جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / ليالي الشمال الحزينة!
thciuxiozk3934242614922640465

ليالي الشمال الحزينة!

 

خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
لا تكاد تمرّ ليلة واحدة (بالرغم من ليالي رمضان المباركة) دون سماع رصاص، هنا وهناك، في الهواء أو على قدمي عابر سبيل أو صاحب محل أو تصفية حسابات بين شبّيحة، وما أكثرهم..وآخرها الإشتباك المروع بين عائلتين/صاحبي مولدّات في منطقة التربيعة، ما أسفر عن 3 إصابات وخسائر كبيرة في محلّات وبسطات المواطنين الذين باتوا يدفعون بدل نفوذ مافيا المولّدات مرّتين:مرّة في كلفة الإشتراك الباهظة..ومرّة في الأمن المستباح من الشبّيحة المحميين من رؤوس المافيا، المحميين بدورهم من تقاطع مصالح مع بعض الأجهزة وبعض النافذين في إدارة الدولة!
ليومين متتاليين دارت إشتباكات في منطقة التبّانة وسقط الجرحى، والسبب:المفرقعات الناريّة التي يتبادلها الأولاد بعد الإفطار، كقطعة كاتو أو حلويات عربيّة مكمّلة لمأدبة الإفطار.صحيح أنّ المحافظ رمزي نهرا قد أصدر قراراً بإقفال المحلّات التي تبيع هذه المواد، ولكن لا تنفيذ لهذه الأوامر والقرارات التي تصدر هي من باب رفع العتب، لا أكثر ولا أقلّ، تماماً كالقرارات التي يصدرها بحقّ أصحاب المولّدات لإلزامهم بتركيب العدّادات أو بالتسعيرة الرسميّة الصادرة عن وزارة الإقتصاد..والنتيجة واحدة:حبر على ورق.والناس تدفع الثمن، أكان في الإشتباكات الدوّارة، أو في الكلفة العالية للمولّدات بالفريش دولار!
وكما في المدينة، كذلك في محيطها.إنّه “الأسبوع الأسود” بعدد الضحايا الذين سقطوا بين البدّاوي والمنية والضنيّة وعكار:قتيل في البدّاوي (وسام محرز) بسبب الصراع على النفوذ.. قتيل برصاص الثأر (عثمان عثمان) على محلّ لبيع ألواح الطاقة الشمسيّة على طريق بحنين، وقد قُتل معه المهندس حسن حمود أثناء تواجده في المحل..قتيل في بلدة العمارة (علي بريص) بسبب قطع شجرة ليمون، وقد استتبع الإشتباكات بين عائلتي الحلو وبريص حرق بيوت وسيّارات..قتيل في بلدة كفرشلان (م.ع.) بسبب إشكال بين آل قاسم وآل صبرا حول توزيع المساعدات الغذائيّة..في وادي خالد أدّى إشتباك لخلافات سابقة إلى مقتل إمرأة حامل..كلّ هذا ولا نزال في منتصف الشهر الفضيل!
طرابلس ومحيطها ليسوا في خير.وما يزيد الطين بلّة في المدينة أنّ الأجهزة الأمنيّة قد بدأت (مضطرّة) تلجأ إلى العادات العشائريّة في حلّ الخلافات والإشتباكات، من خلال عقد مصالحات من خارج المسار القانوني المفترض ومن خارج الإقتصاص من الفاعلين، كما جرى مؤخّراً في الزاهرية، بعد إشتباك طويل عريض بين مجموعتين مسلّحتين، ما أرعب المنطقة، وما تسبّب بتكسير العديد من السيارات العابرة و المتوقّفة في المكان:التدخّل الأمني منع الإقتتال، ولكن مَن يعوّض خسائر المواطنين، ومَن يحمي المدينة من طغيان العقليّة الريفيّة وتمدّدها في الأمن وغير الأمن؟ الخطير في هذا التطوّر، أنّ الريف الوافد الى المدينة قد بدأ يُضفي عاداته وتقاليده على حياة المدينة، بدل أن يتأثّر الريفيّ الوافد إليها بما تحمله من مفاهيم حديثة وتقدّمية؟
كلّ هذا يعود إلى تفكّك الدولة في الأساس، وإلى الغياب شبه التام للقوى السياسية التقليدية أو المستجدّة:الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي والنواب الثمانية في غيبوبة تامّة عمّا جرى ويجري..حتّى الإحتفال الأخير الذي أعدّته رئيسة جمعيّة “للخير أنت وأنا” السيّدة الناشطة ياسمين غمراوي زيادة ترحيباً بقدوم رمضان، إنّما جرى برعاية وزيرين من خارج المدينة:وزير الثقافة محمد وسام مرتضى الذي ينشط في المدينة تحت عنوان “طرابلس عاصمة للثقافة العربية للعام 2024” ووزير الإعلام زياد مكاري.أمّا السياسيون المحلّيون فبدوا كمجرّد “أكسسوار” أو ضيوف، في أحسن الأحوال، عند راعيي الإحتفال؟
طرابلس ليست في خير.وليس في أوجه المدينة (رغم بعض اللمسات التجميليّة المشكورة) ما ينبئ بأنّ قادم الأيّام سيكون أفضل، طالما أنّ تقاطع المافيا – البلطجيّة/التعاطي الأمني هو السائد فوق الساحة، فيما يغيب التعاطي السياسي غياباً يثير الشبهات!