جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / غير مصنف / صيدا يحاصرها الفساد… جبل نفايات ثانٍ من رحم معمل المعالجة!
saida_v_exposure (1)

صيدا يحاصرها الفساد… جبل نفايات ثانٍ من رحم معمل المعالجة!

يوم أنجز معمل معالجة النفايات في صيدا، تنفس اللبنانيون الصعداء، واطمأنوا لغد أكثر إشراقا، فالمشكلة لم تكن صيداوية فحسب، وإنما وطنية بامتياز في عاصمة الجنوب، ومن كان ثمة من يعلم أن المدينة وقد تخطت مشكلة جبل النفايات الأول، والذي ذاع صيته في بلدان مجاورة في حوضنا المتوسطي، ستواجه جبل النفايات الثاني، وبوجود المعمل هذه المرة، ما يؤكد أن الفساد ليس سمة عابرة، وإنما سمة متجذرة في إدارات الدولة. قدر اللبنانيين، وإلى أجل غير مسمى أن تحاصرهم النفايات، فالتكنولوجيا الحديثة والذكية تقف عاجزة أمام العقل اللبناني، فالمشكلة لم تكن يوما في النفايات، وإنما في سبل وكيفية إدارتها، والتلوث الأكثر فتكا هو ذاك الذي ما يزال يحكم السلطة التنفيذية وإداراتها، لصالح إبرام صفقات عنوانها بيئي ومضمونها لا يمت إلى البيئة بصلة. نعم، تواجه صيدا اليوم بعضا من فساد، جبل نفايات وروائح تحاصر أبناءها وقاطنيها، وعمليات حرق غير بريئة تثير الكثير من التساؤلات، فإلى أي درك وصلنا؟   سعد: تبرير إستيراد نفايات إضافية   حول هذه المشكلة، والاسباب التي وصل اليها وضع معمل النفايات في صيدا ومحيطه، قال الدكتور أسامة سعد لـ greenarea.me بأن “الشركة الملزمة تشغيل المعمل لم تلتزم بدفتر الشروط الذي منح حق الرقابة على أداء المعمل لشركة (فاريتاس) لثلاث مهمات (الرقابة على الأوزان، تحليل تلوث الهواء والانبعاثات الصادرة عن العام الهوائي والكشف على صلاحية تجهيز المعمل)، إلا أن التقارير الصادرة عن (فاريتاس) تؤكد أنها لم تباشر العمل إلا في المهمة الأولى المتعلقة بأوزان النفايات، ولم تتمكن من القيام بالمهمتين الثانية والثالثة بسبب عدم سماح إدارة المعمل لخبراء (فاريتاس) بزيارة كل أقسام المعمل، وعدم تسليم الإدارة لهؤلاء الخبراء أي كشف عن أوضاع تجهيزات المعمل الذي يفترض أن تنجزه شركة التأمين، يؤكد مرة أخرى الشكوك حول طريقة عمله”. وأضاف سعد: “على الرغم من الإدعاءات السابقة التي جرى تكرارها لسنوات حول نجاح إدارة المعمل في إيجاد الحل النهائي لمشكلة العوادم (صفر عوادم)، إلا أن نشوء جبل العوادم كشف زيف هذه الإدعاءات، وأن أحد أهداف هذه الكذبة تبرير إستيراد نفايات إضافية سواء من بيروت أو من أماكن أخرى، ومن المفترض بعد انكشاف زيف تلك الكذبة أن تتوقف البلدية عن السماح باستيراد النفايات من الخارج، وتلتزم بمعالجة نفايات إتحاد بلديات صيدا – الزهراني فقط”. ولفت إلى أن “ما يزيد الوضع سوءا أن البلدية تواصل إغراق صيدا بالنفايات من خلال إقرارها مشروع إنشاء مطمر جديد في الأرض المحاذية للمعمل، كما أن الحوض البحري والأرض المردومة قرب المعمل تحولت إلى مكب عشوائي لكل أنواع النفايات، والبلدية أيضا سمحت برمي نفايات الدباغات ونفايات المدن الصناعية فيها، كما ترمى فيها بصورة غير شرعية نفايات أخرى آتية من كل حدب وصوب وتحت مرأى حراس البلدية، فضلاً عن ذلك يصب في الحوض البحري مجرور عين زيتون”.   فسخ العقد   وتابع سعد: “لرفع هذه الكارثة عن صيدا نطالب بوقف استقدام أي نفايات من خارج إتحاد بلديات صيدا الزهراني، وإننا نجد أهمية كبرى في السماح للخبراء البيئيين وشركة (فاريتاس) أو سواها من شركات الرقابة بالدخول إلى أقسام المعمل كافة، وتقييم أوضاع التجهيزات والنواقص، وذلك بهدف العمل على استكمال التجهيزات الضرورية التي من شأنها أن تساهم في قيام المعمل بالمهام المطلوبة منه بشكل سليم، وبالشكل الذي يراعي صحة العاملين فيه، ولا بد أيضاً من الكشف الدوري على مستوى التلوث في الهواء وفي مياه البحر في محيط المعمل، وعلى أوضاع الثروة السمكية والحياة النباتية في تلك المنطقة، كما يجب نقل العوادم إلى مطمر شرعي مع الوقف الفوري لطمر أي نوع من النفايات أو العوادم في الحوض البحري أو الأرض المجاورة للمعمل”. هيئة متابعة   وأكد “الرفض المطلق لإقامة أي مطمر جديد ومنع تدفق مياه مجرور عين زيتون إلى الحوض البحري، وربطه بشبكة محطة التجميع”، وأشار إلى أنه “في حال عدم تجاوب الشركة المشغلة للمعمل مع المطالبات المتعلقة بتحسين أداء المعمل، وبوضع حد للنتائج البيئية والصحية السلبية الناجمة عنه، نطالب البلدية باللجوء إلى فسخ العقد مع الشركة وتكليف شركة جديدة بإدارة المعمل. وذلك وفقاً للفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 14 لعقد الاتفاق بين بلدية صيدا والشركة المشغلة”. وختم سعد: “من أجل متابعة كل المشكلات البيئية سيتم تشكيل هيئة متابعة، وتكون قابلة للتوسع وضمّ كل الراغبين بمتابعة الشؤون البيئية في المدينة. زيدان: فضائح مالية وسرقة أراضٍ   أما الناشط المدني فراس زيدان وابن مدينة صيدا، فقال لـ greenarea.me: “أتابع الموضوع عن كثب منذ سنتين، ونظمنا تحركا سلميا باسم الحراك الصيداوي، وكنت قد حذرت رافضا استقدام أي نفايات للحؤول دون الوصول الى هذا الوضع دون جدوى، وقد كشف الآن ما كنا نقوله منذ سنتين، بأن النفايات تلقى في البحر، وفي البحيرة التي أنشىء حاجزها بملايين الدولارات لمنع النفايات من الوصول الى البحر، وأسوأ ما في الأمر أن الشركة قبل أن تجد طريقة للتخلص من جبل العوادم، تبرعت بحل أزمة نفايات بيروت لاعتبارات سياسية واستقدامها الى المعمل، ولم تتوقف حتى بعد أن فاقت كمية النفايات قدرة المعمل الاستيعابية”. ورجح أن “تكون أعمال الحرق في الجبل وراء معمل المعالجة مفتعلة”، لافتا إلى أن “المستفيد من تكرار الحرائق الشركة التي تدير المعمل، أو ربما بسبب إنبعاث الغازات السامة”. وأضاف زيدان: “أما عن كذب الشركة المستمر وتلميع صورة المعمل من قبل البلدية، فقد كشف للعلن، فها هو جبل النفايات يعود من جديد ومن ينظر جيدا الى الصور يرى أن ما يطمر ويجمع ما هو الا نفايات وليس عوادم وهذا واضح”. وتابع: “اننا منذ متابعتنا لهذا الملف منذ العام 2015 الى اليوم لم نتلقَ سوى الوعود على حساب صحة المواطنين، وهذا لكسب الوقت من أجل تحقيق مكاسب مادية أكبر، ولم تقتصر الأمر على الفضائح المالية وسرقة الأراضي فحسب، فها هم يسرقون صحتنا ويلوثون بيئتنا بحرا وبرا وجوا، كما اننا توجهنا أمس الى البلدية خلال ندوة اقامتها البلدية لمناقشة الوضع وعرض ما آلت اليه الأمور، فتكرم علينا رئيسها بساعة فقط للحديث عن الموضوع، ولكن يبدو ان البلدية مصرة على تلميع صورة المعمل وايجاد التبريرات للشركة بأن ما حصل هو استقدام نفايات غير مفرزة، علما ان في المعمل مكان للفرز وعدد قليل من العمال، ولا يكفي منطقيا لاستيعابها”. وأضاف زيدان: “ما أعلن حول أن ما يتم استقدامه هو 250 طن يوميا ليس صحيحا، وفعليا يتم استقدام ما يقل عن 500 طن يوميا من بيروت، بحيث يستحيل إنجاز عملية فرز ومعالجة هذا القدر من النفايات في هكذا معمل”. ورأى أن “البلدية استسهلت المماطلة، وما قالته أنه خلال عشرة أسابيع سينتهي الأمر وتحل المشكلة وسيختفي الجبل نهائيا، لا يعكس الواقع، وقد أشار رئيس البلدية إلى أنه يتم تخصيص مكان جديد في الكوستابرافا”.

فاديا جمعة- greenarea.me