جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / لماذا يكرهوننا؟
تغريد الطاسان

لماذا يكرهوننا؟

تغريد الطاسان :

 

في ظل الظروف التي نعيشها يتبادر إلى ذهني سؤال عن الحب والكره والحقد والامتنان!

هل تعتمد هذه المشاعر على تفاعل الشخص الصادق مع الآخرين، مضافاً إليها مدى فائدته لهم كمعزز لزرع المحبة في القلوب، فيكون الصدق في الاحتواء والعطاء والمشاعر الحقيقية التي لا نستطيع أن ننافق أو نجامل أو نمثل فيها كثيراً هي المسبب الحقيقي لعمق الحب الامتنان أو نقيضه؟ أم أنه كما يقال أن الحب والكره من الله، لذلك قد لا نملك الأجوبة لماذا أحببنا هذا وكرهنا ذاك؟ أتمنى أن أعثر على حلقة الإجابة المفقودة وأنا أقرأ وأشاهد كمية الكره العفن التي يلقى بها كـ«نهيق» تويتري نَكِر، أو رسائل واتسابية متقرحة حقداً، أو مقاطع يوتيوبية ملغمة كرهاً ضد وطني الطاهر صادق العطاء. يحق لنا التساؤل: لماذا نفعل لهم كل شيء.. ولا نجد منهم أي شيء؟

لماذا نمنحهم الفرص والحياة الكريمة.. ونتلقى منهم الصفعات والخيبات؟ في ظل الأزمات السياسية التي تعصف بالمنطقة، وفي ظل المؤامرات التي تحيط بنا من كل اتجاه، كان لنا منهج واضح وفق كل تلك المتغيرات، وهي محاولة «مسك» عصا التوازن لحفظ السلام في منطقتنا الشرق أوسطية بما نستطيع وما لا نستطيع، إضافة إلى السلم الاجتماعي لبلدنا والذود عن كل شبر منه بكل ما نملك. ونظراً إلى مكانتنا السياسية وثقلنا في المنطقة وفي المشهد الدولي، كان لا بد لنا من مواقف وتضحيات، ومن تحمل تبعات كثيرة نصرة للضعفاء، الذين ابتلوا بطغاة أضاعوا بلدانهم وضيعوا شعوبهم!

وكعادتها، فتحت بلادي الحبيبة أوسع أبواب مدنها ومحافظاتها وخيراتها لكل قاصد مستجير، وسخرت لهم إجراءات استثنائية لأجل العيش الرغيد، بل وذهبت لمن لم يأت وأمدتهم بالمعونات الإغاثية وما يلزمهم من عتاد، بل ووقفت مع الشرعية في الحكم وناصرتهم بالسلاح وبالرجال، لما تمليه أخلاقيات الدين ثم العروبة والجوار علينا تجاههم.

مساعداتنا تتجاوز البلايين كل عام، وتشهد لنا المنظمات الدولية العالمية بدورنا في التنمية البشرية، ومد العون بلا أجندات سياسية ومكاسب تحت الطاولة، وجهودنا في مكافحة الإرهاب جعلت بعون الله أكثر عمالقته أقزاماً، ولكن على رغم كل ذلك لا نجد من البعض (الكثير) ممن وقفنا معهم جزاء ولا شكوراً، بل يرون ذلك حقاً خالصاً لهم، ويتهموننا بأننا على مال بلا عقل، وأننا مجرد كيانات لا داعي لها!

هذه الأصوات تتعالى وتتداعى، وللأسف عند كل أزمة لبلادنا مع أحد نجدهم أول الناس مع الآخر ضدنا، وكأننا عدوهم الأول والأكبر!

حتى في الداخل، كثيرون فتحنا لهم أبواب الحياة والرزق في بلادنا وشاركناهم بحب مصادر «لقم» عيشنا، ولكنهم للأسف تطاولوا علينا وضيقوا على أبنائنا، وخرجوا في وسائل التواصل يسخرون منا ويتندرون علينا، بل ويجاهرون بكراهيتهم لنا، وأن ذلك العطاء غباء لا طيبة!

بل بلغت الدناءة بالبعض إلى أن رفع صور قادة الظلم وبث امتنانه لهم في مقاطع مرئية من مكاتبهم هنا في بلادنا! رأينا كيف أنهم أخذوا مقاعد وظيفية ومقاعد جامعية على حساب أولادنا ولم يكتفوا بالصمت، بل خرجوا في وسائل التواصل تهكماً وتندراً علينا، وكعادة المسؤول عندنا يخرج ويقول إنها حسابات مزيفة وليست حقيقية فنصدقه، ولكن ما أن نذهب لقاعات الجامعات أو نزور القطاعات الوظيفية إلا ونرى العكس! وهنا نطرح سؤال آخر.

أين الخلل؟ نفعل لهم أكثر مما يجب ويكرهوننا أكثر مما يجب! يشاركهم أبناؤنا مقاعد الدراسة وموظفونا مكاتب الأعمال، وندفع لهم الرواتب العالية فتضج حساباتهم في مواقع التواصل بالشتائم لنا والكيد والكراهية والتقول بالكذب والاتهامات السوداء الحاقدة!

أعلم علم اليقين أن هناك حسابات سياسية خارجية كارهة لنا قد لا نحيط بها فهماً تدفع الكثير لمد يد العون لألسن قذرة مستأجرة لتنعق بالحقد والأكاذيب، وهنا حسابات أخرى مصارفها التجاهل والترفع عنهم، ولكن مع من في الداخل لن نقبل حلولاً وسطى.

الغريب الذي جعلناه قريباً فلم يكن ممتناً أديباً يستحق منا أن نعاقبه بالحرمان والاستبعاد، ليعرف أي نعمة كان بها ففرط فيها!

تطاول من في الداخل من الأجانب بلا مسوغ ولا حق يستحق عقاباً، والإنسانية المنادى بها تمنح للقلوب التي بالعطاء تزداد حباً وإنسانية لا تنضح حقداً وكراهية.

 

taghreed_i_t@