جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / عون يود تطبيق اللامركزية الادارية الموسعة وروكز يحمل ملفها الى المجلس النيابي
عون

عون يود تطبيق اللامركزية الادارية الموسعة وروكز يحمل ملفها الى المجلس النيابي

يودّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تطبيق «اللامركزية الإدارية الموسّعة» في عهده، بحسب بعض العارفين، انسجاماً مع رؤيته المستقبلية لبناء دولة القانون والمؤسسات. ولا تعني اللامركزية الإدارية هنا الفيديرالية أو الكونفيديرالية مطلقاً، أو الحكم الذاتي أو التقسيم، أو حتى عزل المناطق اللبنانية عن بعضها بعضاً في «كونتونات»، بقدر ما تعنيه من إعطاء الحقوق بشكل متوازٍ للمواطنين اللبنانيين كافة، وإلاّ فهي لا تتوافق مع مقولة الرئيس عون الشهيرة «أصغر من أن يُقسّم، وأكبر من أن يُبلع».
وانطلاقاً من ذلك، فإنّ «اللامركزية الإدارية الموسّعة» ستكون أول ملف يحمله العميد شامل روكز المرشّح عن دائرة كسرون- جبيل، على ما تؤكّد المعلومات، الى مجلس النوّاب في حال فوزه في الانتخابات النيابية المقبلة المقرّرة في 6 أيار القادم. ويبدو العميد روكز مقتنعاً بتطبيق اللامركزية الإدارية كونها تُخفّف الكثير من معاناة المواطنين الذين غالباً ما يضطرّون الى الانتقال في زحمة السير من قراهم وبلداتهم الى بيروت للقيام بمعاملات رسمية. فما الذي يمنع من أن يكون في كسروان، على سبيل المثال، دائرة للمعاينة الميكانيكية، من شأنها إراحة المقيمين من النزول الى منطقة الحدت والانتظار في صفوف طويلة من أجل تمرير سيّاراتهم على الميكانيك؟! وهكذا دواليك بالنسبة لمؤسسات عامة أخرى أو جامعات وسواها من شأنها إعطاء كلّ مواطن حقوقه وتأمين نموّه وتسهيل حياته.
ومن هنا، فإنّ الذين يخشون من «اللامركزية الإدارية» على أنّها ستُشّكل «تقسيماً» للبنان، أو تطبيقاً لحكم ذاتي في كلّ محافظة أو دائرة انتخابية، على غرار ما يحصل في بعض الدول الكبرى التي تطبّقها، عليهم وضع أيديهم في المياه الباردة، على ما قالت أوساط سياسية مواكبة، كونها تختلف تماماً عن ذلك. فالهدف الأساس من مطالبة الرئيس عون بتطبيقها هو تسهيل حياة المواطنين واسترجاع حقوقهم المهدورة في أي منطقة قطنوا من المناطق اللبنانية كافة. وتأتي بالتالي من ضمن استكمال تطبيق بنود اتفاق الطائف، فقد وردت «اللامركزية الإدارية» في البند الثالث تحت عنوان «الإصلاحات الأخرى» من وثيقة الوفاق الوطني الصادرة في العام 1989 والتي باتت تُشكّل الدستور اللبناني. ولهذا فإنّ تطبيقها يُلحَق بالإصلاح وليس بالتخريب أو بالتقسيم، وإن تنفيذها سيؤدّي حتماً الى الإصلاح الاجتماعي، كما الى تطبيق الإنماء المتوازن شيئاً فشيئاً في سائر المناطق اللبنانية بحيث لا يشعر مواطن الأطراف أو المناطق الحدودية أنّه متروك أو أنّ الدولة نسيته.
أمّا الخشية من أن يؤدّي تطبيق اللامركزية الإدارية الى انعزال المجموعات اللبنانية المنقسمة اليوم بحسب طوائفها ومناطقها وانتماءاتها، وزيادة الشرخ فيما بينها، فلا يجب أن تكون هي الانطلاقة لرفض هذا الملف من قبل بعض الأحزاب أو التيّارات، على ما ذكرت الاوساط، بل على العكس لا بدّ وأن يُحفّز طرحها فكرة المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن اختلافاتهم الدينية والفكرية والمناطقية الخ… كما أنّ تطبيقها سيكون المعبر الأساس نحو التنمية وتطوير الحياة الاقتصادية في المحافظات والأقضية كافة، والأهمّ من ذلك كلّه انبثاقها من مجلسي النوّاب والوزراء بهدف تحقيق النمو الاجتماعي والازدهار على الصعد كافة من السياحة الى الزراعة والاقتصاد والصناعة وغيرها. فالهدف الأساس إذاً من اعتماد اللامركزية الإدارية هو تحقيق الإنماء المتوازن في مختلف المناطق، تطبيقاً لما تنصّ عليه الفقرة «ز» من مقدّمة الدستور كون «الإنماء المتوازن ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً هو ركنا من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام»، وفيما عدا ذلك فإنّ عدم تطبيق اللامركزية والإنماء المتوازن بشكل فعلي يُعتبر خرقاً للدستور.
ولأنّ تطبيق اللامركزية الإدارية لا بدّ وأن يُكبّد خزينة الدولة مبالغ طائلة، فإنّ الاتجاه، على ما كشفت الاوساط، هو مساعدة المجتمع الدولي للبنان في هذا السياق سيما أنّه «الداعم الأكبر» له في هذه الفترة من أجل الحفاظ على أمنه واستقراره ونموّه، وذلك من خلال المؤتمرات الثلاثة التي تُعقد من أجل دعمه من مؤتمر «روما 2 « لدعم الجيش والقوى المسلّحة الذي عُقد أخيراً في العاصمة الإيطالية، الى مؤتمر «سيدر» المزمع عقده في 6 نيسان المقبل في العاصمة الفرنسية، وصولاً الى مؤتمر بروكسل لاحقاً لحلّ أزمة النازحين السوريين.
ويبدو أنّ المجتمع الدولي مستعدّ لمساعدة لبنان، على ما أكّدت الأوساط نفسها، انطلاقاً من دعوة الرئيس عون أخيراً رئيس «البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية» سوما شاكرابارتي للمساهمة في المشاريع التي أعدّها لبنان لتحسين قطاع الخدمات العامة لا سيما تأهيل شبكات الطرق والمرافىء، ومطار رفيق الحريري الدولي، فضلاً عن القطاعين الطبي والتعليمي. كما الى ضرورة الاهتمام أيضاً بقطاع الطاقة خصوصاً بعدما أطلق لبنان أخيراً آلية التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الاقليمية، داعياً البنك الى زيادة استثماراته وتحفيز القطاع الخاص، الى جانب المساعدة في حلّ أزمة الإسكان سيما أنّ الهدف من القروض الإسكانية هو مساعدة ذوي الدخل المحدود.
أمّا استعداد البنك الأوروبي فظهر بوضوح من خلال إعلان شاكرابارتي وضع إمكانات هذا الأخير لمساعدة لبنان في تطبيق خطة النهوض الاقتصادي، وإبلاغه عون أنّ البنك في صدد تعزيز مكتبه في بيروت لتقديم أفضل الخدمات للدولة اللبنانية لا سيما بعد الإجراءات المشجّعة التي اتخذت في سياق الإصلاحات المعتمدة، واصفاً لبنان بأنّه «جوهرة» بين دول المنطقة.
وفي هذا الإطار، شدّدت أوساط ديبلوماسية في بيروت على أهمية الدور الذي تؤديه الدول الأوروبية في دعم لبنان على مختلف الأصعدة، وعن استعدادها لتكثيف مساعدتها له لتطبيق الإصلاحات التي يراها مناسبة، سيما أنّها تُقدّر كثيراً كونه بلداً نموذجياً لتعايش 18 طائفة على أرضه رغم صغر حجمه. ومن هنا، لفتت الى أنّ أي مشروع يتمّ طرحه في المرحلة المقبلة في ما يتعلّق باللامركزية الإدارية يجب أن يحافظ على العيش المشترك أولاً، ويأتي بالتالي متوافقاً مع الفقرة «ي» من مقدّمة الدستور التي ترفع الشرعية عن أي سلطة تناقض العيش المشترك.
وبناء على ما تقدّم، فإنّ تطبيق الإصلاحات التي نصّ عليها اتفاق الطائف، ستكون مدعومة بقوّة في المرحلة المقبلة من الدول الأوروبية التي تودّ فعلاً رؤية لبنان في مصاف الدول المستقرّة والمرتاحة على الصعد كافة. كما تقول الاوساط، ولهذا فإنّ خطة النهوض الاقتصادي للبنان ستُطرح على طاولة مؤتمر «سيدر»، ما يُعطي الدول والمنظمات الدولية المشاركة فيه فكرة واضحة وشاملة عن رؤية لبنان لمستقبله ومستقبل أبنائه، فتساعده على تحقيقها.

(الديار)