جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / لبنان إلى “عين العاصفة” وقلبه على… صناديق الاقتراع
انتخاب

لبنان إلى “عين العاصفة” وقلبه على… صناديق الاقتراع

تُخَيِّم على لبنان، المنخرط في معارك انتخابية قاسية في الطريق الى استحقاق 6 مايو المقبل، أجواء من القلق المتعاظم مع خطر انزلاق المنطقة نحو مواجهةٍ عسكرية بين اللاعبين الدوليين والإقليميين في ضوء التفاعلات الخطرة للهجوم الكيماوي الذي شنّه النظام السوري على دوما، وتداعيات الغارة الاسرائيلية على مطار «تي فور» في سورية.
وتَزايدتْ الخشيةُ في بيروت من أن تكون الحرب أوّلها كلام مع العبارات الأكثر راوجاً في واشنطن وموسكو وباريس وتل أبيب وطهران، من نوع:«لن يمرّ من دون عقاب، سيدفعون الثمن، لن تمرّ بلا ردّ، عواقب خطيرة، سنكون بالمرصاد، نَفَذَ صبرنا… وما شابه من تحذيرات وتهديدات متبادلة توحي وكأن المنطقة قاب قوسيْن من الانفجار الكبير».
هذا المناخ المشحون الذي يهبّ من الميدان السوري المفتوح على المفاجآت، ومن مجلس الأمن الدولي الذي تحوّل «خلية أزمة»، طغى على لبنان وعلى انتخاباته التي صارت أكثر حماوة على وقع الاحتدام الدولي – الإقليمي وصداه في الداخل، وهو الأمر الذي يفسّر خروج «حزب الله» عن النصّ في حملاتٍ تُقْحِم السعودية وتَفتح النار في أكثر من اتجاه.
ورغم أن بيروت تَمضي في «جدول أعمالها» وأولوياته، من عمليات الاستنهاض الانتخابي في ملاقاة صناديق 6 مايو، وتقويم النتائج المرموقة التي حصدتْها من مؤتمر «سيدر 1» لتحفيز الاستثمار والمباشرة بالتحضير لمؤتمر بروكسيل حول النازحين السوريين في 25 الجاري، فإنها تجد نفسها وجهاً لوجه أمام خطر تَحوُّلها مسرحاً لمجابهةٍ إقليمية تُقتاد إليها عنوةً.
فثمة تقارير تَشي بأن المعركة ضدّ النفوذ الإيراني في سورية خرجتْ من الحظيرة منعاً لـ «تأبيده» وجعْله دائماً مع العدّ العكسي للتسوية السياسية، بالتوازي مع القرار الأميركي المنتظَر في شأن ديمومة الاتفاق النووي مع طهران، وهي تطوراتٌ تعيد لبنان الى عيْن العاصفة، انطلاقاً مما يشكّله «حزب الله» في سياق المشروع الإيراني في المنطقة.
وبدا لافتاً أن الضربة الإسرائيلية لمطار «تي فور» التي أوقعتْ 7 قتْلى من الإيرانيين تزامنتْ مع اتجاهٍ تدْعمه طهران لفتْح جبهة درعا على الحدود السورية – الإسرائيلية والسورية – الأردنية، وسط تقديراتٍ بأنّ من شأن تطوراتٍ من هذا النوع استدراج حربٍ عَمِل الجميع على تفاديها حتى الآن وسيكون لبنان إحدى ساحاتها.
ومجمل «المناخ الساخن» في المنطقة حضَر في باريس خلال لقاءات وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ولا سيما مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أقام عشاءً رسمياً أمس على شرف ضيفه السعودي سُجّل على هامشه لقاء ثلاثي جمع ماكرون وبن سلمان ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.
وكان الحريري، الذي انتقل فجأة الى باريس عصر الاثنين، التقى ليل أول من أمس بن سلمان وملك المغرب محمد السادس، ونشر صورة «سيلفي» أثناء جلسة ودية جمعتْه بهما، كاتباً في تعليقه على الصورة التي نشرها على حسابه عبر «تويتر»: «لا تعليق».
واكتسب حضور رئيس الحكومة «في الصورة» خلال زيارة وليّ العهد السعودي لباريس والتي أسستْ لـ «علاقة استراتيجية» بين فرنسا والسعودية، أبعاداً بالغة الأهمية على صعيد تأكيد أن دعم لبنان واحتضانه يشكّل نقطة تقاطُع رئيسية بين باريس والرياض اللتين تلتقيان أيضاً على اعتبار الحريري ضمانة لاستقرار «بلاد الأرز» وعنواناً للتوازن في الواقع اللبناني ببُعده الداخلي كما الإقليمي.
ويفترض أن يكون الرئيس الفرنسي، الذي «هنْدس» مؤتمر «سيدر 1» الذي استضافتْه باريس يوم الجمعة الماضي، وَضَعَ بن سلمان والحريري في أجواء اتصالاته مع واشنطن في ما خص تطوّرات الوضع السوري وقرار عدم التسامح مع استخدام الكيماوي في دوما.
ويبدو الحريري الذي سيشارك في القمة العربية التي تُعقد الأحد المقبل في السعودية الى جانب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، عيناً على متابعة الوقائع المتدحرجة في المنطقة وسبل حماية لبنان من تشظياتها وعيناً أخرى على متابعة نتائج «سيدر 1» الذي حصدت بيروت منه نحو 11 مليار دولار كقروض وهبات وفي الوقت نفسه استكمال الاستعدادات للانتخابات النيابية التي لم يبق أمام إجرائها سوى 25 يوماً.
وفيما يعقد الحريري اليوم مؤتمراً صحافياً في السرايا الحكومية لشرح مقررات «سيدر 1» والتعهدات الاصلاحية التي قدّمتْها الحكومة وتأكيد أن المؤتمر لم يلحظ أي شروط على لبنان من طبيعة سياسية ومفنداً تداعياته الايجابية على الاقتصاد اللبناني، فإن أوساطاً سياسية توقفت عند تَصدُّر «حزب الله» جبهة التشكيك في خلاصات «سيدر 1» وخلفياته و«تَوَعُّده» بـ«مطاردة» نتائجه «مشروعاً مشروعاً» في الحكومة والبرلمان على وقع وصْفه من وسائل إعلام قريبة من الحزب بأنه «استعمار جديد».
ولاحظتْ هذه الأوساط ان «حزب الله» أَرْفق «الهجوم» على «سيدر 1» باستعادة «الصوت العالي» ضدّ المملكة العربية السعودية وعلى نحو متدرّج، فاتحاً النار على ما وصفه بـ «التيار السعودي» في لبنان وراسماً خطاً أحمر أمام انتصار هذا التيار في الانتخابات، في خطابٍ اعتُبر إجهازاً على سياسة «النأي بالنفس» التي التزمتْ بها الحكومة ومكوّناتها داخلياً وشكّلت مرتكزاً لتحفيز المجتمع الدولي على دعم لبنان على مختلف المستويات.
وفي الطريق الى انتخابات 6 مايو التي تزداد وتيرة «التحمية» لها، قفزتْ الى الصدارة مسألة انتخاب المغتربين للمرة الأولى في 40 دولة في 27 و 29 الجاري، وسط صراعٍ يدور في شكل رئيسي بين رئيس البرلمان نبيه بري وبين رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل تحت عنوان مَن يُشْرِف على الانتخابات في الخارج.
ورفع بري، يؤيّده النائب وليد جنبلاط، من وتيرة الاعتراض على إشراف «الخارجية» على انتخابات المغتربين بالتزامن مع تشكيكٍ في «حياديتها»، ليعلن رئيس البرلمان «لن نسكت ولن نتراجع» عن المطالبة بإرسال وزارة الداخلية مراقبين الى مراكز الاقتراع في الخارج على غرار ما تفعله في الدوائر الانتخابية الـ15 في الداخل. علماً ان وزير الداخلية نهاد المشنوق كان أعلن أنّ إجراء ‏الانتخابات يتمّ بإشراف السفراء والقناصل، ولا إمكان لإرسال 140 مندوباً من ‏لبنان إلى الخارج نظراً للكلفة التي سيُرتبها ذلك على الخزينة.

 

(الراي)