جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / المشهد العربي مضحك ومبكي ومخجل

المشهد العربي مضحك ومبكي ومخجل

جهاد العشي –

 

نفط الخليح وماله وبالاً على الأمة العربية للعقود الماضية لأنه استقطب بعض النخب من الدول العربية واستبدل قيم الإبداع والتميّز بقيم تجميع الثروة والمال، واليوم بدأ تأثير مال الخليج يرتدّ على دول الخليج ذاتها بعد أن استخدم هذا المال لسفك دماء بريئة في سوريا والعراق وليبيا واليمن إذ لم يعد ممكناً لهذه الدول أن تستمرّ إلا بعد أن تدفع كلّ ما لديها لمن يستهدفها في الصميم وهذا ما أكده ترامب في العلن قائلاً: لماذا يعيشون منذ ثلاثين عاماً كالملوك بعائدات النفط هذه ونحن محرومون منها.
كما جدده مؤخرا احد اباطرة الحكم العالمي مهندس النظام العالمي الجديد وزير خارجية امريكا السابق هنري كسينجر بعدما كاد الناس ينسون وجوده، ان الحرب العالمية الثالثة قادمة وباتت على الابواب، والمنتصر فيها قوة واحدة هي اسرائيل وامريكا وعلى اسرائيل ان تقتل اكبر عدد ممكن من العرب وتحتل نصف الشرق الاوسط نظراً لأهميتها الاستراتجية، لأنها تحتوي على البترول وموارد اقتصادية. لتتمكن امريكا ( الماسونية) من بناء مجتمع عالمي جديد لن يكون فيه مكان سوى لحكومة واحدة تتمتع بالقوة الخارقة.
من هنا باتت الصورة واضحة حيث ان زيارة الرئيس الاميركي ترامب الى الخليج كانت تباشير ضمان صراع في الخليج يُنهي كل أطرافه المتصارعة، ويترك القواعد العسكرية والنفط والغاز لمن يخطط منذ عقود لاستخدامها لصالح امبراطوريته التي يبنيها على حطام تخلّف المتصارعين، والذين يتحاربون على خطوط في الرمال في معارك سوف تنهيهم جميعاً وتحقق أحلام أعدائهم وأطماعهم في ثرواتهم.
وفي الوقت الذي تمّ فيه استهداف سوريا وليبيا والعراق واليمن، أيقن بعض العرب أنهم في منآى عن الاستهداف، بل ظنوا أنفسهم أنهم الاصدقاء الخلّص لمن يستهدف اخوانهم وأشقاءهم وكل من يعتقد انه سينجو من الاستهداف مخطئ والدعم المقدّم له سيستمر إلى ما بعد تحقيق الأهداف المرسومة من قبل هؤلاء.
كما إن الخطط الذي يضعها الآخرون مرحلية وفي كلّ مرحلة سنشهد تطورات واستهدافات واصطفافات مختلفة ولكن الهدف الوحيد والبعيد هو ضرب هؤلاء العرب بعضهم ببعض واستنزاف مقدراتهم وطاقاتهم وتحويلهم إلى رعاع تسيطر عليه وتديره الإمبراطورية الاسرائيلية والتي تعتبر القضاء على العرب شرطاً أساسياً لهيمنتها على المنطقة واستغلال كل هذه الخيرات التي يهملها العرب أو يسيؤون استخدامها. وكأحد الأدلة الأكيدة على هذا المنحى من التفكير هو الحديث الذي جرى بين حافظ الاسد وهنري كيسنجر في المفاوضات المضنية للتوصل إلى فصل للقوات بين سورية واسرائيل بعد حرب تشرين. إذ سال الاسد كيسنجر في أيار 1974 لماذ تريد غولدا مائير أن تنشر سبعة آلاف مراقب في منطقة لا تمتد إلّا كيلومتراً واحداً فأجاب كيسنجر جواباً صادماً للأسد إذ قال:”إن الانسحاب منهج مؤلم لهم، والانتقال من السيطرة العسكرية إلى التفاهم أو التصالح السياسي سيكون مؤلماً.

لذلك يبدو اليوم المشهد العربي، وخاصة في الخليج مضحكاً ومبكياً، ومشهدٌ مخجلٌ لكلّ من يصرّ على تصنيف نفسه بأنه عربي، ويؤكد على حرصه على العروبة ومستقبل العرب فهو واهم. وليعلم الكل انه لا وجود مؤثر للعرب إلا من خلال توحيد كلمتهم والتنسيق بين البلدان التي رُسمت على أسس تجعل من الصعوبة بمكان تحقيق مثل هذا التنسيق والتوحيد. وجلّ ما يخشاه أعداء هذه الأمة هو توحيد كلمة العرب ورصّ صفوفهم. ومن الواضح اليوم، أن لقاء سوريا والعراق وفتح الحدود بينهما استوجب عدواناً مباشراً من الولايات المتحدة على القوات السورية كي لا يتمّ تحقيق هذا التواصل والذي كان ممنوعاً على البلدين على مدى نصف قرن ونيّف.
من هنا نرى انه لا يوجد خطر في العالم على العرب يعادل خطر الفرقة بينهم واصطفافهم في مواقع مختلفة لأعذار وأسباب واهية، وعجزهم التاريخي عن أن يروا حقيقة بسيطة، أن كل ما يوحدنا هو صحيح و أنّ كل ما يفرقنا هو خطأ.