Lebanon On Time –
أقامت “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية”، يوم السبت 11 تشرين الاول 2025، حفل إفتتاح عروض أفلام وثائقية عن طرابلس للمخرجة هلا أحمد مراد وذلك في مسرح مركز الصفدي الثقافي بطرابلس.
تكلم في المناسبة رئيس الهيئة الادارية لمؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية، د.سابا قيصر زريق، والاعلامي والناقد الفني، د.جمال فياض والمخرجة هلا مراد، كما قدم للحفل د. جان توما.
في الإفتتاح النشيد الوطني اللبناني و نشيد الفيحاء لشاعر الفيحاء سابا زريق.
توما
وقدم للحفل الدكتور جان توما بكلمة قال فيها : … كيفَ تُبْصِرُ العتمةُ النّورَ في كَرَّةِ بَكْرَةِ الفيلمِ المغلَقةِ؟ وكيف يكمشُ الفنانُ الصّورةَ ويودعُهَا شريطَ الزّمنِ؟ ألعلَّ الآتيَ من خلفِ الكاميرا هو مشلوحٌ بالتصويرِ أمامَها تعبيرًا ومشهدًا أخّاذًا؟ منذُ عبرَتْ مؤسسةُ شاعرِ الفيحاءِ سابا زريق الثقافيّةِ من الورقيّةِ إلى الرقميّةِ، تُوّازِنُ خطواتِ العبورِ بحكمةٍ. خَسِرَ الورقُ حركتَهُ ورائحتَهُ وسادَتِ الشاشةُ السّاحرةُ، وما كُنْتَ تناقِشُهُ فكرًا صُرْتَ إليه مستسلمًا أمامَ بحرِ قارورةِ السّحرِ التلفازيِّ السينمائيِّ وأنتَ عارفٌ أنَّكَ كالطفلِ أمام البلورةِ، تنامُ وحذاءُ عيدِكَ الجديدُ قُرْبَكَ، وقميصُكَ الفاتحُ اللونِ بانتظارِ استيقاظِكَ، فيما أحلامُكَ تترجَّحُ بأراجيحِ العيدِ في غفلة ٍمن الزّمنِ الملوّنِ الجميلِ المبدعِ.
أنْ تخرجَ إلى التوثيقِ يعني أنَّكَ تلتقطُ اللحظةَ وتسمّرُها على صليبٍ يدمّلُ كتفيِّ المخرجِ ثقلًا لزمنِ جميلٍ مضى ولنْ يعودَ، وإذا تساءَلَ مخرجٌ “أغدًا ألقاك” أجيب “يا حبيبًا زرت يومًا أيكه” أو “إذا عُدْتُ يومًا وشاحًا لهُدْبِك” ولكنَّ “العمرَ شراعٌ مسافرٌ تائهٌ و”يا وابور قل لي رايح على فين”. هذا يعني أنّ التوثيقَ يأتي من تراثِ الأصالةِ إلى المعاصرةِ علّ الحداثَةَ تتكىءُ على أسوارِ الياسمينِ التي أنهارَتْ ليبقى الفوحُ يُنعشُ ما يتأوّهُ على رحيلِ السنونو في كلِّ أيلولَ إلى أوكارِ الدفءِ في أزمنةِ البردِ المتوحّشِ في غيابِ إنسانيّةِ الصورةِ وسيادةِ حقِّ القوّةِ بدلَ قوّةِ الحقِّ وخسارةِ المواطنةِ الحيّةِ لمصلحةِ مواطنةٍ افتراضيّةٍ متوحشّةٍ وكاسرة ….
زريق
و تحدث الدكتور زريق فقال : لا يتَّسعُ وصفٌ لِما يُمكنُ أن تحضُنَهُ الثقافة. فهي أدبٌ وعِلمٌ وفنٌّ ومجتمعٌ وهُوية. إن أبرزَ الفعالياتِ الثقافية تركِّزُ على نشاطاتٍ أدبية، من ندواتٍ وتواقيعَ كتبٍ وما شابه، أو احتفالات فنية، وكذلك على معارضَ فنونٍ تشكيلية على أنواعِها، أو حتى على عروضِ أفلامٍ عربية أو أجنبية طويلة، قلّةٌ منها تتناولُ مواداً تاريخية. أما الأفلامُ الوثائقية، فهي قلَّما تستحوذُ على الحيِّزِ الذي تستأهِلُه؛ إن ما يميزُها عن أنواعٍ أخرى من الأفلام هو بالطبع أنها تصوِّرُ الحقيقةَ ولا تختلقُها وتدعمُها بالصورةِ والصوت وتظهِّرُها كما هي، دون اصطناعٍ أو تملُّق. غير أن التعليقَ الذي يرافقُ عادةً عروضَ مثل هذه الأفلام قد يكونُ مُنحازاً إلى جهةٍ أكثرَ من جهةٍ أخرى. وفي أضعفِ الإيمان، يثيرُ مثلُ هذا التحَيُّزِ شكوكاً في أذهانِ المشاهِدين أو بعضِهمِ، يعودُ بفائدةٍ أكيدةٍ على عمليةِ التقييمِ والتحليلِ تنتجُ عنها في غالبِ الأحيان حقيقةٌ عارية.
كان لمخرجي الأفلام الوثائقيةِ دورٌ بارزٌ في تسليط ِالأضواءِ على الأوضاعِ السياسيةِ والإجتماعية في البلادِ التي اختبرَتْها النوائب، أو أنعمَ اللهُ عليها بالاستقرار، أو منَّ عليها بجمالِ طبيعة أو حققَتْ إنجازاتٍ غيّرَتِ مُجرياتِ مسيرتِها.
وتابع: إن الفضلَ يعودُ لصديقي وصديقِ الثقافةِ في فيحائِنا، رئيسِ المجلس الثقافي للبنان الشمالي، الإعلامي الأستاذ صفوح منجد، لتعريفي إلى المخرجة، الأستاذة هلا أحمد مراد. كان لقائي الأول بها كافياً لتتبنّى مؤسستي الإضاءةَ على ما أخرجَتْهُ السيدة مراد من أفلامٍ وثائقية حول طرابلس وأبنائها، هي التي خصَّصَتْ عدداً لا يُستَهانُ به من أعمالِها لمدينتِنا الحبيبة، أخرجَتْها خلال الفترةِ الممتدة من 2013 إلى 2020، إخترتُ سِتّاً منها، تطرَّقَتْ مخرجتُنا فيها إلى نواحٍ عديدةٍ من مظاهرِ المدينةِ وعاداتِها التراثية، وهي كانت قد أُخرِجَتْ لصالحِ قناةِ الجزيرة التلفزيونية. التي عرضَتْها على شاشتِها.
تمَّ اختيارُ فيلم “قلب المدينة” الذي سوف نشاهدُهُ اليوم كباكورةِ العروض. جالتِ المخرجةُ فيه وهي تُبرزُ معالِمَ الفيحاءِ الكثيرةِ وأسواقَها وخاناتِها التراثية، مستنطقةً أبناءً لها أدلوا بدلوٍ صادقٍ وبشعورٍ أصدق حول مدينتهم.
وفي ما يأتي، نبذةٌ مقتضَبةٌ عن الأفلامِ الخمسة الأخرى التي ستُعرَضُ تِباعاً، وفقَ الجدول الذي يوزّعُ على باب هذه القاعة.
في الفيلمِ المعنون “شوقاً للركن الخامس: الحج”، أبرزَتِ المخرجةُ هذا الرُّكنِ من أركانِ الإسلام، واضعةً إياه في محيطِنا وضمنَ أُطُرِ عاداتِنا. وهذا الرُّكنُ هو ما يصبو إليه المسلمون من أي قارةٍ أتَوْا، توّاقونَ إلى الإفساحِ في المجالِ لهم، ليؤدّوا هذه الفريضة، حتى ولو أنتظروا سنواتٍ لزيارةِ مكَّةَ المكرَّمة والمدينةَ المنّورة.
وفي “العلاجِ بالتحدّي”، أضاءَتْ مخرِجتُنا على جُرأةِ بعضِ المُصابين بذاك المرضِ العُضال، والعقيمِ أحياناً، وكيف هم يتمسّكونَ بالحياةِ باعتمادِ مواقفَ ثابتةٍ وصلبةٍ وهم مصّممون على التغلُّبِ عليه، زارعينَ الأملَ في نفوسِ من يقعُ فريسةَ ذلك الخبيث.
“حيُّ الخانكة”، حيٌّ طرابلسي مجاورٌ لمعالمَ أثريةٍ بارزة في المدينة. أدخلَتْنا إليه المخرجةُ في فيلمِها وعرَّفتنا على ما يختلجُ سكانُهُ من مشاعر؛ هم الذين جارَ الدهرُ عليهم ومنَّ المولى عزَّ وجلّ بدارِ إفتاءٍ تتكفَّلُ بهم وتبلسِمُ جراحَهم.
وكم كان منصِفاً مولانا سماحةُ الدكتور مالك الشعار عندما أطلقَ على أربعةِ أبناءٍ من مدينتِنا: طفلٌ في الثالثةِ من عمرِه وأُخوةٌ له ثلاثة، لقبَ “معجزة طرابلس”، هم الذين حفظوا القرآن الكريم. ولولا المخرجة هلا أحمد مراد لبقَوا مجَهَّلين لكُثرٍ منّا.
وأخيراً وليس آخراً، لما كان وردَ للسيدة مراد أن للقادمين إلى مدينتِنا من جزيرةِ كريت اليونانية أصولٌ وأقاربُ في تلك الجزيرة، قصدَتْها واستقَتْ من أولئك الكريتيين المسلمين أصدقَ تاريخٍ عنهم وعن ظروفِ هُجرةِ آباءٍ وأجدادٍ لهم إلى فيحائنا. فكان لهم فيلمُها الوثائقي “أحفادُ كريت”.
لذلك، رَغبةً من مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية في الأفساحِ لأكبرِ عددٍ ممكنٍ من المواطنين لمشاهدة هذه الأفلام، قرَّرَتْ أن تعمَلَ على عرضِها في عدَّةِ صالاتٍ في المدينة، آملةً أن تنالَ استحسانَهم.
فياض
وارتجل الدكتور جمال فياض كلمة أشاد فيها بالمستوى الفني والموضوعي لأفلام هلا مراد، معتبراً أنها تقوم بدور توثيقي إيجابي يبرز معالم طرابلس وآثارها، ويضيء على سير شخصياتها البارزة.
وأكد فياض على أهمية استعادة جمهور السينما من خلال هذا النوع من الأعمال، لافتاً إلى أن السينما فقدت جزءاً كبيراً من جمهورها، واقترح أن تُعرض هذه الوثائقيات عبر منصات التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزة لتصل إلى جمهور أوسع.
وتوقف فياض عند فيلم “قلب مدينة: طرابلس” الذي كان باكورة أفلام المخرجة الستة عن المدينة، وأُطلق عرضه في عدة مهرجانات..
معتبراً إياه عملاً مميزاً لتسليطه الضوء على تاريخ طرابلس وحاضرها وتحدياتها. ودعا إلى عرض مثل هذه الأفلام في المدارس لتوعية الطلاب بأهمية مدينتهم وتراثها، مشيداً في الوقت نفسه بدور قناة الجزيرة الوثائقية في دعم هذا النوع من الإنتاج.
مراد
بدورها، شكرت المخرجة هلا مراد مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية على تنظيمها حفل تكريمها عن مجمل اعمالها الوثائقية وهي ستة افلام عن طرابلس العريقة، كما شكرت قناة الجزيرة الوثائقية على دعمها وإنتاجها لأفلامها، مؤكدة أن القناة عرضت جميع هذه الأعمال عبر شاشتها، كما موّلت لها مشاريع وثائقية أخرى في عدد من المدن العربية.
وتحدثت مراد عن بداياتها في العمل الإنتاجي، مشيرة إلى أنها نفذت لقناة الجزيرة الوثائقية 13 فيلماً وثائقياً، من بينها ستة أفلام عن طرابلس تناولت مواضيع سياسية ودينية واجتماعية وثقافية.
وفي سياق حديثها، كشفت مراد عن مشروع جديد قيد التنفيذ يتمحور حول اليهود العرب المعارضين للاحتلال الإسرائيلي، معربة عن أملها أن يجد هذا العمل الاهتمام والدعم اللازم من القنوات الفضائية ليُعرض أمام الجمهور قريباً.
و في الختام عرض فيلم “قلب مدينة”؛ على أن يستمر عرض الافلام الوثائقية الأخرى وفق البرنامج التالي:
– فيلم “شوقا للركن الخامس” في مسرح جمعية مكارم الاخلاق الاسلامية – يوم السبت 18/10/2025 – الساعة الخامسة عصرا
– فيلم “عالم الخانكة” في مسرح مركز العزم الثقافي – بيت الفن – الميناء – يوم الثلاثاء 21/10/2025 – الساعة الخامسة عصرا
– فيلم “احفاد كريت” في مسرح مركز الصفدي الثقافي – يوم الخميس 23/10/2025 – الساعة الخامسة عصرا
– فيلم “معجزة طرابلس” في مسرح جمعية مكارم الاخلاق الاسلامية – يوم السبت 25/10/2025 – الساعة الخامسة عصرا
– فيلم “العلاج بالتحدي” في مسرح مركز العزم الثقافي – بيت الفن- الميناء – يوم الثلاثاء 28/10/2025- الساعة الخامسة عصرا