جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / السنيورة والـ1701: أبلغني بري عدم قدرة “الحزب” على الصمود لأكثر من 3 أيام
FOUAD-SANIOURA

السنيورة والـ1701: أبلغني بري عدم قدرة “الحزب” على الصمود لأكثر من 3 أيام

صدر عن دار الكتاب العربي كتابان لرئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، الاول بعنوان: “المالية العامة للدولة بين التسييس والتضليل”، والثاني بعنوان: “الدين العام اللبناني التراكم والتأثيرات السلبية”. إليكم بعضاً من نصوص الكتابين إذ يتحدث السنيورة عن الاتهامات التي وجهت اليه. وفي النص الاتي عن القرار 1701 وترسيم الحدود.

… أما المسألة الرابعة فهي الاتهامات التي وجّهها حزب الله والسيد حسن نصر الله إليَّ وإلى حكومتي بعد صدور القرار 1701، مدّعيًا أنني كنت أؤخر التوصل إلى قرار في مجلس الأمن الدولي، ومضيفًا إلى ذلك العودة إلى التنكّر للنقاط السبع التي أقرّها مجلس الوزراء بالإجماع، أي بموافقة وزرائه؛ وهي التي سعى لبنان من أجل اعتمادها في قرار مجلس الأمن، والتي كنت – وفي كتاب معد للنشر – تناولتها تفصيلاً في النص التالي:

ما إن انتهت جلسة مجلس الوزراء مساء السبت في الثاني عشر من شهر آب/أغسطس 2006، والتي انعقدت للنظر في القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم 1701، والتي على أثرها جرى إقرار ذلك الاتفاق بالإجماع، حتى سرت شائعة في أوساط الحزب، وسُرِّبت إلى وسائل الإعلام، تقول إننا في حكومتي كنا نسعى إلى إطالة أمد الحرب. بطبيعة الحال، ليس لهذا القول أي أساس على الإطلاق.

لعلّ مطلقي تلك الشائعة أرادوا حرف انتباه جمهورهم عن المأساة التي خلفها الاجتياح والعدوان الإسرائيلي. وبالتالي، فقد حاول الحزب أن يوحي لأهل الضحايا البريئة والجرحى والمصابين، وللذين عانوا الأمرين من التهجير والتدمير والخسارات الاقتصادية والمالية، بأنَّ المسؤولية عما أصابهم تقع على الحكومة اللبنانية لا عليه. كان همه ألاّ يَنْسِبَ الناس، وإن بطريقة غير مباشرة، ما حلّ بهم إلى إقدامه على عملية استغلتها إسرائيل في تبرير اجتياحها.

ولفهم القصد من وراء تلك الشائعة، لا بدَّ من استعادة تسلسل الأحداث في لبنان وفي أروقة مجلس الأمن خلال الأسبوع الأخير من العدوان الإسرائيلي.

في الفترة التي اشتدت الضغوط على حزب الله وعلى المناطق المستهدفة من قبل العدو الإسرائيلي، وفي مطلع ذلك الأسبوع، كنت في زيارة سريعة للرئيس بري، وكان برفقتي المرحوم الشهيد الدكتور محمد شطح، وكان النائب علي حسن خليل حاضرًا فأبلغنا أنّ المقاومة كانت تتعرّض لضغوط عسكرية شديدة من قبل العدو الإسرائيلي مضيفا انه “لن يكون بإمكانهم الصمود لأكثر من ثلاثة أيام”.

فوجئت بذلك الكلام، ولم أعلّق عليه بشيء، وتكتمت على تلك الواقعة، ولكني تابعت جهودي كالمعتاد من أجل التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار على أساس الموقف الذي اتخذه مجلس الوزراء؛ إذ كنت اتفقت مع الرئيس بري – وكل من جانبه – على تأكيد هذا الموقف في المفاوضات مع السفراء، وفي الاتصالات مع المسؤولين في عواصم القرار، ولاسيما لجهة عدم القبول بصدور قرار مجلس الأمن تحت الفصل السابع، أو باستقدام قوات متعددة الجنسية، أو بفرض نزع سلاح المقاومة، كما كنَّا مصرين على العودة الفورية لجميع النازحين إلى بلداتهم وقراهم.

إلى ذلك، كنت من جهتي حريصًا على المطالبة بانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا على أن تحل مكانها قوات الأمم المتحدة، ريثما يعترف الجانب السوري بسيادة لبنان على تلك المزارع.

في ذلك الوقت، جرى نقاش في أروقة مجلس الأمن حول مسودة قرار بتاريخ التاسع من آب/أغسطس 2006 أعدّته الولايات المتحدة وفرنسا.

لم أوافق – وكذلك الحكومة اللبنانية – على تلك المسودة لأسباب عديدة أبرزها إنها نصت على صدور القرار بموجب الفصل السابع.

لعلّ الذين اطلقوا الشائعة التي تتهم حكومتنا بإطالة أمد الحرب جهلوا أو تجاهلوا موقف حكومتنا خلال المفاوضات. فحسب ما توفر لنا بعد ذلك من معلومات، جرت لقاءات في بيروت لممثلين عن حزب الله مع ديبلوماسيين من السفارة الفرنسية، ودار الحديث حول وقف إطلاق النار، فأشار الجانب الفرنسي إلى مسودة مشروع لوقف إطلاق النار لم توافق عليه الحكومة اللبنانية. ويبدو أن الديبلوماسيين الفرنسيين لم يُطْلعوا زوارهم على مبررات الموقف اللبناني، أو أن ممثلي حزب الله أرادوا واكتفوا بالرواية المجتزأة من أجل استعمالها في السجال السياسي.

ذلك أن الحزب – وكما أسلفت – خشي تحمّل المسؤولية عن الخسائر المباشرة وغير المباشرة، وعن المعاناة الشديدة التي أصابت لبنان واللبنانيين نتيجة الحرب، وأراد القذف بكرة النار بعيدًا منه ملقيًا المسؤولية على سواه، متنكرًا لدور الحكومة اللبنانية في دفاعها عن لبنان واللبنانيين وقيامها بواجبها كاملاً تُجاه ضحايا الحرب من المدنيين. ولم يكتف بذلك، بل بالفعل قد أخذ البلاد بعدها إلى حالة من الانقسام الوطني الخطير بتهجُّمه على الحكومة اللبنانية رغم ما حققته في الحفاظ على الوحدة الوطنية خلال فترة الحرب الأليمة.

تجدر الإشارة إلى أنّ السيد حسن نصر الله كان قد أكّد في مقابلة مع محطة (نيو.تي.في) عقب صدور القرار 1701 أنّه: “لو كنت أعلم أن عملية خطف الجنديين الإسرائيليين كانت ستؤدي إلى حرب الـ34 يومًا لما قمنا بها قطعًا” (يراجع الملحق رقم -21- ص 572 وما بعدها بشأن النص الذي كان معدًّا لعرضه على مجلس الأمن في التاسع من آب 2006 ورفضناه ورفضته الحكومة اللبنانية).

المسألة الخامسة هي ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان:

كانت هذه القضية واحدة من القضايا التي استغلّها حزب الله ومن يدورون بفلكه من أجل شن حرب بلا هوادة عليّ، ولحرف انتباه اللبنانيين عن كثير من المشكلات الوطنية والسياسية والإدارية والاقتصادية والمالية والنقدية التي تسبب بها حزب الله والأحزاب الموالية له، وكذلك لاستعمالها عقب ذلك لتعزيز المقولة التي يتذرع بها من أجل الاستمرار في الاحتفاظ بسلاحه غير الشرعي.

لقد ابتدع الحزب القضية الجديدة التي يمكن أن نطلق عليها تسمية قضية “شبعا في البحر Sheba’a sur mer”، قياسًا على ما فعله الحزب بشأن قضية مزارع شبعا ، وحاول اظهار نفسه وكأنه المدافع الوحيد عن حقوق لبنان في مياهه ومنطقته الاقتصادية الخالصة مما يسهم في تبرير استمرار تمسّكه بسلاحه.

وعمد الحزب، من خلال بعض نوابه إلى محاولة تشويه الحقائق والزعم بأن التفريط بحقوق لبنان في منطقته الاقتصادية الخالصة وقع نتيجة خطأ ارتكبته الحكومة اللبنانية التي كنت أرأسها.

ولذلك، فقد شنّ الحزب معركة إعلامية شرسة لإظهار نفسه مدافعًا عن حقوق لبنان في وجه المفرِّطين المزعومين.

وبناء على ذلك، فإنه من المفيد شرح تلك القضية الشائكة وعرض مسلسلها التاريخي على الشكل المبيَّن في الملحق رقم -22- ص 579 وما بعدها “رواية ترسيم الحدود اللبنانية”، وهو ما جرى نشره في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 23/01/2021.

وكما هو مبين في هذا الملحق، وبعد اتصالات عديدة لاحقة لما اقترحه فريديريك هوف كحل وسط – وهو الطرح الذي لم يوافق عليه لبنان – وافقت الحكومة اللبنانية على إجراء مفاوضات غير مباشرة في الناقورة برعاية الولايات المتحدة. وفي ذلك الاجتماع، تقدّم لبنان وبشكل غير رسمي بمطالب جديدة من خلال اللجنة التي عيّنها رئيس الجمهورية للتفاوض في الناقورة؛ وذلك بالإصرار على النقطة 29 بدلاً من النقطة 23، والتي تعني زيادة مساحة 1425 كلم مربع جديدة للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، وهو ما أدّى حتى الآن إلى وقف المفاوضات.

وعلى ما يبدو حتى الآن، تتزايد الضغوط من أجل تعديل المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء، والذي أقرّ، بشكل منفرد ( Unilateral ) وليس ثنائيًا أو ثلاثيًا، تحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان في القسم الجنوبي بالنقطة 23، بتعديلها لتصبح النقطة 29. والتبرير المقدَّم لذلك هو تعزيز القوة التفاوضية للبنان؛ وهو أمر – كما يبدو حتى الآن – يفتقر إلى الموضوعية، ويخدم أهدافًا شخصية لبعض المسؤولين اللبنانيين. ومن جهة ثانية، يفترض به أن يخدم أهداف من يريدون عدم التوصل إلى حل عادل ونهائي لهذه المشكلة المستعصية، وبالتالي إيجاد المبرر لاستمرار حزب الله في الاحتفاظ بسلاحه.

في هذا الخصوص، ودفعًا لأي احتمال في أن يكون هناك سوء تقدير لحدود لبنان في منطقته الاقتصادية الخالصة، كما سبق أنْ أقرَّتها وأكدتها الحكومة اللبنانية بنتيجة ما خلصت إليه ثلاث لجان متتالية شكّلتها الحكومة. ومنعًا لاستغلال هذا الأمر في السجال السياسي المحتدم في لبنان، وتسهيلاً للوصول إلى الحلّ الأمثل والعادل، أرى أن تبادر الحكومة اللبنانية إلى طلب استشارة من اثنتين أو حتى ثلاث من كبريات المؤسسات الدولية المعتبرة والعاملة في مجال تحديد الحدود الدولية في المناطق الاقتصادية الخالصة بين الدول من أجل أن تعطي رأيها بتحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان في الجنوب وكذلك في الشمال. بذلك يمكن لبنان أن يستنير بتلك الاستشارة المهنية والمحايدة، والتي تمكّنه من تعزيز موقفه التفاوضي غير المباشر الذي يمكن ان يجري مع العدو الإسرائيلي بشأن حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان مع المنطقة الاقتصادية الخالصة لفلسطين المحتلة؛ وذلك برعاية مشتركة من الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة.

من جهة أخرى، وكما هو مبين في التقرير المرفق في الملحق رقم -22- ص 579 فقد سكتت جميع الألسن عن التعليق على تحديد الحدود الشمالية للبنان، وبالذات بالنسبة للنقطة الثلاثية للبنان مع سوريا وقبرص، وهي النقطة سبعة، والتي حددها لبنان أيضًا بشكل منفرد ريثما يتم التوافق مع الجانبين السوري والقبرصي.

صحيح أنه كان من حق الجانب السوري ومن حيث المبدأ الاعتراض على النقطة 7، كما فعل في العام 2014، ولكن ليس من حقه أن يلجأ إلى تلزيم الرقعة رقم واحد في منطقته الاقتصادية الخالصة، والتي تعتدي هي والرقعة رقم اثنين المعتمدتين لدى الجانب السوري على حدود منطقة لبنان الاقتصادية الخالصة كما حددها لبنان منفردًا.

هذا الأمر أصبح بحاجة إلى ان يبادر لبنان فورًا للاعتراض على ذلك لدى الجانب السوري أولاً ولدى الأمم المتحدة، وكذلك لدى الشركة الروسية التي جرى تلزيمها، وبالتالي أن تتوقف سوريا عن هذه المخالفة، وأن يصار بالتالي إلى البدء بعقد اجتماعات مكثفة بين اللجان المختصة لدى الجانبين الشقيقين اللبناني والسوري، تمهيدًا لعقد اجتماعات ثلاثية لتحديد تلك المنطقة بشكل نهائي ما بين الفرقاء الثلاثة، اللبناني والسوري والقبرصي.

المصدر: النهار