جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / لبنان على محكّ “التعايش الشاقّ” بين… “الماء والنار”
لبنان

لبنان على محكّ “التعايش الشاقّ” بين… “الماء والنار”

بدأتْ «قضية القدس»، في ضوء قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بها عاصمةً لاسرائيل ونقْل سفارة بلاده إليها، تُثْقِل على الواقع اللبناني الذي يبدو أمام اختبارِ مدى القدرةِ على توفيرِ تَعايُشٍ بين موجباتِ حفْظ الاستقرار الداخلي على قاعدةِ تَفاهُمِ النأي بالنفس الذي حظي بغطاءٍ دولي، وبين «موجاتِ» التحدّياتِ المتدحْرجة التي تطلّ برأسها من الوقائع الجديدة التي أفرزتْها الخطوةُ الدراماتيكية لترامب وتداعياتها المحتملة على الصراع العربي – الاسرائيلي الذي يَرْتبط به لبنان عبر «جبهته النائمة» في الجنوب.
وفيما كان قرار النأي بالنفس عن صراعات المنطقة وأزماتها وعن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية يتخذ بُعداً دولياً مع «مباركته» من مجموعة الدعم الدولية خلال اجتماعها في باريس (الجمعة الفائت) وصولاً الى معاودة طرْح المجتمع الدولي «أصْل» المشكلة على الطاولة والمتمثّلة في سلاح «حزب الله» والدعوة الى معالجته وفق «الأرضية الأممية» التي يوفّرها القرار 1559 ومن ضمن حوار داخلي تحت عنوان «الخطة الوطنية للدفاع»، فإن ارتدادات اندفاعة ترامب في ملف القدس سرعان ما طرحتْ علامات استفهام حول «الوصْفة السحرية» لتأمين مساكنةٍ كأنها «بين الماء والنار»، في ضوء الإشارات المتراكمة البالغة السلبية التي وضعت «النأي بالنفس» أمام امتحان تفسير حدوده وعناوينه.
وتبدي أوساطٌ سياسية في هذا السياق خشيةً من استخدام خطوة ترامب ذريعة للالتفاف على «النأي بالنفس» وتكريس وقائع جديدة على صعيد المزيد من إلحاق لبنان بالمشروع الاستراتيجي لإيران، وهو ما عبّرتْ عنه في شكلٍ رئيسي زيارة زعيم ميليشيا «عصائب أهل الحق» العراقية قيس الخزعلي الى الحدود الجنوبية لبيروت وبثّ فيديو في 8 الجاري عن الجولة (جرتْ قبل أيام قليلة)، قبل أن يُعطي الأمين العام لـ «حزب الله»السيد حسن نصر الله إشارة واضحة إلى أن«محور الممانعة»الذي تقوده إيران في ساحات المنطقة سيصطفّ، بعد الانتهاء من ملف«داعش»، تحت عنوان مقاومة إسرائيل، ما يجعل ملف الحزب وسلاحه والكلام عن أدواره في ساحات المنطقة أكثر تعقيداً.
فنصر الله الذي خاطب جمهوره عصر أمس بعدما لبّى دعوته الى تظاهرة ضخمة في الضاحية الجنوبية لبيروت نصرةً للقدس، حرص على إعلان و«باسم محور المقاومة، دولاً وشعوباً وفصائل»، ان هذا المحور الذي يكاد«ينهي معاركه في الاقليم ويلحق الهزيمة بكل الأدوات التكفيرية التي استخدمتها أميركا لسحقه، سيعود لتكون أولويته القدس وفلسطين وشعبها»، داعياً«جميع فصائل المقاومة في المنطقة للتواصل والتلاقي لوضع استراتيجية موحدة للمواجهة ووضع خطة ميدانية متكاملة تتوزع فيها الأدوار في هذه المواجهة الكبرى».
وفيما برز عدم نأي نصر الله بنفسه عن الهجوم على السعودية (في ملف اليمن) والبحرين، وصف قرار ترامب بأنه«عدوان سافر وبغيض وسيكون بداية النهاية لاسرائيل»التي قابلها مناصروه بهتافات«الموت لاسرائيل»بعد«الموت لأميركا».
ويُنتظر أن ترخي مجمل هذه التطورات بظلالها على الجلسة المرتقبة لمجلس الوزراء بعد غد، وهي الأولى منذ إعلان الرئيس سعد الحريري استقالته في 4 نوفمبر الماضي من الرياض ثم عودته عنها رسمياً يوم الثلاثاء الماضي بناء على تفاهُم النأي بالنفس، وسط توقعات بأن يطغى عليها عنوان القدس في ضوء الكلمة التي سيلقيها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون غداً في قمة اسطنبول، كما في ظلّ ما أعلنه وزير الخارجية جبران باسيل أمام مؤتمر القاهرة من انه«سيتقدّم بطلب من مجلس الوزراء باتخاذ كل الإجراءات الثنائية والدولية للاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وبتكريس القدس عاصمة لها».
وفي حين يفترض ألا تغيب عن الجلسة أيضاً جولة الخزعلي وتفاعلاتها بعدما طلب الحريري فتْح تحقيق في هذه الزيارة«غير الشرعية»، برزت مواقف متقدّمة لرئيس الحكومة رداً على هذه الجولة معتبراً أن«ظهور عناصر مسلحة على الحدود هو أمر مسيء للدولة ويجب ان تتصرف القوى الامنية بشكل حازم في هذا الموضوع»، مشدداً على أن«أي شخص يرفع سلاحه سيدفع الثمن، نحن لا نجلس في (جمهورية موز) بل نحن دولة، ومَن يخرق القانون فيها يدفع الثمن، وهذا الموضوع حاسم بالنسبة إلينا».
وعما رافق التظاهرة قرب مقرّ السفارة الأميركية في عوكر من أعمال شغب أول من أمس، أوضح الحريري ان«مَن يتظاهر بشكل سلمي فهذا حقه ويجب أن تدافع القوى الامنية عن هذا الحق وان يكون التظاهر سلمي»، معتبراً أن«ما حصل لو كان تظاهرة سلمية لكان أوصل صورة للعالم كله أفضل بكثير بأننا نرفض القرار الاميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل بل على العكس هي عاصمة فلسطين ونقطة على السطر».

(الراي)