نواف سلام… رجل دولة استثنائي في زمن الضجيج

كتب محسن السقال، Lebanon On Time –

في زمن يعج بالشعارات واللافتات والصخب الإعلامي، يطل رئيس الحكومة القاضي نواف سلام كحالة مختلفة واستثنائية في الحياة السياسية اللبنانية، رجل دولة يفضل العمل بصمت، بعيدا عن الأضواء، متسلحا بالمسؤولية الوطنية والجدية، في وقت باتت فيه الساحة السياسية تفتقر إلى رجال من طراز مماثل.

سلام، الدبلوماسي المخضرم ورجل القانون، لم يدخل يوما منذ تبوئه منصبه في بازار الشعبوية أو الاستثمار الطائفي، فهو لا يسعى إلى تكوين حشود مؤيدة من أبناء طائفته ولا يهوى تعليق الصور واللافتات الممجدة، بل يترك لأدائه الوطني أن يكون المعيار الحقيقي لتقييم مسيرته.

أسلوبه يختلف عن السائد، إذ يقوم على الالتزام الهادئ، الحكمة، والدقة في معالجة الملفات، بعيدا عن المزايدات أو الاستعراض الإعلامي، وهو بهذا النهج يقدم نموذجا عن رجل الدولة الذي يضع مصلحة لبنان فوق أي اعتبار، ويعيد إلى الأذهان صورة السياسي الذي يعمل من أجل الصالح العام لا من أجل رصيد شخصي أو شعبوي.

ولا يقتصر تمايز سلام على نهجه السياسي فحسب، بل يتجلى أيضا في شخصيته المتواضعة، فهو لا يهوى الاستعراض في أي احتفال يحضره، ولا في مواكبه حين يتنقل على الطرقات، حيث يحرص على أن يبقى قريبا من هموم الناس والسعي الى حلحلة التحديات المزمنة التي يعاني منها الوطن، بعيدا عن المظاهر الفارغة التي باتت تطغى على المشهد العام.

في كل خطوة يتخذها، يظهر نواف سلام ثابتا على مواقفه المبدئية، متمسكا بالحوار والاعتدال، مؤمنا بأن خدمة الوطن لا تحتاج إلى ضجيج ولا إلى صور معلقة على الجدران، بل إلى صدق، نظافة كف، وجرأة في اتخاذ القرار.

ولعل ما يميز تجربته أكثر هو أن التاريخ لن يغفل عن توثيق هذا النهج، وسيذكر أن نواف سلام جسد في ممارسته السياسية أسلوب رجل الدولة بكل ما للكلمة من معنى، مقدما نموذجا نادرا يحتذى به في زمن عزت فيه النماذج الحقيقية.