ووقعت هذه الضربات المتبادلة -وهي الهجمات الأخطر من الجانبين في مواجهتهما بشأن الوجود الإيراني في سوريا- بعد أقل من يومين من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
وصرَّحَ وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بأنَّ الطائرات الحربية الإسرائيلية دمَّرت “جُلَّ” المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا، بعدما أطلقت إيران 20 صاروخاً على أراضٍ تابعة لإسرائيل، بدون تحقيق أهدافها. وجاءت هجمات إيران، بعد وقتٍ قصيرٍ من انسحاب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، من الاتفاق النووي، رافعةً بذلك التكهنات بأنها لن تشعر ثانيةً بتقييدٍ أميركي إزاء خرق الاتفاق النووي إذا ما هاجمت إسرائيل.
روسيا تغض الطرف
وظهرت إسرائيل بجرأةٍ غير معهودة، جزءٌ منها بسبب ما بدا أنَّه سماح استثنائي من جانب روسيا، الحليف الأهم لسوريا، الأمر الذي أتاح للإسرائيليين الرد بقوةٍ ضد القواعد العسكرية الإيرانية في سوريا. ولم تشجب موسكو الهجمات الإسرائيلية، كما كانت تفعل في السابق، وبدلاً من ذلك طالبت إسرائيل وإيران بحل خلافاتهما بالطرق الدبلوماسية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أمضى 10 ساعاتٍ في اجتماعٍ مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الأربعاء 9 أيار، لحكومته يوم الخميس إنَّه أقنع الروس بتأجيل بيع أسلحةٍ متطورةٍ لسوريا.
وتُعَدُّ كلٌّ من روسيا وإيران حليفَين في الحرب السورية دفاعاً عن النظام السوري. ولكن بعد أن ظهر أنَّ الحرب بدأت في الخمود، يرى بعض المحللين افتراقاً لأهداف روسيا وإيران؛ فموسكو تُفضِّل حكومةً مركزيةً علمانيةً قويةً في سوريا، بينما تميل طهران إلى وجود حكومةٍ أضعف، بما يسمح للمجموعات المدعومة من إيران بتدخُّلٍ كبير.
وحققت إسرائيل مكاسب جرّاء ضرباتها ضد إيران وحلفائها داخل سوريا، وهو ما ينذر بأن تُقرَّ به علناً. إلا أنَّ إيران لم ترُدّ عسكرياً حتى الآن، ما بدا أنَّه تقيُّدٌ بالاتفاق النووي في انتظار قرار ترمب بشأنه.
ورغم ذلك، فلدى الإيرانيين الكثير مما يمكن أن يفقدوه إذا ما استمر الصراع في التصاعد. فيبدو أنَّهم لا يزالون حريصين على الحفاظ على الاتفاق النووي رغم تجدُّد العقوبات الأميركية. ويشمل الاتفاق كلاً من روسيا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والاتحاد الأوروبي.
وقال أوفر زالزبرغ، المحلل بمجموعة الأزمات الدولية: “نرى الآن أنَّ نتنياهو يشعر بأنَّ الوجود الإيراني بسوريا في وضعٍ هشٍّ، مما يُمكِّنه من استهداف مواقع منه، ذلك أنَّ قدرات إيران لرد الضربات قد ضعُفت -وقد دُمّرت بعض هذه القواعد الإيرانية بالفعل، ربما أقل مما يدَّعي- كذلك فإنَّ إيران ليس لديها طريقٌ واضح للرد بدون تعريض نفسها للخطر”، بحسب الصحيفة الأميركية.
تصعيد خطير في المنطقة
وبحسب الصحيفة الأميركية، تظلُّ الهجمات الصاروخية تصعيداً واضحاً في المناورات الإيرانية في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن إسرائيل قد ضربت القوات الإيرانية في سوريا بعددٍ من الضربات الجوية القاتلة، فإنَّ طهران كانت مكبّلةً عن الرد، حتى الآن.
وقال جوشوا لانديس، الخبير في الشأن السوري ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما الأميركية: “على إيران أن توضح أن بإمكانها الرد، حتى وإن كان رداً ضعيفاً. ولكنها كشفت ضعفاً أيضاً؛ إذ لم يكن لصواريخها أي أثرٍ حقيقي”. وبعد الهجوم الصاروخي الإيراني، ردَّت إسرائيل رداً أشدَّ قوة بكثير.
(نيويورك تايمز – عربي بوست)