ومن الأمثلة على هذا التحول شركة فيليب موريس، التي تعد واحد من أكبر شركات صناعة التبغ والسجائر في العالم، وتنتج العديد من الماركات العالمية المعروفة مثل سجائر مارلبورو.

وأنفقت شركة فيليب موريس حتى الآن نحو 4.5 مليار دولار على الأبحاث العلمية والتكنولوجية، في مختبراتها بسويسرا، وحققت أكثر من 3000 براءة اختراع، وتنتظر الموافقة على 5000 أخرى.

وتركز الشركة حاليا على جهاز السجائر الإلكتروني الذي يعمل بتقنية التسخين الحراري للتبغ وليس حرقه، والمقصود هنا السجائر الإلكترونية “أيكوس“.

والحرارة متدنية جدا في مختبرات الشركة، التي حصلت سكاي نيوز على حق حصري وغير مسبوق بدخولها، وذلك بهدف خفض مستويات المواد الكيماوية السمية الخمس عشرة التي توجد فيالسجائر بنسبة 95 في المئة بحسب الأبحاث التي تقوم بها الشركة.

وهذا لا يعني أنها تقلل مخاطر الأمراض المرتبطة بالتدخين، ولكن على الأقل تقلل الآثار المدمرة له على الجسم، لا بل إن الدخان أو الضباب الناجم عن تسخين النيكوتين السائل يحتوي على القليل جدا من المركبات السمية مقارنة بدخان السجائر العادية.

وفي حين أن العاملين في المجال الطبي والصحي يوصون بما يعرف بالتبخير أو “الفايب” كبديل للسجائر العادية، فإنهم حذرون تجاه فكرة “تسخين التبغ”، خصوصا وأنه لا توجد دراسات مستقلة كافية للتوصية بها، بحسب ما تقول هيئة الصحة العامة الإنجليزية.

يشار إلى أن التدخين قتل قرابة 100 مليون إنسان في القرن العشرين، وفي الأثناء تنفي شركات صناعة التبغ والسجائر على مدى عقود وجود مخاطر للتدخين، ووفقا للمنظمات المعنية بمكافحة التدخين، فإن هناك أدلة أيضا على أن النيكوتينيتسبب بالإدمان.

ولكن لماذا تهتم شركات صناعة التبغ والسجائر، مثل فيليب موريس، بهذا الأمر، ولماذا هي معنية بالحصول على الثقة فيما يخص التحولات الجديدة لديها؟

لا بد أن هناك دافع وراء التحول في شركة فيليب موريس، وهو أن المدخنين في الدول الصناعية أخذوا في التحول عن السجائر العادية على ما يبدو، إما بالتوقف عن التدخين أو التحول إلى السجائر الإلكترونية و”الفايب”.

فقد كشفت الدراسات أن نسبة المدخنين من البالغين في بريطانيا أقل من 15 في المئة، مقارنة بحوالي 21 في المئة قبل عقد واحد فقط.

ربما يكون هذا أحد الدوافع المحفزة للشركة للقيام بالتحول الكبير لديها، لكن الاختبار الحقيقي هو ما تقوم به فيليب موريس في الدول الفقيرة وذات الدخل المتوسط، حيث يوجد معظم المدخنين للسجائر العادية، وحيث تواصل تحقيق الأرباح الهائلة من بيع تلك السجائر.

ولا شك أن تدخين التبغ بالتسخين ما زال بعيدا عن إمكانيات الناس العاديين في الدول الفقيرة وذات الدخل المتوسط، لكن الشركة تقول إنها ملتزمة بإنتاج طرز أرخص تناسب كل الأسواق في العالم، وهو ما يمكن اعتباره مكسبا للشركات المصنعة للسجائر، وربما للمدخنين.