جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / أشرف ريفي.. ظاهرة عابرة أم مشروع زعامة
ريفي

أشرف ريفي.. ظاهرة عابرة أم مشروع زعامة

أشرف ريفي «ظاهرة» لافتة في ميزاتها ومفارقاتها: الرجل العسكري يتفرغ للعمل السياسي. المسؤول الأمني يصبح شعبيا. «ابن الدولة» يصبح الأقدر على التعاطي مع قادة ورموز الأحياء والشوارع. ابن العائلة المغمورة غير المنتمي إلى «بيت سياسي» يطمح إلى زعامة يصنعها بيده ولا يرثها عن أحد.

اكتسب ريفي الخبرة والتجربة والشهرة والشعبية بحكم موقعه الأمني الرقم واحد سنيا كمدير عام لقوى الأمن الداخلي وقربه الشديد من عائلة الرئيس رفيق الحريري، وحمله لواء الدفاع عن قضية الرئيس الشهيد والمحكمة الدولية وتصدره مشهد ١٤ آذار في الجبهة الأمنية الخلفية والثبات على خطها ومبادئها رغم التغيرات الهائلة التي حدثت وأطاحت بها.

بعد تقاعده في السلك العسكري ساد اعتقاد أن دوره انتهى هنا، ولكنه عاد من البوابة السياسية وزيرا للعدل في حكومة الرئيس تمام سلام. كان ريفي يطمح الى تولي وزارة الداخلية ولكن لم يكن له ما أراد بعدما انحاز الرئيس سعد الحريري للمشنوق أو أنه اضطر الى ذلك بسبب فيتو حزب الله على ريفي. وبعد استقالته من الحكومة بسبب تفاقم الخلاف مع الحريري بحيث لم يعودا على موجة سياسية واحدة، اعتقد كثيرون أن هذه الاستقالة هي نهاية ريفي السياسية وأن خروجه من الحكومة سيكون نهائيا وخروجا بلا عودة.

لم يأخذ أحد أشرف ريفي على محمل الجد ولم يعره انتباها واهتماما إلا بعد فوزه المدوي في انتخابات طرابلس البلدية، عندما نجح منفردا في أن يسقط لائحة مدعومة من كل القيادات والقوى السنية… كانت انتخابات طرابلس أول إنذار جدي يتلقاه الحريري بشأن التراجع الحاصل في وضعه السني والشعبي… وكان فوز ريفي في هذه الانتخابات أول مؤشر الى تغيير حاصل في الخارطة السياسية السنية، ونقطة الانطلاق في مسيرة سياسية يريدها ريفي مسيرة صاعدة بسرعة الصاروخ مع حرق المراحل واستعجال الأشياء قبل أوانها.

لم يخض ريفي غمار أو مغامرة السياسة بالطرق التقليدية المألوفة، ولم يتقدم الى منصة القيادة لاعتلائها إلا باعتماد سلاح الموقف السياسي الحاد، وتولى عمليا قيادة التيار المناوئ لحزب الله وللمحور السوري الإيراني، مستفيدا من انكفاء وتفكك ١٤ آذار وساعيا الى ملء فراغ القيادة السنية. ولكن ريفي لم ينجح في توسيع اختراقه الشعبي والسياسي. فمن جهة بالغ في تقدير قدراته وحجمه، ومن جهة ثانية ارتكب أخطاء سياسية في «التعبير» وفي التقدير عندما قال مرة إن «الحريري انتهى»، ليعود الحريري بعد أشهر الى رئاسة الحكومة و«يبعث من جديد»، وعندما أكد مرة أن العماد عون لن يكون رئيسا للجمهورية، ليفاجأ بعد أسابيع بوصوله الى قصر بعبدا… ومن جهة ثالثة شكلت عودة المستقبل والحريري الى الحكم ورئاسة الحكومة تطورا غير سار للواء ريفي الذي «طوقته» لعبة السلطة والمصالح في وقت يفتقد ومازال الى تحالفات وحلفاء.

إذا كانت الانتخابات البلدية «أضاءت» على ريفي، فإن الانتخابات النيابية هي التي تحدد مصيره ومستقبله السياسي… إنها انتخابات حاسمة. معركة حياة أو موت بالمعنى السياسي للكلمة. ولأنها كذلك، فإن ريفي يستعد لها جيدا مرتاحا الى وضعه واثقا من النتائج. وأما الهدف فهو الحصول على كتلة نيابية وازنة لا تقل عن عشرة نواب وتدخله فورا الى نادي القيادات والأقوياء على الساحة السنية، وتجعل منه رقما صعبا في المعادلة السنية وناخبا أساسيا في عملية «انتخاب» رئيس الحكومة (الاستشارات الملزمة تجعل من استشارات التكليف عملية انتخاب تجري في القصر الجمهوري بدلا من مجلس النواب). فالوزير ريفي يعرف جيدا أن وصوله الى رئاسة الحكومة في ظل الظروف والموازين الحالية أمر صعب وشبه مستحيل. وأما مرشحه المفضل فهو الرئيس فؤاد السنيورة الذي يشبهه في فرصته الصعبة وشبه المستحيلة مادام أن العمل جار بأحكام التسوية السياسية التي جاءت بالحريري رئيسا للحكومة وحددت الوزير نهاد المشنوق على مقاعد الاحتياط.

لا يحصر ريفي طموحه الانتخابي في نطاق طرابلس ولا حتى الشمال، وإنما لديه تطلعات في كل مناطق الثقل السني في لبنان، وخصوصا بيروت (الطريق الجديدة) والبقاع الغربي وإقليم الخروب، وأيضا في صيدا في حال اشتد هجوم آل الحريري عليه وساءت علاقتهم مع السنيورة… ويعتبر ريفي أن القانون الأكثري (الـ ٦٠) أفضل وأنسب له على مستوى طرابلس، ولكن قانون النسبية يخدمه ويعطيه فرصا للفوز والوجود على مستوى لبنان ولاختراق الوضعية الدقيقة والهشة لتيار المستقبل في أكثر من منطقة… لم يحدد ريفي تحالفاته السياسية في طرابلس، وربما يشعر بأنه ليس في حاجة الى التحالف مع أحد.

ولم يحددها في عكار مع أن التحالف مع خالد ضاهر يظل واردا رغم تعثر العلاقة بينهما بسبب خطأين ارتكبهما الضاهر: انتخاب عون والانفتاح على الحريري بسبب وعد تلقاه بأن يكون وزيرا في حكومته… أما الحليف المعلن من الآن فهو «المجتمع المدني» الذي يجمع عند ريفي «النخبة والشارع» المميزون والنافذون وقبضايات الأحياء… وأما الحزب السياسي الذي يبرز من الآن كمشروع تحالف فهو حزب الكتائب «المعارض». انتخابات العام ٢٠١٨ تحدد مستقبل أشرف ريفي وتحسم أمره بين أن يكون «ظاهرة عابرة» نجحت في التشويش وفشلت في التغيير والانقلاب، أو أن يتحول الى مشروع زعيم جديد آت من خارج السياق ومن خارج الطبقة السياسية… انتخابات ٢٠١٨ إما أن تكون نهاية ريفي أو تكون بدايته السياسية الفعلية.

نقلا عن الانباء