جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / سلام: لحكومة اختصاصيين تتمثل فيها رمزيا القوى السياسية والكلام عن التأليف قبل التكليف هرطقة دستورية
5dc6d9858418d_1

سلام: لحكومة اختصاصيين تتمثل فيها رمزيا القوى السياسية والكلام عن التأليف قبل التكليف هرطقة دستورية

وصف الرئيس تمام سلام الكلام المتداول عن ضرورة التوافق على تأليف الحكومة قبل تسمية الشخصية التي ستترأسها بأنه “هرطقة دستورية”، ودعا الى “الاسراع في التكليف وإلى تشكيل حكومة اختصاصيين تلبي مطالب الحراك الشعبي”.

وفي حديث الى “إذاعة الشرق”، قال ان “الأزمة الراهنة هي نتاج تراكم سوء الادارة وممارسات قاصرة وعقيمة، خصوصا في السنوات الثلاث الماضية، ادت الى هذا الوضع المتردي والى غضب عارم عند اللبنانيين”.

أضاف: “لا ننسى باننا امضينا سنتين ونصف من دون رئيس للجمهورية، ومع ذلك عض الناس على الجرح وحملنا تلك المرحلة بكل صعوباتها وسلمنا البلد الى عهد جديد، والناس وعدت نفسها في ظل هذا العهد ان ينهض البلد من جديد، ولكن مع الاسف جرت ممارسات ادت الى خلل وانتجت عدم ثقة عند المواطن اللبناني وشعورا بأن هذه الطبقة الحاكمة مسؤولة عن الفساد وعن الاداء السيء والقصور المستشري في البلد”.

ووصف الانتفاضة الشعبية بانها “تعبير عن غضب عارم لدى اللبنانيين”، وقال: “ان السابع عشر من تشرين الاول هو حد فاصل له ما قبله وما بعده، ويجب عدم تجاوز ما يجري او التخفيف منه او المراهنة على هدوء الوضع من دون اخذ اجراءات سريعة وجذرية لتصحيح الخلل الذي أدى الى هذا الغضب العارم”.

وردا على سؤال، قال: “ربما كان هناك في مكان ما رهان على ضعف هذا الحراك وتراجعه، ولكن كل يوم يمر يؤكد ان المواطن اللبناني لن يقبل بعد اليوم ان يعامل كما عومل في السنوات الماضية، ولن يقبل استمرار الفساد بالشكل المنتشر حاليا، ولكن مع الاسف مازالت السلطة المتهمة بالفساد تكابر حتى الآن”.

أضاف: “إن من اهم الخطوات المطلوبة للانتقال الى الوطن الذي يريده اللبنانيون هو تأمين استقلالية القضاء، وليس بقاءه تحت سيطرة القوى السياسية التي تستعمله لغاياتها مثلما حصل منذ اسبوعين تقريبا. هنا يتعين القول إن النسبة الكبرى من قضاة لبنان هم قضاة شرفاء وأكفاء، لكن مداخلات القوى السياسية تعيق عملهم”.

كما سئل عن تأثير العوامل الخارجية على ما يجري في لبنان حاليا، فأجاب: “لبنان يتأثر دائما بالاحداث الاقليمية والدولية وهذا ليس بجديد. ولكن انا اقول ان وعي اللبنانيين واداركهم الذي تجسد بكثير من المرونة وتدوير الزوايا، وهذا ما يطلق عليه التوافق، تمكن من درء الكثير من العواصف في الماضي. نحن اليوم في وسط حالة لا ترحم من التجاذب والمواجهة بين القوى الكبرى، لذلك مطلوب منا كلبنانيين ان نستدرك ونعي هذا الامر ونبدأ بالقوى السياسية التي عليها ان تضحي وتتنازل لايجاد صيغة مشتركة تحصن البلاد في هذه المرحلة الصعبة”.

ونبه سلام من ان “الاوضاع الاقتصادية الراهنة اصعب بكثير من تلك التي نتجت عن الحرب الاهلية عام 1975″، مشيرا الى ان “البلاد بحاجة الى مليارات لايقاف هذا التدهور، وهذا بدوره يحتاج الى ثقة تؤدي الى استجلاب المساعدات”.

وتابع: “اذا لم يتم السعي الجدي خلال ايام، وليس اسابيع، الى تأليف حكومة واخذ زمام المبادرة لتنفيذ الورقة الاصلاحية الطموحة والجريئة التي صارت بعالم الغيب، فإننا ذاهبون الى المجهول”. وقال: “لن يتم ذلك الا من خلال تأليف حكومة، وانا اقول انه لا يجب ان نعجز عن تأليف هذه الحكومة اذ ان هذا الامر يشكل مفتاح الحالة التي نحن فيها. أما تأخير التأليف فسيزيدنا بلاء ومصائب. والمطلوب كما هو واضح حكومة اختصاصيين تعيد الثقة، ولا مانع من ان تتمثل القوى السياسية بها بشكل رمزي. يجب أن تتألف حكومة اختصاصيين تشفي غليل الحراك والناس، على الرغم من الظهور الاعلامي لبعض رموز الحراك الذي اعطى انطباعا انهم من المستوزرين. يجب تلبية طلبات اللبنانيين في الساحات والشوارع بحكومة اختصاصيين بعيدة عن نفوذ القوى السياسية. لا ينقصنا في هذا البلد اشخاص من اصحاب الكفاءة والخبرة والسمعة الطيبة. لقد شكلت في الماضي حكومات غير سياسية وابلت بلاء حسنا. فليعودوا جميعا الى رشدهم والى عقلانيتهم والى المصلحة الوطنية ويؤلفوا حكومة ويأتوا باختصاصيين”.

وبسؤاله عمن يرأس هذه الحكومة، قال: “رئيسها ليس هو التحدي. التحدي الاكبر هو الحكومة نفسها. اذا حصل توافق حول حكومة من اختصاصيين لا ينتمون الى القوى السياسية ولا يمثلونها، فإن ذلك سيعيد الثقة الى البلد. اما رئاسة الحكومة فهي مثل رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب، خاضعة لمن يمثل هذه الجهة او تلك الطائفة”.

وسئل عن “معادلة الحريري- باسيل”، فأجاب: “هذه معادلة غير قائمة أصلا. رئيس الحكومة معادلته واضحة مع رئيس مجلس النواب ومع رئيس الجمهورية ولا شيء آخر على الاطلاق. اما الوزراء فمعادلتهم مع الوزراء الآخرين لا اكثر ولا اقل”.

ودعا الى “العودة الى مبادئ النظام البرلماني الديموقراطي المتمثلة بفصل السلطات وتوازنها”، وقال: “هذا غير قائم مع الاسف لان السلطتين التشريعية والتنفيذية تلغيان بعضهما البعض. السلطة التنفيذية اصبحت مرآة للسلطة التشريعية وبالتالي ألغيت القدرة على الرقابة والمحاسبة. عندما يحصل اتفاق في السلطة التنفيذية ينعكس ذلك فورا اتفاقا في السلطة التشريعية وهذا امر غير صحي بالبلد. لذلك اقول انه اذا اردنا ان نقدم شيئا جديدا يعيد الثقة الى البلاد فيجب ان نقلع عن الاسلوب التقليدي في تأليف الحكومات”.

وقال: “لا يمكن بعد اليوم أن نبقى متمترسين في مراكزنا ومواقفنا وان نعتبر ان الحراك او الثورة ستتعب وتتراجع بمرور الوقت. هذا لا يجب الاتكال عليه لان الغضب عند الناس لن يتوقف وهو نتاج ما سميته منذ سنوات النفايات السياسية. هذه النفايات السياسية الجاثمة على هذا البلد متقاسمة ومتحاصصة كل المكاسب والمنافع والنفوذ والسلطة غير آبهة بالمصلحة الوطنية. اعود واقول ان المطلوب تضحية وتواضع والابتعاد عن التكبر والتجبر والقوة وممارسة النفوذ”.

وردا على سؤال وصف الكلام المتداول عن ضرورة التأليف قبل التكليف بأنه “هرطقة دستورية”، وقال: “الرئيس المكلف هو من يؤلف الحكومة. اسمع كلاما مع الاسف من مرجعيات تعتبر نفسها جامعية وقانونية بان من يؤلف الحكومة هو رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. هذا غير صحيح. رئيس الوزراء هو من يؤلف الحكومة ويعرضها على رئيس الجمهورية الذي يوافق عليها او لا يوافق ويوقعها او لا يوقع. رئيس الحكومة هو ممن يأخذ حكومته الى مجلس النواب لطلب الثقة من مجلس النواب وليس رئيس الجمهورية. نظامنا ليس نظاما رئاسيا. هذا امر يجب ان يكون واضحا وبالتالي كل تأخير يحصل اليوم يؤدي الى بدع جديدة وهرطقة جديدة”.

وتابع: “منذ فترة نسمع كلاما كبيرا عن مراجعة الدستور واتفاق الطائف، ووصل الامر الى تجاوزات في الممارسات الدستورية الى ان اصبح اليوم عند الثوار مطلب بتغيير النظام كله، وان هذا النظام غير مناسب علما ان اتفاق الطائف ودستورنا الحالي لو طبق كما يجب لم نصل الى ما وصلنا اليه اصلا. لو شكلنا الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية واعتمدنا مجلس الشيوخ، كنا قطعنا اشواطا كبيرة الى الامام. لكن القوى السياسية لا زالت تستفيد من تمثيلها الطائفي لتفرض امورا خارج اطار المصلحة الوطنية”.

وعن موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، قال: “ضحى ومازال يضحي لدرجات متقدمة جدا، حتى أخذ عليه كثرة التضحية والمسايرة وكثرة العطاء. هذا الرجل بقلبه وربه يجرب ان ينقذ الوطن ويستعين بكل الوسائل المتاحة للنهوض بهذا الوطن، لكنه وصل الى نقطة رأى فيها ان كل ما يقدمه يذهب ضحية التسابق على النفوذ السياسي وليس على المصلحة العامة”.

وسئل: من تسمون لرئاسة الحكومة؟
أجاب: “لا تسمية رئيس للحكومة. الاسم المطروح اليوم هو الرئيس سعد الحريري. الرئيس الحريري لن يقبل بأن تفرض عليه اي تركيبة مسبقا وله الحق بان ياخذ بالاعتبار ما تريده هذه الثورة، واعتقد انه من ابرز الامور التي حصلت انه استقال تلبية للثورة. ان هذا الرجل عنده من المكانة والوزن والوضع التمثيلي ما يعطيه افضلية على كثيرين في تحمل هذه المسؤولية في هذه المرحلة الصعبة، وآمل ان يكلفوه ويسهلوا مهمته لتأليف الحكومة. والتأخير سيزيد البلاء والتراجع في البلد”.