جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / جعجع: العهد الذي أردناه لم يكن حتى اليوم على قدر الآمال
جعجع1

جعجع: العهد الذي أردناه لم يكن حتى اليوم على قدر الآمال

أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” أن “لنا لبناننا، ولهم لبنانهم، لنا جمهوريّة الأرز واكاليل الغار، ولهم جمهورية الموز وعروش العار. لنا حزب الآف الشهداء، ولهم حزب مليارات الصّفقات وصفقات المليارات. لنا القوة بجيشنا اللبنانيّ، ولهم استقواؤهم بعضلات خارجيّة، حافظنا على الشّرعيّة عندما دقّ الخطر على ابواب الدّولة، وهم وبكلّ بؤس ووقاحة يسخّرون الشرعيّة لخدمة الدويلة في زمن قيام الدّولة. لنا شرف التضحيّة للبنان حتّى الاستشهاد، ولهم ترف التّضحية بلبنان واللبنانيين حتّى الهجرة والموت البطيء والافلاس. نحن لبطنا الكراسي بأقدامنا مرّات ومرّات حتّى لا نساوم على مبدأ وقضيّة، وهم بروا أقدامهم وعفّروا جباههم من أجل الكراسي”.
وشدد على ان “التزام لبنان الصّراع العربيّ الاسرائيليّ هو امر مسلّم به انطلاقا من إيماننا بعدالة القضيّة الفلسطينيّة من جهة، ومن مبدأ التضامن العربيّ ووجود لبنان ضمن جامعة الدول العربيّة من جهة ثانية، ولكنّنا لا نفهم وفق ايّة أسس ومعايير يريد أحد الأطراف اللبنانيين اليوم الزجّ بلبنان وشعبه في أتون المواجهة بين الولايات المتحدة وايران؟ من غير المسموح أن يفرض على اللبنانيين أمر واقع بهذه الخطورة ليسوا معنييّن به بالأساس. وإذا كان رئيس البلاد قد وجّه رسالة الى مجلس النّواب من اجل مجموعة من الموظفين، فكيف بالحريّ إن تعلق الأمر بأرقاب وأرزاق ملايين اللبنانيين؟ إنّ مسألة بهذه الخطورة تستوجب المعالجة بهذه السّرعة وهذا الحسم وعلى هذا المستوى، قبل خراب البصرة وحريق روما، لا سمح الله”.
كلام جعجع، جاء في كلمة ألقاها عقب القداس الذي أقامه حزب “القوّات اللبنانيّة” في مقرّه العام لراحة أنفس شهداء المقاومة اللبنانيّة تحت شعار “ما راحوا”، براعية البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ممثلا بالنائب البطريركي العام على أبرشيّة جونية المطران أنطوان نبيل العنداري، في حضور: الرئيس نبيه بري ممثلا بالنائب مصطفى الحسيني، الرئيس سعد الحريري ممثلا بالنائب جمال الجراح، الرئيس السابق ميشال سليمان ممثلا بنائب رئيس مجلس الوزراء السابق سمير مقبل، النائب السابق صولانج بشير الجميّل، النائب السابق نائلة رينيه معوّض، الرئيس السابق نجيب ميقاتي ممثلا بالنائب نقولا نحاس، نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني، رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط ممثلا بالوزير أكرم شهيّب، الوزراء: فيوليت خيرالله الصفدي، كميل أبو سليمان، ريشار قيومجيان، مي الشدياق، نائب رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” النائب جورج عدوان، النواب: ستريدا جعجع، نهاد المشنوق، نديم الجميل، هنري حلو، نعمة افرام، جورج عقيص، سيزار المعلوف، زياد الحواط، شوقي الدكاش، وهبة قاطيشا، فادي سعد، أنطوان حبشي، ماجد ايدي أبي اللمع، جوزيف اسحق، أنيس نصار وجان طالوزيان، رئيس حزب “الكتائب اللبنانيّة” النائب سامي الجميّل ممثلا بالوزير السابق ألان حكيم، النائب هاغوب بقرادونيان ممثلا بعضو اللجنة المركزيّة في “حزب الطاشناق” لوي نادر، ممثل بطريرك الأرمن الكاثوليك السيد أنطوان كالايجيان، ممثل بطريك السريان الأورثوذكس الأب كيريللوس بابي، بطريرك السريان الكاثوليك الأب حبيب مراد، وكيل الطائفة الأشوريّة في لبنان المونسينيور ياترون كوليانا، رئيس طائفة الأقباط الأرثوذكس في لبنان الأمبا رويس الاورشليمي، الوزراء السابقون: ميشال فرعون، أشرف ريفي، وديع الخازن، مروان شربل، ملحم الرياشي، جو سركيس وسليم وردة، النواب السابقون: فادي كرم، عاطف مجدلاني، أمين وهبة، أنطوان نقولا، منصور البون، أنطوان زهرا، إيلي كيروز، أنطوان أبو خاطر، جوزيف المعلوف وشانت جنجنيان، رئيس حزب “الوطنيين الأحرار” النائب السابق دوري شمعون ممثلا بعضو المجلس السياسي جورج نعمان، رئيس حزب “الهانشاق” النائب السابق سيبوه قالبكيان ممثلا بنائبه مارديك جامكوجيان، رئيس الرابطة المارونيّة النائب السابق نعمة الله أبي نصر ممثلا بدوري صقر، رئيس “حركة التغيير” إيلي محفوض، نائب رئيس حركة “التجدد الديمقراطي” وفيق زنتوت، أمين عام “تيار المستقبل” أحمد الحريري ممثلا بوسام نهرا، أمين عام حزب “الكتلة الوطنيّة” بيار عيسى ممثلا بعضو اللجنة التنفيذيّة فريديريك خير، حزب “الطاشناق” إيلي طنشجيان، رئيس حركة “العدالة والإنماء” صالح المقدم، رئيس اتحاد الأشوري العالمي سارغون ماروكيل، الأستاذ الياس الزغبي، رئيس الحركة اليساريّة اللبنانيّة منير بركات، رئيس “الحركة اللبنانيّة الحر”ة بسام خضر آغا، قائد الجيش العماد جوزيف عون ممثلا بالعقيد بيار بو عساف، مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ممثلا بالعميد فؤاد خوري، مدير عام الأمن العام عباس ابراهيم ممثلا بالمقدم روك صفير، مدير عام وزارة العدل هيلانة اسكندر، مدير عام وزارة الثقافة علي الصمد، المدير العام للإستثمار في وزارة الطاقة غسان بيضون، المدير العام للمهجرين أحمد محمود، مفوض الحكومة لدى مجلس الانماء والاعمار وليد صافي، المدير العام للطرق والمباني طانيوس بولس، رئيس هيئة مجلس الخدمة المدنيّة فاطمة الصايغ عويدات، المديرة العامة لمؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانيّة لانا درغام، رئيس مجلس ادارة الهيئة اللبنانيّة لسلامة الغذاء إيلي عوض، رئيس مجلس ادارة ومديرة هيئة ادارة السير والأليات والمركبات هدى سلوم، رئيس ادارة الموظفين في مجلس الخدمة المدنيّة انطوان جبران، المدير العام للمؤسسة العامة للأسواق الإستهلاكيّة زياد شيا، مديرة البرنامج الوطني للتعليم في وزارة الشؤون الإجتماعيّة نعمت جعجع، المدير العام في مجلس النواب إيلي أنطوان الحاج، رئيس المجلس الأعلى للجمارك اسعد الطفيلي ممثلا بد. شربل خليل، المدير العام للدفاع المدني ريمون خطار ممثلا برئيس منطقة جبيل ابراهيم خوري، محافظ عكار عماد لبكي، قائمقام البترون روجيه طوبيا، مستشار الرئيس الحريري فادي أبي علام، الأمينة العامة لحزب “القوّات” د. شانتال سركيس، رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر جان فخري، رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ صالح أبو منصور، رئيس اتحاد بلديات السهل محمد مجذوب، رئيس اتحاد بلديات المتن الأعلى مروان صالحة، رئيس اتحاد بلديات جزين خليل حرفوش، رئيس اتحاد بلديات بشري إيلي مخلوف، فادي هاشم السلمان، توفيق أنطوان غانم، زاهر وليد عيدو، عدد من النقباء والإعلاميين والفاعليات الإقتصاديّة والإجتماعيّة والمدنيّة، وحشد من أهالي الشهداء وأعضاء المجلس المركزي في حزب “القوّات” والحزبيين.
وكان قد استهل جعجع كلمته بالقول: “شكر كبير جداً لغبطة أبينا البطريرك الراعي وسيدنا المطران عنداري والآباء الأجلاء وكل فرد معنا اليوم، شكر كبير للرئيس بري والرئيس الحريري… ما راحوا… استشهدوا بس ما راحوا. اللي راحوا ومن بعدون في قوات، يعني بعدون… وما راحوا. همدت انفاسهم وأسلموا الروح بسلام لكنّ روح الثورة التي أشعلوها لن تعرف الراحة والاستسلام. أغمضوا عيونهم للموت دفعة واحدة من دون النظر الى الوراء، ولكن لم ينعسوا ولو مرة واحدة أمام الأعداء”.
وتابع: “راحوا، نعم راحوا، من لبنان المزرعة راحوا، ومن لبنان اللا دولة راحوا، ومن لبنان السمسرة راحوا، من لبنان الأقزام راحوا، ومن لبنان الوصوليّة والانتهازيّة والاستئثار والفساد راحوا. لكنّهم من لبنان الحلم والوعد والأمل ما راحوا، طيفهم حاضر دائما ابدا في لبنان الكبار والعظماء، ولبنان المثل والنّزاهة والقضيّة، لبنان كميل شمعون وفؤاد شهاب وبشير الجميّل. صحيح أنّهم راحوا من كلّ ما هو سيّء وضعيف وفاسد اليوم، لكنّهم ما راحوا من الوجدان والذكرى، وكلهم أمل وايمان ورجاء بأنّهم باقون ليشهدوا معنا على انبلاج فجر الجمهوريّة القويّة ، وأفول زمن البائسين الفاسدين الدجّالين إلى غياهب التاريخ”.
واستطرد: “ما راحوا، إنّهم حاضرون دائماً أبداً معنا في محطّاتنا المفصليّة؛ إلى ساحات الحريّة مع رفاقهم في “14 آذار” 2005 راحوا واندحر جيش الأسد، وإلى الوزارات دخلوا حيث أحدثوا فرقا وحقّقوا التجديد والإصلاح الحقيقيّ والتّطوير. ما راحوا، الى القوات اللبنانية انتسبوا مع رفيقات ورفاق لهم وتحوّلوا إلى عصب المقاومة اللبنانيّة وروحها، أياديهم دائماً ممدودة لمساعدة رفاقهم على انتشال لبنان من الواقع المرير، والارتقاء به إلى ما يتوقون إليه وما استشهدوا من أجله من كمال وأخلاق وتغيير”.
ووجّه جعجع من “معراب الوفاء” تحيّة إلى شهدائنا، شهداء لبنان، شهداء المقاومة اللبنانيّة، شهداء القوات اللبنانيّة، ألذين لولاهم لما كنّا الآن هنا، ولا كانت معراب، ولا كانت بعبدا ولا كانت دولة، ولا كان حكم ولا حكومة، ولا كان جميع الذين يتشدّقون الآن ويفاخرون ويشيخون ويسيدون ويميدون، ولا من يحزنون”.
وشدد على أننا “هنا، بالعرق والدّم والنضال والاندفاع والعزم والحزم والمثابرة والثّبات والاستقامة والتّضحية حتّى بذل الذات. غيرنا يأتي من حيث لا ندري، ومن حيث الصّدف والظّروف ومن ثم يرحل، أما نحن فدائماً ابداً هنا، في السرّاء والضّرّاء هنا، صمّام أمان شعبنا، وشعلة الأمل لديه وقلبه النابض في كلّ المواسم والأحوال والظّروف. يأتي من حيث لا ندري، حضورنا السياسيّ على الأرض أو في أيّ موقع مسؤولية نتولاّه، ليس منّة إلّا من دماء شهدائنا وعرق مناضلينا”.
وتوجّه إلى الشهداء بالقول: “شهداءنا الأعزّاء، كما أنتم، كذلك نحن: نستشهد ولا نركع!”.
ولفت جعجع إلى أننا “أقدمنا على خطوة انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهوريّة، على الرّغم من الخصام التاريخيّ الذي كان قائماً بيننا، لأسباب وجيهة وحيويّة: وضع حدّ للفراغ الرئاسيّ المتمادي الذي كاد يفكّك الدولة، تأمين التوازن الفعليّ في المؤسسات الدّستوريّة بوجود رئيس يتمتّع بصفة تمثيليّة، وتحقيق مصالحة تاريخيّة متمسكين بها حتى النهاية، من خلال تفاهم معراب الذي هو كناية عن اتفاق شراكة حقيقيّة بين اكبر حزبين مسيحيين، مثلما يجري بين أعرق الأحزاب الديموقراطيّة في العالم كله، وليس اتّفاقاً لتقاسم الحصص كما يحلو للبعض وصفه. ولكن ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه: تمّ الانقضاض على اتفاق معراب والتنكّر له والتنصّل من موجباته، وكأنّ الطرف الآخر اراده لمجرّد الوصول إلى الرّئاسة، ومن بعدها فليكن الطوفان”.
وأشار إلى أنه “لو أنّ الطرف الآخر تنصّل فقط من اتفاق الشّراكة السّياسيّة بينه وبين “القوات” لكان الأمر مفهوماً في إطار الجشع السياسيّ وحبّ التفرّد بالسّلطة والاحتكار، ولكنّه تنصّل أيضاً من ورقة النقاط العشر التي تليت أمام الرأي العام والإعلام في معراب، وبحضور الفريقين، والتي تعنى مباشرة وبشكل واضح وصريح بقيام الدّولة السيّدة القويّة القادرة المسؤولة وحدها عن مصير شعبها”.
وأوضح أن “المؤسف اشدّ الأسف أنّ العهد الذي أردناه وما زلنا عهد استعادة الدولة من الدويلة، عهد بحبوحة وازدهار، لم يكن حتّى اليوم على قدر كل هذه الآمال، إن لم نقل أكثر. والشيء بالشيء يذكر، يكفينا فخراً أنّ رئيسا من صفوفنا أمضى عشرين يوماً ويوماً فقط كرئيس منتخب فقط، ومنذ سبعة وثلاثين عاما، وما زال اللبنانيون حتّى اليوم يترحّمون على عهده. بشير حي فينا”.
وقال: “إنّ الدولة القويّة التي أردنا قيامها من خلال هذا العهد، باتت اليوم تخسر أكثر فأكثر من رصيدها ومقوّمات وجودها في شتّى المجالات والميادين، فأنياب الدويلة بارزة أكثر من ايّ وقت مضى، وأركان الدولة بالذّات يمالئون الدّويلة ويغسلون أيديهم من الدّولة، وكأنّي والحال هكذا بالدولة اللبنانيّة تصرخ عالياً: من بيت أبي ضربت، إذا كان ربّ البيت لا يريد ان يبني فعبثاً يحاول البنّاؤون. سقط مفهوم الدولة، فقدت هيبتها، تراجعت دولة القانون، اهتزّت صورة القضاء، غابت وحدة المعايير وحضرت الزّبائنيّة والمحسوبيّة والاستئثار بأبهى حللها. إستشرى الفساد وتسييّبت المعابر الشّرعيّة وغير الشرعيّة. ومن أين يرجى للبنان تقدم وسبيل حكامه غير سبيله”.
ورأى جعجع أنّ “سوء إدارة مؤسّسات الدّولة مقروناً بغياب الكفاءة وارتفاع نسبة الفساد والهدر والمحسوبيات أدّت الى تردّي الأوضاع الماليّة للدّولة، ممّا أدّى بدوره إلى خفض تصنيف لبنان الائتمانيّ، وضرب صورة لبنان المال والاقتصاد في العالم، ممّا تسبّب بإقفال شركات وصرف موظّفيها، وتناقص فرص العمل، وهجرة الشّباب، وتزعزع الوضع الاجتماعيّ. صحيح أنّ واقع لبنان المتأزّم لا ينفصل عن واقع المنطقة، من حروب وتجاذبات إقليميّة ودوليّة، ولكن لا يمكن للبعض أن يضع الحقّ دائماً على الطليان، لتبرير عدم قيام دولة فعليّة في لبنان، أو لتبرير انخراطه في عمليّات الهدر والفساد. فلنقم بواجبنا البديهيّ تجاه الوطن والمواطن، نصل الى برّ الأمان على الرّغم من ظروف المنطقة. ليست الظروف وحدها من يحدد مستقبلنا ومصيرنا بل أيضا قراراتنا، ولكن وللاسف حيث لم يجرؤ الآخرون”.
وشدد على أن “لن نبتلي بالمعاصي حتّى لا نستتر، ونستر معنا المبتلين بها، وستبقى ضمائرنا متحرّرة من كلّ قيد أو شرط، وستبقى لغتنا واحدة في السّرّ وفي العلن. ستبقى حناجرنا تصدح بالحقّ وتشهد للحقيقة مهما كانت صعبة. هكذا نشأت “القوات اللبنانيّة”، هكذا ترعرعت، هكذا كبرت وهكذا ستبقى. إذا رأيتم أحزاباً أخرى تغدق على محازبيها الوظائف والخدمات على حساب بقيّة اللبنانيين وعلى حساب مصلحة الدّولة العليا، فلا تتوقّعوا أن تجاريهم “القوات” في سلوكهم”.
وتابع: “من السّهل أن تنتمي إلى حزب في لبنان، ولكن من الصّعب والصّعب جداً جداً أن تكون “قوّات”. “مش هينة تكون “قوات”… مش هينة أبداً تكون “قوّات”… أنتم قرّرتم أن تكونوا قوّاتا بكلّ إرادة حرّة، حتّى تعطوا لا حتّى تأخذوا، وحتّى تكونوا حرّاس هيكل الجمهوريّة لا أن تكونوا تجّار هيكلها، وحتّى تكونوا القدوة والنّخبة، لا أن تكونوا الذلّ والعار. إنّ “القوات” لا تجلب لكلّ واحد منكم سمكة، ولكنّها تسعى لتوفير “صنّارة” لكلّ لبنانيّ على الإطلاق. “القوات” لا تريد توظيف شخص لأسباب انتخابيّة لتحرم بقيّة اللبنانيين من إدارات منتجة. وبالمقابل فإنّها تريد خلق استقرار نقديّ واقتصاديّ طويل الأمد يؤمّن فرص عمل لكلّ فرد من أفراد المجتمع. ألقوات لا تطعمكم دسما خدماتيّا ممزوجا بسمّ إفلاس الدّولة، لكنّها تريد أن يحصل الجميع على المنّ والسّلوى ضمن أسس اقتصاديّة ونقديّة متينة ومستقرّة ومستدامة”.
واستطرد: “أما لمن يعيرون “القوات اللبنانيّة” بأنّها دخلت جنّة السّلطة ولم تستطع تغيير الكثير، نقول: صحيح أنّ السّلطة جنة لغيرنا، لكنّها حمل ومسؤوليّة لنا. لم ندخلها إلا لتحقيق أحلامكم ، لكنّ قدرتنا على تحقيق الاحلام هي بقدر الثقة التي منحتمونا إيّاها. ولو منحتمونا ثقة أكبر لكنّا فعلنا أكثر ووصلنا إلى ما تأملون. إنّ المؤمن لا يلدغ من الجحر مرّتين، وإذا كنتم مؤمنين بـ”القوات” واستقامتها وفعاليّتها، فلا تسمحوا لمن لدغكم مرة أولى، أن يكرّرها ثانية، بل ضعوا أصواتكم حيث ضميركم، وازرعوا حبّة الحنطة في الأرض الخصبة الطيّبة. إمنحوا الثقة لأهل الثّقة واحصدوا ما تريدون من حبّات حنطة… لا تستطيعون الزّرع في أرض، وطلب المواسم من أرض أخرى”.
وتطرّق جعجع إلى محاولات عزل “القوّات”، وقال: “إنّ محاولات عزل ومحاصرة القوات من الأقربين والأبعدين، ليست جديدة علينا بل هي ملازمة لمسيرتنا التاريخيّة. إنّ أغلى ما تملكه “القوات” في رصيدها الوطنيّ، بالإضافة إلى إرث الشّهداء والمصابين والمخفيين قسراً في سجون الأسد، هو كرامتها وكلمتها وواجبها واستقامتها ومصداقيّتها تجاه شعبها ونفسها، ولن تفرّط بهذا الرّصيد أمام ايّ شيء او اي كان. لن ينالوا منّا، حاول قبلهم كثيرون، وفشلوا. والذين يحاولون اليوم فاشلون أصلاً. كلّما حاولوا إضعافنا ومحاصرتنا في السّلطة، تعلق الشّعب بنا أضعافاً مضاعفة، وكلّما أرادوا حرماننا من موقع سياسيّ نستحقه أصبح جمهورنا أقلّ تمسّكاً بكل المواقع والخدمات واكثر عطاء لقضيّته. وكلّما تعرّضنا للإجحاف والتّضييق كلّما ازداد إنصاف الشّعب اللبنانيّ لنا من كلّ الطوائف والفئات، وشرّعت امامنا ابواب وساحات جديدة. من جرّب محاصرة القوات وإقصاءها من جديد كان جاهلاً بالتّاريخ… وهو كذلك”.
واستطرد: “صحيح أنّ بعض أرانب السياسة اليوم تتوهّم بأنّها تسابق القوات بمجرّد انّها تقفز يمينا ويسارا وتصدر الأصوات والضوضاء وتركض سريعا امامنا وتخلف على دربنا الحصى وتثير الغبار، ولكنّها مهما ركضت وقفزت وافتعلت بهلوانيّات، تبقى مجرّد ارانب، وتبقى “القوات” هي الأساس”.
أما في موضوع الشراكة المسيحيّة فقد أكّد جعجع أن “ادّعاء البعض بأنّه يعمل لتحقيق الشّراكة المسيحيّة الكاملة في الدّولة، هو ادّعاء حق يراد به باطل. إنّ الضّنين بتحقيق الشّراكة المسيحيّة في السّلطة لا يسعى لتهميش جميع المسيحيين الذين لا يدينون له بالولاء، ويحرمهم حتّى فرصة المنافسة الشّريفة. ان تحقيق الشراكة لا يكون بتزكية مبيضي الوجوه والوجوه الصفر والانتهازيين الصغار في الدولة، لاننا بالنهاية سنعود وندفع كمسيحيين وكلبنانيين ثمن ادارة فاشلة فاسدة، كما ثمن التفرّد والاستنسابية في الاختيار. انّ الحريص على الحضور المسيحيّ في الدّولة يجب أن يكون حريصاً على الدّولة بالدّرجة الأولى.فماذا ينفع الشّراكة المسيحيّة إذا ربح المسيحيون وظائف في الدولة، والدّولة بحدّ ذاتها مغتصبة الصّلاحيّات، وعلى شفير الإفلاس. إنّ تأمين التوازن في الدولة لا يكون بدعم سلاح خارج الدّولة والاستقواء به على باقي المسيحيين واللّبنانيين. تأمين التوازن في الدّولة يبدأ بتأمين الدّولة، حرّة سيّدة مستقلّة، وبالتعاون والتّفاهم مع باقي المسيحيين واللّبنانيين. إنّ “القوات اللبنانيّة” تعلنها من هنا، إنّ المسيحيين براء من هكذا دعوات مزيّفة، فالمسيحيون يعرفون صالحهم جيداً ويعرفون من دافع بالفعل عنهم وعن حقوقهم بالعرق والدّم والدّموع وليس بـ”الطّنطنة” وافتعال المعارك الوهميّة والحرب بطواحين الهواء، لنصل إلى شبه دولة يعشعش فيها الأزلام والفاسدون”.
وتابع: “لنا لبناننا، ولهم لبنانهم، لنا جمهوريّة الأرز واكاليل الغار، ولهم جمهورية الموز وعروش العار. لنا حزب الآف الشهداء، ولهم مليارات الصّفقات وصفقات المليارات. لنا القوة بجيشنا اللبنانيّ، ولهم استقواؤهم بعضلات خارجيّة. حافظنا على الشّرعيّة عندما دقّ الخطر على ابواب الدّولة، وهم وبكلّ بؤس ووقاحة يسخّرون الشرعيّة لخدمة الدويلة في زمن قيام الدّولة. لنا شرف التضحيّة للبنان حتّى الاستشهاد، ولهم ترف التّضحية بلبنان واللبنانيين حتّى الهجرة والموت البطيء والافلاس. نحن “لبطنا الكراسي” بأقدامنا مرّات ومرّات حتّى لا نساوم على مبدأ وقضيّة، وهم بروا أقدامهم وعفّروا جباههم من أجل الكراسي”.
وسأل جعجع: “لماذا وصلنا إلى ما وصلنا اليه؟ مجموعة من الأسباب أهمّها أنّ المواطن اللبنانيّ محروم وممنوع من الوصول الى دولة فعليّة تحقّق له تطلّعاته بحكم وجود دويلة داخل الدّولة، دويلة تصادر القرار الاستراتيجيّ، وتقيم اقتصادا موازياً، ولا تتورّع عن استخدام وسائل عنفية مدانة لمحاولة تطويع معارضيها وكمّ أفواههم. وهذا ما تسبّب طيلة العقود الأخيرة وحتّى اليوم بتشويه الحياة السياسيّة في لبنان، والوصول الى دولة معتورة وغير سوية”.
ولفت إلى أن “من اسباب التدهور ايضاً هو القصور في إدارة الدّولة، والعقليّة الزبائنيّة التي تحكّمت بها. فتحوّلت مؤسسات الدولة وإداراتها إلى مكاتب انتخابيّة للبعض. سبب اضافي استجد لتدهور الدّولة وهو أنّ بعض الجماعات التي كانت تنتقد كلّ الممارسات الشاذّة داخل الدّولة، من سرقة وهدر وفساد ومحسوبيّة وتوريث وعائليّة، أصبحت هي نفسها عندما وصلت الى السّلطة، الشّريك الأساسيّ والمضارب في هذه الممارسات كلها. وهذا يدلّ على أنّ انتقاد هذه الجماعات نابع بالأساس من عدم إشراكها بالمحاصصة وتقاسم المغانم، وليس من حرصها على الدولة والماليّة العامّة”.
وقال: “أن تكون ضدّ الفساد، لا يعني بأن تتحفنا ليل نهار بالشّعارات وقصائد الزجل، وفي الوقت نفسه وزارة كوزراة مكافحة الفساد، لا تضبط فاسداً كبيراً واحداً ولا سرقة كبيرة واحدة طوال سنتين. ثمّ يعودون ويلغون الوزارة ، ويبقى الفساد. حسبنا الله ونعم الوكيل. كم من الصفقات ترتكب باسم مكافحة الفساد. من جهة ثانية، وهذا المثير للعجب والدّهشة، نجد أنّ بعض أركان السّلطة هم اكثر من يمعن في السّلطة تدميراً وفي العهد تشويهاً، والا كيف نفسّر بأنّهم هم من تسبّب بالاضطراب السياسيّ الذي ساد البلاد في الأشهر الأخيرة، وصولا إلى تعطيل الحكومة نحو شهر ونصف، فيما نحن بأمسّ الحاجة إلى كلّ دقيقة عمل وزاريّ؟ كيف نفسّر أنّ بعض أصحاب السّلطة بالذات أكثر من يساهم في تسيّب الدولة، وتفشّي المحسوبيّات، وفتح دكاكين التوظيف العشوائيّ، والاستئثار وعرقلة عمل الدّولة، وأيضاً وايضاً، الفساد ثمّ الفساد ثمّ الفساد”.
وتابع: “ما نقوله ليس غريباً عنكم،فأنتم تعرفونه وتشعرون به وتقاسون الأمرّين من تبعاته. إنّ الأمل بالنّهوض من هذا الواقع ليس مفقوداً، وهو لا يستلزم لا خططاً اقتصاديّة مكدّسة في الأدراج، ولا خرائط طريق أتخمت بها الملفّات، ولا دراسات متوافرة بالأطنان. إنّ ما ينقصنا بالفعل هو رجال دولة. رجال دولة يسهرون على مصالح الناس وحسن سير إداراتها، ويعطون مثالاً صالحاً للمواطنين في النّزاهة والتّجرّد والاستقامة والإنتاجيّة. لا يعتقدنّ أحد أنّ لبنان أصبح خاليا من هذا النموذج من الرجال، وهو موجود أمام أعيننا. إنه نموذج القوات اللبنانيّة في الدولة والذي يسعى بعض المتضرّرين لتهميشه وتطويقه واستهدافه وشلّه لا لسبب سوى لأنه لا يشبههم لا بل يضيء على عوراتهم مهما حاولوا ستره”.
ولفت إلى أنه “في مقابل كلّ تهم الفساد والزبائنيّة واستغلال مقدّرات الدولة التي تلاحق آخرين، تبرز صورة “القوات اللبنانيّة” في عملها النيابيّ والوزاريّ بيضاء ناصعة. فـ”القوات” تلتزم معايير محددة وواضحة إن في العمل النيابيّ أو في الوزارات التي تسلّمتها، بينما غيرها يخضع الوزارات والمؤسسات لمعاييره واستنسابيّته ومزاجيّته. “القوات” تعمل على أن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب وبالآليّة القانونيّة المناسبة، بينما غيرها يعمل على أن يكون الرجل المستزلم في المكان ولو غير المناسب ولو بطرق ملتوية غير مناسبة. “القوات” لا تؤمّن الخدمات إلّا بما يسمح به القانون ومن دون تمييز أو تفرقة حزبيّة او سياسيّة او طائفيّة او مناطقيّة، بينما غيرها “يبخشش” وظائف وخدمات من جيب الدّولة والنّاس من دون أدنى أسس علميّة او معايير موحّدة ولمجرّد تحصيل أصوات انتخابيّة هائمة. “القوات” تحوّل كلّ حجر رذله البنّاؤون في بناء الدّولة الى حجر زاوية في بناء الوطن، وغيرها يحوّل أحجار الزاوية في الدّولة إلى أحجار شطرنج يموت فيها الجميع ليحيا واحد فقط”.
وشدد على أن “كل الوزارات التي تولتها “القوّات اللبنانيّة” تحوّلت إلى حجر الزاوية في بناء دولة القانون والمؤسّسات. المثال الأكثر حداثة على ذلك تمثّل بوزارة العمل التي كانت وزارة يتهرّب منها الجميع وعـــيّرنا لقبولنا بها، ولكنّها مع القوات تحوّلت في فترة قياسيّة إلى وزارة أساسيّة تخطف الأضواء وتستقطب الإعلام وتتحدّد منها معايير القرارات السياديّة، على الرّغم من المحاذير والمطبّات والمخاطر والعراقيل التي حاول البعض وضعها أمام تدابير الوزارة. فانتظم العمل فيها بسرعة قياسية بعد طول فوضى وفساد، واتى قرار واحد اتخذته الوزارة، أمن آلاف فرص العمل للّبنانيين، وأعاد للدّولة اللبنانيّة هيبتها، ووضع وزارة العمل في مصاف الوزارات الأساسيّة، وشكّل نموذجاً متطوّراً للعمل الوزاريّ السّليم، ولن نتراجع عنه مهما كانت الضغوط. مطرح ما في قوات، في دولة فعلية، في جمهورية قوية”.
وتطرّق جعجع إلى الصراع العربي الإسرائيلي وقال: “إنّ التزام لبنان الصّراع العربيّ الاسرائيليّ هو امر مسلّم به انطلاقاً من إيماننا العميق بعدالة القضيّة الفلسطينيّة من جهة، ومن مبدأ التضامن العربيّ ووجود لبنان ضمن جامعة الدول العربيّة من جهة ثانية، ولكنّنا لا نفهم وفق ايّة أسس ومعايير يريد أحد الأطراف اللبنانيين اليوم الزجّ بلبنان وشعبه، ويمكن زجه وخلص، في أتون المواجهة بين الولايات المتحدة وايران؟ من غير المسموح أن يفرض على اللبنانيين أمر واقع بهذه الخطورة ليسوا معنييّن به بالأساس. وماذا يمكن للبنان أن يغيّر أصلاً في مجرى مواجهة بهذه الضّخامة، في حال تمّ جرّه الى أتونها، سوى أن يتلقى الضّربات من كلّ الاتّجاهات ويدفع ابناؤه الأثمان الباهظة من أرواحهم وممتلكاتهم ومستقبل أولادهم. من غير المقبول أن يوضع لبنان أمام احتمال حرب مدمّرة لا ناقة له فيها ولا جمل. وماذا يبقى أصلاً من هيبة الدّولة ومن مقوّمات العهد القويّ، إذا كان القرار الاستراتيجيّ الأوّل والأخير في يد أطراف خارج مؤسّسات الدّولة، والدولة تبصم وتمشي”.
ولفت إلى أن “التمادي في الأدبيّات الوطنيّة بشكل ببّغائيّ وفي غير موقعها الصّحيح، يخدر الرأي العام ويقوده إلى الهاوية ومن دون أن يدري. إنّ الحكم الحقيقيّ هو استباق ودراية وتجنيب المواطنين الويلات والشّرور، وليس حفل زجل ينتهي، وهكذا علّمنا التاريخ، بتراجيديا إغريقيّة لا يعود النّدم ينفع معها. من هذا المنطلق، ندعو فخامة رئيس الجمهوريّة الى اتّخاذ موقف واضح وحاسم وشفّاف من هذه المسألة التي لا تحتمل المزايدات، وطرح الموضوع على مجلس الوزراء، بالتّوازي مع توجيه رسالة الى مجلس النوّاب يضع الجميع فيها أمام مسؤوليّاتهم. إذا كان رئيس البلاد قد وجّه رسالة الى مجلس النّواب من اجل مجموعة من الموظفين، فكيف بالحريّ إن تعلق الأمر بأرقاب وأرزاق ملايين اللبنانيين؟ إنّ مسألة بهذه الخطورة تستوجب المعالجة بهذه السّرعة وهذا الحسم وعلى هذا المستوى، قبل خراب البصرة وحريق روما، لا سمح الله”.
وشدد على ان “لبنان والشعب اللبنانيّ قام بكلّ ترحيب وضمير بواجباتهم الإنسانيّة والأخلاقيّة تجاه اللاجئين السوريين منذ أكثر من ثماني سنوات وحتّى اليوم. إلّا أنّ بلوغ الواقع الاقتصاديّ ما بلغه أخيراً وضع اللبنانيين أمام خيار المفاضلة بين لقمة عيشهم هم ومستقبل أولادهم ووجودهم بحدّ ذاته، وبين بقاء اللاجئين السوريين”.
ولفت إلى أن “الواقعين الاقتصاديّ والاجتماعيّ لا يسمحان ببقاء اللاجئين السوريين أكثر من ذلك بعد على أرضنا، وإلاّ تعرّض النّسيج الاجتماعيّ اللبنانيّ المركب للتّفسخ والاختلال، والوضع الاقتصاديّ للانهيار أكثر ممّا هو عليه بعد، ووقع لبنان في المحظور، فضلا عن المخاطر الأمنيّة الكامنة في وضعيّة مماثلة”.
واعتبر أن “الحلّ المثاليّ والمبدئيّ الأوّل بالنّسبة لنا لحلّ أزمة اللاجئين السورييّن، يكمن برحيل النّظام في سوريا، وإقامة نظام ديموقراطيّ عادل يعيد لمّ شمل الشّعب السوريّ تحت جناحيه داخل اراضيه.وبانتظار هذا الحلّ، هناك حلاّن آنيّان بات من المحتّم اعتماد أحدهما: إمّا إقامة منطقة آمنة في سوريا بحماية روسيّة مباشرة وإشراف الأمم المتّحدة يلجأ إليها اللاجئون السّوريّون، وإمّا توزيع اللاجئين السوريين على الدّول العربيّة التي لن تتأثّر لا اجتماعياً ولا حتّى اقتصاديّاً من جرّاء ذلك، على اعتبار أنّ عدد اللاجئين الذين ستستقبلهم كلّ دولة على ارضها لا يمكن أن يؤثّر، لا على نسيجها الاجتماعيّ المتجانس أصلاً، ولا على واقعها الاقتصاديّ. فللمتشدّقين ليل نهار بموضوع اللاجئين السوريين، أنيروا بالله عليكم بحكم موقعكم شمعة صغيرة من خلال جولات خارجية على الدول المعنية واتصالات حثيثة معها بدل التّلهّي بجولات داخلية وخطابات رنّانة لا تشبع ولا تروي. هذا الجهد وحده هو الكفيل بإعادة اللاجئين السوريين، وليست التّصاريح والزجليّات والمواقف الكلاميّة”.
وأوضح أن “قداس شهداء “القوات اللبنانيّة” هذا العام يتزامن مع مناسبة وطنيّة أخرى تتمثّل بالذكرى السنوية الواحدة والأربعين لتغييب سماحة الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه. موسى الصدر صاحب العقل المنفتح والثقافة الواسعة، موسى الصدر الثائر على الظلم والإقطاع والتحكم والاستئثار. ونستذكر في هذه المناسبة مواقف الإمام المغيّب، وتحديداً لجهة تمسكه بالدولة اللبنانية ورهانه عليها وتشديده على مرجعيتها وتأكيده على أولويّة المصلحة اللبنانية على ما عداها من مصالح. اعادك الله الينا سيد موسى وانار عقول الآخرين”.
ووجّه جعجع تحيّة من القلب والعقل والوجدان إلى اللبنانيين أمّهات وآباء، شابات وشبّانا، وقال: “أنتم الذين تقاومون الضّغوط ومصاعب الحياة والشّرور بشجاعة الفرسان وصلابة الأرز، أنتم المناضلون باللحم الحيّ الذين تواجهون الترّهات والولدنات السياسيّة بحكمة الشّيوخ ، وتتحمّلون وزر ونتائج تلكّؤ من يفترض أن يكونوا رجال دولة،، وتدفعون من مستقبلكم ثمن اللّاتخطيط واللّارؤية والّلا بصيرة، والاستئثار والفساد. في هذه اللحظات الصّعبة بالذات، لبنان يناديكم فلبوا النّداء، إنّه وطننا وملاذنا الأوّل والأخير، فلا تتخلّوا عنه. إنه تاريخ آبائنا وأجدادنا، فلا تتركوه يسقط. لا تعتقدوا بأنّ بلدنا ميؤوس منه. إذا كانت أكثريّة من في السلطة اليوم ميؤوس منها، فهي من يجب التخلّص منها، وليس لبنان. لقد مر لبنان بظروف أكثر صعوبة وأكثر تعقيداً، واستطعنا التغلب عليها. والآن أيضاً سنتمكّن من الخروج من أزمتنا الحاليّة، لأن الانتصارات دائماً تصنعها النّفوس القويّة المؤمنة. ولا تنسوا انه: إن كان للشّرّ والإهمال والاستئثار والفساد جولة، فإنه سيكون للخير والنّجاح والبحبوحة والعدالة الف جولة وجولة. فهلمّوا”.
وقال جعجع: “نحيي هذه السنة ذكرى الشهداء وفي قلبنا غصّة، وفي قلب شهدائنا بالمقابل فرح وغبطة، فقبل أشهر قليلة غادرنا بطريرك كبير من بطاركة الموارنة العظماء الذين خلدوا ذكراهم وأعمالهم في سجلّات المقاومة والصّمود على هذه الأرض، غادرنا ليلتحق بالشّهداء والأبرار والقدّيسين في ربوع الآب السّماويّ. فما من مجد أعظم من ذلك”.
وتوجّه إلى مثلث الرحمة البطريرك صفير بالقول: “غبطة ابينا البطريرك صفير نفتقدك اليوم بالذّات، ونفتقد حضورك في هذه الأيّام البائسة بالفعل. نفتقدك بحزن ممزوج بالفرح والرّجاء، لأنّنا خسرناك قيمة روحيّة، ورمزاً تاريخياً وقامة وطنيّة تبخل الأيّام بمثلها في كلّ الظّروف، وحارس الهيكل، وحارس الحرّاس، ولو أنّنا ربحناك شفيعاً لنا وللبنان في السّماء”.
وختم: “أمامكم غبطة أبينا الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير في عليائكم، كما أمام غبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وأمام عظمة التاريخ الذي تختزنون ويختزنه أسلافكم، نعاهد الله بأنّنا سنبقى أوفياء لتاريخ شعبنا، متصالحين مع أنفسنا، مخلصين لمسيرة بطريركيّتنا في الذّود عن الحريّة والإنسان وفي الدّفاع عن كلّ مضطهد ومظلوم في هذا الشّرق. ونعاهد الله ايضاً بأنّنا سنبقى العين السّاهرة على مصالح اللّبنانيين، والجماعة القدوة والمثل الصّالح في النّزاهة والأمانة والشّرف والأخلاق والالتزام والاستقامة. نعاهد الله بأنّنا سنبقى على قدر آمال شابات وشباب لبنان وتطلّعاتهم للبنان سيّد حرّ نظيف مزدهر خال من الفساد، ودولة فعليّة خالية من أيّ سلاح غير شرعيّ تحافظ لهم على كرامتهم وحقوقهم وتؤمّن لهم مستقبلاً مضموناً وحياة كريمة. وسنبقى أوفياء لمسيرة شهدائنا في النّضال لإيصال لبنان إلى شاطىء الجمهوريّة القويّة، وسنبقى دائماً أبداً حرّاساً مقدامين للكرامة والوجود والمصير، ممكن أن نستشهد، لكنّنا لن نركع أبداً أبداً أبداً”.
وكان قد أبقى المطران أنطوان نبيل العنداري عظة قال فيها: شرّفني صاحِب الرِعاية، غِبطة أبينا السيِّدِ البطريرك، مار بشارة بطرس الراعي الكلّيّ الطوبى، وكلّفني أن أمّثِّله بينكم في هذا القدّاسِ السنوي لِراحةِ أنفسِ الشهداء، وأنقل إِليكم مشاعِره الأبوِيّة، ولا سِيّما انّنا بدأنا الإستِعداداتِ والإحتِفالاتِ بِمِئوِيةِ لبنان الكبير”.
وتابع: “مضتِ الأيام والسنوات، وستمضي الأيام والسِنون، وسيبقى ذِكر الشهداءِ الذين سطّروا بِدِمائهِم وتضحِياتِهِم راية فخر وعِزة. يغيب الشهداء عنّا بِالجسد إِلاّ أنّهم يحيون بيننا بِسيرتِهِم التي تروي قِصّة بطولة وبسالة فأصبحوا أوسِمة فخر على جبينِ الوطن”.
ولفت إلى أنه “في يومِ الشهداءِ نؤدّي تحِيّة الوفاءِ لهم، ونستلهِم تضحِيّاتِهِم مِن أجلِ مواصلةِ ما عاهدوا اللّه والوطن عليه مجسِّدين ما جاء في سِفرِ الرؤيا: ” كن أمينا حتى الممات أعطيك إِكليل الحياة “. لقد حرِصت قِيادة القوّاتِ اللّبنانِيّة على إِحياءِ الذِكرى السنوِيّة لهم مؤكِّدة أنّها لن تنسى أبدا تضحِياتِ شهدائها، وستظلّ تحمِل لهم مشاعِر العرفانِ والتقدير لأنهم ” ما راحوا ” بل آمنوا بِالقِيمِ والمباديءِ والقضِيّة اللّبنانِيّة ودافعوا عنها وماتوا لِيحيا الوطن. وخير ما نعزّي بِهِ القِيادة والأهل والأفراد والوطن ما جاء في قولِ صاحِبِ سِفرِ الرؤيا عنِ الشهيدِ الأكبرِ على الإِطلاق، يسوع المسيح الفادي، ” الذي أحبّنا وعتقنا بِدمِه”. وإِذا كانت هذِهِ الآية تنطبِق على من نطق بِها أي على السيِّدِ المسيح، فهِي تصحّ، ولو مجازا، على كلِّ شهيد يجود بِدمِه في سبيلِ وطنِه، وفي سبيلِ كلِّ قضِيّة كبيرة عادِلة. فشهادة الشهداءِ ترجمة لِقولِ القائل: “يجود بِالنفسِ أن ضنّ البخيل بِها والجود بِالنفسِ أقصى غاية الجودِ”.
وأشار إلى أن القراءات تلهمنا “أنّ الشهادة والآلام مسألة المسائل. من مِنّا لم يقاسِها فتحترِق عينه بِدمعة، ويختنِق حلقه بِغصّة، ويعصر قلبه مصاب؟ إِنّنا في وادي الدموع. نحن الأحياء، يقول لنا بولس الرسول، نسلم كلّ حين إِلى الموتِ مِن أجلِ يسوع لِتظهر في أجسادِنا الفانِية حياة يسوع أيضا، أي أنّنا نتالم ونموت لِكي يحيا المؤمِنون. لكن ما أخصب الآلام التي نتبرّم بِها، عِندما ننظر إِليها على ضوءِ المصلوب. يقول بول كلوديل، أحد الكتابِ الفرنسيين المؤمِنين: ” دموعكم ودموع المسيح، آلامكم وآلامه، دِماؤكم ودِماؤه، كلّ هذا يمتزِج في كأس واحِدة هِي كأس الخلاص. ولا بدّ بعد الصليبِ مِن فرحة باقِية، وبعد اللّيلِ البهيمِ مِن فجر بهِيّ، وقد بدت تباشيره تطِلّ في الأفقِ البعيد”.
وشدد على ان ” لبنان احتمل الآلام، وقاسى أفظع الويلات وأشرسها، صابِرا، جلودا، ساقِطا تحت وطأةِ نكبة تِلو نكبة، متعالِيا على الألمِ مرّة بعد مرّة، حتى بات عدلا وضرورة أن يتخلّص مِن هذا العذاب، قبل أن ينهار الهيكل على من فيهِ ومن حولِهِ معا. لقد كان لبنان في تاريخِه يقاوِم العواصِف الهوجاء، وفي كلِّ مرّة يلملِم جروحه، ويعود شعبه لِيحصِّنه بِحبّ وعزم، ويعمِّره مِن جديد، فالرِياح العاتِية تقتلِع الشوك والزؤان، لكِنّها لا تقتلِع الأرزة الخالِدة العميقة الجذور. فنحن أبناء وطن متجذِّرون ومتشبِّثون بِأرضِهِم وإِيمانِهِم بِربِّهِم. شِئنا لبناننا أرض حرِّية وكرامة كتبناها بِجِهادِنا ودِمائنا جِيلا بعد جيل، ملحمة متتالِية الفصولِ، متّصِلة الحلقاتِ، دِفاعا عنِ الحرِّية بعيدا عن كلِّ مساومة على أرضِها لِلبيعِ أو التوطين. وما أشبه اليوم بِالأمس. وما أغلى ثمن الحرِّية، وهو ثمن ما زِلنا ندفعه مِن أجلِ هذهِ الأرضِ الخيِّرة. ألم يقل جبران خليل جبران: ” الحياة بِغيرِ حرِّية كجِسم بِغيرِ روح، والحرِّية بِغيرِ الفِكرِ كالروحِ المشوّشة، الحياة والحرِّية والفِكر ثلاثة أقانيم في ذات واحِدة، أزلِيّة لا تزول ولا تضمحِلّ”.
وسأل: “أما حان لِلشعبِ اللّبناني المقهور أن يتنفّس شيئا مِن نسيمِ الهناءِ والطمأنِينةِ والسلام؟ هل يريد أصحاب الشأنِ عِندنا أن نعتذِر لِلشهداء عن وطن عاث بِهِ الفساد، ويهاجِر شبابه وادمِغته بِسببِ الضائقةِ المعيشِيّة والتململاتِ الإِجتِماعِيّة، والشعورِ بِالعبثِيّة، وكأنّنا نمضي فترة عقوبة عن أخطاء، لا بل جرائم، إِرتكبناها بِحقِّ أنفسِنا والوطنِ والإنسانِ والحضارةِ والتراث؟ لِماذا كتِب على هذا الوطن أن ينزِف الشهداء تِلو الشهداء، على وطن نِصفه شهيد بين حيّ وميت، ونِصفه الآخر بين لاجِيء ونازِح؟”.
واستطرد: “صحيح أنّنا نعيش في واقِع إِجتِماعِيّ وسِياسِيّ يتّصِف بِالعصبِيّةِ والفِئوِيّة، حيث يتِمّ التركيز على المصالِحِ الذاتِيّةِ وامتِطاءِ الدينِ لِهذا الغرض. وصحيح أنّنا نعيش انحِسارا في القِيمِ الأخلاقِيّة في مختلفِ المجالات. ونعيش صِراعا بين القِيمِ الدينِيّةِ والوثنِيّة يحتاج إِلى عملِيّةِ تأهيل واسِعة على الصعيدِ الإِنسانِيِّ والإيمانيِّ والتربوي والسِياسي. هل يعي السِياسِيّ والمسؤول عِندنا أنّ الذّكِيّ هو الذي يعرِف أن يوصِل نفسه إِلى غايتِها، أمّا العبقرِيّ فهو الذي يعرِف أن يقود مجتمعه إِلى الخروجِ مِن اليأسِ والإِحباط، ويوصِل وطنه إِلى غايتِه؟ فهل غاب العباقِرة عنِ الساحةِ الوطنِيّة؟ إذا ما شاب الدولة اللّبنانِيّة الشوائب، فليس ذلِك ذنب الأرضِ أو ما سمِّي بِخطيئةِ التاريخ، بل مسؤولِيّة من لم يعوا قدسِيّة الأرضِ وكرامة الإِنسان، ولا كانوا على مستوى التاريخ”.
وأشار إلى ان “اللّبنانِيين يطمئِنّون إِلى الدولةِ القادِرةِ والعادِلة والطموحة. إلى دولةِ المؤسّساتِ السليمة والإِنماءِ المتوازِن، إِلى دولةِ الدستورِ والقانونِ والنِظامِ دون تلاعب. إِلى دولةِ السِيادةِ الكامِلة الحقّة والحرِّيةِ المسؤولةِ الحقّة والدِيمقراطِيّةِ النزيهةِ الحقّة، إِلى دولةِ الصِدقِ والأمانةِ والأخلاق. إلى دولةِ الجودةِ لا دولةِ المذلّة. كفانا تلوّث العقولِ والذِهنيات والسلوكِيّاتِ قبل النِفايات. نريد أفعالا لا أقوال. كفانا تصاريح مِن هنا وتصاريح مضادّة مِن هناك، كفانا نبش دفاتِرِ الأيام. لقد مجّ المواطِن اللّبناني هذه المهاترات. هل نعتبِر مِن قولِ أحدِ الحكماء: ” من كثر كلامه، كثر خطؤه. ومن كثر خطؤه، قلّ حياؤه. ومن قلّ حياؤه، مات قلبه؟”.
وتابع: “إنّ أسعد يوم يحلم بِهِ أبناء وبنات لبنان هو يوم يلتئم فيهِ الجميع، الواحِد تِلو الآخر، لا يتناحرون على الحقِّ والعدلِ والخير، مواطِنين ومواطِنات تحت علمِ لبنان، لِيبقى أرضا مقدّسة لِلعِزِّ والكرامة، وطنا أمينا لِدِماءِ الشهداءِ. فهلاّ نقرأ علاماتِ الأزمِنة وعلاماتِ السماءِ ترسِل إِلينا قِدّيسا بعد قدّيس وصولا إِلى بطرِيرك الإستِقلال وإِعلانِ لبنان الكبير المكرّمِ حديثا البطرِيرك الياس الحويِّك؟ أيّها الشهداء ستظلّ أطيافكم تزور من تركتم وراءكم في ميدانِ الجِهاد لِتهدِيهِم خير السبلِ لِلإبقاءِ على أرضِ الإيمانِ والحرِّيةِ والسلام. أللّهمّ شدِّد وبارِك، وأنِر مِنّا القلوب والعقول – آمين!”.
وكان قد استهل القداس، بدخول 10 مجموعات من كشافة الحريّة على وقع أغنية “بيارق” ومن ثم دخل لفيف الكهنة للإحتفال بالذبيحة الإلهيّة، فيما قرأ الرسالة وزير الشؤون الإجتماعيّة ريشار كيوموجيان، أما النوايا فقد تلاها عدد من أهالي الشهداء وهم: ملكة راضي، جيسي الحاج، جورج خليل وجاكلين بجاني. وقد أطلق حزب “القوّات اللبنانيّة” عقب القدّاس أغنيّة “ما راحوا” من كلمات الشاعر نزار فرنسيس وألحان هشام بولس توزيع باسم رزق تسجيل ستوديو جو بارودجيان.