خاص Lebanon On Time _ خالد أبو شام
يعيش لبنان مرحلة أمنية شديدة الهشاشة، إذ تتقاطع فوقه رياح الداخل والخارج، وتتداخل الأجندات الإقليمية والدولية على أرضه الضيّقة. ويتحوّل الوضع الأمني تدريجياً إلى رهينة لمعادلات كبرى تتراوح بين نزع سلاح “حزب الله”، والضربات الإسرائيلية المتكرّرة، والضغوط الأمريكية المتصاعدة، في مقابل أداء حكومي باهت لا يرقى إلى مستوى التحديات.
في الجنوب، يتواصل القصف الإسرائيلي ويحوّل القرى الحدودية إلى رهينة دائمة للتوتر. ويشكّل هذا التصعيد اختباراً مستمراً لقدرة الدولة على حماية مواطنيها، فيما يضاعف الانقسام الداخلي حول قضية السلاح هشاشة الساحة اللبنانية. ويستحضر كل فريق روايته المتناقضة: فريق يرى أنّ سلاح الحزب ضمانة، وآخر يراه خطراً وجودياً على سيادة الدولة.
من جهة أخرى، يفرض الأمريكيون أجندتهم السياسية والاقتصادية على لبنان، ويضغطون بنحو متزايد لنزع سلاح الحزب أو تقييد حركته. ويعكس هذا الضغط رغبة واضحة في إعادة رسم التوازنات الداخلية والإقليمية، غير أنّ التعاطي مع الملف يبدو أقرب إلى زيادة الاحتقان منه إلى إيجاد حلّ مستدام. ويصطدم هذا التوجّه بواقع معقّد يرتبط بالصراع مع إسرائيل وبطبيعة التوازنات اللبنانية نفسها.
في المقابل، تواصل إسرائيل إرسال رسائلها بالنار، وتستهدف مواقع يُشتبه بارتباطها بالبنية العسكرية لـ”حزب الله”، لتكريس معادلة ردع مزدوجة: ضرب الحزب واستنزاف الدولة في آن. وتثبت هذه الضربات أنّ لبنان ليس أكثر من ساحة مفتوحة لحسابات إقليمية، فيما تقف الحكومة موقف المتفرّج العاجز.
لكن، يكتفي المسؤولون بترديد بيانات إدانة دبلوماسية، ويغيب عنهم أي مشروع وطني جامع لمعالجة جذور الأزمة. ويتحوّل الخطاب الرسمي إلى محاولات لتدوير الزوايا وإطفاء الحرائق بوسائل مؤقتة، بدلاً من صياغة استراتيجية دفاعية أو خطة أمنية متكاملة. ويكشف هذا الأداء شللاً سياسياً مزمناً يجعل الحكومة عاجزة عن لعب أي دور قيادي فعلي.
وعليه، يستمر الداخل اللبناني في الدوران ضمن حلقة مفرغة من الصراع على السلاح والسيادة، وتستمر واشنطن في التلويح بالعقوبات وتقييد الاقتصاد، فيما تواصل إسرائيل فرض معادلاتها بالنار. ويزداد الخوف من أن يتحوّل لبنان إلى ساحة صراع الآخرين، في ظل غياب أي رؤية جامعة تضمن سيادته واستقلال قراره الوطني.