وبحسب البيانات الرسمية، فإن أكثر من 10 آلاف شخص من عائلات تنظيم داعش وأطفالهم لا يزالون في مخيم الهول، وسط صعوبات تتعلق بمعرفة مصيرهم أو مستقبلهم.

وخلف أسوار مخيم الهول، في سهول محافظة الحسكة، الذي يزعج الحكومات في جميع أنحاء العالم، يوجد مجموعة صغيرة من الرجال والنساء الأكراد يحرسون المخيم، بعد أن تحول إلى مركز احتجاز للنساء والأطفال الذين خرجوا من مناطق سيطرة داعش عندما سقط التنظيم في مارس الماضي.

ويقبع أعضاء تنظيم داعش من الذكور البالغين، الذين نجوا من المعارك ومناطق القتال، في سجون عدة تخضع لحراسة قوات سوريا الديمقراطية شمالي سوريا.

لكن هذا المخيم لا يتبع لأي جهة، وإن كانت تديره قوات سوريا الديمقراطية. وبين أزقته المغبرة يمكن سماع ألسنة تتحدث بلغات عدة وقد وصلت إلى سوريا من أكثر من 70 دولة.

وكان من المفترض أن يكون مخيم الهول مؤقتا، لكنه لا يزال موجودا، لكنه أصبح يزعج الكثيرين، فهو غير آمن، وليس هناك خطة لما يجب فعله مع 70 ألف شخص يعيشون فيه، جلهم من النساء والأطفال.

حي الدواعش

الحي الجنوبي للمخيم، كما هو معروف، هو المكان الذي يحتجز فيه الدواعش الأجانب، أي من كل الجنسيات الأخرى غير السورية أو العراقية.

وقال أحد الحراس إن عدد من يعيشون في الحي الجنوبي، أي أبناء وزوجات الدواعش الأجانب، يقدر بحوالي 10 آلاف شخص، لكن هذا العدد غير مؤكد في ظل غياب قوائم دقيقة.

ويمكن القول إن منطقة السوق المؤقتة هي المكان الوحيد الذي يشعر فيه الموظفون من خارج المخيم بالراحة عند توجههم إلى هذا الجزء من المخيم، وتمثل فرصة لإجراء محادثات خاطفة وسريعة.

أطفال المخيم

يعيش الأطفال مع نساء الدواعش في مخيم الهول، ويمكن القول إنه أصبح حاضنة مثالية لإعادة تشكيل تنظيم داعش، ذلك أن 11 ألف طفل توقفوا عن الدراسة والتعليم، لتغدو قوانين المخيم وأحكام سكانه الموالية لداعش، مدرستهم الوحيدة في وطنهم الوحيد.

وطن، تقول إحصاءات المعنيين وتحذيراتهم، إنه أصبح بؤرة ستولد داعش من جديد، إن لم يحرك أحد ساكنا.

وولتقى مراسل سكاي نيوز بأمراة في المخيم، وكان بقربها طفل في العاشرة من عمره اسمه يوسف، وأصله من فنلندا، ويعيش مع والدته التي كانت في الخيمة.

وأثناء وجود مراسل سكاي نيوز في المخيم، طلب الطفل، حليق الرأس بعيون بنية ذات نظرات حادة، من المراسل أن “يعلن التوبة ويتوب عن خطاياه”، ثم وجه له تهديدا مرعبا: “سنقتلك.. سنذبحك”.

ولا يتذكر يوسف والده ولا يعرف أين هو، مثله في ذلك مثل كثير من الأطفال الذين يعيشون أو ولدوا في مخيم الهول، فقد ولدوا لآباء قاتلوا في صفوف داعش وقتلوا أو استسلموا.

وتجمع العشرات من الأطفال، ذكورا وإناثا ومن جميع الأعمار والجنسيات، وكانوا متسخين من جراء اللعب في منطقة مغبرة، ولا يرافقهم في هذا المكان إلا نساء متشحات بالسواد.. إنهن أمهاتهم الداعشيات.

وما يجمع كل هؤلاء الأطفال، هو ألا أحد يريد أو يدري كيفية التعامل معهم في أوطانهم الأصلية.

مثل يوسف، هناك إبراهيم، وهو أصلا من روسيا، لكنه أكثر حظا من غيره، فاسمه قد يكون واردا على قوائم من يتم التحضير لعودتهم إلى بلادهم.

ووفقا للمعلومات، قبلت روسيا بعودة 4 أطفال من المخيم إلى عائلاتهم الأصلية في داغستان والشيشان، كذلك فعلت ألمانيا، بقبولها عودة 4 من أطفالها.

ومع استثناءات قليلة، مثل السويد وفنلندا وهولندا، فإن الدول تبدو غير مستعدة لإعادة مواطنيها إلى الوطن، فيما يبقى الملف محل جدل وبحث بين القبول والرفض في فرنسا، وغيرها من الدول الأوروبية.

نساء داعش

خلال وجوده في المخيم، التقى مراسل سكاي نيوز بعدد من نساء الدواعش، ومن بينهن امرأة سألها: “هل ما زلتِ تؤمنين بأيديولوجية داعش؟”، فترد قائلة: “نعم بالطبع. لماذا [يجب] أن نتغير؟ إنهم يعاملوننا تماما مثل الحيوانات.. تماما مثل الكلاب”، في إشارة إلى محيطها في المخيم.

وسأل مراسل سكاي نيوز امرأة أخرى تضع النقاب: “هل يمكننا التحدث معك؟” فأجابت بالرفض، ثم قالت: “أنا حقا لا أريد أن أتحدث إليكم. آسفة”، من لهجتها بدا أنها أسترالية الأصل.

وعلى الرغم من غضبهم بعد مقتل زعيم داعش أبو بكر البغدادي، فإنهم ما زالوا يؤمنون بأن التنظيم سيعود.

لكن ليس كل الداعشيات مثل هذه المرأة، فقد قالت سونيا خضيرة إنها جاءت من إيطاليا إلى سوريا عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها.

وعند سؤالها عما إذا كانت تدرك سبب اعتقاد الحكومة الإيطالية بأنها “قد تشكل خطرا؟” أجابت بنعم، لكن عند سؤالها عما إذا كانت لا تزال تؤمن بأيديولوجية التنظيم، أجابت بالنفي.

وبالنظر إلى طبيعة المخيم، حيث لا يوجد مدرسة، فيما تكافح وكالات الإعانة والإغاثة بسبب الأمن، والرعاية الصحية في أبسط صورها، تقول سلطات المعسكر إن “المزيد من التطرف يحدث في كل وقت”.

ويمكن القول إن المخيم في الأصل هو مخيم للاجئين، كان يضم الفارين من تنظيم داعش، لكنه أصبح الآن مشتركا مع نساء الدواعش وأطفالهن.

وفي حالة عودتهن مع أطفالهن إلى بلدانهم الأصلية، سيتعرضن للملاحقات القضائية، حيث ترى العديد من الحكومات أن سياسة العودة هذه “سامة” من الناحية السياسية.

لكن عودة أطفال عائلات الدواعش تعتبر معقدة للغاية، لأن أمهاتهم المتطرفات لن يتخلين عنهم بسهولة كما يبدو.