جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / لبنان مرتاب من تداعيات زجّه إيرانيا “في فوهة” المواجهة مع واشنطن
لبنان

لبنان مرتاب من تداعيات زجّه إيرانيا “في فوهة” المواجهة مع واشنطن

لم يكن عابراً أن يرتسم من فوق «فوهة البركان» في المنطقة مشهدُ لبنان وكأنه «عربة يجرّها حصانان في اتجاهيْن متعاكسيْن»، واحدٌ يعبّر عنه المسؤولون الرسميون الذين يحاولون، تحت عنوان إبقاء بيروت بمنأى عن «نار الاقليم»، إطلاقَ إشاراتِ طمْأنةٍ إلى الخارج بأن «بلاد الأرز» لن تكون أحد ميادين الردّ الذي بدأتْه طهران على اغتيال الجنرال قاسم سليماني وبضمان أمن «كل الموجودين على أرضها»، والثاني قادتْه إيران بمواقف وضعتْ لبنان في «عين العاصفة» التي نقلتْ المواجهة بينها وبين واشنطن إلى مرحلة الـ «بلا قفازات».
وبينما كانت «الكرةُ الأرضية» مشدودةً إلى بدء طهران المسارِ التنفيذي لمعادلة: «قطْع ذراعِ» سليماني تساوي «قطْع أرجل» الولايات المتحدة في المنطقة (بدءاً من العراق)، ومن خلفِ ظهْرِ التحذيرات الدولية لبيروت من الانزلاق إلى «خط النار» بعدما كان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله أعطى «رصاصة انطلاق» هذه المعركة الإيرانية بوجه واشنطن، باغَتَ لبنان الرسمي موقفان إيرانيان اكتسبا دلالاتٍ غير عادية وعكَسا انتقال «التحكم والسيطرة» على الواقع اللبناني بالكامل إلى يد طهران، وهما:
* إقحام المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي لبنان بأول ردّ انتقامي، ولو جاء «مُدوْزناً»، على اغتيال سليماني، بتشديده في معرض تعليقه على عملية فجر الثلاثاء – الأربعاء على «أن أميركا تحاول إزاحة حزب الله من لبنان لمصلحة إسرائيل، لكن الحزب يصبح أقوى كل يوم، وبات يدَ لبنان وعيْنه، وسليماني لعب دوراً في ذلك».
* والثاني ما أوردتْه وكالة أنباء الحرس الثوري بالتوازي من «أن حزب الله ينقل معدات عسكرية نحو الحدود اللبنانية مع إسرائيل».
ورغم أن زجّ الحرس الثوري، الجبهة الجنوبية بمسار «الثأر» لسليماني بدا في إطار «حرب الأعصاب» مع اسرائيل أكثر منه في سياق استعداد جدي لـ «الضغط على الزناد»، فإنّ استحضارَ هذه الجبهة في غمرة اشتداد مواجهة «وجهاً لوجه» الإيرانية مع واشنطن، معطوفةً على كلام خامنئي، أثارتْ علامات استفهام كبرى حول ارتداداتها على بيروت التي وجدتْ نفسَها فجأة أمام تَولّي طهران «النطقَ باسم» حزب الله ولبنان وربْطه بـ «قوس الانتقام» لسليماني.
وسرعان ما استقطب هذا الأمر الاهتمام من زاويتيْن:
* الأولى أنه جاء «عكس تيار» التطمينات التي يحرص لبنان الرسمي على إعطائها للمسؤولين الدوليين والسفراء الغربيين الذين واصلوا حركتَهم الـ «فوق عادية» لليوم الثاني على التوالي في اتجاه القصر الجمهوري حيث جدد الرئيس ميشال عون أمام وكيل الأمين العام للامم المتحدة للسلامة والأمن جيل «التزام لبنان تطبيق القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن»، آملاً في «ألا تؤدي التطورات الأخيرة التي حصلت في المنطقة لأي تداعيات على الساحة اللبنانية».
وفيما كان الوضع في المنطقة أيضاً محورَ لقاء عون مع سفير بريطانيا كريس رامبلينغ، أعلن الناطق باسم قوة «اليونيفيل» أندريا تيننتي ان «الوضع في جنوب لبنان يحافظ على هدوئه»، مؤكداً «نتابع الوضع في المنطقة وأنشطتنا لم تتغيّر وكذلك اجراءاتنا الأمنية. كما أن رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام اللواء ستيفانو دل كول يواصل التنسيق مع كلا الطرفين لمنْع أي سوء فهم وتقليل التوتر والحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق».
* والزاوية الثانية مدى ارتباط «التاريخ الفاصل» الذي شكّله اغتيال سليماني (وفق توصيف نصرالله) ومقتضيات مرحلة ما بعده بحسب ما حدّدتْه إيران، بـ «الهبّة التشاؤمية» التي لفحت أمس مسار تأليف الحكومة الجديدة في لبنان الذي ساده مناخٌ سلبي يُخشى أن يكون عاد معه إلى «نقطة الصفر».
فبعد مؤشراتٍ أوحتْ بتَجاوُز التعقيدات الرئيسية ذات الصلة خصوصاً ببعض الأسماء والحقائب المسيحية (لا سيما الخارجية) إضافة إلى الداخلية (من حصة رئيس الحكومة) ليبقى إسقاط أسماء وزراء الطاقة ومَن سيتولون الحقائب للمكوّن الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، تقاطعتْ معلومات عند أن «معيار» عدم توزير شخصيات من الحكومة السابقة عاد و«كَمَن» للتشكيلة التي يعمل عليها الرئيس المكلف حسان دياب، بفعل إصرار فريق عون (التيار الوطني الحر) على أن يشمل هذا المعيار الأسماء التي سبق أن شاركتْ ولو في حكومات «قديمة»، الأمر الذي «طيّر» ما قيل عن تفاهُمِ «حلٍّ وسطِ» بين دياب ورئيس الجمهورية على أن يتولى الوزير السابق دميانوس قطار (كان يصرّ عليه الرئيس المكلف في حقيبة الخارجية التي يتمسّك بها «التيار الحر») حقيبة الاقتصاد.
وفيما كانت هذه العقدة، إلى جانب خلافات مكتومة حول حجم الحكومة التي يفضّلها «التيار الحر» ورئيسه الوزير جبران باسيل من 24 وزيراً (لتفادي تحميل بعض الوزراء وزْر حقيبتين) إلى جانب الصراع الخفيّ على الثلث المعطّل ومدى التصاق بعض الوزراء بالأحزاب التي سمّتهم كاختصاصيين، تشي بأن عملية التأليف تراجعتْ خطوات إلى الوراء، فإن أوساطاً سياسية تساءلتْ عما إذا كان «إيقاظ» هذه «الألغام» يرتبط بمحاولةٍ للارتداد على حكومة «اللون الواحد» (لتحالف فريق عون -«حزب الله» وحلفائهما) من التكنوقراط المعيّنين من أحزاب لمصلحة تشكيلة تكنو – سياسية تشبه سابقتها وذلك ربْطاً بضرورات ملاقاة المرحلة المفصليّة في المنطقة، أو أن «وراء الأكمة» قرارٌ بترْك الواقع الحكومي معلَّقاً ريثما ينجلي «غبار» الموجة العاتية من المواجهة الأميركية – الإيرانية.
وإذ شكّلتْ دعوة الرئيس نبيه بري أمس إلى تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس سعد الحريري وكلامه عن ضرورة قيام «حكومة لمّ الشمل» مؤشراً إلى الرياح السلبية التي هّبت على الملف الحكومي، فإن إشارة أخرى لا تقلّ أهمية عَكَسَها موقفٌ شبه «تأنيبي» للطبقة السياسية من المنسق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش الذي أعلن «أن إبقاء لبنان بدون حكومة تتسم بالكفاية والصدقية عمل غير مسؤول في ضوء التطورات في البلد والمنطقة»، ليحضّ «الزعماء على التحرك دون مزيد من التأخير».

الراي