جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / لبنان عالِق في “حقل ألغام” قانون الانتخاب

لبنان عالِق في “حقل ألغام” قانون الانتخاب

كرّس اليوم الأوّل من جلسة المناقشة العامة للحكومة في البرلمان ملامح المأزق الذي يمكن ان ينزلق إليه لبنان بحال لم تحمل الأيام القليلة المقبلة مَخارج في ما خصّ توفير «شبكة أمان» سياسية لتجاوُز الفشل في إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري وتفادي أن يستولد هذا الأمر فراغاً في البرلمان الذي تنتهي ولايته في 20 يونيو المقبل.

وبدا واضحاً من مجريات جلسة المناقشة ومداخلات النواب التي أعقبتْ كلمة رئيس الحكومة سعد الحريري، ان غالبية الأطراف ثبّتتْ «متاريسها» لخوض «المنازلة الحاسمة» على جهتيْن متشابكتيْن هما: القانون الجديد للانتخاب الذي «يستحيل» التوافق عليه الاسبوع المقبل رغم انتقاله الى كنف مجلس الوزراء ابتداءً من الاثنين المقبل، وتمديد الضرورة (لمجلس النواب) الذي دخل «حقل ألغامٍ» مع تعاطي قوى سياسية معه وفق منطقين:

• الأول يعتمده الثنائي الشيعي رئيس البرلمان نبيه بري و«حزب الله» اللذين يتعاطيان مع التمديد على انه «رصاصة» بالغة الأهمية لهما في معركة فرْض النسبية الكاملة، على ان يحصل خلال عشرة ايام مراعاةً لاحتمالات ردّ قانون التمديد من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون (خلال شهر) ما يحتّم معاودة مجلس النواب التأكيد عليه، وكل ذلك قبل انقضاء الدورة العادية للبرلمان نهاية مايو، لأن ما بعد هذا التاريخ يصبح اي التئام له قبل انتهاء ولايته محكوماً بفتْح دورة استثنائية تحاتج حكماً الى توقيع رئيس البلاد.

والثاني يعتمده الثنائي المسيحي «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون) و«القوات اللبنانية» اللذين من شأن التمديد من خارج إقرار قانون جديد ان يُفقدهما أفضلية تَفاوُضية على مطلب القانون المختلط (يجمع بين النسبي والأكثري) وفق الصيغة التي كان تَقدّم بها أخيراً وزير الخارجية جبران باسيل، وهو ما يجعلهما يحبّذان استكمال مسار الضغط لإقرار «المختلط» ولو على حافة الفراغ الذي رسَم بري و«حزب الله» حوله خطاً أحمر مزدوجاً وفق قاعدتيْن:

• الاولى ان الفراغ في المؤسسة التي تُعتبر من حصة الطائفة الشيعية وفق منطق توزيع «كعكة السلطة» في لبنان يعني «تطيير للبلد» وشلّ كل المؤسسات من الحكومة الى رئاسة الجمهورية، وفتْح البلاد أمام «مسارات انقلابية».

• والثانية أن عدم تدارُك انتهاء ولاية البرلمان واستخدام «تمديد الاحتياط»، يمكن ان يعني العودة لإجراء الانتخابات على أساس قانون الستين النافذ حالياً باعتبار انه متى باتَ مجلس النواب «خارج الخدمة» دستورياً اي لا يمكنه التشريع، فإن لا إمكان للخروج من دوامة الفراغ إلا بخياريْن: إما انتخابات وفق القانون النافذ الذي خاض الثنائي المسيحي معركة طاحنة لإسقاطه، وإما السقوط في أزمة نظامٍ يمكن ان ترتّب إعادة النظر في مجمل التركيبة اللبنانية في لحظةٍ «الخرائط المتفجّرة» في المنطقة.

ووسط هذه «المتاريس»، حملتْ الجولة الاولى من المناقشة العامة للحكومة والتي تأتي بعد 3 أشهر من نيلها الثقة، إشارتيْن بارزتيْن:

• الأولى تكريس مطلب «حزب الله» بالنسبية الكاملة مع مرونة حيال الدوائر وفق ما عبّر النائب حسن فضل الله، وهو الموقف الذي جاء غداة حسْم الثنائي المسيحي، بكلامٍ مباشر لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، التمسك «بالمختلط» وفق صيغة باسيل الأخيرة، معتبراً ان «النسبية الكاملة ضرْب للمناصفة وديموقراطية عددية تعاكس ما نص عليه اتفاق الطائف»، رافضاً اي تمديد «بأي شكل من الأشكال، فلا عودة للستين ولا ذهاب للنسبية الكاملة وإن تعذر التوافق فسيتم طرح القانون على التصويت».

• والثانية استباق الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط انعقاد مجلس الوزراء الاثنين لمناقشة قانون الانتخاب، قارعاً بلسان الوزير السابق النائب وائل ابو فاعور «ناقوس الخطر» من اي لجوء الى التصويت على اي مشروع قانون وفق ما يصرّ الثنائي المسيحي في سياق ضغطه لإنجاز قانون «ولو قيصرياً». وقد حذّر ابو فاعور مما سماه «مغامرة غير محسوبة بالتصويت الذي يعني الانقسام»، متمنياً «ألا ندخل في اي محظور، والتوافق يبقى الاساس وآمل ألا يستسهل أحد التصويت». وكان لافتاً تولي النائب ابراهيم كنعان (من التيار الحر) الردّ على ابو فاعور مؤكداً دستورية اللجوء الى التصويت في مجلس الوزراء متى تعذَّر التوافق وبأكثرية الثلثين على مواضيع محددة وبينها قانون الانتخاب.

وبدا كلام ابو فاعور، الذي يلاقي مناخاً مماثلاً نُقل عن بري، في سياق رسْم محظورات امام الحكومة التي ستتلقّف «كرة نار» قانون الانتخاب التي يتعمّد الثنائي الشيعي رميها في اتجاهها على قاعدة ان «لحظة الحقيقة» حلّتْ و«أخذ العلم» رسمياً بالعجز عن التوافق على قانون انتخاب، بالتزامن مع جلسة المناقشة العامة التي بدا جلياً انها ستضع الحكومة في مرمى مزايداتٍ انتخابية وشعبوية ذات صلة بملفات مثل سلسلة الرتب والراوتب والموازنة، والأهمّ ملف الكهرباء الذي ينذر في جانبٍ منه بأن يضع العلاقة بين بري و«التيار الحر» على خط «التوتر العالي» في ضوء التقابُل بين وزارتيْ المال والطاقة على خلفية بعض جواني خطة الطوارئ الكهربائية وتلزيم البواخر «بمبالغ خيالية» (وفق «المالية»).

وكان لافتاً أن الحريري، الذي عاد مرتاحاً من بروكسيل حيث ترأس وفد لبنان الى المؤتمر الدولي حول مستقبل سورية، بدا مرتاباً من محاولات تحميل الحكومة مسؤولية التأخير في إنجاز قانون الانتخاب اذ قال في كلمته امام البرلمان «ان مسألة القانون الجديد عمرها سنوات وهي مسألة تم وضعها بعهدة القوى السياسية الممثَّلة جميعها في مجلس النواب واكثريتها موجودة في الحكومة، وهذا الأمر وصل الى خط النهاية ولا مفر من قانون جديد، ومسؤولية هذا القانون الجديد وطنية بمثل ما هي مسؤولية حكومية. ونحن في الحكومة راهنا على توافق سياسي تتمّ ترجمته في مجلس الوزراء، والرهان مستمرّ، ولكن اذا كان المطلوب نقل النقاش والتفاوض الى طاولة مجلس الوزراء فنحن على استعداد لهذا الامر (…)».

وبعدما عدّد إنجازات حكومته في الفترة الزمنية القصيرة، أكد «ان لبنان جزء لن يتجزأ من العالم العربي، ووجود لبنان تحت سقف التضامن العربي التزام أخوي نؤكده، ومصلحة لبنان بالتعاون مع اشقائه وليس بالتنكر لدورهم بدعمنا».

(الراي)