جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / حظوظ تأجيل الانتخابات إلى ارتفاع
ELECTIONSS (1)

حظوظ تأجيل الانتخابات إلى ارتفاع

مجيد مطر

ماذا لو صدر الكلام، حول افلاس الدولة، وافلاس المصرف المركزي، عن أي مواطن عادي في هذا البلد؟ فلنتخيّل كيف سيكون موقف السلطة! حتماً سيتم التهويل عليه، واتهامه بأنه يضرب سمعة الدولة المالية، ويضر بمصالحها، ويثير الهلع بين الناس الخ.. إنما أن يصدر عن شخصية تشغل منصباً مهماً في الدولة، فتلك قضية أخرى. بيد أنه من ناحيتنا نحن الشعب، فكلامه سياسي، وسياسي جداً، وعلى الأرجح، لم يأتِ من فراغ، خصوصاً اذا ما تم تشبيكه مع ارهاصات أخرى، تثير الريبة حيال إمكانية تأجيل الانتخابات بحسب ما يدور في الاروقة السياسية. إحتمال التأجيل بدأت ملامحه تنضج، اذ بقدر ما تنتظم التحضيرات على مستوى المرشحين وتشكيل اللوائح، وعلى مستوى وزارة الداخلية، يواكب كل ذلك حديث مستمر عن التشكيك في قدرة الدولة، بظروفها الراهنة، على تطمين الداخل والخارج في ضمان اجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده.

التوقعات صعبة في هذا المجال، فلا احد يملك القدرة على الحسم في أي اتجاه سوف تسير الامور، إنما حظوظ التأجيل بدأت بالتشكل، وأقل حدث، يمكن للسلطة أن تتخذ منه ذريعةً تقنع من خلالها الخارج، الذي على ما يبدو بدأ يتقبل فكرة التأجيل، ربطاً بالحرب الروسية على أوكرانيا التي قلبت الأولويات. وفي ظل بناء التحالفات الدولية، يمكن أن يتم التغاضي عن اجراء هذا الاستحقاق في موعده، اذا كان ذلك يؤدي الى تهدئة الأمور في لبنان لصالح التركيز على بناء أوسع تحالف دولي ضد روسيا. هنا تجدر الإشارة الى عدم وضوح الموقف الإيراني حيال روسيا، فهي تمسك العصا من المنتصف، علّها تحقق المكاسب وتعزز من موقعها التفاوضي مع الإدارة الأميركية، التي تبدي من جهتها اقصى درجات الليونة مع الجانب الإيراني. فانتهازية الموقف الايراني لا تخفى على احد، وقد سبق لإيران أن انتهجت السلوك نفسه إبان احتلال الكويت من قبل صدام حسين، كما في الغزو للعراق في 2003، حيث اقنعته بأنها ستكون الى جانبه، بينما هي تعاونت مع التحالف الدولي وسمحت للطيران الأميركي استعمال مجالها الجوي، فقد قدمت المعلومات الأمنية والسياسية اللازمة، كما صرّح بذلك الإيرانيون انفسهم. أما من ناحية الداخل اللبناني، فثمة قوى فاعلة لا تمانع في التأجيل، حيث تسجيل التباعد السياسي بين الحلف الواحد يربك الجميع، وهذا ما حصل داخل جبهة «حزب الله» الذي يصر ويدفع باتجاه تفوق التيار العوني على باقي حلفائه، كون هذا التيار يعتبر الحليف النموذجي للحزب، واكثر من نطق بلسانه، مشكلاً الغطاء المسيحي لدوره الخارجي، من خلال التسويق لفكرة حلف الأقليات. وكان شديد الدلالة رفض رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية التحالف مع جبران باسيل، لأكثر من سبب، ليس موضوع الرئاسة أهمها. وما يثير المخاوف لدى حلف «حزب الله» هو فوز التيار ببعض المقاعد بأصوات غير مسيحية، ما يفقده الكثير من وهج ادعاء التمثيل الحصري للمسيحيين. واكثر ما يربك هذا الفريق هو الاعداد الكبيرة للمواطنين التي شاركت في الثورة، والتي الى الآن، وإن لم تظهر تماسكها، إلا أنها تشكل كتلة تصويت وازنة، ستذهب في اتجاه معارض لسياسة حلف الممانعة، وتحديداً في البيئة المسيحية.

ومن نافل القول، ان ثمة تمايزات في مواقف القوى من الانتخابات، حيث يبرز حزب «القوات اللبنانية» الفريق الأكثر الحاحاً في اجراء الانتخابات، والأكثر ثباتاً وتنظيماً الى جانب «حزب الله»، اذ يعتبر من أوائل الاحزاب التي بدأت في التحضير لهذه الانتخابات، كما ركزت خطابها السياسي على اجراء انتخابات نيابية مبكرة، بهدف تغيير الأكثرية النيابية، وبالتالي إعادة تشكيل السلطة. ليس استغراقاً في التوهم، فثمة افق جديد يمكن أن ينتج عن هذه الانتخابات في ما لو جرت، وسينتج عنها تصدعات سياسية كبيرة، ورسم مغاير للمشهد السياسي، بمعزل عمّن سيحوز الأكثرية، وسيتجلى ذلك في صعوبة تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع الاضداد كما كان يحدث في السابق.

ومن الواقعية بمكان القول، إن مصدر شرعية هذه السلطة، التي تجيد الصفقات الفوقية، تكمن في خلق نوع من الفوضى البناءة، واسهل طريق لها هو تأجيل الانتخابات. وهذا سلاح ذو حدين.

المصدر: نداء الوطن