جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / “موالاة كاملة”… ومن سيكون الرقيب الحقيقي؟
07-02-19-5775

“موالاة كاملة”… ومن سيكون الرقيب الحقيقي؟

أقل من أسبوع وتكتمل الصورة السياسية الداخلية، فترتدي حكومة الرئيس سعد الحريري الثالثة كامل صلاحيتها، التي يفترض ان تعبر بها الى مهمتها الصعبة التي حدّدها رئيسها بالعمل الجدي والمنتج، مسلّحة بثقة كبيرة من مجلس النواب، هي في الاساس «ثقة تحصيل حاصل»، على اعتبار انّ الحكومة بخريطتها السياسية ما هي سوى انعكاس واضح للمجلس، بحيث انّ كل المجلس تقريباً ممثّل فيها.

واضح انّ الحكومة تمضي الى مهمّتها، على صهوة هذه الثقة التي تشبه «الموالاة كاملة»، في مقابل لا معارضة، أو بمعنى أدق معارضة خجولة جداً قد تتشكّل من بضعة نواب لم يكتب لهم الدخول الى الجنة الحكومية.

وهو أمر يطرح أكثر من علامة استفهام حول اداء هذه الحكومة، أو بالأحرى «الموالاة الكاملة»، وحول من سيكون الرقيب الحقيقي على أدائها، والحسيب لها، فيما لو كانت الحكومة من دون السقف المطلوب منها والآمال المعلقة على مقاربتها ملفات الازمة بكل تشعباتها بشفافية وموضوعية وعناية مركزة، وجاء أداؤها قاصراً او شابَهُ خلل او عجز او فشل او ارتكاب او جنوح متجدد نحو الاستنسابية والمحاصصات والصفقات؟

ولعل اللافت للانتباه، هو التطمين المتكرر من قبل أهل الحكومة بأن ليس ما يبرّر الخشية التي تُبديها بعض القوى السياسية من استنساخ الحكومة الحالية للنهج الحكومي السابق بكل ما اعتراه من سقطات.

وكذلك تعمّد بعض القيّمين على الحكومة التخفيف من وطأة «الموالاة الكاملة» سياسياً ونيابياً، وتحرّر الحكومة من معارضة كابحة لأخطائها ومصوبة لمسارها إذا انحرف. ذلك انّ الحكومة نفسها ليست لوناً واحداً، وإنما هي ائتلاف من قوى سياسية لها توجهات مختلفة كل منها تشكّل موالاة ومعارضة، اي انّ الحكومة هي حكومة موالاة ومعارضة في آن معاً، هي ضابط الايقاع لنفسها وإنّ وزراءها سيلعبون دور موالاة لكلّ إنجاز وعمل وزاري جاد يخدم مصالح الناس، ومعارضة لكلّ ما يناقض ذلك.

هذا التطمين، بحسب ما تؤكد مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، يحتمل ان يؤخذ به ربطاً بالنيات التي تبديها القوى السياسية وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة نحو العمل بوتيرة مختلفة عن السابق تتوخّى العمل والاندفاع والانتاجية خلال فترة زمنية قصيرة المدى، وفق خريطة الطريق الحكومية التي سيحددها بيانها الوزاري، وكذلك وفق الموازنة العامة للدولة التي ستكون البند الاول للحكومة بعد نيلها الثقة، وبالتالي يمكن الحكم على هذا التطمين إذا ثبت انّ هذه النيات كانت مجرّد أقوال.

امّا التخفيف من وطأة «الموالاة الكاملة»، كما تضيف المصادر، فهو في ظاهره قد يبدو انه يقدم شهادة إيجابية بالحكومة وبالمنحى الذي ستسلكه، الّا انه في عمقه يحتمل تفسيراً آخر، ذلك انّ القول بحكومة موالاة ومعارضة في آن معاً قد يحوّلها الى حكومة متاريس فعلية يكمن كل وزير خلفها لزميله لأسباب سياسية او لأسباب موضوعيّة ومبرّرة، ويُزايد عليه ويضع في طريقه العراقيل حيال أيّ بند يعنيه في مجلس الوزراء وخارجه، فتتحوّل الحكومة ساعتئذ الى حكومة «عَطلّي لعَطلّك»، كمَن يطلق النار على قدميه. فضلاً عن أنّ صيغة حكومة موالاة ومعارضة في آن معاً، لا يمكن ان يكتب لها ان تحكم كما يجب في لبنان، بالنظر الى مكوّناتها المختلفة في الرؤى والتوجهات.

الجمهورية