جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / طهران تستثمر في “الطوفان..”!
251423

طهران تستثمر في “الطوفان..”!

 

خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه

منذ إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن، فور الكشف عن عملية “طوفان الأقصى”، بأنّه لا أدلّة على تورّط إيران في عملية “حماس” الكبرى، حتى بدأ الإستثمار.لقد سارعت الدولة الفارسيّة، من أعلى الهرم على لسان مرشدها الخامنئي، إلى وزير خارجيتها عبد اللهيان، إلى حزبها في لبنان حيث أعلن الأمين العام حسن نصرالله أنّه لم يكن على علم بما خطّطت له قيادة حماس في غزّة، إلى تبنّي الكلام الأميركي واعتبار ما نفّذته حماس يخصّها وحدها، وبالتالي بدأ الضبط العالي لتدخّلات كافة أذرعها في المنطقة:الحزب يمارس تكتيكاً عسكرياً مضبوطاً على جبهة الجنوب رغم الكلفة العالية التي يدفعها من مقاتليه وقد تجاوز العدد 123 شهيداً، وآخرهم مجزرة بنت جبيل حيث قضت عائلة بكاملها بمن فيهم العضو في الحزب علي أحمد بزّي وشقيقه العائد من أوستراليا مع زوجته، بالإضافة الى الأب الجريح..الحوثيّون يمارسون نوعاً من القرصنة في البحر الأحمر دون أن يؤثر ذلك مباشرة على مسار المعارك في شمال غزّة وجنوبها، الحشد الشعبي في العراق وفاطميون وزينبيون يوجّهون بعض الصواريخ باتجاه القواعد الأميركية دون أن يخفّف كلّ ذلك من حجم الدعم غير المحدود الذي تقدّمه الولايات المتحدة الأميركية للكيان الصهيوني في حربه الشرسة على الفلسطينيين..باختصار، طهران لا تحارب دفاعاً عن غزّة أو عن حماس والجهاد، بل تفعل ما يمكّنها من تحسين شروط التفاوض مع “الشيطان الأكبر”!
وما يؤكّد حقيقة هذه الحسابات تحت عنوان “إيران أوّلاً..” بعيداً عن ديماغوجية تدمير إسرائيل بسبع دقائق ونصف، أو تسوية مدنها مع الأرض متى دعت الحاجة، أو تحرير القدس والمسجد الأقصى، هو بالضبط ما حصل بعد قيام إسرائيل باغتيال القائد الكبير في الحرس الثوري (صديق قاسم سليماني، وشبيه نصرالله في سوريا) العميد رضا موسوي، حيث بادر متحدّث باسم الحرس الثوري الإيراني الى القول بأنّ “طوفان الأقصى كانت إحدى عمليات الإنتقام لاغتيال قاسم سليماني” بمعنى أنّ ما فعلته حماس هو تنفيذ لقرار إيراني، ويخدم مصالحها ليس إلّا، ولو أدّى ذلك الى التدمير الهائل لمدن وقرى ومخيمات القطاع كما هو حاصل، والى تهجير الملايين بلا مأوى ولا طعام ولا دواء ولا ماء..وقد اضطرّت حركة حماس، رغم حاجتها القصوى الى الدعم الإيراني ولو المعنوي السياسي، إلى نفي كلام المتحدّث في بيان جاء فيه:”ننفي صحّة ما ورد على لسان المتحدّث باسم الحرس الثوري الإيراني بشأن عملية طوفان الأقصى ودوافعها”..ولكن ما قيل قد قيل، وقد أصابت طهران مقتلاً في دوافع حماس الفلسطينية، حيث اعتبرتها ذراعاً من أذرعتها، وليس حالة فلسطينية مقاومة مستقلة..أمّا الأسباب الإيرانية لمثل هذا النوع من التصاريح، فهي التالية:
لقد اعتادت طهران على التهرّب من مواجهة الآلة العسكرية الصهيونية، كما يجري في سوريا حيث تتلقّى الغارات شبه اليومية بصمت مطبق ورحابة صدر.وبعد عملية إغتيال ممثلها العسكري في دمشق، باتت محرجة في عدم الرد، فما كان منها إلّا أن استعملت عملية “طوفان الأقصى” لتنسبها الى الإنتقام ولو المتأخّر لاغتيال سليماني، غير آبهة بالضرر السياسي والمعنوي القاتل الذي يمكن أن يلحق بصورة “حماس” أمام الغزّاويين المهجّرين، وأمام الشعب الفلسطيني، وأمام الرأي العام العالمي الذي تضامن مع حماس، ربطاً بحقّها المشروع في الدفاع عن فلسطين، وليس عن طهران أو سليماني أو رضا موسوي!
طهران طعنت حماس حين تخلّت عن شعار “وحدة الساحات”، وها هي تستكمل الإستثمار في الدم الفلسطيني من خلال تجيير عملية “طوفان الأقصى” وتداعياتها، إلى مجرّد إنتقام لقائد حرسها الثوري الراحل قاسم سليماني!