جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / لبنان في مرمى ذُعْر ثلاثي الأبعاد: “كورونا” شَبَح الجراد… والجوع!
لبنان

لبنان في مرمى ذُعْر ثلاثي الأبعاد: “كورونا” شَبَح الجراد… والجوع!

يكتسب دخول لبنان رسمياً «زمن الكورونا» أبعاداً أخرى عنها في كل الدول التي اقتحمها الفيروس انطلاقاً من «بلد المنشأ» الصين.
فمنذ أن تمّ الجمعة، تسجيلُ أول إصابة بالفيروس المستجد لمواطنةٍ عائدة من قم الإيرانية جرى الحجر عليها (وحالها جيدة)، لم يعد «الرادار» اللبناني يلتقط إلا الفيروس الذي سرَقَ الأضواءَ من «الورَم» المالي الذي تَفشّى إلى القطاع المصرفي مستولداً أزمة نقدية واقتصادية ومعيشية والذي لم يعد أمام «بلاد الأرز» لمنْع تداعياته «القاتِلة» من خياراتٍ سوى إعادة هيكلة الدين العام وجدولته وفق مساراتٍ بات مسلَّماَ بها في بيروت ويبقى توقيت إعلانها من ضمن خطةٍ مازالت قيد الإعداد ويشكّل القرار شبه المحسوم بعدم سداد استحقاق سندات «اليوروبوندز» في 9 مارس المقبل أول الغيث فيها.
وفيما كان صندوق النقد الدولي يُنْهي جولة استطلاعية بناء على طلب المشورة الذي تَقَدّمت به بيروت في ملاقاة استحقاق 9 مارس والسيناريوهات التي تترتّب على الخيارات إزاءه قانونياً تجاه الدائنين الأجانب، كما المَخارج الممكنة لمجمل المأزق المالي استناداً إلى أرقام يفترض أنها باتت في حوزة وفد الصندوق، بدا أن مجموعة إشاراتٍ سلبية تتكاتف لتثبيت أن البلادَ تعيشُ «أزمة القرن» التي دهمتْها في سنة «مئوية لبنان الكبير»، وسط مفارقاتٍ تتشابك وكأنها تعيد، ولو رمزياً، تركيب «بازل» تراجيديا 1915 – 1918 التي «التهمتْ» خلالها المجاعة النادرة خُمس سكان لبنان حينها (نحو 200 ألف شخص).
ولم يكن عابراً في هذا الإطار أن يطلّ، في عزّ «رعب الكورونا»، شَبَحُ الجراد برأسه مجدداً، هو الذي كانت جحافله مهّدتْ للمجاعة الكبرى، فاتحة الطريق أمام أمراض التيفوئيد والكوليرا التي ساهمَ في تداعياتها الفتّاكة حصارٌ بري وبحري على ضفاف الحرب العالمية الأولى.
وعلى وقع أسرابِ الجراد التي تغزو أكثر من دولة في المنطقة، وجد لبنان نفسه أمام سيناريو «لا يتمناه» وهو احتمال وصول هذه الحشرة إلى ربوعه وسط إشاعات عن أنها في طريقها إلى «بلاد الأرز» أو أن طلائعها وصلتْ، وهو ما قابله وزير الزراعة عباس مرتضى، بتغريدة طمأن فيها اللبنانيين «لإتمام خطوة تشكيل لجنة طوارئ واتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة أي انتشارٍ محتمل للجراد، فلبنان ليس منطقة تَكاثُر للجراد بسبب درجات الحرارة المتدنية إضافة الى أن الرياح الشمالية الغربية تمنع وصوله».
وما جَعَل «الخلطة الكارثية» لـ «الكورونا والجراد» تحت سماءٍ واحدة تمعن في إيقاظ الصفحات السود وذكرياتها المؤلمة لما قبل 100 عام، أن المأزق المالي وما جرّه من «ابتلاع» الدولار العملة الوطنية التي تدهور سعر صرفها إلى نحو 2500 ليرة (السعر الرسمي يبقى نحو 1507 ليرات) في السوق الموازية «الحقيقية»، جَعَلَ الجوعَ «يطرق الأبواب»، وسط صعوباتٍ في توفير آليات مستدامة لاستيراد المواد الاستراتيجية بالدولار المدعوم، و«اشتعالِ» الأسعار وتَضَخُّمها بنسبة تناهز 50 في المئة، فيما عدّاد العاطلين عن العمل منذ بدء الأزمة وما أعقبها من انفجار «تظاهرات 17 أكتوبر»، سجّل نحو 160 ألف شخص مع توقّعاتٍ كانت نُشرت بأن يرتفع خلال السنة إلى أكثر من 250 ألفاً، وتقديراتٍ بأن مليوناً الى مليوني لبناني سيعيشون تحت خط الفقر.
وإذ يُحرم اللبناني ابتداءً من اليوم من رغيف الخبز بفعل الإضراب المفتوح الذي أعلنه اتحاد نقابات المخابز والأفران حتى «إيجاد حل لمشكلة سعر صرف الدولار الذي وصل الى 2500»، وتحقيق مطلب دعْم القمح والإبقاء على وزن ربطة الخبز وسعرها كما هو، بقي «كورونا» على رأسِ الأولويات، في ظل رصْدٍ على مدار الساعة يتركز على جانبيْن: الأول إذا كان الفيروس يَتَمدَّد.
والثاني الارتدادات السياسية لهذا «الهمّ الصحي» ولا سيما في ضوء تَردُّدِ لبنان الرسمي في حظْر الرحلاتِ من وإلى إيران واكتفائه بـ «منْع اللبنانيين والمقيمين من السفر الى المناطق التي سجّلتْ إصاباتِ (وليس إلى الدول) و وقْف الحملات والرحلات إلى المناطق المعزولة في الصين، كوريا الجنوبية وإيران ودول أخرى»، وصولاً إلى تلكئه عن جدْولة عودة اللبنانيين الموجودين في إيران (قم وغيرها) ضمن عملية إجلاء سريعة، تاركاً ذلك لرحلات العودة المعتادة المحدَّدة وبينها واحدة اليوم واثنتان الأربعاء والخميس، مع ما يعنيه ذلك من زيادة خطر أن يلتقط هؤلاء الفيروس، رغم الكلام عن أن اتفاقاً حصل مع السلطات الإيرانية لعدم السماح لأي مُسافِر على هذه الرحلات بالصعود إلى الطائرة إذا ظهرت عليه عوارض الإصابة.
وإذ كان موعد الخامسة عصراً من كل يوم يتحوّل محط أنظار بعدما حُدِّد ليُصدِر فيه مستشفى رفيق الحريري الجامعي نشرةً يومية بالتعاون مع الجهات المختصة في وزارة الصحة للاعلان عن آخر المستجدات التي تحصل في موضوع«كورونا»، أكد وزير الصحة حمد حسن أنّه «تمّ إجراء فحوص لـ27 شخصاً مشتبه بإصابتهم بالفيروس، وقد أثبتت خلوّهم منه»، معلناً «بناءً على كشف اللجنة الفاحصة، نقلت سيارة مجهزة تابعة للصليب الأحمر اللبناني المواطن ع.ب. من بعلبك إلى مستشفى رفيق الحريري لإجراء الفحوص المخبرية للتأكّد من خلوه من عدوى الكورونا، وهو من ضمن ركاب الطائرة التي اكتشفت فيها أوّل حالة إصابة بالفيروس في لبنان».
وبينما كان مطار رفيق الحريري الدولي يشهد إجراءً سباقاً للوقاية من الأمراض عبر تركيب 22 جهازاً على كل الممرات المتحركة والسلالم الكهربائية في المطار تؤمن تعقيمها تلقائياً وبشكل دائم، لم تغِب السياسة عن«الكورونا»في ضوء استمرار علامات الاستفهام حول جدوى الإجراءات الاحترازية في ظل غياب السلطة عن المعابر غير الشرعية بين لبنان وسورية، وسط دعوة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «بمنع السفر من وإلى الدول التي تشهد تفشياً واسعاً للمرض، من دون الأخذ بالحسبان أي اعتبارات أخرى أو عواطف، وبالأخص الصين وإيران».
وفي موازاة ذلك، دخل «حزب الله» عبر نائبه حسن فضل الله للمرة الأولى على خط هذا الملف، معلناً «المفترض أمام (كورونا) أن يكون منطلق الخطاب المعايير الأخلاقية والإنسانية، ولكن للأسف سمعنا في اليومين الماضيين بعض الخطاب السياسي والإعلامي الذي خَرَج عن كل المعايير الانسانية والاخلاقية»، مؤكداً «الحكومة مسؤولة عن كل مواطن لبناني سواء في لبنان أو أي دولة، ولا أحد يستطيع أن يقول لهذا اللبناني لا تأتِ إلى لبنان، فإذا كان هناك لبنانيون مقيمون في بعض الدول التي أصيبت بالكورونا، فهل يحق لأحد أن يقول امنعوهم من العودة؟».

الراي