جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / سجون لبنان، مضاجع الموت المحتّم
articles_12589_193204151887344_1x

سجون لبنان، مضاجع الموت المحتّم

 

خاص Lebanon On Time – خالد أبو شام
في بلد الفساد لا تسألْ عن العدالة، فالحقّ في هذا الوطن الجريح لا يساوي شيئًا إذا لم تكن تخصّ الزعيم، والباطل يعني كلّ شيء إذا كنت جاري من جواري “سيادته”.
لا تزال قضية السجناء غير المحكومين من أكبر فضائح السلطة الفاجرة، إذ تمتلئ السجون اللبنانية المهترئة وغير المجهّزة؛ بآلاف السجناء الذين زُجَّ بهم في السجن المظلم وتم نسيانهم بلا محاكماة، وكأنَّهم ليسوا من بني البشر، وليس لهم حقوق تضمنها القوانين المحلية التي يدعي الحكّام الالتزام بها والسهر على تطبيقها، وتكفلها لهم الشرعات الدولية والمواثيق العالمية.
إنَّ من أدنى مُثُل العدالة، وقيم الرجولة والإنسانية أن تنصف المظلوم وتسعى إلى رفع الظلم عنه بالقدر المستطاع، فكيف بشباب ورجال هم مواطنون في هذه الدولة، أُلقيَ بهم في غياهب السجون التي لا تصلح أن تكون حظيرةً للدواب، لما فيها من مرافق قذرة، وغُرف منعدمة فيها النظافة، وأهم من كل ذلك الازدحام المُخزي في كل غرفة، فالتي تسِع لخمسين شخص يُلقى فيها مئتان، والتي تسع لمئتين يُزجّ فيها ألف، دون أي شفقة أو رحمة، والذي هو سبب أساس لانتشار الأمراض بين السجناء كما حدث في الآونة الأخيرة، حيث تفشت الأمراض الجلدية بينهم بشكل كبير، والصور التي تأتينا من داخل السجن شيء مفزع ورهيب، ومدعاة للعار والخزي.
وفوق كل هذا، ومع استفحال الأزمة الاقتصادية وعدم قدرة الأهل على تأمين احتياجات أبنائهم الغذائية والصحية في السجن، تترك السلطة هؤلاء المساجين دون غذاء ولا دواء ولا استشفاء، فحرفيا هي تتركهم للموت البطيء، دون أي مراعاة لإنسانيتهم على الأقل، ما أدى إلى وفاة أحد السجناء في سجن رومية بسبب عدم إعطاءه دواء الضغط كما أفادت شقيقته التي ناشدت قبل وفاته القيّمين على السجن لضرورة تزويده بهذا الدواء الأساسي، لكنها لم تجد ضميرًا يسمع في جمهورية الموت والظلام والرقّ والعبودية، فقضى شقيقها إثر نوبة صحية شهيدًا للتقصير والإهمال والإجرام.
إنَّ من أبسط نواحي الإنسانية تجاه هؤلاء السجناء إذا لا تريد السلطة إخراجهم؛ أن تعمل على إطعامهم وتأمين لهم الطبابة والاستشفاء والدواء، وأن تسعى لحلّ مشكلة القضاة المعتكفين في موضوع زيادة الرواتب؛ وهذا حقّهم، ولكن يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، قضايا آلاف الشباب المسجونين ظلمًا بلا محاكمة، والذين ربما إذا حوكموا يخرجون فورًا نظرًا لمكوثهم فترة أكبر من مدة محكومية جرمهم، ومنهم مَنْ إذا حوكمَ يخرج براءة ويُستدعى الاعتذار منه، ولكن بلا أدنى شك، إن كلّ الجرائم التي تحاسب هذه السلطة السجناء عليها هي متجزّرة بها، ففي السرقة، المسؤولون تآمروا على أموال المودعين وتم نهب أموال الناس ، تم نهب الأخضر واليابس، وفي القتل هم أكبر المجرمين الذين في رقابهم مقابر بحالها، وفي النصب هم أكبر النصابين… وفي أي جريمة هم أهلٌ لها وعرّابوها، ولو هناك ذرة من عدل في هذا الوطن لكانوا منذ زمن في السجون، ولكن العدل مفقود، وويلٌ لمن لا واسطة لديه، فإلى متى ستبقى قضية السجناء عالقة في جرار الزمن، ووراءها سجين يتعذب، وعائلة مشردة في طرقات السجون؟
ومتى يعرف المسؤولون أن الحكم تكليف، ورقاب الناس ليست لعبة أو قضية هزلية، بل هي مصير عوائل، وأرواح ناس؟