جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / “وصاية دولية” تحوم فوق لبنان!
لبنان

“وصاية دولية” تحوم فوق لبنان!

يُعانِدُ لبنان الانجرارَ إلى «مَلاعِب النار» في المنطقة و«السقوطَ» في حفرةِ المأزق المالي – الاقتصادي في الداخل، بما يَعْكِسُ حراجةَ واقعِهِ الذي تَتَجاذَبُهُ «أعاصيرُ الإقليمِ» وكوابيسُ انهيارٍ من «الخاصرة الرخوة» التي يشكّلها انكشافُهُ على مديونيةٍ «قياسية» وعواملَ مُفَرْمِلةٍ للنمو.

وتَقاسَمَتْ همومُ الخارجِ والداخلِ و«جَبَهاتُهُما» المَشْهَدَ اللبناني أمس كما كل يوم في الفترة الأخيرة، وسط «استنفارٍ مكتومٍ» في ملاقاةِ أحداث تَرْتقي إلى المستوى «الوجودي» في المنطقة ويشكّل لبنان «نقطة تَقاطُع» فيها، واستحقاقاتٍ داخليةٍ لا تقلّ مصيريةً.
وفي هذا الإطار، اتجهتْ «البوصلة» اللبنانية نحو «رقعةِ الشطرنج» الإقليمية وما تشهده من عملياتِ هجومٍ ودفاعٍ على المَحاور الثلاث المُتُشابِكَة: المواجهةُ الأميركيةُ – الإيرانيةُ الآخِذَةُ في التصاعُد، «صفقةُ القرنِ» التي تتلمّسُ طريقَها الصعب، ومستقبلُ الأزمةِ السوريةِ ودورُ إيران فيها.
وإذ تَتَحَسَّبُ بيروت لمآلِ «عض الأصابع» بين واشنطن وطهران على تخوم عقوبات «الخنْق الاقتصادي» لإيران وفصولها الجديدة التي حملتْ أبعاداً سياسية بإدراج المرشد الأعلى علي خامنئي على لائحة العقوبات ومحاولة الولايات المتحدة «تدويل» أمن مضيق هرمز، فإنّ «عمى الألوان» ما زال يخيّمُ على كل الطبقة السياسية اللبنانية في ما خصّ خيارات «حزب الله» حيال متى وكيف وبأي ظرفٍ يمكن أن يقتاد البلاد إلى «خط النار» في المنطقة، رغم الاقتناع الذي يزداد يوماً بعد آخَر بأن الحزبَ مَتْروكٌ لمرحلةِ «الحرب الشاملة» إذا خرجتْ معركة ترسيم «توازن الردع» عن السيطرة.
وفيما كانت الأوساط السياسية تتلقى بقلقٍ حضور «حزب الله» في القمة الأمنية الأميركية – الروسية – الاسرائيلية التي انعقدت أمس في تل أبيب من ضمن مناقشة مستقبل وجود إيران وأذرعها في سورية وأمن اسرائيل، فإنّ الارتياح للإجماع اللبناني على رفْض «صفقة القرن» ومقدّماتها الاقتصادية وعلى مقاطعة «ورشة المنامة» لم يبدّد المَخاوف من تداعيات غير محسوبة لهذا الملف المستجدّ وما ينطوي عليه من «لعب بالخرائط»، خصوصاً في ضوء أسئلة بدأتْ تتطاير حيال مسألتيْن: إذا كان الجزء الأوّل من خطة السلام الأميركية وتضمينه 6 مليارات دولار كحصة للبنان لمشاريع ترتبط بالبنى التحتية سيجعل مسار «صفقة القرن» ومؤتمر «سيدر» (أقرّ نحو 11 مليار دولار للبنان لتمويل مشاريع بنى تحتية بالدرجة الأولى) يتقاطعان بحيث يتحوّلان أداة ضغط على «بلاد الأرز» التي تخشى تحويلَ التوطينِ أمراً واقعاً.
والمسألة الثانية تَزامُنُ المرحلةِ التمهيديةِ لعمليةِ «الفرْزِ والضمِّ» في شأن «فلسطين المستقبلية» مع تحريكِ ملفِ النزاعِ الحدودي البري والبحري بين لبنان واسرائيل والذي شهدَ مؤشراتٍ إيجابيةً حول الوساطة الأميركية قبل ان تبْرز إشاراتُ فرْملةٍ جرى ربْطُها بالمناخاتِ الجديدة في المنطقة.
وبينما كان عددٌ من المخيماتِ الفلسطينية في لبنان يعبّر بالتظاهرات والإضرابات عن رفْضِ ورشةِ المنامة و«صفقة القرن» وسط حرْقِ العلميْن الأميركي والاسرائيلي في مخيم عين الحلوة (صيدا)، لم يحجب دخانُ الاحتجاجاتِ المخاض الذي تعيشه البلاد مع معاودة «صعود» الهمّ المالي – الاقتصادي الى الواجهة في ضوء أمريْن: الأوّل كشْف أرقام وُصفت بالكارثية عن النتائج المالية للعام 2018 أظهرتْ ارتفاعَ العجز الاجمالي بنسبة 66.29 في المئة مقارنة مع الفترة ذاتها من 2017 (من نحو 3.8 مليار دولار الى نحو 6.3 مليار ‏دولار) بالتزامن مع انخفاض في الايرادات وزيادة في الإنفاق.
والثاني بروز معاينة دولية لصيقة لآخر فصول استيلاد مشروع موازنة 2019 في البرلمان عبر زيارة بعثة من صندوق النقد الدولي برئاسة كريس جارفيس لبيروت في محطة تستمر حتى 2 يوليو وستنتهي الى رفْع تقرير حول وضع لبنان النقدي والمالي قبل منتصف الشهر المقبل.
وبدا لافتاً حرْص وفد الصندوق على الحضّ على الإسراع بإنجاز الموازنة في أقرب وقت ضمن سقف العجز المقدَّر بـ 7.6 في المئة كتمهيد لتحرير الأموال التي يحتاج اليها لبنان من «سيدر»، وأيضاً تشجيعه على الحدّ من الخلافات السياسية التي تؤثّر على صورة البلاد.
وتزامنتْ «النصيحةُ» الدوليةُ مع وضْع «كواتمَ صوتٍ» للحروب الجانبية الدائرة بين أكثر من طرف حول إدارة الحُكْم والتعيينات التي ينطلق قطارُها اليوم في الهيئة العامة للبرلمان حيث سيتمّ انتخاب الأعضاء الخمسة في المجلس الدستوري على أن تُكْمل الحكومة في جلستها بعد غد نصاب المجلس بتعيين الخمسة الآخرين.
وإذ بقي يعتمل الصراع بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» على جبهة التعيينات، كان لافتاً بعدما همدتْ «الحرب التويترية» بين فريقيْ رئيس الحكومة سعد الحريري وزعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، إعلان الأخير «الاستقالة» من الكلام السياسي عبر «تويتر»، إذ أعلن «ان وسائل التواصل الاجتماعي اليوم قد يكون فيها ايجابيات لكن سلبياتها أكبر، ولذا قرّرتُ من الآن وصاعداً استخدام الطرق التقليدية للاتصال وهي أَضْمَن وأَدَقّ وتسمح للمراجعة والتفكير بعيداً عن التوتر والتوتّر المضاد والسجالات المُرْهِقَة من دون جدوى. لن أنشر من الآن إلا المواقف العامة أو بعض الصور».

الراي