جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / خطاب..أقلّ من المتوقّع!
IMG-20231103-WA0000

خطاب..أقلّ من المتوقّع!

 
خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه

لا شك أنّ صمت الأمين العام حسن نصرالله كان مدويّاً أكثر بكثير من خطاب الساعة الثالثة، والذي هيّأ له بثلاثة أفلام قصيرة من إخراج “ألفريد هيتشكوك الضاحية”، حيث انتظر ملايين اللبنانيين والفلسطينيين والعرب، وربّما الغربيين، إعلان “ساعة الصفر” أو أقلّه إقتراب هذه الساعة بما تحمله من إنطلاق آلاف الصواريخ ما بعد بعد حيفا، حيث تصاب إسرائيل بحالة من الرعب والضياع تشبه، إلى حدّ بعيد، ما أصابها بعد عمليّة “طوفان الأقصى”..ولكنّ كلّ هذه التوقّعات والمخاوف قد سقطت مع الخطاب البليد التقليدي الذي لم يجارِ الأحداث الساخنة والطاحنة التي تدور فوق رؤوس الغزّاويين، وفي أنفاق حركتي حماس والجهاد الإسلامي، الذين ينتظرون “العونة” من صديق هو حزب الله، في لحظة صعبة ومصيرية إلى أقصى الحدود!
لقد جاء خطاب نصرالله لا لنجدة ساحة غزّة الملتهبة، وإنّما – كما يبدو – من نبرة الصوت العالية والمصطنعة، ومن حركتي اليدين والنظّارتين المربكتين، أنّه يحاول أن يبرّر عدد الشهداء المرتفع (57 شهيداً في فترة قياسيّة قصيرة) وبما لا يقدّم شيئاً نافعاً للمجزرة الدائرة في غزّة.فاستشهاد هؤلاء الشبّان بعمر الورود لم يردّ صاروخاً إسرائيلياً عن رأس طفل في غزّة المحاصرة، ولم يمنع سقف مستشفى من الهبوط فوق الأطباء والمسعفين والجرحى، ولم يمنع الجيش الإسرائيلي من الإنتقال من (الخطّة أ) الى (الخطّة ب)، أي الإنتقال من القصف والتدمير بكلّ أنواع القنابل المحرّمة وغير المحرّمة، الى الدخول البريّ بشكله الجديد المعتمد على سياسة القضم التدريجي، وصولاً الى تطويق مدينة غزّة حيث يتواجد ثقل حماس من المقاتلين، وعزلها عن باقي مناطق القطاع، ما يخفّف من الخسائر بين المدنيين، وما يضيّق الخناق على المقاتلين!
لقد لجأ نصرالله الى أسلوب التبرير، وهو أسلوب ضعيف، لا يرضي المتحمّسين، وخاصة من الطائفة السنيّة الذين هلّلوا لإيران كداعم لحركة حماس في عمليتها البطولية دون شك.ولكن أصابتهم “الخيبة” حين اكتشفوا أنّ حماس وحدها في مواجهة التنين الهائج، وأنّ أطفال غزّة وحدهم يستشهدون، أو يموتون جوعاً وعطشاً الى كوب حليب أو جرعة ماء أو رغيف خبز!
وبعد التبرير، حاول الأمين العام أن يعوّض عن إكتفائه ب “لعبة البينغ بونغ” على الحدود مع إسرائيل، بالتوجّه الى الأساطيل الأميركية:لا نخاف وجودكم في البحر المتوسط، ولا نخاف مدمّراتكم وصواريخكم الباليستية التي تطال إيران، ولا نخاف حاملات طائراتكم الحديثة..تذكّروا هزائمكم في لبنان والعراق وأفغانستان..والسؤال:إذا كانت طهران غير خائفة من التدخّل الأميركي الذي يمكن له أن يدمّر منشآتها، وإذا كان الجيش الإسرائيلي عاجزاً عن دحر حماس وحدها، وإذا كان الكيان الصهيوني أوهى من خيوط العنكبوت، أوليست هذه هي “اللحظة الذهبيّة” للقضاء على هذا السرطان المزروع في قلب المشرق منذ العام 1948؟
ناقض ومنقوض، كان خطاب حسن نصرالله.لم يقنع أنصاره، ولم يُشف غليل أهل الشهداء، ولم يكن على مستوى التطوّرات والتداعيات في المنطقة.وبالتأكيد، فهو لن يخيف ناتانياهو، ولن يوقف شلّال الدم الغزّاوي.ولن يرعب جو بايدن ما يجعله يُبعد أساطيله الى مكان أكثر أمناً.نصرالله تحدّث تحت ضغوط الواقع، وليس لأنّه يملك ما يقوله.ربّما هي المرّة الأولى التي لا يمتلك فيها حرّية القول والفعل.الأحداث خطيرة ومتدحرجة الى درجة أنّ طهران قد أفهمته، عبر الجنرال قآاني، هذه المرة بأنّ “الأمر لي.وأنت لست سوى جنديّ بسيط.نفّذ..ولا تعترض”:وهكذا كان، خطاب أقلّ من المتوقّع!