جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / كما لو أن الجمهوريَّة تحتضر!

كما لو أن الجمهوريَّة تحتضر!

الياس الديري:

بلد بالتقسيط. دولة بالتقسيط. دستور بالتقسيط. مؤسَّسات بالتقسيط. نظام بالتقسيط. ديموقراطية وحرية بالتقسيط. ميثاق وطني بالتقسيط. تعايش طوائفي بالتقسيط. استحقاقات رئاسيَّة حكوميَّة نيابيَّة بالتقسيط. قانون انتخاب بالتقسيط. استقرار بالتقسيط. عدالة بالتقسيط.
كل شيء في لبنان بات في خانة التقسيط باستثناء الهجرة شبه الجماعيَّة، والمقتصرة على شبّان وشابات بعض الطوائف المسيحيَّة. تماماً كما لو أن الجمهوريَّة تحتضر…
لدى السؤال مَنْ المستفيد من تخريب لبنان على هذه الصورة، وبهذه الشموليَّة والمتابعة، يأتي الجواب حالاً: فتّش عن الخارج.
ربما. بل هذا هو رأس الخيط ورأس الشمّوط. لكن للخارج حلفاء في الداخل، وهم الذين يتولّون تنفيذ المخطّطات المؤديّة الى تخريب “النموذج الفذ” الذي يصفع يومياً طموحات اسرائيل ومخطّطاتها… تلبيةً لرغبتها في الوصول الى التهويد.
ما دام لبنان واقفاً على سيبة من ثماني عشرة طائفة، ويتكئ على نظام ديموقراطي برلماني شهد له الغرب بأسره، فإن “أمنية اسرئيل” ستبقى “حصرماً رأيته في حلب”.
عند هذا المنعطف، وعند هذا الارتباك، يتيه استحقاق نيابي عادي، كان اللبنانيون يعتبرونه كأحد أعيادهم أو أعراسهم، تتدفَّق خلاله الأغاني والزغاريد، فضلاً عن جاطات التبّولة والكبّة النيَّة والرقص والطقش والفقش، ودبكة المحيَّرة.
أين كنا، أين أصبحنا، وكيف؟
من فراغ دستوري الى آخر. ومن مشكلة تأليف حكومة الى أزمة انتخاب رئيس جمهورية، فإلى هزَّة من شأنها زلزلة ركائز النظام الديموقراطي البرلماني، والصيغة، والسيبة، وتركيبة الثماني عشرة طائفة: إذا فرط مجلس النواب فرطت الجمهوريَّة.
الخارج موجود دائماً، وبأسماء عدَّة ولأسباب وغايات عدَّة.
في هذه الأرجوحة الجديدة التي تلفُّ الاستحقاق النيابي، نجد أنَّ خارجاً ما ينجح مرة أخرى في هزِّ وزعزعة ركائز التركيبة والعيش المشترك. وخصوصاً عندما يصرّ فريق معيَّن على صيغة للقانون… أو لا قانون ولا انتخابات.
وهذه “الفذلكة” ليست الهزة الأولى على بيادر الصيغة والمواثيق والنصوص الدستورية التي أتى اتفاق الطائف بتجديد لها. فقد سبق الفضل وحصل ما أراده الفريق ذاته على بيدر الاستحقاق الرئاسي. ونفّذ الشرط الذي فرضه: الجنرال ميشال عون أو لا رئيس.
اليوم يقف اللبنانيون أمام شرط آخر، مماثلٌ في غاياته وأهدافه: نسبيَّة كاملة أو لا قانون ولا انتخابات.
منذ ثلاثة شهور بالتمام والكمال جاء من يهمس في آذان البعض أن “لا انتخابات نيابيَّة في موعدها الدستوري”.
ها نحن اليوم في “صميم” قرار التأجيل، فيما الجمهورية على شفير الهاوية، أو شفير الاحتضار.

elias.dairy@annahar.com.lb