Lebanon On Time –
إيفاءً لوعدٍ قطعته مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية لعائلة المؤرخ الكبير ولمعهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي – جامعة البلمند بأن تُطبع مؤلفات له بهمتها، ها هي اليوم تضع بين أيادي القراء الطبعة الأولى من الجزء رقم 6 من المجموعة الكاملة للدكتور أسد رستم، بعد أن كانت قد اهتمت بإصدار عام 2022 الطبعة الثالثة من كل من الأجزاء الخمسة الأولى وهي على التوالي: “كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى” (الاجزاء 1 إلى 3) و “تاريخ الكنيسة” (الجزء 4) و “آباء الكنيسة – أباء القرون الخمسة الأولى” (الجزء 5).
إن ما يميز هذا المؤلف الجديد، الذي يعود الفضل بجمع محتوياته لكريمة مؤرخنا الكبير، الدكتورة لميا رستم شحادة، هو أن مضمونه ينشر للمرة الأولى، بأستثناء بعض المقالات التي رأت الدكتورة شحادة فائدة من إعادة نشرها.
وحمل غلاف الكتاب عبارة “حقائق الوجود أعمق من أن يسبر غورها عقل محدود، وحقائق الوحي كالشمس تبهر ولكنها تنير السبيل”.
يقول المؤلف في مقدمة كتابه “من آفات التعليم الجامعي في هذا البلد أيضا سياسة 6 و 6 مكرر في إنتقاء الاساتذة. أنا أفهم مثلا أن لبنان لجميع أبنائه.. ولكني لا أفهم كيف يكون إنتقاء الاساتذة على أساس تجارة سياسية ليس إلاّ، تدعمها نظرية مهزوزة هي نظرية التقسيم الطائفي.. فبهذه العملية يفقد طلابنا خيرة الأساتذة بينما يحوزون على أساتذة مسيحيين أو مسلمين جاءوا فقط إلى التعليم لأنهم ينتمون إلى هذه المذاهب بالذات.. وهذا خطأ فادح يجب أن تتداركه الدولة قبل أن يستفحل الأمر ويصبح العلاج صعبا”. ويُذكر أن جمعية اصدقاء الكتاب منحت الدكتور أسد رستم جائزة رئيس الجمهورية في العام 1926 وبلغت مؤلفاته التاريخية خمسة وثلاثين مجلدا عدا المقالات والأبحاث التي نشرها في عدد من الصحف والمجلات وهي تزيد على المائتي مقالة ألقت جميعها أضواء على ظلمات التاريخ.
ونقتطف من أقواله أثناء فترة التدريس التي مارسها قوله: لقد مرّ بين يدي حوالي مئة ألف طالب وأني فخور بعدد كبير منهم فلا تكاد وزارة في العراق أو الأردن أو لبنان أو سوريا تخلو من واحد أو إثنين أو ثلاثة منهم وبينهم أيضا الأستاذ الجامعي والعالم المنقّب والمهذب المربى، والطبيب والمهندس، وما إلى ذلك.
ويُنقل عنه نفيه ما إذا كان ما يدرس الطلاب من مواد التاريخ اللبناني كافٍ وحقيقي قوله: لا… أبداً.
وسُئل يوما: ما أفضل ما قرأت؟ أجاب: في ربع قرن مضى كتابا في تاريخ الروم للمؤرخ الفرنسي رينة غردان سنة 1854.
ومن أجمل ما رأى من روائع الفن؟ يقول: كنيسة الحكمة المقدسة التي شيدها الأمبراطور يوستنيانوس في القسطنطينية.
– وما أفضل ما سمعت؟ قال: اللحن الذي لا نزال نردده في كنائسنا.
– حققت ونشرت وألفت العديد من الكتب ما هي الكتب التي عنيت بها أكثر من غيرها؟ لعل أفضل ما قمت به هو كتابي في “مصطلح التاريخ” الذي ظهر مرة عام 1930 ثم أعيد طبعه أكثر من مرة.
– ما هي بنظرك رسالة هذا البلد عبر التاريخ؟ هي إنفتاحه للشرق والغرب في آن واحد وإسهامه في حضارتهما، وإحترامه لحرية الفكر والقول عبر العصور، فهو في نظري حصن الحرية في شرق المتوسط.
– وهو القائل: ان من يستعرض الشعور الطائفي في مدن لبنان الكبيرة منذ مئة سنة ويقارنه بما توصلنا إليه اليوم يشكر الله على السرعة في التقدم في سبيل مواطنية سليمة قائمة على الكفاءات لا على الدين.