جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / الحريري: الحوار السبيل الوحيد لبناء السلم
1495715200_photo1

الحريري: الحوار السبيل الوحيد لبناء السلم

اقامت مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة والشبكة المدرسية لصيدا والجوار وحلقة التنمية والحوار بالتعاون مع جامعة AUST، حفل توزيع “جائزة المطران سليم غزال للحوار والسلم الوطني” التي نظمتها المؤسسة والشبكة والحلقة للسنة الخامسة على التوالي، بهدف ارساء قيم الحوار والمحبة واللقاء مع الآخر التي جسدها المطران الراحل في حياته ومسيرته الانسانية والوطنية لدى الأجيال الشابة، وذلك برعاية رئيسة لجنة التربية والثقافة النيابية النائب بهية الحريري ومشاركة راعي ابرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران ايلي حداد، كما شارك فيها هذا العام اكثر من 300 طالب وطالبة من 34 ثانوية ومدرسة رسمية وخاصة ومن مدارس الانروا من مختلف المناطق اللبنانية تباروا في “الشعر والقصة والمقالة والرسم”.

حضر الحفل الذي اقيم في ثانوية رفيق الحريري في صيدا، ممثل الرئيس فؤاد السنيورة طارق بعاصيري، مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان، ممثل المطران مارون العمار النائب الأسقفي للعلاقات العامة المونسنيور الياس الأسمر، المنسق العام لتيار “المستقبل” في الجنوب ناصر حمود، ممثل محافظ الجنوب منصور ضو امين سر المحافظة نقولا بو ضاهر، ممثل رئيس بلدية صيدا عضو المجلس البلدي محمد قبرصلي، رئيسة دائرة التربية في الجنوب سمية حنينة، رئيسة جامعة AUST هيام صقر، مدير دار العناية الأب طلال تعلب، رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف، السفير عبد المولى الصلح، رئيس بلدية مجدليون بطرس صليبا ورئيس حلقة التنمية والحوار اميل اسكندر وعدد من اعضاء الحلقة ومدراء وممثلو المدارس المشاركة وجمع من الطلاب والأهالي.

الطلاب

استهل الحفل بعرض فيلم عن مسيرة المطران الراحل، ثم قدمت الطالبتان نبيلة عرب من ثانوية رفيق الحريري ومنار شربجي من ثانوية الدكتور حكمت الصباغ – يمنى العيد الرسمية، مقتطفات مما كتبتاه ضمن المسابقة عن موضوع الحرية فقالت عرب ان “الحرية هي تلك الروح التي تسمو بأنفسنا نحو الأفق الجديد، وهي ميزان الحياة الذي يختل اذا ما تمادينا فيها. وانه لولا الثوار والطامحين لما نلنا الحرية في عالم يمشي على اساس قانون القوي يأكل الضعيف”، متسائلة “متى ستنعم الحمامات البيضاء بالحرية وتحلق في فضاء اوطان مشرقة بشمس الأمل”، فيما اعتبرت شربجي ان”الحرية تلك الأغنية العذبة التي تنعش انغامها الوديان الخضراء فيسمع صداها من على بعد اميال: ثوروا فلن تخسروا الا قيودكم. وان الحياة بغير حرية كجسد بغير روح، فالناس خلقوا احرارا ويجب ان يموتوا احرارا “.

بواب

ثم القى كلمة الشبكة المدرسية منسقها العام نبيل بواب فقال: “سلامي لأقلام حواركم في مجرات الزهور يا شباب لبنان، سلامي مبصرا من على كف الغيم وسط شمس مدارسكم، مرسلا في القلب من الروح الى شهد الحياة، سلامي مقامات حب واضواء حنين، حقل غبطة تسقيها عيني صغتها وعشتها خبزا وقمحا وزيتونا وزيتا على مر هذا الشرق، هذا هو صوت ابونا سليم من السماء، سلامي يصافح الوجوه في صيدون الحبيبة سلام ابيض كنقاء جمعكم ارسله سليم الملامح غزال التطلعات كأن في الصورة صدى وفي النظرة اشتياقا وسموا”.

اسكندر

وتحدث اسكندر فقال: “هذه المناسبة تتكرر وتتجدد بهمة صاحبة الرعاية والشبكة المدرسية والطلاب الأعزاء الذين ينعشونها في كل مرة. احببت في هذه السنة ان اشارككم تجربتي في موضوع دقيق وشائك، يستنفذ حيزا واسعا من اهتمامنا انه موضوع الهوية، الذي يبدأ منذ ولادة الانسان حيث يلتئم مجلس العائلة بنصاب كامل وعلى جدول اعماله بند واحد هو الوقوع على حل مناسب لإسم المولود الجديد الذي سينضم الى شجرة العائلة التي تنتمي الى واحدة من ممالك او قبائل هذا العالم، وبعد تذكرة الهوية بثلاثيتها المعهودة يضاف اليها بعد سنوات قليلة عنصر جديد هو التذكرة المدرسية، وهنا الطامة الكبرى، هل تختار العائلة مدرسة خاصة ام رسمية، دينية ام علمانية، فرنكوفونية او انغلوفونية، وبعد استشارات ومشاورات ينضم هذا الآدمي هذا المخلوق الجديد الى مجموعة المراييل الزرق او البيض او الصفر او الخضر او ما تيسر له من الوان ليصبح في يوم من الأيام خريج الجامعة الأميركية او اليسوعية او اللبنانية او أية جامعة في هذا العالم، ويرافقه هذا الحدث طيلة حياته. بعد الانخراط في ساحات العمل تكتمل عناصر هوية الانسان وهي مجموعة من المؤشرات والعلامات الفارقة بما فيها اختيار المهنة ومكان السكن والاتجاه السياسي والنقابي لتتوسع لائحة الهوية ويصبح فلانا هو نفسه الذي لا يوجد من يشبهه بين مليارات البشر على الكرة الأرضية، وهنا يجب أن اذكركم ان هذه العناصر التي يعتبرها البعض قاطعة وثابتة هي في الحقيقة متبدلة ومتغيرة، فقد يصبح فلان العازب مثلا متأهلا والمتزوج مطلقا والموظف عاطلا عن العامل والنائب او الوزير بلا نيابة ولا وزارة”.

واضاف: “قدمت هذه الأمثلة لأقول لكم اننا في كثير من الأوقات نعتبر هويتنا التي ورثناها او اكتسبناها مناقضة لهوية الآخر، بحيث نضع انفسنا في وضعية استنفار تقود الى خلاف وعداوة. وما ينطبق على الأفراد ينطبق على الدول والمجتمعات. فالعوامل الإتنية والقومية واللغوية بما في ذلك الدين والمعتقدات تتحول في لحظة معينة الى مشروع حرب قد يدوم عشرات او مئات السنين بدل ان تكون هذه الامور سببا للتكامل والتحاور والاغتناء بين البشر، وهنا يمكن ايراد امثلة عديدة للدلالة على التعقيدات الموجودة في هويتنا وفي ذاتنا، والتي نتشبث بها او نتباهى ونفتخر الى درجة تدعو الى السخرية احيانا والى الحزن والمأساوية احيانا اخرى. والأكثر غرابة ان الانسان يحاول تركيب هويته الخاصة استنسابيا، بحيث يأتي الانتماء العائلي اولا لدى البعض ثم الديني ثم المذهبي ثم الاجتماعي او الثقافي، ويأتي في المرتبة الأخيرة الانتماء المجتمعي او الوطني او القومي. قد يصير الأمر معكوسا عند بعض الناس فتتأهب هويتهم من بداية الفكرة الوطنية او المجتمعية، كما ان العديد من العناصر مشتركة وموجودة بين الناس في هويتهم ولكنهم لا يريدون الالتفات اليها ويختصرون هويتهم بعنصر واحد فقط قد يكون الدين او الاتنية او اللغة. فنقول مثلا العالم الاسلامي او العالم الأوروبي او الشعب اليهودي او الأمة العربية او الاتحاد الأوروبي وغيرها من التسميات التمييزية التي تهدف في الغالب الى الاستعلاء وبث روح التفرقة والتحدي والسيطرة على الآخر”.

وقال: “في نيتي اخيرا القول والتأكيد على ان اللون الأول والأخير في رسم الهوية الحقيقية هو انسانيتنا، وهو العنصر الثابت والمشترك بين بني البشر اجمعين. وما نكتسبه او نضيفه من عناصر جديدة على هويتنا انما هي اضافات ليست جوهرية ولا حاسمة. من هذا البعد الانساني المشترك بين البشر ادعو نفسي وادعوكم بالرغم من الاختلاف والتنوع الى العيش مع الآخر بروح التسامح الذي تقره الديانات والشرائع الدولية وعلى اساس المواطنة التي تساوي بين الجميع بدون تمييز، وهكذا ننتمي بالفعل الى مشروع سليم غزال مطران السلام والحوار والعيش الواحد، الشكر لمعالي السيدة بهية الحريري لرعايتها المستمرة لهذه الجائزة والشكر للشبكة المدرسية وللأساتذة والطلاب وكل المشاركين في هذا الحدث السنوي”.

حداد

وتحدث المطران حداد فقال: “لماذا نعطي جائزة سليم غزال، من لبنان الى العالم لم يصدر لبنان الا فكرا ورجالا. لمستني بالعمق هذه المبادرة التي تنم عن رقي وحضارة صيدا تهدي لبنان حدثا فيه عرفان جميل، ولبنان يهدي العالم رجل سلام بامتياز. سليم غزال الحائز على جائزة السلام العالمية، عرفان جميل وسلام قيمتان نحتاجهما في كل يوم، نقول في صلاتنا للراحلين ليكن ذكرهم مؤبدا. يتأبد ذكر الراحل باعماله واقواله وبصلواتنا من اجله. سليم غزال رجل مر في صيدا والمنطقة فقال وعمل واحب فاحبه الناس، ولذا يذكرونه دائما بالصلاة بالمحبة بالحديث عنه والتشبه به. اتوقف عند حادثة عشتها مع المطران سليم، مرة كنت ادرس في جامعة القديس يوسف عن العلاقات الاسلامية المسيحية وتحديدا في صيدا في المنطقة، فاستدعيت المطران سليم ليقوم بمداخلة كشهادة حياة، لما سمعه الطلاب طلبوا الي ان ادعه يكمل هو الحصص عني لأن كل ما قلته انما نابع من خبرتي معه وعنه. فطالما الأساس موجود لما البديل كما قال الطلاب، بالفعل اكمل هو التدريس وعدت طالبا في الصف وكان الطلاب مسرورين جدا. لسليم غزال رؤية رائعة جذبتهم، رؤية عن الانسان، لنبلغ الى فهمها وجب تطهير الذات من افكار مسبقة واخرى مكتسبة خاطئة”.

واضاف: “استطاع ان يقوم بهذا التمرين العقلاني والمعيوش معا ليصل الى ما هو عليه من تقبل للآخر بشكل جذاب، لا يأبه لدينه ولونه وعلمه وحضارته، الانسان الذي فيه يكفي لأحترمه ولا افضل انسانا على آخر، لهذا نعطي جائزة سليم غزال بالفعل جوابا على هذا السؤال، يجب ان نطرحه على مجتمعنا الذي عرفه ومن كان لديه الجواب الأفضل ينال الجائزة. اظن ان محور شخصيته هي نظرته الى الانسان هذه النظرة تحرر مجتمعاتنا من عقد كثيرة اولها عقدة الطائفية. من اقوال سليم غزال “حرروا ذواتكم من الطائفية انها اسوأ الأنظمة ليس فيها قيم لا مساواة ولا عدالة ولا احترام للانسان. عيب علينا خدمة المجتمع على انه مسلم او مسيحي، الكل يستحق الخدمات. العقدة الثانية هي الفساد، رأى المطران سليم ان لا ضوابط في البلاد، فالكل يختبىء وراء مخطط انتفاعي وحينما يأتي وقت القطاف توزع الحصص على فرقاء الطاولة المستديرة. هذا المنهاج يولد فسادا في التربية لأن الأداء غير مطابق للمبادىء ولا يمكننا ان نقنع اجيالنا بما لا نطبقه نحن. العقدة الثالثة التي تحدث عنها المطران سليم، هي سوء فهم الدين، نتجت هذه العقدة من استغلال الدين لمآرب خاصة حتى امست ادياننا وكأنها تعلم العنف والقتل والانتقام فتولدت الحرب بين اللبنانيين. انها حرب الجهل وخاصة جهل الدين. بينما ما يجمع الأديان اكثر مما يفرقها ولدينا فرصة ممتازة في لبنان – يقول المطران سليم – ان نصنع وطنا تزينه اديانه لا وطنا يشوه اديانه. وعقد اخرى تحدث عنها غزال، فلمن تعطى جائزته، بالضبط لمن يفكر مثله، لمن يفكر بافكاره ويتحلى بصفاته ولهم الف مبروك. اشكر منظمي هذه المبادرة القيمة الشبكة المدرسية وعلى رأسها معالي السيدة بهية الحريري ومؤسسة التنمية والحوار بشخص رئيسها اميل اسكندر وكل القيمين عليه والشكر الخاص للسيدة هيام صقر مقدمة الجوائز ولتقديرها العالي لراحلنا المطران غزال . واقول تعلمنا منكم ان لا نحتكر المطران سليم لأنه مدرسة في كل بيت وفي كل معهد وبيئة، انه نهج وافتخر انني لهذا النهج انتمي”.

الحريري

وتحدثت النائب الحريري فقالت: “إن عملية الحوار هي السبيل الوحيد لبناء السلم الوطني أو السلم الإجتماعي وإن أدوات الحوار هي أصعب بكثير من أدوات النزاع لأن في الحوار فهم عميق للمكونات الإنسانية الفكرية والثقافية والإبداعية، وإن الحوار يقوم على أساس إحترام الرأي والرأي الآخر وإحترام حرية الإعتقاد والتفكير وإبداء الرأي، من هنا فإننا نثمن غاليا ما تقوم به لجنة مسابقة جائزة “سليم غزال مطران الحوار والسلم الوطني اللبناني” من جهود مكثفة لتعميق ثقافة الحوار لبناتنا وأبنائنا وتحفيزهم على الخلق والإبداع وإظهار مهاراتهم الفكرية والثقافية والفنية والأدبية بما هم نصف الحاضر وكل المستقبل، وإنني أتوجه من الفائزات والفائزين بأحر التهاني، وأتمنى أن تكون هذه الجائزة بالنسبة لهم بداية مسار طويل من النجاحات والجوائز في العلم والمعرفة والإبداع ليبقى لبنان وطن الحرية والسلام. شكرا للأستاذ اميل اسكندر على متابعته هذه الجائزة، شكرا للمطران غزال الذي جمعنا وهو غائب، شكرا للشبكة المدرسية لصيدا والجوار، شكرا لطلابنا الأعزاء الذين نستمد منهم قوة العزيمة على المضي في الدفاع عن هذه القيم التي تغني مجتمعنا وتبعث فيه الأمل بعدما عز الأمل”.

صقر

من جهتها وجهت صقر تحية لمنظمي المسابقة على الجهد المميز الذي بذوله والى راعية الجائزة النائب بهية الحريري على مبادراتها في شتى المجالات التربوية والوطنية والانسانية، معتبرة ان هذه المسابقة تتلاقى في اهدافها ورسالة الجامعة على كل ما يعزز المواطنة والانتماء وثقافة الحوار.

لبكي

وكانت كلمة للأديب عبدو لبكي بإسم لجنة التحكيم، نوه فيها بإبداعات الطلاب المشاركين هذا العام من جميع المناطق اللبنانية وقال: “نرى فيهم غدنا المشرق غنيا بالمواهب والقدرات”.

بعد ذلك، قامت الحريري وسوسان وحداد واسكندر والأب تعلب وصقر بازاحة الستارة عن منحوتة نصفية تجسد شخص المطران الراحل سليم غزال من تنفيذ الفنان التشكيلي علي حوماني بمشاركته والفنانين علي حرب ورندة نادر وجنان بدر الدين، ومن ثم جرى تقديم شهادات تقدير لهم. وتكريم لجنة التحكيم المؤلفة من الأدباء عبدو لبكي، حمزة عبود، عماد حمزة، محمد حمام والفنانة التشكيلية داليا بعاصيري، وتوزيع الجوائز على الطلاب الفائزين في جميع فئات المسابقة، وشهادات تقديرية للطلاب المشاركين وادارات المدارس المشاركة.