جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / حركة الاحتجاجات أخذت “وقتا مستقطعا”!
لبنان

حركة الاحتجاجات أخذت “وقتا مستقطعا”!

على طريقة «الدومينو»، انكفأت الحركةُ الاحتجاجيةُ التي عطّلتْ مرافق حيوية في لبنان لأيامٍ في إطار «اعتراضٍ استباقي» على أي مساسٍ بحقوقهم ومكتسباتِهم في مشروع موازنة 2019 الذي رَسَمَ «هدفاً استراتيجياً» عنوانه خفْض العجز إلى الناتج المحلي عبر سلّةٍ لتعزيز الواردات وتقليص الإنفاق.

وبعد بدايةِ أسبوعٍ أوحتْ بأن البلاد على شفير أزماتٍ «متوالِدة» في ظلّ موجة الإضرابات، نَجَحَ الدخول الرئاسي على خطّ تَدارُك المنزلق الخطير الذي شكّله هذا المناخ السلبي وما أفرزه من إرباكاتٍ إدارية ومالية وارتباكات سياسية، في «تبريد» الاحتجاجات وسحْب «فتائلها» ولو في انتظارِ اتضاحِ الخيط الأبيض من الأسود في حقيقة الإجراءات التي ستتضمّنها الموازنة التي يحاول مجلس الوزراء الانتهاء من مناقشتها في الساعات الـ 48 المقبلة.
فغداة اجتماع بعبدا (ليل الاثنين) بين رؤساء الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري واضطلاع الأول بدورٍ على صعيد التواصل المباشر مع بعض القطاعات المُشارِكة في حركة الاعتراض، كرّتْ سبحة «معلّقي» الإضرابات، بدءاً من موظفي مصرف لبنان، وصولاً إلى المصالح المستقلة والمؤسسات العامة (مرفأ بيروت، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مؤسسة كهرباء لبنان، هيئة اوجيرو، وغيرها) التي عاودت العمل أمس، بالتزامن مع استئناف التداولات في بورصة بيروت بعد التوقف الاضطراري الثلاثاء (بفعل إضراب موظفي المركزي).
وأتاح إزاحة ضغْط الشارع إراحةَ الحكومة في مناقشاتها لمشروع الموازنة التي استمرت الأربعاء في جلسةٍ وزارية برئاسة الحريري، وسط اعتبار أوساط سياسية أن إعلان تعليق الاحتجاجات بعد الاجتماع الرئاسي في بعبدا يؤشّر إلى أمريْن متداخليْن، الأوّل أنّ هذا الحِراك ولو في أحد جوانبه يتشابَك مع اعتباراتٍ سياسيةٍ استفادت من زخم الشارع لـ«قصّ شعر» بعض الإجراءات المؤلمة التي كانت ستشكّل إحراجاً لبعض الأطراف أمام قواعدهم، والثاني أن «الترويكا الرئاسية» أرست تفاهماً على وجوب تركيز الجهود على إنجاز الموازنة من ضمن «شراكة في المسؤولية».
وإذ توقفت هذه الأوساط عند التسريبات التي ربطت التصويب على مصرف لبنان وتضخيم الصورة حيال الواقع الاقتصادي – المالي بأنها لـ«إصابة عهد الرئيس عون»، تساءلت إذا كانت الموازنة التي ستُقر لتحال على البرلمان باتت «مفرَّغة» من الجوانب الإصلاحية الجوهرية ولا سيما على صعيد التخفيف من «الأثقال» التي يشّكلها حجم القطاع العام على الخزينة، بما يترك علامات استفهام حول طبيعة الإجراءات البديلة للإبقاء على التوازن في الموازنة لملاقاة هدف خفض العجز إلى أقل من 9 في المئة.
ولاحظتْ الأوساط نفسُها أن «تجميد» التحركات الاعتراضية (باستثناء القضاة الذين أبقوا على اعتكافهم)، مع إبقاء العسكريين المتقاعدين «الإصبع على زناد» الاحتجاج في الشارع بانتظار انكشاف طبيعة القرارات المتعلقة بهم في الموازنة، ترافقتْ مع مسألتيْن، الأولى: تأكيد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في سياق إعلان تعليق إضراب المؤسسات العامة والمصالح المستقلة انه تبلّغ من عون «الاتجاه لتعليق المادة 61 (حول تقاضي الموظفين 16 شهراً في السنة في بعض المؤسسات وتوحيد التقديمات الاجتماعية وسقف الرواتب) من مشروع قانون الموازنة، على أن يتم درس واقع كل مؤسسة على حدة»، وهو ما اضطر وزير المال علي حسن خليل إلى التوضيح قبيل جلسة مجلس الوزراء أنّه «لم يتمّ صرف النظر عن المادة 61 التي لها علاقة بالرواتب».
والثانية تأكيد أن النقاشات في الحكومة لا تشمل أي اقتطاع من الراتب الأساسي بل تدور حول بعض الإصلاحات المتعلقة بمخصصات ومكتسبات، وتوحيد سقف الرواتب وإعادة النظر ببعض البدلات المالية والامتيازات التي يتقاضاها بعض كبار الموظفين علاوة على الراتب الأساسي وتفوق أعلى مخصصات السلطات العامة من رؤساء ووزراء ونواب.
وفيما شخصتْ الأنظار إلى بدء مجلس الوزراء في جلسة الأربعاء البحث في البنود «الساخنة» التي تشمل نقاطاً عدة بينها رفع الضريبة على فوائد الودائع من 7 إلى 10 ‏وتعويضات تقاعد الجيش والتدبير رقم 3 وتنظيم التقاعد، إضافة إلى البند 60 المتعلق بتقديم ‏المؤسسات العامة موازناتها إلى وزارة المال، وذلك غداة بروز اتجاه لخفض رواتب الوزراء والنواب 50 في المئة، اقتحم الجلسة الوزارية «التوتر العالي» الذي ساد في منطقة المنصورية (المتن) مع تجدُّد المواجهات بين القوى الأمنية وأهالي المنطقة الذين يعترضون على مدّ خطوط التوتر العالي بين منازلهم نظراً إلى ما يعتبرونه خطراً يعرّض عائلاتهم لمرض السرطان الناتج عن الموجات الكهرومغناطيسية.
وبعد ساعات من الاحتكاكات التي لم يسْلم منها النائب الياس حنكش (من حزب الكتائب) الذي تعرّض لـ«التدفيش» من القوى الأمنية، عاود أهالي المنصورية قطع الطريق احتجاجاً، وسط مواجهات سُجّلت حين حاول المعتصمون التقدم باتجاه مكان الأشغال وكانوا يرفعون صليباً كبيراً يتقدّمهم كاهن رعية المنطقة فاصطدموا بعناصر الأمن وسط هرج ومرج واتهامات بـ«الاعتداء على الصليب»، واستنكار لعدم مراعاة موقف الكنيسة المارونية التي كانت عبّرت عن غضب مما يحصل طالبة من «الجهات الرسمية المعنية بالأمر وفي طليعتها وزارة الطاقة بوجوب التهدئة مع الأهالي واحترام هواجسهم المشروعة والذهاب إلى حلّ يراعي المعايير الدولية اللازمة للسلامة العامة وبالتالي عدم فرض الأمر بالقوة».

الراي