جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / ماذا لو قرَّرت كوريا الشمالية ضرب المفاعلات النووية؟
كوريا

ماذا لو قرَّرت كوريا الشمالية ضرب المفاعلات النووية؟

بينما يخشى العالم من قيام كوريا الشمالية بقصف خصومها، وخاصة القريبين بالصواريخ النووية، فإن تهديداً آخر قادماً من هذه الدولة لا يقل خطورة، فهل يشعل هذا التهديد محرقة نووية بدون الحاجة لاستخدام أسلحة نووية، محرقة قد تجعل كارثة تشيرنوبيل مجرد مزحة!

تقرير لمجلة فورين بوليسي الأميركية لفت إلى أَن هناك العشرات من محطات الطاقة النووية في اليابان وكوريا الجنوبية المُعرَّضة للهجوم، في حالة اندلاع حرب في المنطقة.

وأوضح التقرير أنَّ المفاعلات النووية التجارية لم تُصمَّم قط للصمود في وجه وابل من الصواريخ، الذي يمكن أنْ يخترق مباني احتواء المفاعل، وخطوط سائل التبريد، وتدمير قلب المفاعل، وتجميعة الوقود المُستهلكة، كل هذه الأمور يمكنها أنْ تتسبَّب في انهيار نووي.

وعلاوةً على ذلك، فقد بُنيت العديد من المُفاعلات في اليابان وكوريا الجنوبية في مجموعات، مما يعني أنَّ تدميرها يمكن أن يؤدي إلى مُستويات تلوث أكبر من التي وقعت في كارثتي تشيرنوبيل وفوكوشيما النوويتين.

وكانت كوريا الشمالية قد أطلقت، الإثنين 28 آب 2017، صاروخاً باليستيا انتهك المجال الجوي الياباني، ليسقط على بعد 1180 كم شرقي كيب اريمو، من الطرف الجنوبي الشرقي لجزيرة هوكايدو اليابانية، وفقاً لما ورد في تقرير لوكالة سبوتنيك الروسية.

تاريخياً، تميل الدول في الحرب إلى مهاجمة المفاعلات غير العاملة، بدلاً من المفاعلات الحية، بسبب المخاوف من الإشعاعات.

وكون أنَّ المواد المشعة لم تنبعث في الحالات السابقة هو أمرٌ يُثير الراحة، لكن ليس كثيراً، حسب فورين بوليسي. وترى المجلة أنه في حال وقوع حرب فإن الولايات المتحدة ستسعى لمنع كوريا الشمالية من استخدام أسلحتها النووية، وبالتالي قد لا تلتزم بإطار العمل المُتفق عليه في واشنطن عام 1994 مع بيونغ يانغ، الذي يمنع مهاجمة مفاعل يونغبيون النووي الكوري الشمالي.

وعلى الرغم من أنَّ سيول، عاصمة كوريا الجنوبية، وضعت محطات الطاقة النووية الخاصة بها في الجزء الجنوبي من البلاد، بعيداً عن الحدود، فإنَّ تجمعات تصل إلى ستة مفاعلات في كل موقع تعني أنَّ الضربة العسكرية المحتملة تتطلَّب جهداً ضئيلاً نسبياً، ولكن سيكون تأثيرها قوياً. وفي اليابان، تتجمع أيضاً المحطات النووية إلى حد سبعة مفاعلات في الموقع الواحد.

وستكون آثار مثل هذا الهجوم خطيرة، إنَّ لم تكن مُدمِّرة. وفي كلٍّ من تشيرنوبيل وفوكوشيما، بلغت التكلفة الاقتصادية مئات المليارات من الدولارات.

وكانت هناك عائدات مفقودة من الزراعة ومصايد الأسماك والتجارة في اليابان، بالإضافة إلى النفقات الهائلة لاحتواء انبعاثات المُفاعلات، وإحكام إغلاق محطات الطاقة، والتخلص من الحطام المُشع، وتنظيف البيئة، والتحول إلى مصادر الطاقة البديلة، وترحيل السكان.

 

حسب فورين بوليسي “سيكون التأثير على البشر أقل وضوحاً. حيث لا تزال الآثار الصحية لحادث تشيرنوبيل موضع نقاش”.

وكان هناك آلاف الحالات من سرطانات الغدة الدرقية التي يمكن علاجها في كثيرٍ من الأحيان، ولكن مئات الآلاف من وفيات السرطان التي توقعها بعض الخبراء لم تظهر على الرغم من تعرض الكثير من مناطق أوروبا لجرعاتٍ متزايدة، وإنَّ كانت منخفضة جداً من الإشعاع.

وفي فوكوشيما، التي انبعثت منها عشرة أضعاف الكمية التي انبعثت تشرنوبيل، طيَّرت الرياح البحرية الكثير من الانبعاثات المُشعة فوق المحيط، مما أدى إلى تجنيب السكان المحليين التعرُّض لها بشكلٍ أشد. وقد أبُلِغَ عن صدمات نفسية بين الأشخاص الذين جرى إجلاؤهم وغيرهم على نطاق واسع لمدة سنوات، بعد وقوع الحادثين، السوفياتي والياباني.

وبإمكان كوريا واليابان، بطبيعة الحال، إنشاء دفاع صاروخي حول المفاعلات. واستخدام المفاعلات في وضع إنتاج الطاقة، من شأنه أنَّ يُقلِّل من توليد الحرارة ويُمدِّد فترة وصول قلب المفاعل إلى نقطة الذوبان. ولكن أياً من هذه الأساليب ليست مأمونةً من الفشل، كما أنَّ الدفاع الصاروخي له عيوبه. والأكثر من ذلك هو أنَّ محطات الطاقة التي كانت تعمل منذ فترةٍ طويلة تحتوي على مخزونات كبيرة جداً من الوقود المستهلك الذي يحتوي على إشعاعات بكميات كبيرة للغاية، التي إذا قطعت عنها وسيط التبريد فسوف تطلق عناصرها السامة. وواقعياً، لا يمكن إغلاق جميع هذه المواقع.

وفي كوريا الجنوبية، تنتج محطات الطاقة النووية حوالي ثلث الكهرباء في البلاد. (وتُشغل اليابان عدداً قليلاً فقط من بين 42 محطة طاقة نووية قابلة للتشغيل، التي لديها في الوقت الراهن، ولكن تعتزم تشغيل المزيد لاحقاً مع تلاشي ذكرى فوكوشيما).