جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / نيويورك تايمز: داعش مرض مزمن لا يمكن الشفاء منه.. لهذه الأسباب
Doc-P-570534-636892926298908893

نيويورك تايمز: داعش مرض مزمن لا يمكن الشفاء منه.. لهذه الأسباب

وردت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا للصحافي ومؤلف كتاب “طريق الغرباء: لقاءات مع تنظيم الدولة”، غرائيم وود، تحت عنوان “تنظيم الدولة مثل المرض المزمن.. يمكن إدارته لكن لا يمكن الشفاء منه”.

ويبدأ ووود مقاله، بالقول: “قبل 4 سنوات قال لي متعاطف مع تنظيم “داعش”  إن التنظيم أقوى مما يعتقد، ويمكنه أن يتعايش مع خسارة السيطرة على الأراضي كلها، وقال: “ما دام هناك شارع واحد في قرية يمكن للخليفة أن يقيم فيه الشريعة فإن الدولة ستكون شرعية وعلى المسلمين جميعهم أن يهاجروا إليها، ولا خليفة يمكنه أن ينافس أبا بكر البغدادي، ما دام يحكم ذلك الشارع بالشريعة الإسلامية”.

ويعلق الكاتب قائلا إن “الخلافة تحولت الأسبوع الماضي إلى ذلك الزقاق، واختفت تماما يوم السبت، واستطاعت قوات سوريا الديمقراطية أن تغزو آخر معقل لها، وكانت منطقة صغيرة من قرية باغوز في الشرق السوري بعد أسبوع من الحصار، وقد يكون (شارع في قرية) مبالغة لحجم تلك المساحة الأخيرة”.

ويشير وود إلى أن “المنطقة ظهرت في فيديو حديث لتنظيم الدولة، عمره أيام فقط، وكأنها ساحة خردة يدافع عنها متشردون، وقبل سنوات نشر تنظيم الدولة فيديوهات تظهر مقاتليه يعيشون بين المسابح والمتاجر المليئة بالبضائع، أما في أشرطة ساحات الخردة فيبدو أن لا أحد استحم منذ أسابيع، وكثير من السكان مشوا على عكازات، وبعض وسائط النقل العاملة كانت عبارة عن كراسي متحركة”.

ويتابع الكاتب: “أن يرى الشخص تنظيم الدولة تصل به الحال إلى هذا الأمر هو أمر يبعث على السرور، لكن بعدما استمتعنا بذلك فإنه يجب علينا أن نواجه التهديد المتبقي، وهو ليس كما قال الرئيس ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع، بأن ما تبقى هم (خاسرون.. سيعودون للظهور أحيانا)، بل هو تهديد ممنهج”.

ويلفت وود إلى أنه “يعتقد أن أكثر من 40 ألف أجنبي سافروا إلى المنطقة التي كان يسيطر علها تنظيم داعش، ومعظمهم مفقودون، وقال لي ديفيد ماليت، وهو أستاذ علوم سياسية في الجامعة الأميركية، درس المقاتلين الأجانب، إنه عندما يسافر مثل هؤلاء المقاتلين لمناطق الحروب يموت منهم الثلث في العادة، وحتى لو اعتبرنا أن نصفهم مات -فكثير ممن انضم للتنظيم كان يرغب في الموت- فإن هذا يعني أن هناك ما لا يقل عن 20 ألفا لا يزالون أحياء”.

ويضيف الكاتب: “ليست لدينا فكرة أين ذهب هؤلاء الناس، ولم يكن هناك عدد كاف منهم في باغوز، ففي الأسابيع الأخيرة خرج مقاتلو تنظيم الدولة والمدنيون من القرية، كما لو كانوا من سيارة مهرج، حيث تم اقتيادهم بأعداد لا تكاد تصدق، وكان أكثر المناظر إثارة للذهول فيديو يظهر مقاتلي التنظيم يستسلمون، مفضلين الاستسلام على الموت، وكان الطابور يضم أكثر من 250 رجلا، ومع ذلك فقد يكون هناك الكثير من المقاتلين المختبئين في الريف أكثر ممن سلموا أنفسهم أو ماتوا في باغوز”.

وينوه وود إلى أن “تنظيم الدولة كانت لديه سنوات للإعداد لهذه اللحظة، وأعلن لفترة من الوقت أنه مستسلم لخسارة بعض الأرض أو كلها في النهاية، ومع حلول مايو 2016 كان المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني يقول لأتباع التنظيم في الخارج بألا يقدموا إلى سوريا، وقال في رسالة مسجلة: “إن كان يرغب أحدكم أو يسعى للوصول إلى أراضي الدولة الإسلامية، فإن كل واحد منا يتمنى أن يكون مكانكم لنجعل أمثلة من الصليبيين، ليلا ونهارا، نخيفهم ونرعبهم، حتى يخشى كل جار جاره)، ومنذ ذلك الحين بقي بعض المتعاطفين مع الخلافة المتضائلة، في الوقت الذي بقي فيه آخرون في الخارج، أو تسللوا من المناطق المحكوم عليها بالسقوط للحفاظ على أفكار التنظيم، ولإعادة إنتاجه في مكان آخر”.

ويبين الكاتب أنه “لتعلم طرق التسلل بشكل سليم ما كان عليهم إلا العودة إلى من سبقهم من مؤسسي التنظيم، الذين كانوا من قدامى المحاربين في تنظيم القاعدة الذين فروا من تدمير الجيش الأمريكي والقبائل السنية في العراق، فاستفادوا بشكل جيد من الانسحابات التكتيكية، ولم يخسر تنظيم الدولة الحكمة المؤسسية التي سمحت لأولئك الرجال بأن يعيشوا ويعيدوا احتلال الأراضي، ابتداء ببطء ثم مرة واحدة في 2014، ونجحوا لأنهم نصبوا أنفسهم حماة للسنة، الذين لا يثقون في الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد، أو التي يقودها العلويون في دمشق، ولم تستعد العراق أو سوريا ثقة السنة”.

ويشير وود إلى أن “من بين أكثر من 40 ألف أجنبي انضموا لتنظيم الدولة، عاد عدة آلاف إلى بلدانهم، وليس دائما لمواجهة المحاكمة، ويخشى بعض المتشائمين من أن هؤلاء العائدين يشكلون طابورا خامسا، حيث أعيد تأهيلهم ظاهريا، لكن سريا هم مستعدون للهجوم عندما يؤمرون بذلك، ويثبت التاريخ أن قلقنا يجب ألا يكون بهذا الضيق”.

ويرى وود أن “الخطر لا ينبثق فقط من المخططين، لكن من أفكارهم أيضا، وكان فكر تنظيم الدولة قد انتشر قبل إعلان الخلافة بكثير، وحصل ذلك بصمت، من خلال جهود عدد قليل من الأشخاص، والعائدون من الجهاد لا يقاتلون ثانية، لكن شغفهم قد يعدي آخرين، فالمحاربون العرب في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي هم من أثروا على الجيل الذي حارب في العراق، وعدد العائدين الآن من تنظيم الدولة أكبر بكثير من العائدين من أفغانستان”.

ويفيد الكاتب بأنه “خلال عدة سنوات، فإنه حتى من وجهت له تهم إرهاب سيكون حرا ثانية، (خاصة أن الأوروبيين لا يسجنون الناس لفترة طويلة كالأمريكيين)، فمثلا جون والكر، الأميركي الذي حارب مع تنظيم القاعدة في أفغانستان، الذي حكم عليه بالسجن 20 عاما في سجن فيدرالي في 2002، سيخرج من السجن في أيار، ويبدو أنه بقي متطرفا، فمثل هذه الأفكار لا تختفي بشكل أكيد مع مرور الوقت، بل أحيانا تصبح أكثر تركيزا، تحضيرا لموجة جديدة من المؤمنين الحقيقيين، الذين يجندهم الجيل القديم”.

ويختم وود مقاله بالقول إن “تنظيم داعش مثل مرض الهربس: يمكن إدارته، لكن لا يمكن الشفاء منه، وبدأت سوريا بالتعافي وقد تتعافى، وفي مناطق أخرى فإن الحالة في سبات على أفضل تقدير، وسيعود المرض ثانية”.

المصدر: عربي 21 – نيويورك تايمز