جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / دمشق تعتبر عدد سكان سوريا 12 مليوناً ولا عودة للاجئين! من يتحدى الحريري في أول إطلالة دولية في مؤتمر بروكسيل؟

دمشق تعتبر عدد سكان سوريا 12 مليوناً ولا عودة للاجئين! من يتحدى الحريري في أول إطلالة دولية في مؤتمر بروكسيل؟

أحمد عياش:

 

فيما يغادر الوفد الرسمي صباح اليوم الى بروكسيل للمشاركة في الاجتماع التحضيري للمؤتمر الدولي غدا والمخصص لملف “النزوح السوري” بحسب التوصيف اللبناني، و”اللجوء السوري” بحسب التوصيف العالمي، يبدو ان رياح الانقسام الداخلي هبّت عشية المؤتمر بما طرح أكثر من علامة استفهام لا سيما حول قدرة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على استيعاب هذا الانقسام امام هذا العدد الكبير من الدول بصفته رئيسا للوفد اللبناني. وإذا كان في عداد الوفد الرسمي الذي يسبق الحريري الى المؤتمر العام الاربعاء المقبل خمسة وزراء فليس من بينهم وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، علما أن 70 وزيرا للخارجية من العالم يشاركون في تحضيرات المؤتمر الذي يعوّل عليه لبنان أهمية قصوى للحصول على قروض ميسرة هي بمثابة هبات مقدارها 10 مليارات دولار لإطلاق ورشة ضخمة على مستوى التنمية في كل انحاء لبنان.

لماذا يغيب الوزير باسيل عن المؤتمر؟ ليس من جواب رسمي حتى الان. لكن ثمة ما يشير الى تباعد بين ما انتهى اليه إجتماع الاخير للجنة الوزارية المكلفة ملف النازحين برئاسة رئيس الحكومة وبين وزير الخارجية الذي تابع الملف عن بعد بواسطة الوزير السابق الياس بو صعب الذي شارك في الاجتماع. وقد لفت المشاركين ان الاخير كان يبعث مرارا برسائل نصيّة الى باسيل خلال وجوده في نيوزيلندا ليطلعه على ما يجري بحثه في اللجنة وليتشاور معه في الموقف الذي يجب اتخاذه. الى ان جاء جواب على رسالة نصيّة بمثابة “القشة التي قصمت ظهر البعير”، وهي المتعلقة بإدراج موقف لبنان من عودة النازحين في متن المشروع اللبناني. ففيما تؤكد الفقرة المتعلقة بالموضوع أن لبنان يلتزم المواثيق الدولية في عودة النازحين الى ديارهم، أي لا إكراه في هذه العودة التي يجب أن تكون آمنة بضمانات دولية، ينطلق اعتراض باسيل الذي نقله بو صعب أولا ثم تولته دوائر في الخارجية مع مرجعية الاتحاد الاوروبي في بيروت تحت عنوان ان هناك “موقفا لبنانيا آخر” يجري صياغته. بالطبع، أثار هذا الاعتراض الذي يدعو الى مقاربة موضوع عودة النازحين من زاوية “مصالح الدول المضيفة” توترا جرى العمل على تذليله حتى ساعة متأخرة من يوم امس على ان تستمر الجهود في غضون الثماني والأربعين ساعة المقبلة لاحتواء الموضوع على قاعدة ان رئيس الحكومة يمارس صلاحياته ولا مجال لإملاءات خارج الاطر الرسمية التي تتحدد في مجلس الوزراء. وقالت اوساط مقرّبة من الرئيس الحريري لـ”النهار” انه لا يتعامل مع ملف النازحين بمنطق المساومة. فهو يعتبر ان التزام لبنان بالمعايير الدولية لا رجعة عنه في كل الظروف ومنها القضية السورية.
على ماذا يستند اعتراض وزير الخارجية في مشروع البيان الذي سيصدر ضمن وثائق بروكسيل بعد غد الاربعاء؟ مصادر في اللجنة الوزارية قالت لـ”النهار” ان هناك ترتيبات لإصدار بيان مشترك بين لبنان والدول السبع المضيفة للنازحين، ومثله بيان سيصدر بين الاردن وهذه الدول. وقد نجح لبنان في الاجتماع الموسع في السرايا في إقناع المراجع الدولية بتبني 7 نقاط من أصل ثمان تؤكد حق لبنان في الحصول على التمويل لمشاريع التنمية التي تساعد لبنان على عدم السقوط تحت وطأة الاعباء الهائلة التي يرتبها هذا العدد الضخم من النازحين على أرضه، كما توفر الدعم أيضا لهؤلاء النازحين على قاعدة أن استطلاعا دوليا اجري معهم تبيّن بنتيجته ان الكثرة الساحقة من النازحين يرفضون العودة الى ديارهم بسبب “الخوف” على حياتهم إذا ما عادوا اليوم قبل إنجاز الحل السياسي لأزمتهم. في المقابل، وبحسب المصادر ذاتها، يبدو ان أجواء وزير الخارجية تنطلق من ان هناك حلا قادما على سوريا يجب قطف ثماره حاليا بالاتفاق مع النظام السوري ولو اقتضى ذلك الترحيل القسري للنازحين، وهذا امر يعتبره الحريري خطا أحمر.
في موازاة ذلك، طلب رئيس الحكومة من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ان يجري تسجيل الولادات السورية في لبنان التي حصلت بعد النزوح وذلك طبقا للاصول القانونية. ووفق أحد الاحصاءات يبلغ عدد السوريين المولودين في لبنان نحو 120 الفا، وهو رقم مرشح للتصاعد. وتهدف خطوة الحريري الى تأكيد سوريّة هؤلاء النازحين كي يحفظ لبنان حقه وحقهم في عودتهم الى سوريا عندما تحين ظروف العودة الآمنة.
يكشف مصدر سياسي بارز ان مسؤولاً سورياً رفيع المستوى أبلغ زائره اللبناني قبل فترة ليست طويلة ان النظام يتعامل مع ملف النازحين على اساس ان سكان سوريا هو 12 مليون نسمة. أما ما يقال عن عودة ملايين النازحين من ديار النزوح ومن بينها لبنان فهو ليس واردا في قاموسه.
انه ملف معقّد بامتياز، وليس في مصلحة لبنان ان ينفجر في وجهه. ولا مناص، بحسب تأكيد رئيس الحكومة من وضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته ليتحملها على هذا الصعيد. أما نقل النازحين قسرا الى الحدود وإطلاق النار في الهواء لإجبارهم على العودة الى ديارهم، فسيكون بمثابة إطلاق لبنان النار على رأسه. من هنا السؤال الكبير: من يريد تحدي الحريري في أول إطلالة دولية في بروكسيل غدا الاربعاء؟

ahmad.ayash@annahar.com.lb