جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / “كلمة قبل الإنهيار”
15-05-19-rifi

“كلمة قبل الإنهيار”

بقلم اللواء أشرف ريفي:

 

كأي لبناني وصلتني عبر هاتفي مقاطع قصيرة مصورة، سجَّلها لبنانيون غاضبون محتقنون معبأون، يفوح من كلامهم التحريض الطائفي الصريح، أعقبَت قرار وزارة العمل بما يخص حقوق الفلسطينيين في لبنان، فسألتُ نفسي هل هناك من كلمة يجب أن تُقال قبل الإنهيار؟

نعم كلمة بل موقف، تصف كل هذا الإنحدار الذي لا قعرَ له، من دون أن تطمح لمعالجته.

كلمة تصف فقدان دولتنا ووطننا مقومات الدولة وهيبة الوطن المصان، على يد سلاح اختصر السلطة فأضحت بلا شرعية، واختزل القادة والمسؤولين فأصبحوا إرادياً بلا مسؤوليات، في زمن هٍَزلت فيه القيادات.

كلمة توجِز وقاحة الفساد الذي “يبحلق” فينا بعينٍ فيها من الثقة والإطمئنان ما يكفي لسرقة وطن قبل سرقة ثرواته.

كلمة تطير فوق الجبال المنتوشة بالكسارات، وتغوص في المياه تسبح بين جرثومة وجرثومة.

كلمة تصطاف فوق جبال النفايات، تتنشق من روائح الدخان الأسود، وتتقيأ أسفاً والماً وحرقة.

كلمة تجوب في الأحياء الفقيرة بين الحالمين بمركب إَّذا ما تعذر الحصول على فيزا.

كلمة محتجزة في طوابير السيارات العالقة والسائقين الأسرى. كلمة تختصر خطورة الوضع الإقتصادي والمالي الذي فشل التفاؤل الرسمي المصطنع بإخفائه.

كلمة واحدة فقط قبل الإنهيار، لم أعتد أن أقولها، لأن من واجبي أن أشدّ من التشاؤم أملاً، حتى لا يضيع الأمل.

أيها اللبنانيون: وصلنا الى حدود الضياع، فتعالوا الى كلمةٍ سَواء.

أيها المسؤولون: إن السماح باللعب على الوتر الطائفي البغيض، هو بداية نهاية كل ما بنيناه. إنه خيانة لمن دفعوا دمهم، من كل الطوائف، كي يكون لبنان صورةً جميلة عن التعدد الخلاق، لا عن الشعار الطائفي المدمر.انه خيانة للبنان الرسالة كما وصفه البابا يوحنا بولس الثاني. إن وطناً سُرق أبناؤه على يدِ من اختاره أبناؤه لتمثيلهم، هو وطنٌ يحتاج الى أن يولد من جديد، فتعالوا الى ثورةٍ على الذات، والى التقاط الفرصة من جديد، وكفى هدراً للوقت وكفى استسلاماً للواقع السيئ.

لا ليس اعلاناً للنهاية، بل نداء الى أهل الوطن، عبر”نداء الوطن”، كي نضع اليد باليد، لا بد أن نستيقظ من هذا السبات، قبل فوات الأوان.

أنا أدعو بوضوح الى مبادرةٍ إنقاذية، الى معارضةٍ جدية، تستبق الإنهيار، برنامجها تحرير لبنان من وصاية السلاح ومن وصاية الفساد والفشل.

لا بدَّ ان يقول اللبنانيون كلمتهم، في انتخاباتٍ حرة، وبإشرافٍ دولي، وبقانونٍ متوازن.

لا بدَّ للبنان أن يخرج من هذا السرداب.