جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / معادلة إسرائيلية جديدة: تهدئة مع حماس مقابل تصعيد مع حزب الله
02-01-20-hamas

معادلة إسرائيلية جديدة: تهدئة مع حماس مقابل تصعيد مع حزب الله

مع الاستمرار في المداولات داخل «الكابينت» (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة الإسرائيلية)، حول اتفاق التهدئة الجاري العمل على إعداده، يتضح أن هناك إجماعاً في أحزاب الائتلاف الحاكم على دعم موقف الجيش المؤيد لتسوية سريعة مع «حماس»، رغم اعتراض جهاز المخابرات العامة (الشاباك). وقالت مصادر سياسية إن رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، أقنعهم بأن التهدئة مع «حماس» ضرورة ملحة، لكي يتفرغ الجيش لمواجهة الخطر الداهم من الشمال، ويقصد تهديدات «حزب الله» اللبناني والقوات والميليشيات الإيرانية.
وقالت هذه المصادر، وفقاً للخبير العسكري لصحيفة «معاريف»، طال ليف رام، إن «قادة أجهزة الأمن وكذلك القيادة السياسية، باتوا على إجماع في الرأي بوجوب العمل الآن على محاولة استقرار الوضع في قطاع غزة من خلال إجراءات اقتصادية واسعة». وتابع: «بشكل يختلف عن الماضي، فإنه حتى بين وزراء الكابينت الأمني الحالي يوجد توافق شبه تام في هذا الشأن. ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وافق أيضاً. كما لم تعد هناك معارضة من جانب وزراء من أحزاب أخرى في اليمين الراديكالي. وعلى هذه الخلفية، تركزت مداولات الكابينت (أمس الأربعاء) على البحث في مسألة التسوية مع (حماس) وتفاصيلها».
وقال مصدر عسكري، بشكل ساخر، أمس، معلقاً على هذا الإجماع: «إنه يخيف الجيش، ويجعله يتساءل عن المصلحة السياسية الحزبية من ورائه. فقد جرت العادة أن يساند اليمين موقف الجيش في الحرب ويطالبه بمزيد منها. وقادته يهاجمون رئيس الحكومة عادة ويتهمون انضباطه، بالتهادن والتراخي». لكن المخابرات العامة الإسرائيلية، التي اعترضت على التهدئة ورفضت الاستناد لاتفاقيات مع «حماس»، كانت تؤكد باستمرار أن «التهدئة مع (حماس) تتم على حساب السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وتؤدي إلى جمود سياسي قد ينفجر في كل لحظة في وجه إسرائيل». وعرضت شريطاً على الوزراء يظهر «مجموعة من شبيبة حركة (فتح)، التي يرأسها محمود عباس، تقوم باستعراض في رام الله، أول من أمس الثلاثاء، وهم يحملون الرشاشات والبنادق، وعدد منهم كانوا يتمنطقون بأحزمة ناسفة على خصورهم». وقال مسؤول في المخابرات إن «هذه رسالة حادة من السلطة الفلسطينية، مفادها: (لا تتجاهلونا أكثر)».
وقال مصدر عسكري لمحلل الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ألكس فيشمان، إن اندفاع الجيش نحو تسويةٍ ما مع «حماس» يعود إلى الأخطار التي يراها في الشمال. وأضاف: «إمكانية أن تشرك إيران إسرائيل في المواجهة العسكرية المتصاعدة بينها وبين الولايات المتحدة هي فرصة من ناحية الجيش الإسرائيلي، ينبغي استغلالها». وبدا رئيس الأركان، كوخافي، متحمساً جداً لطرح معادلة جديدة: «تهدئة مع (حماس) وتصعيد مع (حزب الله)»، إلا إنه ارتدع قليلاً عندما رأى أن وزير الدفاع الجديد، نفتالي بنيت، من حزب اليمين الاستيطاني المتطرف، تحمس أكثر منه وراح يبث رسائل علنية لهيئة الأركان: «أريد مزيداً من السرعة». ويطلب «الانتقال من سياسة شن هجمات على سبيل الرد، ضد أهداف إيرانية في سوريا، إلى سياسة المبادرة إلى هجوم بمثابرة وبشكل متواصل. بكلمات أخرى: إذا كانت إسرائيل تهاجم اليوم أهدافاً إيرانية وسورية فقط عندما ينكشف عتاد عسكري إيراني وصل إلى سوريا بهدف تعزيز البنية التحتية العسكرية الإيرانية في سوريا وفي لبنان، فإن وزير الدفاع يعتقد أنه حان الوقت لتغيير الاستراتيجية، وعدم الانتظار إلى أن يأتي العتاد، بل ضرب أهداف إيرانية في ظل جباية ثمن باهظ في الأرواح، إلى أن يجف مسار تهريب (الأسلحة) من العراق إلى سوريا ويفهم الإيرانيون أن الاستثمار في المواجهة مع إسرائيل هو ببساطة مستنقع مغرق. ولكي يتاح هذا، فينبغي تهدئة وضع قطاع غزة».
ويشير فيشمان إلى معارضة قيادة الجيش تبني استراتيجية بنيت القتالية هذه، ولكنه يضيف أن «صاروخاً جوالاً واحداً على حيفا كفيل بأن يغير رأي هذه القيادة. فإذا استغل الإيرانيون الهجوم الأميركي الأخير في العراق كي يعاقبوا إسرائيل، فإنهم سيخدمون أولئك الذين يدعون في إسرائيل إلى استغلال الضائقة الإيرانية السياسية في العراق والضائقة الاقتصادية في الداخل، لأجل التخلص من الإيرانيين في سوريا». وعدّ فيشمان عام 2020 «عام المواجهة العسكرية بين إيران والولايات المتحدة. ويبدو أن حجر الدومينو الأول في طريق المواجهة سقط منذ هذا الأسبوع، مع تبادل الضربات على الأراضي العراقية بين الجيش الأميركي والميليشيات العراقية المؤيدة لإيران. فإذا قرر الإيرانيون إدخال إسرائيل إلى مشهد الضغوط على الولايات المتحدة، فسنجد أنفسنا في مواجهة مسلحة معهم في سوريا وربما أيضاً في لبنان». لذلك، يسارع الجيش الإسرائيلي في التفاهم مع «حماس»، على أمل تحييدها في حال نشوب حرب في الشمال. وكما يقول كوخافي، فإنه يرى أن «هناك فرصة سانحة، حيث إن (حماس) معنية بذلك وتبذل كل جهد لتثبت رغبتها».
ومع ذلك؛ فقد أكدت مصادر في تل أبيب أن «احتمال اختراق دراماتيكي مع (حماس) ليس عالياً، بسبب السياسة الإسرائيلية والأجواء الانتخابية وما يرافقها من عثرات تقيد وتكبل يدي اجتماع الكابنيت، وتترك إسرائيل توافق على منح تسهيلات وإقرار مشاريع بقيادة دولية لكنها بعيدة عن طموحات (حماس). فهي توافق على توسيع التصاريح للتجار للخروج من قطاع غزة إلى إسرائيل، من ألف تاجر كل يوم إلى 5 آلاف تصريح، وتسهيلات ترتبط بمشاريع دولية، وجوانب ترتبط بتحسين اقتصاد الطاقة والكهرباء والغاز في القطاع. ويبدو أنها ستوافق أيضاً على إدخال آلاف العمال من القطاع للعمل في إسرائيل. ولكن نتنياهو يخشى من رد الفعل الجماهيري عشية الانتخابات. فالمعارضة ستتهمه بأنه يفضل (حماس) المتطرفة على السلطة الفلسطينية المعتدلة. كما أن عائلات الأسرى الإسرائيليين الخمسة ستتهمه بإهمال الأبناء، خصوصاً الجنديين غولدن وشاؤول، اللذين باتت عائلتاهما تستخدمان أسلوب عائلة شاليط في اللجوء إلى الصحافة وتنظيم الاحتجاجات حول إرسال ابنيهما إلى الحرب (وتركتموهما وراءكم)». وقد نقل على لسان عائلة غولدن، عشية البحث في الكابينت، أن «نتنياهو تعهد جماهيرياً وشخصياً بألا تكون هناك تسوية دون إعادة الأبناء. ولكن من أجل هدوء زائد، يبيع الكابينت قيم الجيش وإسرائيل».
والمعروف أن «حماس» تطالب بتحرير كل الأسرى الذين تم إطلاقهم في صفقة شاليط وأعادت إسرائيل اعتقالهم، قبل أن تبدأ مفاوضات على صفقة تبادل. ونتنياهو، حتى لو أراد، سيكون صعباً عليه تنفيذ طلب كهذا مع حكومته اليمينية، وعشية الانتخابات. لذلك فإنه بمقدار وجود تفاؤل حول التوصل لاتفاق مع «حماس»؛ توجد عقبات كبيرة.

الشرق الاوسط