لا نسمّي الأشياءَ بأسمائها، وأتمنّى على الزملاء النواب اعتمادَ الآلية الموجودة في الدستور لمحاكمة أيٍّ كان».

(الجمهورية)